كانت هناك قراءات متعددة لانتخابك كاتبا عاما للشبيبة الاستقلالية، باعتبار أن هذه أول مرة ينتخب شاب في منظمة شبابية من جنوب المغرب لهذا المنصب، ماهي قراءتك أنت؟ بكل صدق، مسؤولية الكتابة العامة للشبيبة الاستقلالية بموضوعية وللتاريخ، كان دائما يتحملها في العقود الاخيرة مناضلين شباب استقلاليين قادمين من مدن الهامش، الذين استطاعوا عبر نضالهم أن يشغلوا هاته المسؤولية. هذا الأمر يؤكد ان هناك صورة نمطية عن الأحزاب السياسية. أنا أعتبر أن مثل هاته الاحداث والوقائع ،تؤكد أن الاحزاب السياسية يجب أن نتعامل معها ونحللها بنسبية . وبالنسبة لنا في حزب الاستقلال، اليوم المناضلين والمناضلات يمكنهم تحمل المسؤولية على رأس الشبيبة الاستقلالية، ولكن الامر لا يتوقف فقط على الكاتب العام، وإنما التركيبة الجديدة للشبيبة الاستقلالية، تعكس أننا في منظمة قاعدية فيها مناضلون تدرجوا في جمعيات الحزب ومنظماته الموازية وتمكنوا من أن يصلوا الى قيادة الشبيبة. يقال ان المؤتمر الأخير للشبيبة الاستقلالية عرف إنزالاً لأعضاء من خارج الشبيبة، ما مدى صحة هذا الكلام؟ المؤكد، أنه لم يكن هناك ولا طعن واحد في المؤتمر الوطني 12 للشبيبة الاستقلالية، بشهادة الجميع، أو اعتراض من أي فرع أو مناضل من الشبيبة الاستقلالية على نتائج المؤتمر. وبالتالي هذا مؤشر قوي على أن المؤتمر مر في أجواء من الشفافية والنزاهة والديمقراطية. المؤتمر 12 للشبيبة الاستقلالية، كان مسبوق ب16 مؤتمراً جهوياً شارك فيه 40 ألف شاب وشابة، وكان فيه ثمانية آلاف مؤتمر، ومرت انتخابات اللجنة المركزية والمكتب التنفيذي في أجواء تتسم بالهدوء. وبالتالي فان الحديث عن الانزال هو حديث غير ذي موضوع . كيف ترى الدور الذي يمكن ان تلعبه الشبيبة الاستقلالية في المرحلة المقبلة خاصة أن المغرب مقبل على استحقاقات مهمة؟ دور الشبيبة الاستقلالية، حددته أطروحة المؤتمر الوطني 12 للشبيبة الاستقلالية، لأنه لأول مرة في الشبيبة الاستقلالية ننظم ندوة سميناها « ندوة المؤتمر »، وبأطروحة تتكون من 80 صفحة، استدعينا اليها أساتذة جامعيين لمناقشة الاطروحة الفكرية، وبالتالي، دورنا في المرحلة المقبلة تحدده أطروحة المؤتمر الوطني 12 . هذه الاطروحة تقول إن من مهام الشبيبة الاستقلالية الدفاع على حماية الديمقراطية، وهو ما كان شعارا للمؤتمر، لأنه مع كامل الأسف بعد ثلاث سنوات، بعد الرجة الديمقراطية التي عرفتها المنطقة حصيلتنا الجماعية على مستوى تكريس الديمقراطية هي حصيلة ضعيفة جدا، أما على المستوى التنظيمي على للشبيبة الاستقلالية أن تبقى قوة فاعلة داخل الحزب، وقوة نقدية داخل الحزب لها أفكار مختلفة عن أفكار الحزب، وعلى المستوى الوطني يجب أن تستمر في ريادة العمل الشبابي والوطني. في هذا الموضوع نقول إنه على الدولة أن تقرأ أطروحة الشبيبة الاستقلالية، وهي فكرة جوهرية لأنه عندما طالبنا في الشبيبة الاستقلالية في « وثيقة المؤتمر 11 بعدة مطالب، هي معظم المطالب التي رفعتها « حركة 20 