وجه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تعليمات صارمة إلى المفتش العام للسلطة القضائية، تقضي ببحث شروط وملابسات مسطرة الأمر بالاعتقال المشتبه فيهم من طرف النيابة العامة في أولى مراحل التحقيق معهم، والتي تسببت في اعتقال 1365 مواطنا نالوا أحكاما بالبراءة لاحقا. ويرى متتبعون أن المهمة التي كلف بها المفتش العام تمثل تحديا حقيقيا لجهاز التفتيش الجديد، وسيظهر ذلك عبر النتائج التي سيخرج بها هذا البحث. مصادر “المساء” أكدت أن السلطان القضائية وجدت نفسها محرجة أمام هذا العدد الكبير من المعتقلين الذي يقبعون “ظلما” في سجون المملكة لفترات متباينة، قبل أن تتم تبرئتهم لاحقا، لذلك يسعى اصحاب القرار القضائي، كل من موقع مسؤوليته، إلى التحرك لتغيير هذا الوضع المقلق، عبر فرض مزيد من الضوابط والمعايير اللازم توفرها في ملف المشتبه فيه أو المتهم، قبل الأمر باعتقاله. وتعمل وزارة العدل، من جهتها، على استغلال الورقة الوحيدة المتاحة لديها للدفع بهذا الملف الشائك إلى الأمام، وهي الورقة التشريعية، حيث أكد هشام ملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بالنيابة بوزارة العدل، أن الوزارة منكبة على مراجعة فصول قانون المسطرة الجنائية الجديدة المعروضة على الأمانة العامة للحكومة، التي تتضمن مجموعة من المستجدات التي ستسهم في ترشيد الاعتقال الاحتياطي. أولها تقنين الاعتقال الاحتياطي حتى يصبح أكثر صرامة، حيث حددت حالات بعينها يتابع المتهمون فيها في حالة اعتقال، فأصبحت المعايير الملزمة للاعتقال دقيقة وواضحة، عكس ما كان معمولا به ولازال، إذ تترك السلطة التقديرية واسعة للقاضي للحسم في اعتقال المتهم أو إطلاق سراحه. وأوضح ممثل وزارة العدل أن ثاني المستجدات القانونية التي يتضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، تمكين المتهم الذي تقررت في حقه المتابعة في حالة اعتقال، من سبل الطعن في القرار ذات يوم صدوره، سواء من طرف قاضي الجلسة إذا صادفت يوم اعتقاله، أو من طرف غرفة قضائية ثلاثية تجتمع في أجل يقل عن 24 ساعة من موعد اعتقال المتهم للبت في طلب الطعن. وثالث المستجدات المهمة، التي فصلها المسؤول الوزاري، تقليص المدة القصوى للاعتقال الاحتياطي فيما يخص الجنايات المتاحة لقاضي التحقيق، من سنة إلى 8 أشهر . كما أن مقتضيات القانون الجنائي الجديد، حسب المسؤول ذاته، تجبر القضاة على تعديل قرار الاعتقال الاحتياطي، أو تمديد مدته، بشكل مفصل ودقيق، استنادا إلى المساطر القانونية المتبعة. وأكد مدير الشؤون الجنائية والعفو بالنيابة بوزارة العدل أن الوكيل العام سيصبح بإمكانه احالة المتهمين في حالة سراح دون الرجوع إلى المحكمة أو الغرفة الجنحية. وبالنسبة لتدابير المراقبة القضائية، التي كانت مقتصرة على قاضي التحقيق، فقد أصبحت في القانون الجديد متاحة أيضا للنيابة العامة، وأضيفت إلى هذه التدابير آلية مراقبة حديدية، هي وضع السوار الإلكتروني.