كوم بقلم : عبد المنعم شوقي – التصوير للزميل : أحمد خالدي. بسم الله الرحمن الرحيم {وَسِيقَ الَذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلَى الجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ (74)} الزمر، صدق الله العظيم. قدّر الله علينا مصيبة موت فقيدنا الراحل عبد الرحمان العابوسي –رحمه الله- ولا رادّ لقضاء الله، وله الحمد في السرّاء والضرّاء، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم. ولم أكن أظن أو أتصور أن لقاءنا الأخير الذي جمعنا قبل رحيلك أيها الفقيد العزيز بثلاثة أيام فقط ، هو لقاء وداع ، وبأنك سترحل إلى دار البقاء وسمعت منك الجملة الأخيرة "خليتك على خير السي منعم "… كم هي سريعة هذه الحياة كما تعلمنا وكما تمر بكل الناس في كل زمان ومكان…لقاء وفراق….ضحكات ودموع …أحلى ضحكاتها اللقاء ، وأحر دموعها الفراق. اليوم الجمعة 22 يوليوز 2016 تجمعت عليك مدينتك التي أحببتها في جنازة مهيبة حضرها الأوفياء لصداقتك ومن عاشروك وقد عز عليهم فراقك ، ولكن هذه سنة الله في خلقه . لست أدري لماذا كلما حاولت أن أقول فيك كلمة رثاء، ترحل الكلمات من مخيلتي ويخيم الصمت وتعبس المعاني فترتعش الأنامل وتنهمر الدموع من مدمعها ويبلغ صوتي أعلى حنجرتي فيخنقها ويسكت مخارج الحروف . أشعر مثلما يشعر أبناؤك وبناتك وحرمك وأقاربك وأصدقائك ومعاشريك ، بحزن يعتصر القلوب وقد كنت الصديق الوفي والرفيق الداعم، وكنت رجل المواقف ، ورجل المبادئ ، مؤمنا بخياراتك ، متمسكا بها ،صامدا أمام التحديات ومحاولات كسر الشوكة .. أعرف جيدا بأن أسرتك الصغيرة خسرت أبا حنونا معطاء ورب الأسرة الدافئة . أيها الفقيد العزيز ، دمعتي تأبى أن تنعيك فأنت ملء العين ، والكلمات تعجز في وداعك ، وما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما اعصب أن تذهب بلا رجوع. وأتساءل مع نفسي ، من أين أبدا للحديث عنك أيها العزيز الراحل ، لا أعرف ، هل أبدا من فترة الثمانينات حين تعرفنا أكثر وكوننا مجموعة تعمل بجانب أخينا الراحل الدكتور حسين بوشطروش رحمة الله عليه ؟أم أبدا من علاقاتك المتينة والوفية مع أصدقائك المخلصين وقد رأيت مجموعة كبيرة منهم في جنازتك والتأثر باديا وبقوة على وجوههم ..حضر لتشييع جنازتك من لم تكن تفارقهم أيها الفقيد العزيز وعلى رأسهم أستاذنا الجليل السيد عبد الرحمن أوشن ، حمادي سهيل، بوبس محمد وغيرهم كثيرون، جاءوا وهم حريصين كل الحرص على أن يحضروا تشييع جنازتك ويودعون صديقا وفيا ، عرف بتواضعه ووداعته ، صلبا شديدا المراس في الحق ، لا يخاف فيه لومة لائم ، يقاوم الظلم ولا يقبل الإهانة ، فلم يهن ولم يحن رأسه لكائن من كان. وعرفت منك فقيدنا العزيز ، أسرتك الصغيرة معنى الحب والإيمان والحنان ، وعلمتها كيف ترى الحياة بشموخ وكبرياء،ولمست فيك الرجل المحب والبار بها وبأهلك، ومخلصا لأصدقائك ولكل من عرفوك، وعوضت لشقيقك عبد الواحد حنان والده رحمة الله عليه. كنت السي عبد الرحمان كريما متسامحا ، دائم الابتسامة رغم كل المعاناة ، صابرا محتسبا عند الله الأجر والثواب . أكيد فقيدنا العزيز أن ساكنة الناظور التي حجت اليوم إلى المقبرة لتشيع جنازتك في محفل مهيب وتودعك ، ستفتقدك حينما سيحل شهر رمضان الأبرك وهي كانت تلتقي معك وأنت تقدم لها كل ما طاب ولذ من "حلويات العابوسي"… في هذه اللحظة أيها الفقيد العزيز ، أجد نفسي بين مخافتين ، مخافة أن أختصر فأخل ، أو أطيل فأمل ، فوداعا السي عبد الرحمان العابوسي، ونسأل الله العلي القدير أن يجعل لك زمرة طاهرة في دار البقاء والخلود ، وقد استرحت من هموم ومشاكل الحياة . فنم قرير العين أيها الفقيد العزيز، فلقد تركت من خلفك زوجة وأبناء وبنات بررة على الدرب سائرين رافعين بيرقك المشرف، فاخلد بجنات الخلد ولتسترح نفسك بجوار ربها فهو السميع المجيب. اللهم أدخله برحمتك فسيح جناتك – اللهم أبدله دارا خير من داره وأهلا خيرا من أهله واجعله مع الصديقين والنبيين والشهداء وحسن أولئك رفيقا -اللهم وسع مدخله وغسله بالماء والبرد-اللهم يمن كتابه وهون حسابه وأكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه-اللهم نور مرقده وعطر مشهده وطيب مضجعه-اللهم كما سترته فوق التراب فاستره تحت التراب-اللهم فسح له في قبره واجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار-اللهم إنا نسألك توبة قبل الموت وراحة عند الموت ومغفرة بعد الموت. وأتقدم باسمي الخاص وباسم طاقم موقع "أخبار الناظور.كوم " وأسرة تحرير جريدة الصدى ، بأخلص مشاعر العزاء لأسرة فقيدنا العزيز السي عبد الرحمان العابوسي ولكل العائلة الكريمة والأقارب والأصدقاء ، داعين لهم بالصبر والسلوان.إنا لله وإنا إليه راجعون.