إن المجتمعات تتغير والحياة السياسية كذلك، لهذا من المفروض على القواعد الدستورية أن تخضع للتجديد والتغيير المطلوب لإعطائها الفعالية والقدرة على المواكبة والتطور. ومن أجل منح القواعد الدستورية الفعالية الضرورية، فإنه من الضروري فتح المجال بشكل فعلي لممثلي الشعب في القيام بحق المبادرة من أجل تغيير القواعد الدستورية، دون تسييج هذا الحق، بشرط مسبق يتمثل في ما نص عليه الفصل الرابع بعد المائة من أن اقتراح مراجعة الدستور الذي يتقدم به عضو أو أكثر من أعضاء مجلس النواب أو المستشارين لا تصح الموافقة عليه إلا بتصويت ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس المعروض عليه الاقتراح، مما يعني أنه حتى عملية اقتراح المطالبة بتغيير القواعد الدستورية في المغرب، تبقى شبه مستحيلة على القوات الحية بالبلاد والمنبثقة عن صناديق الاقتراع مما يكرس فعليا جمود القاعدة الدستورية في البلد، وهكذا سيلاحظ الباحث المختص في الدستور أن التعديلات الدستورية في المغرب لم تكن في يوم من الأيام بمبادرة من ممثلي الشعب،(بل فقط من بعض الاحزاب الوطنية عن طريق مذكرات) مما يعني عمليا إقصاء ممثلي الأمة أصحاب حق التشريع من اقتراح مبادرة تخص تعديل الدستور. لقد كان بالإمكان أن ينص فقط على شرط موافقة ثلث أعضاء البرلمان بمجلسيه، إذ أن الأمر لا يتعلق في نهاية المطاف إلا بحق المبادرة، وهذه المبادرة تبقى مسيجة كذلك، بما نص عليه الدستور في الفصل الرابع بعد المائة من أن مشاريع تغيير الدستور تعرض بمقتضى ظهير مما يعني الموافقة الملكية المسبقة على المبادرة قبل عرض مشاريع الإصلاح الدستوري على الاستفتاء. إن ربط التعديلات الدستورية بالاستفتاء هو شرط كاف لعدم تسييج حق مبادرة الإصلاح الدستوري بموافقة ثلث أعضاء مجلسي البرلمان لبث الروح في القواعد الدستورية المغربية وجعلها قابلة للتجديد و التحيين بشرط الموافقة من طرف الشعب من خلال الاستفتاء. إن ما يهمنا في هذه الدراسة هو الشق المتعلق بحماية المال العام في مواد الدستور، و كما لا يخفى على أحد، فإن الحكم و الإدارة هما في كل الحالات صرف المال العام كما قال الباحث « ليون يرتلون» ، وكل الأزمات التي عرفها المغرب منذ بداية الاستقلال كان سببها مطالب اجتماعية تتطلب من الدولة رصد أموال عمومية لم تكن متوفرة، كما أن مجموعة من المشاريع التي استنزفت خزينة الدولة وفشلت في الأخير كانت نتيجة لغياب آليات فعالة، لتقييم السياسات العمومية المسبق، دون أن ننسى أن بعض المشاريع المنجزة كانت في بعض الحالات باهظة التكاليف، لغياب المنافسة الفعلية، مما يتطلب القيام بإصلاح دستوري لا يغفل إطلاقا التنصيص على آليات تمكن من حسن تدبير الاموال العامة في البلاد بشكل يمنح قدسية معينة للمال العام وشفافية مطلقة في صرفه، وتقديم الحسابات بشكل متواصل لدافعي الضرائب عن كيفية هذا الصرف. لهذا نرى أنه من الضروري لإعطاء المال العام قدسية معينة ، القيام بالإصلاحات التالية لمقتضيات الدستور. 1) التنصيص على أن الحكومة «تحدد وتقود السياسة العامة للدولة دستوريا» إن تنصيص الفصل الستين من الدستور على «أن الحكومة مسؤولة أمام الملك و البرلمان «لا يمكن أن يتجسد على أرض الوقائع دون أن تكون الحكومة مسؤولة فعليا و كليا عن تحديد السياسة العامة للدولة وقيادة تنفيذ هذه السياسة، على اعتبار أولا أنها منبثقة عن الأغلبية البرلمانية صاحبة المشروعية الشعبية، وحيث أنه لا مسؤولية دون ممارسة السلطة الفعلية من البداية حتى النهاية لتحديد ما يترتب عن ممارسة المسؤولية الفعلية للحكومة امام البرلمان و أمام صناديق الاقتراع. إن تنصيص الفصل الستين من الدستور على أن» البرنامج يتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و