اعترف وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، ضمن دورية له، بأن ظاهرة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية لازالت قائمة، مؤكدا أن ذلك نتيجة للارتفاع المهول لمعدلات الاعتقال الاحتياطي، وكذا التأخير الملاحظ في تصريف قضايا المعتقلين. وطالب وزير العدل والحريات وكلاء الملك بتجنب الاعتقال الاحتياطي من طرف النيابة العامة، مشددا على أنه لا يمكن إيقاعه "خارج حالة التلبس، إلا إذا تبين أن تدابير المراقبة القضائية غير كافية، أو إذا كان من شأن مثول المشتبه فيه أمام القضاء في حالة سراح التأثير على حسن سير العدالة". من جهة ثانية، نصت الدورية ذاتها على إمكانية طعن المتهم أو دفاعه في الأمر بالإيداع في السجن أمام هيئة الحكم التي ستبت في القضية، مضيفا إليها "هيئة جماعية للحكم إلى غاية اليوم الموالي لصدور الأمر المذكور، متى كان هذا الأمر صادرا عن وكيل الملك، وأمام الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف، إذا كان قرار الإيداع في السجن صادرا عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف". الحبيب حجي، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، دعا في تصريح لهسبريس إلى "تغيير السياسة الجنائية لوكلاء الملك"، مؤكدا على أهمية "قيامهم بدورات تكوينية للشرطة القضائية، وحثهم على التطبيق الفعلي للمسطرة الجنائية، والحقوق المسطرة فعليا لفائدة الأشخاص الذين يتم التحقيق معهم". ونبه المحامي والحقوقي إلى كون "الشرطة القضائية لا تطبق المسطرة الجنائية"، مبرزا أنه "لا يجب اعتقال المشتبه فيهم لخطورة الفعل، لأن هذا الإجراء غير موجودة في القانون، بل لخطورة الفاعل على النظام العام". واستغرب حاجي في هذا الصدد اعتقال "الطلبة ونسبة الخطر لهم رغم أنه يتم اعتقالهم بناء على مطالب نقابية"، مؤكدا أن "التطبيق السليم للقانون سيخفض من نسبة الاعتقال الاحتياطي، وذلك بتجنب اعتقال الأشخاص تعسفيا واعتباطيا، دون أساس قانوني، حتى في حالات وجود محاضر للإنكار". وفي الوقت الذي تؤكد المعطيات الرسمية لوزارة العدل والحريات أن نسبة الاعتقال الاحتياطي لازالت تتجاوز 40 في المائة من مجموع الساكنة السجنية، مما أدى إلى اكتظاظ كبير في السجون، أشارت الدورية إلى أن "هذا الواقع يجعل من البحث عن الإجراءات والسبل الكفيلة والفعالة للتصدي لهذه الظاهرة أكثر إلحاحا". وفي هذا السياق، ذكر الوزير الرميد، في دوريته لوكلاء الملك، بما تضمنه مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية من مستجدات تتعلق بالاعتقال الاحتياطي، والتي ترمي حسبه إلى وضع معايير دقيقة له وإخضاعه لمراقبة القضاء عن طريق الطعن. وطالب الرميد وكلاء الملك باتخاذ مستجدات المسطرة الجنائية كتوجيهات عامة للسياسة الجنائية الرامية إلى الحد من الاعتقال الاحتياطي، رابطا تطبيقه بكون الأفعال المرتكبة على قدر هام من الجسامة، أو كون المتهم على درجة كبيرة من الخطورة، ووسائل الإثبات على مستوى كبير من الأهمية. ودعت الدورية إلى إبلاء قضايا المعتقلين الأولية، وذلك بالفصل فيها على وجه السرعة وتفادي تأخيرها عدة مرات، خاصة إذا كانت الأسباب مسطرية خارجة عن إرادة المتهم المعتقل.