هذه القرارات أعطت نفسا جديدا للعمل السياسي الإسباني بالمغرب ، ليعيد خلط أوراقه بشأن انتخابات المجالس البلدية والقروية على صعيد مناطق الحماية الاسبانية بشمال المغرب، فأعاد الأمر إلى سابق عهده قبل انتخابات 1931 بتطبيق سياسة تعيينات الأعضاء البلديين عوضا انتخابهم، ليفسح لها المجال مرة أخرى لتتصرف فيهم بالتعيين والإعفاء كما تشاء، وكما يتأتى من مراقبتهم بشأن نشاطهم البلدي، أو القروي. وظل الأمر يتم بالتعيينات لجميع المجالس البلدية والقروية بشمال المغرب على عهد الحماية الاسبانية إلى انتهاء عهدها وتحقيق الاستقلال، بحيث لم تجر أية انتخابات بلدية أو قروية بعد تجربة 1931 ولم تتحقق هذه النتيجة إلا بالتعيين بما يرضى اسبانيا فقط وهو نفس النهج الذي سارت عليه فرنسا بجنوب المغرب. رغم الانفتاح السياسي بالمنطقة على عهد الجنرال فرانكو كتأسيس الأحزاب وإصدار الصحف، وحرية الاجتماع، والتنقل.ورغم البيانات والتوصيات والمطالب التي صدرت على التوالي سواء من طرف الأحزاب أو المؤسسات أو نداء الأشخاص الوطنيين. وليست الفائدة بعامة لتقييم أشغال المجالس المعنية، لن تشكيلاتها كانت صورية فقط، ولم تكن لها أراء حاسمة أو تقريرية أو فاعلة، إلا ما تقرره اللجان الفنية الاسبانية المنوط بها أشغال المدينة. بالنسبة للجماعات الأهلية أي " القروية" لم تفكر اسبانيا في ترتيب شأنها إلا في سنة 1935 حينما صدر ظهير خليفي كضابط قانوني ينظم أمر هذه الجماعات وقواعد إدارتها، وبيع أملاكها، يتألف من 36 فصلا مقسمة، على قسمين، وخمسة أبواب.
ويمكن القول: إن هذا التنظيم اعترف لأول مرة بالمسار القانوني المتعارف عليه الآن بالشخصية الاعتبارية للجماعة ومناط رئاستها موكول إلى القائد وشيخ الفرقات ومن ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم بمقتضى قرارات وزارية، كما أن عملية الترشيح، والعزل والإبدال تتم بنفس الطريقة وتشكل هذه اللجنة صفة الوصي على الجماعات، التي تكون في تطاق حدودها الترابية مراقبة من طرف المخزن بشأن إدارة أملاكها، وتسيير مصالح الجماعات التي ينوبون عنها، في كل الأمور الشرعية أو غيرها، وتجتمع هذه اللجنة بدعوة من رئيسها الذي هو القائد بعد موافقة المراقب المحلي الذي ينوب عن المخزن، ويكون حضوره واجبا في كل الاجتماعات ويقوم بكتابة محاضر الجلسات والمناقشات والاتفاقات التي تتخذ بالأغلبية من الأصوات. وكاتب الجماعة يعين لوظيفة بقرار وزيري. ولا تتم المصادقة إلى محاضر الاجتماعات إلا بعد إرسال نسخة منها إلى الوصي على الجماعة الذي يعين هو الآخر باتفاق مع الوزير الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) ونائب الأمور الوطنية الاسباني. ويتألف مجلس الوصاية برئاسة نائب الأمور الوطنية، ومفتش النظام البلدي والجماعات ورؤساء المصالح الزراعية ورئيس نظام الأملاك المخزنية الذي يتولى أمر كتابة المجلس ويكون له حق التصويت والانتخاب، والمناقشة وواحد من أعيان المسلمين الذي يعين هو الآخر بقرار وزيري. واجتماعاته تكون فصيلة، وتتم فيه المناقشة في كل طلب يرمي لإفادة الإدارات المخزنية التي تراها ضرورية، أو في الطلبات المقدمة من الجماعات بواسطة المراقبين عنها لأجل الحسم في الاقتراحات المحالة عليهم أو على مجلس الوصاية. وتناط به أيضا من الاختصاصات مسألة تكليف أهل الخبرة بواسطة رؤسائهم بإفادات الوقوف على المشاريع التي يتوقف عليها استثمار أملاك الجماعة، وأيضا المصادقة على صرف النفقات التي لا تتجاوز خمسة آلاف بسيطة. وانيطت أيضا بمجلس الوصاية السهر على عمل الجماعة إداريا، والنيابة على تحديد عدد أعضاء الجماعات التي يؤلفونها . وإجازة بيع أو مناقلة للأملاك الجماعية، والترتيب عليها ضمن الواجبات المرعية بمقتضى الشروط المعنية بالظهير. وإجازة عقود التأجير التي تفوق مدتها عشر سنوات، والترخيص للجماعة للحضور في المحاكمة أمام أية محكمة، ويتولى كاتب الجماعة أمر التكليف بذلك. وتدخل العروض والسلف بين جماعة وجماعة، وإجازة التحكيم والمعاملات التي تنبني على الصلح والمصادقة على الحسابات السنوية للجماعة ضمن اختصاص مجلس الوصاية أيضا. إضافة إلى دراسة المشاريع والاقتراحات المقدمة من الحكومة أو الإدارة أو منفعة الأملاك الاجتماعية والتي تعرض لأجل الدرس والمذاكرة كلما تطلب الأمر بوجود الفائدة المرجوة التي قد تجنيها هذه المشاريع بما يعود به النفع على الاقتصاد العام للبلاد والجماعة المعنية. أما القسم الثاني من الظهير فيتناول حالة الأملاك العقارية الشرعية للجماعة التي لا يحق لها أن تباشرها تلقائيا بدون وصاية المخزن وضمن نفس الشروط الواردة في الظهير بحيث لا يمكن بيعها ولا تثقيفها، ولا حجزها، ولا حجز محصولاتها الزراعية. 13 تمودة العداد 373/من 2 إلى 8 يوليوز2012