فجأة رحل، كان معنا في المقهى والمسرح وعلى يوتيوب وواتساب.. ثم فجأة رحل البلدي بن البلد رحل رحل حسن الزيتوني ذات فجر خريفي في صمت مريب من رأس قطاع الثقافة بالإقليم باستثناء موظفي المديرية من أبناء المدينة الذين شيعوا الجنازة حتى مثواها من رئيس المصلحة إلى عون الخدمة أما الرئيس عفوا المدير فكان في دار غفلون أوضح فقط لمن استنكر بالأمس: ربما لهذا السبب بالذات لم تصدر تعزية للمرحوم على موقع الوزارة التي عودنا السيد الوزير المحترم الأستاذ المهدي بنسعيد على مواكبة كل الفواجع من مرض الفنانين إلى رحيلهم إلى دار البقاء معزيا ومواسيا ومدعما أجل فنحن لا نخشى في الحق لومة لائم ولكننا لا نرضى بظلم يقع على أحد أكيد السيد الوزير لم يكن معلوما ممن كان يفترض به أن يقوم مقامه في مثل هذه الظروف لكن رحل فناننا الكبير حسن الزيتوني بما هو أهم رحل مدثرا بحب وعشق الناس الذين طالما أدخل البهجة إلى قلوبهم، وما أكثرهم في هذه الحاضرة والدليل جنازته المهيبة التي حضرتها كل فئات المجتمع التطاوني العريق صديقي حسن مساء الأمس الحزين وبعد أن واريناك التراب عدت منهكا مغموما وعوض أن أجدك وقد سبقتني وبعثت إلي بدعائك المبارك أو تحية المساء والصباح كما عودتني بانتظام طيلة سنتين من عمر الواتساب الخاص بي لا أفجع سوى بأخبار نعيك نعيك هو الهاشتاج والهاشتاج أكبر دليل على صدق مشاعر الناس ساعات فقط قبل رحيلك المفجع كنت قد تقاسمت معي على الخاص صورتك مع الفنان العالمي وابن تطوان الموسيقار ريدوان وأنتما تتعانقان بحرارة لم يفتك ان تثني على دماثة أخلاق هذا الفنان العظيم وغير المسبوق الذي أنجبته الحمامة البيضاء وخاصة تواضعه الجم الذي لا يعرف قيمته سوى الشامخون في الأعالي أجل، فهي أخلاق لا تباع ولا تشترى وليست هبة لكل الأجناس بل حكرا على الثقافة الأرقى التي تخص هذه الحاضرة ولكنها أيضا كانت خصالك ومن شيمك.. التواضع وحب الخير للجميع لم يعرفك الناس إلا فاعلا في خير.. مبتسما متفائلا وعاشقا لوطنك ومقدساته أجل فأنت السابق وأنا اللاحق كلانا وغيرنا من فناني هذه الحاضرة يدرك الحقيقة الساطعة: ما أقسى أن تكون فنانا بعيدا عن المركز ولا تظهر كثيرا على شاشة التلفاز عرفتك صديقي منذ الثمانينات مع رفيق دربك الفنان الكبير عبد الكريم الجبلي ومنذ ذاك لم أسمع يوما أنكما افترقتما أو تخاصمتما ما يدل على معدنكما الأصيل صفي تشرب.. تلك الحكمة التي كنت أسمعها دوما على لسانكما معا السي عبد الكريم وأنت عرفتكما رائدان في تسجيل السكيتش على الكاسيت فذاعت شرائطكما بين الجماهير وعرفتكما في دور الشباب وقاعات السينما حيث كانت المئات تحج حتى تحجز مقعدا لها ثم عرفتكما على خشبة المسرح في اعمال رائدة: الهليكا في الكلينيكا التي كانت كوميديا من الطراز الرفيع الحاج المنشار التي تألقتما فيها بشكل كبير فات قناتنا الوطنية أن توثقه بالصوت والصورة أرقام بريئة التي خرج من جبتها معظم ممارسي أبي الفنون اليوم بتطوان أعمال مسرحية انتجتموها بلا دعم ولا اقتناء ولا ريع أعمال مولها جمهوركما والقناعة كانت من خصالكما فالنهاية موت والرأسمال الوحيد هو الذكر الطيب بعد الفقد قالها شكسبير القبور بلا جيوب لتنم في سلام أخي حسن وإن كنا مدركين بأن المنية نشبت أظافرها فيك قبل الأوان وقبل أن تحقق كل ما كنت تطمح لتحقيقه ولكن من يدري ربما في حياة أخرى ليس فيها أميون من مستوى باك + صفر يتهافتون لتسيير قطاعات لا يفقهون فيه شيئا زادهم فقط ريع حزبي حياة بلا أنانية أو تمركز على ذات مقيتة لا تتقن سوى الكراهية حياة بلا تبخيس فلا عين بين كل مخلوقات البسيطة قد تحتقر وتبخس مجهود مجتهد سوى عين إنسان فاشل رحم الله الفنان الكبير والإنسان الرائع الأستاذ حسن الزيتوني المشهور بين جمهوره العريض قيد حياته باسم حسن البلدي، وأسكنه العلي القدير فسيح جناته وألهم عائلته ورفاقه وجمهوره الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل والخسارة الفادحة التي مني بها المشهد الفني بالحمامة البيضاء إنا لله وإنا إليه راجعون صديقك الذي لن ينساك