نحن مجتمع لا تستطيع أن تأخذ فيه غرفة في فندق إن كنت مع حبيبتك أو كنتِ مع حبيبك، لكنك تستطيع أن تأخذ نفس الغرفة إن كنت مع شخص من نفس انتمائك الجنسي. المثليون إذن لا تطرح أمامهم إشكالية المكان؟ نحن مجتمع يراقبك فيه جارك وحارس العمارة... متى دخلت؟ من كان برفقتك؟ لكن أحدا لا ينقذك في حالة التعرض للخطر. نحن مجتمع يُمنَع فيه استهلاك الكحول، لكن أرقام المنظمة العالمية للصحة تبين أننا نستهلك الكحول أكثر من دول مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة. نحن مجتمع يحتقر مهنية الجنس، لكنه يشكل زبونها الأول أكثر بكثير من الأجانب، وذلك خلافا للفكرة السائدة. لكنه أول من يشتمها في العلن. نحن مجتمع يبدع الدروس حول القيم الجميلة، لكنه في الواقع يركز اهتمامه على المظاهر. يحكم عليك من خلال نوع سيارتك وماركة حذائك والحي الذي تسكن فيه. نحن مجتمع ينتفض ضد مشهد قبلة في فيلم، لكنه لا ينزعج أبدا من مشاهد العنف والقتل في الأفلام نفسها. نحن مجتمع يلوم شخصين يعيشان علاقة حب صادقة. يعتبرها فسادا. لكنك حين تتزوج شخصا لا تحبه، يجمعكما فراش بارد وروتين يومي، فقط لأن له مكانة اجتماعية، لأنه سيمكنك من دخول مؤسسة الزواج، أو لأن الآخرين يفعلون نفس الشيء، سيبارك لك الجميع. نحن مجتمع ينبذ الغش في الخطاب، لكنه يطبع معه بسهولة في الواقع، في الامتحانات، في العمل... يجد له كل التبريرات الممكنة. نحن مجتمع ينزعج من منظر امرأة بتنور قصيرة، لكنه لا ينزعج أبدا من منظر طفل مشرد في الشارع. نحن مجتمع لا يطالبك بأن لا تأتي السوء. المهم أن لا يعرف بذلك الآخرون. نحن مجتمع لا يطالبك باحترام ضميرك الشخصي، بل بالخضوع لرقابة الجماعة. افعل كل ما تشاء، لكن في السر. نحن مجتمع مبني على كل التناقضات... لكن، ما الجديد في كل هذا؟ سناء العاجي