بدأت تداعيات انتخاب مكتبين لتسيير شؤون غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدارالبيضاء تلقي بظلالها على الأخيرة، بعدما نجح غالبية أعضائها أول أمس الاثنين، في فرض سياسة الأمر الواقع رافضين في الوقت ذاته السماح للأقلية التي يمثلها مكتب حسان بركاني في الاستحواذ على تسيير شؤون أكبر غرفة في المغرب خارج القواعد الديمقراطية وضدا على كل الأعراف. وقد جاء هذا التطور في أعقاب عقد دورة أكتوبر المفتوحة، حيث شددت الأغلبية الساحقة للأعضاء على ضرورة رفعها وتجميد أشغال دورات الجمعية العمومية وباقي أنشطة المكتب ( الأقلية) الذي يرأسه حسان بركاني، إلى حين صدور قرار المحكمة الإدارية في الطعن الذي تقدم به أعضاء المكتب المنتخب بشكل ديمقراطي بقيادة الأخ مولاي عبد الله الحساني، الذي يحظى بدعم قوي لأعضاء مختلف أطياف الأحزاب السياسية الممثلة داخل غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدار البيضاء، إذ أمام تدخلات الأعضاء، وجد الرئيس حسان بركاني نفسه في موقف حرج إزاء الانتقادات والاتهامات الموجهة إليه، المتمثلة في كون المكتب الذي يقوده حاليا انتخب خارج الشرعية، وأن تشبثه بالاستمرار على رأس الغرفة ضدا على إرادة الأغلبية المطلقة، سيؤدي إلى خلق حالة من الاحتقان داخل أم الغرف، وكذا التأثير سلبا على سيرها العادي، كما سيحول ذلك دون تأدية دورها في تنمية النسيج الاقتصادي للدارالبيضاء لرفع تحدياته وتحقيق تطلعات وانتظارات مختلف المهنيين، على غرار الدور الكبير الذي بات يلعبه اتحاد مقاولات المغرب الذي نجح في فرض نفسه على الحكومة الحالية كقوة اقتراحية، حسب ما جاء على لسان أحد المتدخلين في أشغال الجمعية العمومية أول أمس الاثنين، والتي لم تناقش فيها أي من نقط جدول الأعمال، وهو نفس الطرح الذي ذهب إلى تأكيده النائب البرلماني بوشتى الجامعي، حينما قال:" من العار عقد دورة ونحن كفاعلين اقتصاديين ومنتخبين، ما زلنا لم نعرف بعد المكتب الذي يمتلك شرعية تسيير الغرفة...؟" في إشارة منه إلى وجود مكتبين بهذه المؤسسة التي تمثل مختلف القطاعات الاقتصادية بالدارالبيضاء، بينما وجه عضو ينتمي إلى نفس الحزب "الأصالة والمعاصرة" الذي يمثله حسان بركاني رئيس المكتب المطعون في شرعيته، سيلا من الانتقادات إلى الأخير، مخاطبا إياه بالقول:"لقد قمت بتلطيخ سمعة الحزب، حينما عمدت إلى إغلاق باب منزلك على بعض الأعضاء واستقدامهم في الثامنة صباحا من اليوم الموالي إلى مقر الغرفة من أجل انتخابك خارج القواعد الديمقراطية...". وفي ظل الصراع حول الشرعية واكتفاء الوزارة الوصية بالتفرج على هذا الوضع غير المسبوق في تاريخ غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدارالبيضاء، فإن المكتب المطعون في شرعيته بقيادة حسان بركاني، قام في وقت سابق إلى توجيه الدعوة إلى أعضاء الغرفة لحضور دورة أكتوبر بتاريخ 29 أكتوبر الماضي، ليعلن عن رفعها بسبب غياب النصاب القانوني، قبل أن تعقد مرة ثانية بتاريخ 05 /11/2012، دون مناقشة نقط جدول الأعمال، ليتقرر إبقاؤها مفتوحة إلى غاية يوم 19 نونبر الجاري، وهي الجلسة التي شهدت حضور 31 عضوا يدعمون المكتب الشرعي برئاسة الأخ مولاي عبد الله الحساني، مقابل 7 أعضاء يساندون مكتب حسان بركاني المطعون في شرعيته، مما فرض على هذا الأخير، الرضوخ لمطلب غالبية الأعضاء برفع الجلسة دون التداول في نقط جدول أعمالها، مطالبين إياه بالكف عن تسيير الغرفة إلى حين البث في شرعية مكتبه من طرف المحكمة الإدارية التي أجلت النطق بالحكم في الملف ذاته لعدة مرات، مما فتح الباب على مصراعيه في أن تعيش