الخارجية، لا يمكن الحكومة فعليا من تحديد السياسة العامة للبلاد وقيادة تنفيذ هذه السياسة. إن الحكم و الإدارة هما في كل الحالات استعمال المال العام ، وتحديد السياسة العامة من طرف الحكومة يمكن فعليا البرلمان و المواطن من تجسيد تصويته حتى يمنح صوته للبرنامج و السياسة المزمع تطبيقها ، بدل الشخص ، كما سيمكن هذا الإصلاح المواطن من معرفة الجهة التي يمكن محاسبتها على عدم التنفيذ أو سوء التنفيذ . كما أن الحكومة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن تحديد السياسة العامة للدولة دون أن تملك سلطة على الإدارة والأمن والجيش، على اعتبار أن السياسة العامة تشمل الكل وبالتالي تجعل الكل تحت سلطة الحكومة في ما يتعلق بتحديد السياسة العامة للدولة وقيادتها وكل من يستفيد من المال العام. 2) السلطة المطلقة لممثلي الأمة على المال العام من خلال الترخيص المسبق والمراقبة إذا كان الفصل 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن ينص على أنه على اعتبار أن فرض الضرائب يتم إقراره من طرف البرلمان، وبالتالي فإن حق فرض الضرائب يجب أن تقابله سلطة مضادة تحمي هذا الحق من الاستعمال غير الفعال لهذه الضرائب وذلك بالتنصيص على حق ممثلي الأمة في مراقبة استعمال الأموال المستخلصة من جيوب دافعي الضرائب، حتى نمنح للبرلمان المغربي السلطة الفعلية على المال العام، ليس فقط عبر التنصيص على حقه في سلطة الترخيص البرلماني، بل كذلك عبر التنصيص على حقه في سلطة المراقبة بكل ما تعنيه هذه المراقبة من إجراءات تجسدها و تفعلها ، يتخذها البرلمان عند الاقتضاء سواء قبليا أو أثناء أو بعديا ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواطن سنة 1789)، وذلك من أجل تخويل البرلمان سلطة انشاء الاجهزة المكلفة بالرقابة انطلاقا من قانون اعتباره صاحب سلطة الترخيص. 3) إنشاء مجلس الدولة المغربي وتحديد اختصاصه بالمشورة وإصدار الأحكام والتسيير إن بناء دولة الحق والقانون لا يمكن أن يتم دون أن تمارس كل مؤسسات الدولة مهامها المنصوص عليه في الدستور والقوانين دون زيادة أو نقصان على اعتبار أن مشاريع القوانين وبعض المراسيم لا تحترم المشروعية ،مما يحتم أن تعرض هذه المشاريع من طرف البرلمان والحكومة على مجلس الدولة المغربي من أجل إبداء الرأي والمشورة الضرورية من جهاز يمتلك الاختصاص على اعتبار أنه الجهاز الذي يقوم بمهام القضاء الإداري، حيث يجب التنصيص على أن البرلمان من خلال رئيس مجلسيه يمكن أن يطلب رأي أو استشارة مجلس الدولة المغربي في ما يتعلق بمشاريع القوانين المقترحة من طرف البرلمانيين، وكذلك يمكن للحكومة أن تطلب رأي و مشورة مجلس الدولة المغربي في ما يتعلق بمشاريع القوانين و المراسيم المهيأة من طرف الحكومة حتى يتأكد المواطن من أن هذه المشاريع تحترم المشروعية وتساهم بالتالي في بناء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات. ولم يعد بالتالي مقبولا أن تقوم الأمانة العامة للحكومة بهذا الدور حيث أنها أثبتت أنها غير قادرة على القيام بهذا الدور على اعتبار أنها جهاز إداري من جهة ومن جهة أخرى يعتبر من غير المقبول أن يقوم جهاز إداري بمراقبة مشروعية مشاريع قانونية وتنظيمية، وهناك جهاز قضائي يختص بالقضاء الإداري. 