لقد كان اهتمامه ببناء مدارس تعليم علوم الشريعة إدراكا منه لما تحتاجه المساجد من أئمة وخطباء ووعاظ متمكنين من علوم الشريعة متقنين لها، ولكي تؤدي المساجد رسالتها على أكمل وجه تحتاج إلى خطباء مفوهين وأئمة هادين، ولا أدل على أثر عنايته بالمدارس مما كان من اهتمام بالمساجد في تراويح رمضان حيث لا يكاد مسجد من مساجد تطوان يخلو من طلبة مدرسة الإمام مالك يصلون الناس بأصوات ندية شجية، بل تفرقوا في مختلف المدن المغربين متقنين القراءة والصلاة مبلغين رسالة الله، فنشأت عن تلك المدرسة مدارس، بل كم من طلبة تخرجوا من تلك المدرسة ورجعوا إلى مدنهم مستشعرين أثرها فسعوا في بناء مدارس أخرى، تعلم الناشئة كتاب الله ودينه. ومن المدارس التي أشرف الشيخ على بنائها "مدرسة الإمام مالك الخاصة للتعليم العتيق" و"مدرسة محمد الحاج الخاصة للتعليم العتيق فرع الإمام مالك ببني حسان" ومدرسة أخرى[1] نواحي تطوان بأزلا توفي رحمه الله قبل إتمام بنائها، إضافة إلى اهتمامه بمدارس أخرى ومتابعته لأمرها. وفي بناء المدارس كان حريصا أشد الحرص على توفير الظروف الملائمة لطلبة العلم، وإذا زار مدرسة ووجد بها حاجة لشيء سارع لمساعدة أهلها، ولست أنسى زيارته لي بمدينة ترجيست، وبعد الزيارة مررنا على مقرات تابعة لجمعية الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه بترجيست، وكان ذلك قبل بناء مقر مدرسة الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه، وفي زيارته للأماكن التي كانت الجمعية تحفظ فيها القرآن لاحظ الحر الذي يقاسيه المتعلمون داخل المقرات، فلما غادر رحمه الله اتصل بي وأخبرني أنه سيرسل للجمعية ما تحتاجه من مكيفات لوضعها في المدارس، وتلك عادته رحمه الله يقوم بالزيارة ملاحظا ومتتبعا دون إحراج أو إخبار يقدم على العمل في صمت وبإتقان، ثم يتابعه، لا يهدأ له بال حتى يتم الأمر كأحسن ما يكون من التمام. [1] أسأل الله أن ييسر تسميتها باسمه، فهو حقيق بأن توسم باسمه المدارس، ليكون ذكرى لطلبة العلم والناس أجمعين. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبد الكريم القلالي