أفادت دراسة أعدتها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أن من شأن إعداد نظام معلوماتي مجالي أن يساهم في الحد من التفاوتات المجالية بالمملكة، وإتاحة تطور السياسات العمومية. وأبرزت هذه الدراسة حول الديناميات والتفاوتات المجالية التي تم تقديمها اليوم الثلاثاء بالرباط، أهمية إنشاء ثقافة جديدة لممارسة العمل العمومي والمبادرة الاجتماعية، بالإضافة إلى تعزيز إستراتيجية التنمية المجالية خلال الألفية وإبراز الفاعل الأساسي الذي هو المدينة. وأوصت هذه الدراسة التي أنجزت بتعاون مع خبراء دوليين، بضرورة صياغة خطة مجالية مشتركة طموحة بين الدولة والجهات ينخرط فيها الفاعلون المحليون والخواص، لبلوغ تنمية حقيقية للمجال. وأكدت هذه الدراسة، التي تندرج في إطار تقرير "الديناميات والتفاوتات المجالية" الذي يشخص الديناميات المكانية والزمانية للتنمية في المغرب بين سنتي 1999 و 2014 ، أيضا على ضرورة تتبع تنفيذ توصيات هذا التقرير بوتيرة تتناغم مع الرصد الفعال للديناميات المكانية والزمانية في المغرب. وأظهر تشخيص هذه الدراسة وجود تفاوتات متباينة على المستويين الجهوي والمجالي، ولاسيما ما يتعلق بالثروة بين الجهات ومساهمة هذه الاخيرة في النمو الاقتصادي الوطني، وكذا وجود ثغرات اجتماعية واقتصادية رئيسية بين الجهات على الرغم من بروز نمو موجه أكثر للفئات الفقيرة في نهاية الفترة 1999-2014. وفي نفس السياق، أبرزت الدراسة تركيزا مجاليا قويا للأنشطة الاقتصادية وضعفا في استثمار القدرات المجالية (7 في المائة من المجال يساهم ب58 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، واندماجا ضعيفا للمخططات الحضرية، فضلا عن وجود فجوة بين الاقتصاد والنمو الديمغرافي، وهو ما يتجلى في العروض الضعيفة لفرص العمل. وسلطت الدراسة الضوء أيضا على التحديات الذي يعرفه المجال القروي على مستوى السكن وتغير المناخ وتوزيع الثروات، فضلا عن تدهور المنظومة الإيكولوجية. وأكد وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد الأحد الفاسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه تم إعداد هذه الدراسة حول الفوارق المجالية بتنسيق بين مديرية إعداد التراب الوطني ومجموعة من الخبراء المغاربة والأجانب ، مبرزا ضرورة ربط محاربة الفوارق المجالية بالتفكير بنموذج تنموي جديد وتنزيل الجهوية. وأضاف أن مسألة الجهوية تمثل مناسبة لتفعيل وتحيين المقاربات التي تتعلق بمسألة إعداد التراب حيث أن المغرب يتوفر على تجربة رائدة في هذا المجال منذ التسعينات من القرن الماضي باعتبار أنه تم التوصل إلى نتائج مهمة من خلال المخطط الوطني لإعداد التراب. وشدد الفاسي على ضرورة تحيين مقاربة إعداد التراب والتوفر على إطار مرجعي واضح على الصعيد الوطني حتى تؤدي الجهوية النتائج المنشودة، داعيا في هذا الصدد إلى إعطائها دفعة أقوى من خلال مخططات تنموية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار امكانيات وموارد وإكراهات كل جهة.