روبورطاج من إعداد: طارق والقاضي تصوير ومونطاج: مراد ميموني المدارس العتيقة بالناظور ونموذج مدرسة إبنعيساثن: تعتبر المدارس القرآنية بمدينة الناظور إحدى أهم القلاع المحصنة لحفظ القرآن الكريم في نفوس أبنائنا الطلبة عموما وباقي أفراد المسلمين خصوصا، فعملية تحفيظ القرآن الكريم تحتاج إلى مجهود وصبر وإخلاص وصدق لتعلم كلام الله سبحانه وتعالى ، وتعتبر مدرسة إبنعيساثن بحي براقة الكبرى بإقليم الناظور إحدى أبرز المدارس داخل المدينة إلى جانب مدارس أخرى تتوزع بين بروع الإقليم الواحد والتي يناهز عددها 36 مدرسة موزعة بين الكتاتيب القرآنية والمدارس الموجهة لتعليم القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية وبعضها تابع لمعهد الإمام مالك بحي أولاد ابراهيم بذات المدينة والبعض تابع لمندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالناظور. المدارس القرآنية...ذلك الحصن الروحي: وذلك باعتبارها الحصن الروحي والعلمي لجميع مكونات المجتمع بالنظر لما تقدمه هذه المؤسسات الأصيلة من خدمات جليلة على مستوى تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية والأدبية إلى جانب العلوم العصرية والعلمية. وينشغل الطلبة طيلة اليوم الواحد بحفظ القرآن الكريم ابتداء من ساعة الفجر الأولى إلى صلاة العشاء تتخللها فترات تناول الطعام وأخذ قسط من الراحة، فيما يعتبر يوم الخميس والجمعة صباحا عطلة للطلبة يستريحون فيها من أسبوع من الحفظ وتلقين العلوم الشرعية. وتتم طريقة حفظ القرآن الكريم جماعة حيث ينزوي الطالب في الوضعية المناسبة له ويبدأ في حفظ سور من القرآن الكريم من لوحة يضعها أمامه حسب ما سطره له الفقيه الذي يُحفظه. نظرة على طلبة مدرسة إبنعيساثن لتحفيظ القرآن الكريم: آه كم هي رائعة تلك الحرارة المنبعثة من أعماق أولائك الطلبة البسطاء الخجولين الطيبين الذين يمسكون بالألواح الخشبية ويحفظون كتاب الله في وقار كبير، كم تأثر قلبنا وانصهرنا ألما وإشفاقا من حالتهم، كم بدينا خجلا وتواضعا أمام هؤلاء الصغار الكبار حقا، نحن الذين ندعي الحداثة والعصرنة ولم نحفظ إلا سورا قصيرة من القرآن ، ما أنبل الكرم والتواضع حين يأتي من فقراء بسطاء حاملين لكتاب الله، فبفضل شجاعتهم وإرادتهم ومثابرتهم أفلح الكثير منهم في حفظ القرآن الكريم. ضرورة الاعتناء بالمدارس القرآنية وحُفاظ كتاب الله: ما يثير إنتباهنا وهذا هو المؤلم، الوضعية الاجتماعية التي يتواجد عليها طلبة العلوم الشرعية أو حفاظ كتاب الله، والذين يأتون من مناطق متفرقة من المغرب غالبا من مدن الشمال والتي مازال سكانها متشبثين بعادة حفظ القرآن الكريم وجلهم من عائلات فقيرة مُعوزة؟، وهنا أفتح قوس لنطالب من القلوب الغيورة على كتاب الله أن يتدخلوا للإعتناء والإحسان إلى هذه الفئة من الحُفاظ والحَفظة لكتاب الله، وأن تقيهم من سؤال الحاجة ومن إستهزاءات الناس بهم والتي وصلت حدا لا يطاق بأن تضمن لهم كرامة العيش ، فهؤلاء الذين تجب فيهم العناية اللازمة لأنهم يوم القيامة أهل الله وخاصته، وليس مطربو وفنانو آخر زمان. بعض الجمعيات بمدينتنا تقوم بتبذير أموال طائلة من أجل مهرجانات باهتة لا طائل يُستفاد من ورائها، في حين تحرم هذه الفئة المتميزة من المجتمع من وسائل الراحة الضرورية التي تخول لها حفظ كتاب الله في أجواء روحانية واجتماعية جيدة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث شريف :"إقرؤوا القرآن وابتغوا الله تعالى، من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه" رواه أحمد وصححه الالباني. الدور الكبير الذي يقوم به المجلس العلمي ومندوبية وزارة الأوقاف، بالناظور: ما علينا إلا إن نكون منصفين وموضوعيين في تناولنا لهذا الموضوع، ونبرز المجهودات الكبيرة التي يقوم بها المجلس العلمي وعلى رأسه السيد ميمون بريسول، والسيد مندوب الشؤون الإسلامية بالناظور ، خاصة اهتمامهم بالفقهاء والطلبة في عملية التحفيظ حتى يواصلوا ويستمروا لإتمام مشاور حفظ القرآن الكريم في سبيل إدماج التعليم العتيق في الوسط الاجتماعي ولضمان حفظ القرآن الكريم حفظا كاملا ، وكذلك من خلال البحث عن الموارد لتمويل هذه المدارس القرآنية إلى جانب الميزانية التي تخصصها الدولة للتعليم العتيق عموما، سواء من حيث التجهيز أو التأطير أو إعانة المستفيدين من النظام الداخلي في المدارس القرآنية بمنح من الدولة أو من المحسنين والجمعيات المهتمة بالموضوع. وكذلك من خلال خلق جيل من الطلبة الحافظ لكتاب الله والمتمكن من علومه الشرعية، الذي يهتدي بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها لتكوين مواطن صالح متشبع بقيم الاعتدال والتسامح، الشغوف بطلب العلم والمعرفة. لأن بعض الأيام لا يطالها النسيان، لكونها تحدد معالم بارزة في حياة الإنسان ، نشكر كل الذين ساهموا معنا في إنجاز هذا الروبورطاج، ونخص بالذكر الفقيه المُحفظ أستاذ مدرسة إبنعيساثن ببراقة السيد حديدو عبد الله، والسيد رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور الأستاذ ميمون بريسول، والسيد المندوب الأستاذ أحمد بلحاج، على تعاونهم المطلق مع طاقم ناظورسيتي.