أكبر غرفة على الصعيد الوطني على إيقاع الترقب والانتظارية، بسبب محاولة مكتب يمثل بضعة أعضاء التحكم في دواليب الغرفة، الأمر الذي اعتبره غالبية الأعضاء مهما كان مضمون الدعوى القضائية، ضربا وإجهاضا للمسلسل الديمقراطي، وتهربا من تطبيق فلسفة ومضامين الدستور الجديد، الذي رهن المسؤولية بالمحاسبة والتصدي لكافة أشكال الممارسات غير الشرعية. وتعود أطوار ملف غرفة الصناعة والتجارة والخدمات للدار البيضاء، إلى يوم الأربعاء فاتح غشت المنصرم، حيث كان الموعد بالنسبة إلى أعضاء غرفة الصناعة والتجارة والخدمات لانتخاب مكاتب جديدة لأصناف الغرفة (التجارة والصناعة والخدمات) إضافة إلى انتخاب رئيس الغرفة ومكتبه المسير، كانت كل الأمور عادية في بهو القاعة المخصصة لإجراء الانتخابات : الأعضاء يتوافدون في ظهيرة هذا اليوم من أجل تسجيل أسمائهم في لائحة الحضور. بدأ الحديث يروج حول إمكانية تأجيل الجلسة، لأن عدد الأعضاء المسجلين في لائحة الحضور لا يسمح قانونيا بإجراء الانتخابات، لكن رغم ذلك ظل المتشبثون بالعملية الانتخابية مصرين على إجرائها في هذا اليوم، لأن كل المؤشرات كانت توحي أن البركاني سيفقد منصبه في الرئاسة، في هذه الساعة بالذات تحركت الهواتف لحث باقي الأعضاء على الحضور إلى الغرفة في أسرع وقت ممكن. ومنذ الجلسة الأولى من انتخابات تجديد المكتب المسير لغرفة الصناعة والتجارة والخدمات، تبين أن الأمور لن تسير على أحسن وجه، وظهر أن هناك فريقين كل واحد يحاول أن يجر الآخر إلى ملعبه، لضمان موقع قوة داخل الغرفة. كان الفريق الأول، والذي يتشكل من أنصار الأخ عبد الله الحساني، يدافع بشراسة عن إجراء انتخابات تجديد المكتب منذ الجلسة الأولى، وظل يتبشت بضرورة انتظار المزيد من الوقت من أجل اكتمال النصاب القانوني، إلا أن أنصار حسان البركاني اعتبروا أن انتظار وقت كبير لاكتمال النصاب القانوني مجرد عبث، وبسرعة البرق، قرر البركاني رفع الجلسة، مما جعل خصومه ينتفضون ضد هذا القرار، معتبرين ذلك "هروبا" من الرئيس البركاني، "الذي يعرف جيدا أن أوراق اللعبة لم تعد بيده"، لكنهم في آخر المطاف استسلموا لرغبة الرئيس المنتهية ولايته. وبعد رفع الجلسة في خضم النقاش الدائر حول مسألة النصاب القانوني، أعلن حسن البركاني الرئيس المنتهية ولايته تأجيله الدورة، نزل الخبر كالصاعقة على خصومه، معتبرين أنه حاول كسب المزيد من الوقت من أجل إعادة رص الصفوف من جديد، وطيلة الأيام التي تلت الجلسة الأولى لتجديد المكتب المسير لغرفة الصناعة والتجارة والخدمات في الدارالبيضاء ظلت المفاوضات جارية ومنطق الحسابات هو السائد حول الفريق الذي سيقود سفينة الغرفة للسنوات المقبلة. وفي يوم الثلاثاء، 7 غشت المنصرم، اجتمع البركاني بأعضاء في الغرفة، المناسبة انتخاب رئيس جديد، كان الخبر "كارثيا" بالنسبة لأنصار الأخ عبد الله الحساني، فهم يؤكدون أنْ لا أحد استدعاهم إلى هذا الاجتماع، حيث كان من المفترَض، حسب بعض الأعضاء، إجراؤها في اليوم الموالي (يوم الأربعاء 8 غشت الماضي)، وقال عضو في الغرفة إنه "لا يعقل أن تجرى الانتخابات فقط بحضور 13 عضوا من أصل 75 عضوا في الغرفة"، وذكر أن مجموعة من الأعضاء لم يتوصلوا بالاستدعاء، موضحا أن الطريقة التي جرت بها هذه الانتخابات مهّدت الطريق للرئيس لإعادة الكرة من جديد، وأضاف أنه "لا يُعقل الإسراع بإجراء الانتخابات بهذه الطريقة". وسهّل غياب أغلبية أعضاء الغرفة إجراء الانتخابات، حيث "جدد الأعضاء الحاضرون الثقة" في حسان البركاني، في حين تقلد حفيظ البقالي مهمة نائب الكاتب، ووقع الاختيار على فرحان الشرقي كأمين للمال.