صدر حديثا عن دار الكتب العلمية ببيروت / لبنان ضمن إصداراتها لسنة 2013 كتاب بعنوان " الأندلس برؤى استعرابية ، دراسة في جهود المستعربين الإسبان المهتمين بالتراث الأندلسي "، للباحث المغربي في الاستعراب الإسباني والأندلسيات الدكتور محمد العمارتي. يقع الكتاب في 464 صفحة من القطع المتوسط ، وهو عمل أكاديمي متميز انتظمت محاوره على النسق التالي : من مقدمة ومدخلين منهجيين وبابين ، وكل باب يتكون من ثلاثة فصول. يعرض الباحث في المدخل الأول لمجمل القضايا النظرية والمنهجية التي تؤطر رؤيته إزاء الجهاز الاصطلاحي المرتبط بهذه الدراسات التي اتخذت من التراث الأندلسي مجالا للاشتغال والدراسة، فعرض لمصطلحات مثلا: (الاستشراق ، والاستعراب ، والاستفراق) . وحدد دلالات كل مصطلح على حدة، فكانت له وقفات للتأمل في حدودها الاصطلاحية وفي خلفياتها الإبستمولوجية ، وما يتفرع منها من تلوينات مفاهيمية ، بغية تقويم كفايتها الإجرائية . المدخل الثاني : عالج فيه الدوافع والمسوغات الدلالية والمفاهيمية التي دفعته إلى المناداة بنحت أو اقتراح مصطلح جديد بديل عن مصطلح الاستعراب العربي يكون أدق تعبيرا عن هذه الحركة في تمظهراتها الجديدة في العصر الحديث . 1- الباب الأول : تناول فيه الباحث الدراسات العربية بإسبانيا وقضايا الترجمة ، وقسمه إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول : عالج فيه الدوافع المختلفة التي كانت وراء ظهور ونشأة الترجمة وتطورها في إسبانيا الإسلامية . الفصل الثاني : انصرف فيه إلى دراسة الترجمة في ما بعد السيادة الإسلامية على الأندلس وتوضيح مساراتها المختلفة التي قطعتها ، والدوافع التي كانت وراء ازدهارها . الفصل الثالث : رصد فيه حركة الترجمة في العصر الحديث ، وما اتسمت به من اهتمام كبير لافت للنظر بالكتب العربية التي ألِّفَتْ بإسبانيا الإسلامية ، مع ذكر لأسماء بعض المستعربين الإسبان المحدثين الذين نهضوا بهذا العمل الجليل في إخراج ذخائر الخزانة الأندلسية إلى حيز الوجود . 2- الباب الثاني : قسمه إلى ثلاثة فصول أيضا وهي: الفصل الأول : : وقف فيه على الإنجازات الهامة التي حققتها مدرسة الدراسات العربية بفرعيها بمدريد وبغرناطة في مسيرتها العلمية ، كما وقف على الدينامية العميقة التي كانت وراء شهرتها وعالميتها، الفصل الثاني : عالج فيه دور مجلة (الأندلس )الإشعاعي في التعريف بالتراث الأندلسي وإخراجه في أبهى حلله . فتطرقت إلى القيمة العلمية التي أسداها المستعرب الإسباني الكبير إميليو غارثيا غوميث Emilio García Gómez لهذه المجلة التي قادها نحو المجد العالمي أكثر من نصف قرن من العطاء ، فمنحها انتشارا وذيوعا عالميين . الفصل الثالث : رصد فيه بعض تجليات الكتابات النثرية ذات البعد التاريخي التوثيقي عند المستعربين الإسبان المحدثين عامة ، وعند غوميث خاصة ، وموقفهم الإيجابي والفعال إزاء التراث التاريخي الأندلسي في صياغة تاريخ إسبانيا العصر الوسيط ، مستخلصا من ذلك كله مدى تفانيهم في خدمة هذا التراث الأندلسي الخالد، ومحاولة دراسته وترجمته ونشره ، وانتهى في هذا الفصل إلى إبراز دور إميليو غارثيا غوميث وأهميته في ترجمة وتحقيق ونشر بعض النصوص الهامة في التاريخ الأندلسي ، ذات قيمة توثيقية عالية . وباختصار فالكتاب في مجمله جدير بالقراءة . الدكتور. محمد العمارتي