أسفرت الانتقالات المتكررة لعناصرالفرقة الوطنية للشرطة القضائية الى الناظور، في اطار البحث والتحقيق في ملف امبراطور المخدرات "ميمون السوسي"، حتى الآن اسفر عن اعتقال ازيد من 13 متهما كشف "السوسي" عن أسمائهم خلال عملية التحقيق. وذكرت مصادر مطلعة، أن لجن مركزية قد حلت مؤخرا بالناظور من اجل التحقيق والتحري في نزاهة وفعالية المسؤولين الأمنيين، مع البحث في مدى تورطهم مع مافيات التهريب بالمنطقة، حيث أثارت هذه التحقيقات والتحريات تخوفات كبيرة في صفوف العديد من المسؤولين الأمنيين بالناظور والمنتمين لأجهزة أمنية مختلفة . و جاء حلول اللجن المركزية بناءا على مجموعة من التقارير التي كانت ترفع إلى المصالح الأمنية مركزيا من طرف مجموعة من الأطراف أو العناصر الأمنية المهمشة، حيث ذكرت مصادر مطلعة، أن التحقيق على مستوى منطقة الناظور شمل مدى تورط المسؤولين الأمنيين والعناصر التابعة لهم مع شبكات التهريب الدولي للمخدرات التي تنشط بقوة انطلاقا من سواحل إقليمالناظور. ويأتي هذا التحول في الملف، بعد ايقاف الفرقة الوطنية اخيرا ضابط شرطة ممتاز بمديرية الموارد البشرية بالادارة العامة للامن الوطني، لاتهامه بتزوير بطاقة تعريف وطنية لفائدة " ميمون السوسي"، حيث كشفت التحقيقات عن ضلوع عنصر أمني في العملية، من خلال المساهمة في إعداد بطاقة بيومترية للمتهم الهارب، متضمنة لبيانات مغلوطة. مباشرة بعد إيقاف بارون المخدرات ميمون السوسي، الذي كان قد فرّ من سجن زايو (إقليمالناظور) بطريقة مثيرة منذ قرابة السنتين، قامت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالتحقيق معه في تفاصيل عملية الفرار والتحري عن الأشخاص الذين قاموا بمساعدته في تنظيم تلك العملية. مصادر مقربة من التحقيق أفادت بأن ميمون السوسي استطاع التستر والانتقال بكل حرية داخل المغرب وخارجه بفضل بطاقة تعريف وطنية صحيحة وحقيقية تمّ تزوير بياناتها وشواهدها المرجعية. مما يدل بشكل لا يدعو إلى الشك، بأن هذه البطاقة الإلكترونية يستحيل تزويرها من الناحية التقنية الصرفة. وحسب مصدر مطلع، فإن قصة هذه البطاقة تعود إلى اليوم الذي اتصل فيه بارون المخدرات الموقوف بأحد معارفه بمدينة الناظور طالبا منه البحث عن حل لاستصدار بطاقة تعريف قانونية لفائدته دون أن تحمل اسمه أو البيانات والمواصفات الشخصية المتعلقة به، وتسمح له بالتالي بحرية الحركة والتنقل. ومباشرة بعد ذلك قام قريب ميمون السوسي بالاتصال بموظف صديق له يقيم بمدينة الرباط وطلب منه توفير الطلب الإجرامي الصادر عن بارون المخدرات الفار، حيث قام هذا الأخير باصطياد فريسته وهو موظف شرطي يعمل بالمصلحة المركزية المكلفة بإصدار بطاقة التعريف الوطنية، الذي بدوره وعده بأن يستصدر له بطاقة تعريف صحيحة مقابل مبلغ مالي، على أن يقوم الوسيط باستصدار شهادة ازدياد وشهادة سكنى إدارية باسم آخر غير اسم ميمون السوسي. وبعد مرور فترة وجيزة تسلّم الموظف الشرطي من الوسيط شهادة الازدياد وشهادة السكنى الإدارية المتفق عليها، وتوجه إلى إحدى دوائر الشرطة بالرباط، وعن طريق استغلال نفوذه المهني استصدر شهادة سكنى باسم الشخص المسمى في عقد الازدياد وشهادة السكنى، دون حضور ميمون السوسي أو صاحب البيانات المذكورة في الوثيقتين الإداريتين، متذرعا بمعرفته الشخصية للمعني بالأمر والذي يستحيل عليه الحضور بنفسه. ومن أجل إكمال فصول الجريمة، طلب الموظف الشرطي من الوسيط أن يمده بعينة من البصمات غير تلك الخاصة بميمون السوسي وصور فوتوغرافية لهذا الأخير، وهو الأمر الذي حصل في فترة وجيزة، حيث تم إعداد بطاقة صحيحة متضمنة صورة للتهم الفار، مع بيانات إدارية مزورة في اسم شخص آخر، وبصمات يدوية قام برفعها الشرطي الشريك في الجريمة بنفسه ! ومباشرة بعد استكمال جميع وثائق ملف الحصول على البطاقة الوطنية عمد الموظف الشرطي من جديد إلى استغلال نفوذه المهني وقام باستصدار بطاقة التعريف دون حضور المعني بالأمر، وهي بطاقة تعريف قانونية وحقيقية، لكن ببيانات وشواهد مرجعية مزورة، سمحت لميمون السوسي بالفرار من قبضة الشرطة والعدالة لمدة طويلة. واعتبرت مصادر أمنية أن خصوصيات بطاقة التعريف الوطنية الجديدة تجعلها غير قابلة للتزوير المادي أوالتقني، أي إقحام إضافات عليها أو تغيير الصورة الأصلية، وأن ماوقع في هذا الملف هو تقديم بيانات مغلوطة منذ البداية، وقالت بأن خير دليل على نجاعة هذه البطائق هو أن بارون المخدرات أسقطته تلك البطاقة الحقيقية "المزورة" في يد العدالة عندما قامت بقراءتها على الجهاز المعد لذلك حيث تبين أن البصمات والبيانات المدمجة فيها تحص شخصا آخرا سرعان ما تم القبض عليه هو الآخر. وتجدر الإشارة إلى أن إمبراطور المخدرات "ميمون السوسي" قد تمكن من الفرار من السجن الفلاحي بزايو في ظروف أثارت الكثير من التساؤلات، حيث قام أربعة أشخاص مسلحين بقنابل مسيلة للدموع وسيوف هجموا بها على حارس بالسجن الفلاحي كان يرافق السجين الفار من الإدارة إلى مركز السجن، وأن منفذي الهجوم قاموا بخطف السجين ولاذو بالفرار على متن سيارة رباعية الدفع . وبخصوص قضية الحكم على "ميمون السوسي"، فقد جاءت بناءا على ورود اسمه في محضر الضابطة القضائية بالحسيمة إثر حجز زورق مطاطي من طرف فرقة للبحرية الملكية بالحسيمة كان يحتوي على كميات كبيرة من المخدرات، عقب مقتل سائق الزورق بعد رفضه الامتثال للأمر بالتوقف الصادر من عناصر بجهاز المراقبة البحرية، وتمكنت نفس العناصر في إطار عملية حجز القارب المطاطي من اعتقال أربع أشخاص حيث اعترف أحدهم بتورط السوسي في عمليات تهريب المخدرات الأمر الذي أدى لاعتقال الأخير وإدانته بعشر سنوات.