لا يخفى علينا أن الزواج لا يكون دائما موفقا وسعيدا، فالكثير من المتزوجين قد تعترضهم مشاكل جمة، فلا يجدون أمامهم غير "أبغض الحلال عند الله" أي الطلاق. لكن الشرع فتح بعض أبواب الأمل أمامهم لإصلاح ذات البين و العودة مجددا لمواصلة الحياة الزوجية، عندما سن حق الرجعة بعد الطلاق، لهذا نجد العديد من المطلقين يلجأون إلى ترميم حياتهم الزوجية من جديد باللجوء إلى حق الرجعة، فيعودون لممارسة حياتهم الزوجية من جديد. كما لا يختلف اثنان، ولا يتناطح في ذلك عنزان، على أن الأمور لن تكون كما كانت عليه في التجربة الأولى، فلا شك أن كلاهما قد يكون قد راجع نفسه و توصل إلى تحديد مواطن الخلل فيه و الأعطاب التي تسببت في ما آلت إليه حياتهما. و العودة عادة ما تكون موفقة، فالمطلق أو المطلقة عندما يقرران العودة مجددا للارتباط بالزواج، فمعنى ذلك أنهما قررا أن يسلكا منهجا مغايرا في تدبير الحياة الزوجية، وأسلوبا في الحياة و التعامل يختلفان كليا عما كانت عليه علاقتهما و سلوكاتهما تجاه بعضهما البعض في التجربة الأولى الفاشلة، والتي أدت بهما إلى الطلاق. لذلك فإن الرجوع بعد الطلاق لا يكون إلا بعد تدبر و تأمل وتنازل و انتباه شديد إلى ما كان السبب في الطلاق، لذلك فرؤيتهما لاشك أصبحت واضحة، وقرارهما لابد أن يكون قد أخذ بعد تدبر واقتناع بجدوى الرجوع لبعضهما.
ومثل هذه المواقف لا يمكن إلا أن تساعد على بناء أسرتهما و تفادي كل ما كان سببا في انفصالهما، وبهذا لا شك أنهما سيكونان أكثر سعادة و أكثر واقعية في تعاملهما وفي علاقتهما وفي كل ما يهم حياتهما المشتركة الجديدة. وتفضي إلى أن المتراجعين بعد المتراجعين بعد الطلاق يكونون أكثر حذرا و خوفا من الوقوع في الفشل مرة أخرى، و منتبهين إلى كل ما من شأنه إفساد حياتهما الجديدة، و بالتالي يكونون أكثر حرصا على مواصلة حياتهم الزوجية، وعلى احترام القيم الأخلاقية و الاجتماعية التي تقوي أواصر المحبة بينهم،و البحث عن الخصال النبيلة في الشريك الآخر.
ولهذا يكون الرجوع بعد الطلاق عاملا من عوامل إعادة اكتشاف شخصية كل منهما و باعثا للرغبة في المعرفة الحقة لكل منهما، والحب الكبير الذي يقوي العلاقة و التقدير بين الزوجين لا يكون إلا بعد المعرفة الحقيقية والعميقة لشخصية كل من الزوج و الزوجة. و الرجوع عادة ما يكون حلوا، كما جاء في مقطع جميل من إحدى أغاني نجاة الصغيرة التي تقول فيه: " ما أحلى الرجوع إليه" .