فبراير » في عام 2011. ولكن عادة الدولة والفاعلين لا يهتمون للمطالب حتى يتم التعبير عنها في الشارع. أما الكتابة في الوثائق والنصوص والبيانات والأطروحات ليس لها وزن سياسي، ذلك أنه من خلال المؤتمر 12، نقول ، إنه على الدولة قراءة الأطروحة الشبيبة الاستقلالية، قبل ان تسمعها في الاحتجاجات والتظاهرات، وهي الاطروحة المبنية على فهم عميق للأعطاب الكبرى التي مازالت تعيق التجربة الديمقراطية في بلادنا . ظلت الشبيبة الاستقلالية هي الرافد الأساسي للحزب بعضوية جديدة لكن يلاحظ أن هناك تقلصاً في أعضاء الشبيبة في السنوات الأخيرة؟ أولا، الشبيبة الاستقلالية تعتبر العمود الفقري للحزب، وهو أمر مؤكد ، وجماهرية الشبيبة هي أمر مؤكد تاريخيا، وفي هاته المرحلة التي قادها الدكتور عبد القادر الكيحل، ازداد وهج الجماهيرية للشبيبة الاستقلالية والمؤتمر الاخير للشبيبة الاستقلالية أكد هذا الامر. أحزاب كبرى لا تستطيع أن تصل لتنظيم مؤتمراتها بالحجم الجماهيري الذي نظمت به الشبيبة الاستقلالية مؤتمرها، هناك أحزاب سياسية لا تستطيع أن تعقد مؤتمرها بثمانية الف عضو ، وتعقد مؤتمرات جهوية حضرت فيه 40 ألف شاب وشابة، وبالتالي فهذا المعطى الجماهيري هو أمر ملموس بالأرقام التي أكدها المؤتمر الوطني الثاني عشر. القوة التنظيمية لحزب الاستقلال تخيف مجموعات من الفاعلين داخل الدولة، وتخيف أحزاباً سياسية، ولذلك يسعون الى « شيطنة » القادة السياسيين لحزب الاستقلال والتقليل من معطى أنه حزب تاريخي استطاع أن يقود المعركة ضد الاحتلال بنجاح، واستطاع أن يقود المعركة ضد « السلطوية » ولديه الان من المؤهلات ما تخوله أن يكون بديلا للمشاريع السياسية الحالية . هناك خلاف داخل حزب الاستقلال يتمثل في المجموعة المناوئة للقيادة الحالية ، أقصد في جمعية « لا هوادة« ، كيف تقرأ هذا الخلاف؟ حزب الاستقلال تمكن في المؤتمر الوطني السادس عشر، من أن يؤكد أنه حزب ديمقراطي وحزب صناديق الاقتراع. قيادة الحزب الحالية لم تأتي بناءا على توافق قصري ولكن جاءت من صناديق الاقتراع وعلى الشرعية الديمقراطية . نعتبر في الشبيبة الاستقلالية بأنه أحد مهامنا الاولى، هي أن ندافع عن الشرعية الديمقراطية التي نالتها هذه القيادة ، ونؤكد بأنه منذ المؤتمر السادس عشر الى غاية اليوم لم نسجل أي تضييق أو أي محاولة لمنع أي مناضل من أن يعبر على رأيه ويساهم في القرار الداخلي لحزب الاستقلال. حزب الاستقلال مفتوح للجميع وأي عضو فيه يمكنه ان يناضل من داخله . من اختار أن يناضل داخل مؤسسة الحزب لا يمكن إلا أن نلتقي معه ومن اختار أن يشوش على الحزب من خارجه فهذا أمر يهمه. أما ما يمكن أن أؤكده، هو أن حزب الاستقلال ومؤسساته هم أقوى تنظيميا من ذي قبل، لأن ديناميكية المؤتمر 16 أفرزت حراكاً تنظيمياً كبيراً، وحتى الساعة الأمور تسير بشكل عادي داخل الحزب . يقال إن الشبيبة الاستقلالية وقفت بمنأى عن الخلاف على الرغم من أن الكاتب العاام السابق للشبيبة الاستقلالية عبد القادر الكيحل يعتبر من المحسوبين على حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، لكن الشبيبة الاستقلالية وقفة في موقف يتسم بالحياد ما مدى صحة ذلك؟ ستظل الشبيبة الاستقلالية مدافعة عن الشرعية الديمقراطية داخل الحزب، ومدافعة عن رأي كل الاستقلاليين في التعبير بحرية عن آراءهم داخل حزبهم. هناك اتهام لأحزاب المعارضة بصفة عامة في أنها لا تشكل أي بديل للحكومة الحالية ، ما رأيك في ذلك؟ هذا اتهام صادر عن الحكومة والهدف منه هو التشكيك في شرعية المعارضة. أنا أعتبر أن سعي الحكومة الدائم الى التشكيك في شرعية أحزاب المعارضة يشكل خطرا على الديمقراطية في بلادنا، لماذا؟ لأن وظيفة الحكومة ليس ان تعارض المعارضة، وإنما أن تطبق برنامجها الانتخابي وأن تلبي حاجيات المواطنين والمواطنات. تحاول الحكومة التغطية على عجزها في عدة مجالات عبر سعيها الدائم الى الهجوم على المعارضة، وهذا لا يخدم التجربة الديمقراطية في بلادنا . أنت أستاذ باحث في كلية الحقوق بالرباط الان هناك تصاعد لظاهرة العنف في الجامعات بين القاعديين ومنظمة التجديد، أنتم كشبيبة موجودة في الجامعة ما موقفكم من هذا العنف؟ وماهي أسبابه؟ ووكيف ترى السبيل للخروج من دوامةالعنف داخل الجامعة؟ انتشار العنف في مجتمعنا لا يقتصر على الجامعة، ما زلنا نعاني قصوراً معرفياً في فهم أسباب ارتفاع درجة العنف، ولكن ما يمكن أن أؤكده هو أننا في الشبيبة الاستقلالية كنا دائماً ضد العنف سواء داخل أو خارج الجامعة، يجب على جميع مكونات الحركة الطلابية في بلادنا أن تنبذ العنف، وعلى المكونات الطلابية الاتفاق على نص يدين العنف سواء من اليمين أو اليسار، لأننا نحن ضد العنف اليميني أو اليساري . والمفروض اليوم هو التفكير في اَليات الحوار بين جميع الفصائل الطلابية، لأنه أحد دروس تاريخ الجامعة في بلادنا هو أن العنف لم يجب على الاسئلة الكبرى داخل الجامعة المغربية. من قبل كانت للشبيبة الاستقلالية رافد اَخر هو الشبيبة المدرسية، لكن يلاحظ تلاشي هاته المنظمة، مارايك؟ بالعكس، الشبيبة المدرسية أحد أهم الجمعيات العاملة تحت لواء للشبيبة الاستقلالية، ونظموا مؤتمرهم قبل سنة، وهي اليوم أكثر قوة من ذي قبل، والكثير من المعارك خاضتها الشبيبة الاستقلالية وربحتها، منها قضية التوأم « سلمى وسمية » ، وهناك مجموعة من المعارك التي خاضتها. أنا أحد أبناء الشبيبة المدرسية، وأعتز بالعمل الذي تقوم به في صفوف الحركة التلاميذية المغربية. هناك عزوف عام للشباب عن السياسة في المغرب لأن السياسيين لا يتحدثون نفس اللغة التي يفهمها الشباب، ما تعليقكم على ذلك؟ أحد دروس الرجة الديمقراطية التي عرفتها المنطقة والمغرب، هو أنه يجب أن نحتاط كثيرا في الحديث على عزوف الشباب عن السياسة. لأنه من قبل كنا نقول إن الشباب المصري عازف عن السياسة، والشباب في ليبيا والمغرب عازف عن السياسة ، لكن الرجة الديمقراطية التي عرفتها المنطقة منذ 2011 أكدت أن الشباب مهتم بالسياسة. الحاصل فقط هو أن هناك توتر بين الشباب والأحزاب السياسية. أما الشباب فهو متابع عن كثب للشأن السياسي، درجة انخراط الشباب في الفعل السياسي هي مسألة فيها نقاش، لكن ليس هناك عزوف، هذه المقولة أن » هناك عزوف هي مقولة « حاجبة » لإشكالات بنيوية. ما يقع في بلادنا هو أنه يوجد خطاب مؤلم دائما يروم « شيطنة » الاحزاب السياسية وهو خطاب « حق يراد به باطل »، لأنه من المؤكد ان الاحزاب السياسية فيها بعض الاختلالات لكن هذا ليس مبررا لهجوم وسائل الاعلام وبعض من يسمون أنفسهم بالمجتمع المدني، هجوم ممنهج على الاحزاب السياسية وإظهارها وكأنها مجموعة من العصابات التي تتصارع على المواقع. هذا الهجوم المتواصل على الاحزاب السياسية يشكل تهديدا للديمقراطية لأنه على الدولة وعلى الاحزاب والجمعيات أن تعرف أن الاستقرار والاصلاح والسكينة رهينة بوجود أحزاب سياسية قوية. وأحد دروس التي توصلنا اليها في الشبيبة الاستقلالية انه افضل وسيلة لتغيير وإصلاح الاحزاب ليس سبها من الخارج، لكن يجب على الشباب المغربي ان ينخرط داخل الاحزاب ويعمل على تغيير مجموعة من الاوضاع التي لا تعجبه. ما تزال ما تسمى ب« الدولة العميقة » مهيمنة على جميع القطاعات ونلاحظ أن أن هناك تراجعاً وانحساراً لدور الاحزاب والمنظمات السياسية ، هل تتفق مع ذلك؟ أطروحة المؤتمر12، أعتبرت أن أكبر عوائق الديمقراطية في بلادنا هو « دولنة » المجتمع، بتغول أجهزة الدولة في مختلف مناحي المجتمع وعدم توفر المجتمع، بما يعنيه المجتمع المدني من أحزاب ونقابات على مساحة للفعل بعيدا عن دور الدولة ووظيفة ورقابة الدولة. وبالتالي، نعتبر في الشبيبة الاستقلالية بان أحد مهام الحركة الديمقراطية في المغرب اليوم والحركة الشبابية، هو السعي للتصدي « لدولنة » المجتمع، والدفاع على تواجد مجتمع مدني قوي يشكل سلطة مضادة للدولة. الديمقراطية تتطلب معارك طويلة وقاسية من أجل نيل حقوق الشعوب في ان تقرر نفسها بنفسها. على الرغم من أن عدداً كبيراً من الشباب الصحراوي لم يسبق له أن ذهب الى تندوف ولا شارك في النزاع المسلح لكن هناك ظاهرة هي تنامي عدد الانفصاليين، كيف تفسر ذلك؟ أفسر ذلك بالعجز الديمقراطي الدي تعاني منه بلادنا، وتعتبر الشبيبة الاستقلالية ان هناك علاقة جدلية بين الوحدة الترابية والديمقراطية، وبأن العجز الديمقراطي في بلادنا وبعض الأخطاء في مجال حقوق الانسان هي التي تشكل التربة الحاضنة للأطروحة الانفصالية في جنوب المغرب . نعتبر أن الجواب الحقيقي على الاطروحة الانفصالية، هو المضي بشكل شجاع وقوي في المسار الديمقراطي في بلادنا وفي التنمية، لأن هشاشة التنمية في بلادنا، وهشاشة البرنامج التنموي الذي اتبع في الاقاليم الجنوبية منذ 1975 ، يشك ل تربة حاضنة للأطروحة الانفصالية في جنوب المغرب. بطبيعة الحال تلبية المطالب الاجتماعية للسكان أمر ضروري ومستعجل في الاقاليم الجنوبية للحد من استغلال أعداء الوحدة الترابية لبلادنا لبعض المطالب الاجتماعية وتحويلها الى مطالب سياسية معادية للمصالح العليا لبلادنا.