4) التنصيص دستوريا على المساواة أمام الطلبية العمومية إذا كان الفصل 12 من الدستور ينص على أنه «يمكن لجميع المواطنين أن يتقلدوا الوظائف و المناصب العمومية و هم سواء في ما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها»، فإن هذا الفصل يبقى منقوصا إذا لم يتم إضافة مبدأ المساواة أمام الطلبية العمومية. إن الطلبية العمومية تلعب دورا مهما في الإنفاق العام إن لم يكن الدور الأهم، و على اعتبار أن الإنفاق يتم عبر استعمال الأموال العمومية فيجب الإقرار كذلك دستوريا من أجل حسن استعمال الأموال العمومية على مبدأ المساواة أمام الطلبية العمومية. إن التنصيص الدستوري على حق المساواة أمام الطلبية العمومية هو تجسيد فعلي للفصل الخامس من الدستور الذي ينص على مبدأ المساواة أمام القانون، وتجسيد فعلي كذلك لمبدأ المساواة أمام المنصب العمومي المنصوص عليه في الفصل الثاني عشرة من الدستور وتجسيد فعلي كذلك لمضمون الفصل الخامس عشرة من الدستور الذي ينص على أن حرية المبادرة الخاصة تبقى مضمونة. وفي الأخير فإن إقرار حق المساواة أمام الطلبية العمومية يعتبر تجسيدا فعليا للمبدأ المنصوص عليه في الفصل السابع عشر من الدستور والذي ينص- على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور. إن تفعيل هذه المواد الدستورية لا يمكن أن يتم دون التنصيص على مبدأ المساواة أمام الطلبية العمومية، مما سيمكن البرلمان من استرجاع سلطته المسلوبة من طرف الحكومة على الصفقات العمومية ويصبح بالتالي موضوع الصفقات العمومية وخصوصا بالنسبة للمبادئ العامة يشرع بقانون ويتم اخضاع الحكومة(على اعتبار انها المسؤولة عن صرف المال العام ولا يمكن بالتالي منحها سلطة وضع الشروط المتعلقة بصرف المال العام لنفسها من خلال مرسوم الصفقات) لسلطة المشرع . 5) منح حق التعيين في المناصب العليا للحكومة إن المناصب العليا تلعب دورا مهما في التدبير المالي على اعتبار أنها المخولة فعليا من خلال التفويض (سواء كان تفويضا للإمضاء أو تفويضا للسلطة) أو مسؤولية إدارية كما ان هذه المناصب تحدد نوعية وكمية التدبير الحكومي والإداري و الذي لا يمكن أن يتم دون صرف الأموال العمومية، مما يقتضي أن يكون المسؤول الأول عن القطاع الحكومي له سلطة فعلية على الهيكلة الإدارية الموضوعة تحت سلطته وذلك لا يمكن أن يتم دون منحه صلاحية (التعيين، التنقيل، التأديب) وهو ما لا يمكن أن يتم تجسيده أمام حالات المعينين بظهير حيث تقتضي ممارسة حق التنقيل والتأديب، احترام مبدأ توازي الشكليات والاختصاصات والمساطر عند نقلهم وتأديبهم، ناهيك عن حق تعيينهم. إن تمكين الحكومة دستوريا من حق التعيين في المناصب العليا هو تجسيد فعلي لمضمون الفصل الواحد والستين من الدستور الذي ينص على « تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الأول و الإدارة موضوعة رهن تصرفها». إن وضع الإدارة تحت تصرف الحكومة لا يمكن أن يتم فعليا دون التنصيص على أن الحكومة تمتلك حق التعيين في المناصب العليا داخل الإدارة لتوضع كل مناصب الهيكلة الادارية تحت السلطة الرئاسية للحكومة(حتى لا تتعايش الادارة وتدبر من خلال رؤوس متعددة كما هو الحال حاليا). كما أن التعيين في المناصب العليا بالإدارة يجب أن يخضع لشرط المساواة أمام المنصب العمومي مما يقتضي اختيار الأكفأ، وباختيار الأكفأ نفعل عطاء المنصب العمومي، و عندما نفعل إجراءات اختيار الأكفأ ،نفعل عمليا صرف المال العام. 6) مبدأ «تقييم السياسات العمومية» دستوريا إن التنصيص دستوريا على مبدأ «تقييم السياسات العمومية» هو تجسيد فعلي لحسن تدبير الأموال العمومية من خلال اعتماد آليات فعالة تمكن من إجراء الخبرة و التقييم، اعتمادا على آليات تعتمد على مؤشرات فعلية لقياس نجاعة وفعالية السياسات العمومية التي مازالت تقدم للبرلمان عبارة عن مطالب برصد اعتمادات كمية في غياب أية مؤشرات تعتمد على دراسات صحيحة وصدقية ومرقمة لنجاعة وفعالية وصحة هذه السياسات العمومية لتمكين البرلمان عند إقراره للاعتمادات من الاعتماد على آليات واضحة تمكنه من منح الموافقة أو الرفض، وفي حالة الموافقة، تمكن البرلمان بعد ذلك من إمكانية قياس مدى تأثير هذه السياسات على الحياة الفعلية لدافعي الضرائب، و تمكينه في نهاية المطاف من محاسبة الحكومة أو المؤسسات العمومية على الإقرار والتنفيذ والنتائج لجعلهم يتحملون مسؤولية سياساتهم ومحاسبتهم على نتائج هذه السياسات. 