اهتمت الصحف القريبة من الحماية الفرنسية بواقع المدن الكبرى المغربية، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، خلال ثلاثينيات القرن الماضي. ومن بين هذه الصحف، نجد جريدة «السعادة» التي كانت تصدر من الرباط. كيف عالجت هذه الصحيفة قضايا الشأن المحلي لمدينة الدارالبيضاء، العاصمة التجارية للمغرب، في ثلاثينيات القرن الماضي؟ وكيف كانت تدار شؤون هذه المدينة قبل 80 سنة من الآن؟ في أكتوبر من سنة 1930، وضع الحجر الأساس لبناء مقر بلدية الدارالبيضاء، الذي حضره رئيس الجمهورية الفرنسية «مسيو دوميرك»، وسط حضور مكثف للعديد من أعيان الدارالبيضاء، وأقيم حفل الاستقبال على أنغام «المرسيلييز»، كما حضر هذا الاحتفال مندوب فرنسا «المسيو سان». وحسب الظهير المؤسس لبلدية الدارالبيضاء، فإن مجلس البلدية (اللجنة) يتألف من 14 عضوا، يمثل الفرنسيون الأغلبية منهم، حيث كان المجلس يضم 8 أعضاء يمثلون الأعيان الفرنسيين، و4 أعضاء من الأعيان المسلمين، وعضوين يمثلان الطائفة اليهودية. هذا وعينت السلطات الفرنسية على رأس مدينة الدارالبيضاء أحد المقربين من الصدر الأعظم محمد المقري، ويتعلق الأمر بالطيب المقري، حيث انتدبته باشا على المدينة، فيما تولى «أورتيليب» مهمة المراقب العام على منطقة الشاوية على أن يكون «المسيو سوكار» نائبا عنه لدى غيابه. وضم أول مجلس بلدي، على مستوى الأعضاء المسلمين، كلا من محمد بوضربات ومحمد اللبار وبوشعيب بن المعطي الحجامي ومحمد نقوف، فيما مثل الطائفة اليهودية كل من نسيم العزري وابراهيم وهايو. وابتداء من شتنبر لسنة 1931، أصبح الأعضاء يعينون لمدة ست سنوات ليتم تغيير نصفهم كل ثلاث سنوات، بينما كان الفصل الثاني من ظهير 17 يونيو 1922 ينص على أن «الأعيان الأوروباويين (الفرنسيين) والأهليين (مسلمين ويهودا) يعينون لمدة ثلاث سنوات ويبدل الثلث منهم كل سنة. وخول ظهير 1992 صلاحية انتخاب نائب رئيس اللجنة التي تسير المجلس، الذي ينوب عن باشا المدينة، حيث يقوم باستدعاء أعضاء المجلس ويساعد الباشا في إدارة مباحثات البلدية ويترأس جلساتها إذا غاب هذا الأخير أو عاقه عائق عن الحضور. وذكر الفصل الثالث أن الظهير المذكور ينص على أنه يمكن أن تُُفوض لنائب الرئيس، بقرار وزيري، بعض اختصاصات الباشا ما عدا التفويضات القانونية بشؤون الحالة المدنية. وكما جرت العادة على ذلك عند دخول كل عام جديد، كانت تتم إعادة انتخاب نائب رئيس المجلس البلدي لأن رئيس المجلس كان دائما هو باشا المدينة، فقد تم في يناير من سنة 1931، انتخاب «مسيو روفيلي». واستثنى ظهير 1922 من الصلاحيات المخولة للمجلس- وأخضعت الإدارة العامة ذلك لموافقتها، ميزانية المدينة الاعتيادية وفتح حسابات خارجة عن الميزانية، كما فتح اعتمادات مالية جديدة، وكل الجوانب المتعلقة بشراء عقارات وتفويتها والمصالحات أو المعاوضات بشأنها، هذا إضافة إلى الجوانب المتعلقة بتعيين أنواع الضرائب ومنح امتيازات بالقيام بأشغال عامة. وتوجه إلى الكاتب العام للسلطات الفرنسية جميع التقارير التي صادق عليها المجلس البلدي خلال أجل لا يتعدى 8 أيام انطلاقا من تاريخ اتخاذ القرار. وأعطى الظهير للكاتب العام للسلطات الفرنسية المنتدب بالمغرب أجل شهرين للمصادقة على القرارات التي اتخذتها اللجنة (المجلس البلدي)، ويبلغ التقرير رسميا بعد المصادقة عليه إلى رئيس البلدية بواسطة رئيس الناحية، و الأمر نفسه إذا رفضت المصادقة. وأشار الظهير إلى ضرورة إشهار القرار المتخذ، حيث يعلن ويعلق ملخص من تقارير اللجنة على باب البلدية خلال أجل لا يتعدى 8 أيام، ومنح الظهير لكل مواطن يدفع الضريبة الحق في أن يطلع على ما ذكر في التقارير. ومنح الظهير 1922 المنظم للمجالس البلدية، الحق لأرباب الإدارة العليا (الدولة الحامية) بمباشرة ما لهم من الحق العمومي المتعلق بالتقدم في تدبير شؤون البلدية.