صادق المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب التي تندرج في ملاءمة البنية التشريعية مع المبادئ الكونية لحماية حقوق الانسان والانسجام مع دينامية تأصيل تجريم التعذيب في الدستور 2011، الذي يروم ضمان الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية وضمان التناسق بين الوثيقة الدستورية والممارسة القانونية للدولة. في هذا السياق، وصف محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، المصادقة على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، بكونها "خطوة مهمة في مجال الوقاية من التعذيب"، وأضاف في مكالمة هاتفية مع "رسالة الأمة"، أنه إجراء حقيقي قد يساهم في تخليق الحياة العامة، وقد يعيد ثقة المواطنين بدولتهم ومؤسساتهم، لكن إذا ما تم تطبيق هذا القانون بكل أمانة ومسؤولية وتحمل القضاء كل مسؤولياته القانونية والوطنية تجاه مرتكبي أعمال التعذيب في المغرب. على حد قول النشناش. وأوضح النشناش، أن الأساسي في المصادقة على البروتوكول الاختياري الذي كان مطلبا للحركة الحقوقية منذ سنوات، هو أنها فعل سيادي، أي أن الدولة تصادق على البروتوكول بمحض إرادتها دون أن يرغمها أحد على ذلك، لكن بمجرد المصادقة يجب على الدولة أن تكمل باقي الخطوات. مشيرا إلى أن هناك نماذج كثيرة عبر العالم، حيث صادقت 55 دولة على البروتوكول الاختياري لكن 31 دولة منها هي التي أحدثت الآلية. بدوره، اعتبر خالد الشرقاوي السموني رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، هذه الخطوة إيجابية في مجال الوقاية من التعذيب، مؤكدا في مكالمة هاتفية مع "رسالة الأمة" على ضرورة استكمال هذه المصادقة بآلية لتفعيل الاتفاقية. وأضاف الشرقاوي، أن أهمية هذه الآلية تتجسد أيضا في كونها "تفتح المجال أمام اللجنة لشخصيات وطنية ودولية وللضحايا والمتضررين من التعذيب، ومن جهة أخرى تساعد على الإحاطة بإشكالية التعذيب وخاصة بتشديد المساءلة على الممارسين للتعذيب مهما كانت مواقعهم. وحسب الشرقاوي ف "المصادقة على الاتفاقية تعبر عن إرادة تتجاوز هذه المصادقة إلى الالتزام بتنفيذها سواء في قوانينها الوطنية أو ملاءمة هذه القوانين مع القوانين الدولية". وهذا يعني، حسب ذات المتحدث، "اتخاذ إجراءات زجرية لمن يخرق هذه الاتفاقية". ودعا الشرقاوي الحكومة إلى "التسريع في إنشاء هذه الآلية الوقائية، وهي المبادرة التي ستمكن من انخراط كافة الجمعيات الحقوقية سواء في شقها العملي أو فيما يخص التحسيس والتعريف بمزايا وأهداف وميكانيزمات الاتفاقية لدى الرأي العام ولدى كل من لهم مسؤولية مرتبطة بالموضوع." الإعلان عن المصادقة عن البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب جاء أسابيع فقط بعد الزيارة التي قام بها للمغرب خوان مانديز المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب والذي كان قد صرح عقب لقائه بالسلطات المغربية وبعدد من الهيئات الحقوقية وضحايا التعذيب في المغرب، خاصة من السجناء والمعارضين السياسيين، بأن أعمال التعذيب في المغرب "لم تتوقف رغم تراجعها". هذا، ويتعلق الأمر بالبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة٬ والبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة٬ وكذا البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وكان عبد الحق المريني، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، قد أعلن عقب مجلس للوزراء، الذي ترأسه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، أول أمس الإثنين بالقصر الملكي بمراكش، أنه تمت المصادقة على ثلاثة مشاريع قوانين تقضي بالموافقة على اتفاقيات دولية في مجال حقوق الإنسان. وأكد الناطق باسم القصر الملكي أن المصادقة على هذه البرتوكولات الاختيارية تكرس "وفاء المغرب بتعهداته الدولية في مجال حقوق الإنسان٬ والتزامه الدستوري بالتشبث بها٬ وحرصه القوي على حمايتها والنهوض بها في شموليته".