7) المجلس الأعلى للحسابات يساعد البرلمان في مراقبة السياسة الحكومية إن المجلس الأعلى للحسابات يساعد البرلمان والحكومة في مراقبة وتنفيذ قوانين المالية، كما يساعد في تقييم السياسات الحكومية. إن خلق المجلس الأعلى للحسابات ودسترته بعد حوالي عشرين سنة من إنشائه، يعتبر ناقصا إذا لم يكن هذا المجلس قادرا فعليا على مساعدة البرلمان متى طلب منه ذلك، والتنصيص على ذلك دستوريا لإجبار المجلس من خلال القانون الذي يجب أن يحترم المشروعية الممثلة في المقتضيات الدستورية حتى لا يتم تحديد قاس لإجراءات المساعدة التي يقوم بها المجلس في إطار مساعدته للحكومة. ويرفض بالتالي المجلس باقي الطلبات غير المنصوص عليها في القانون كما نص على ذلك الفصل السابع والتسعون من الدستور. إن المجلس يتشبث بمبدأ الاستقلالية لرفض طلبات تدخل في صلب اختصاصه الرقابي رغم أنه لا علاقة للاستقلالية بأداء المهام، ويكفي للاستدلال على ذلك الاطلاع على التجربة البلجيكية والاسبانية حيث يخضع فيهما المجلس الاعلى للحسابات لسلطة البرلمان. كما أن المجلس يجب أن يقدم كامل المساعدة للحكومة في القيام بعملها الرقابي لتنفيذ قوانين المالية، ومنها ضرورة تمثيل المجلس في لجنة الصفقات مثلا وقس على ذلك. 8) حق البرلمان في إنشاء لجن للمراقبة إذا كان الإصلاح الدستوري لسنة 1996 قد نص على حق البرلمان في تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع معينة حسب الفصل الثاني والاربعين من الدستور، فإنه يجب التنصيص كذلك ضمن هذا الفصل على أنه يمكن بطلب من أغلبية المجلسين تشكيل لجن للمراقبة، مما سيعطي فعليا للبرلمان باعتباره صاحب سلطة الترخيص البرلماني امتلاك كذلك حق المراقبة وخصوصا تشكيل لجن المراقبة في كيفية و نوعية الحكامة المالية المتبعة من طرف مستعملي الأموال العمومية. كما سيمكن إقرار هذا الحق دستوريا البرلمان من التنصيص في قوانينه الداخلية على تجسيد ممارسة هذا الحق، والذي سبق للمجلس الدستوري أن رفضه إبان ممارسة رقابته على دستورية القوانين الداخلية للبرلمان، حيث اعتبر المجلس الدستوري أن ممارسة هذا الحق غير منصوص عليه دستوريا، مما يقتضي التنصيص على حق تشكيل لجن المراقبة من طرف مجلسي البرلمان من أجل تفعيل دوره الرقابي وخصوصا على المال العام باعتباره صاحب الولاية الفعلية على المال العام. 9) حق جميع المواطنين في تلقي المعلومة إذا كان الفصل التاسع من الدستور المغربي قد نص على أن الدستور يضمن حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله والمستمدة كذلك من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن وخصوصا الفصل 10 و 11 منه، فإن هذا الحق يبقى منقوصا إذا لم يتم التنصيص صراحة على حق المواطن في تلقي المعلومة الواضحة والصحيحة والكافية. إقرار هذا الحق دستوريا سيسمح بخلق آليات تمكن المواطنين من حق معرفة كيف تصرف أموالهم (كميا ونوعيا)، وستمكنهم هذه المعلومة عند التوصل بها من ممارسة فعلية لحقهم في مراقبة استعمال الأموال العمومية، سواء كانت هذه الأموال أموال الدولة أو أموال المؤسسات العمومية أو أموال الجماعات المحلية أو أموال مخصصة للمصلحة العامة، وستمكن بالتالي من التوفر على الحجج الكفيلة بالمحاسبة السياسية والقانونية والقضائية. 10) حق المواطن في الاطلاع التقارير العامة للمجلس إن وجود المجلس الأعلى للحسابات وإنشاءه على حساب أموال دافعي الضرائب يعني حتميا أن هذا المجلس لا يستحق هذه الأموال إذا لم يكن المواطن غير قادر من خلال تقارير هذه المجلس على الاطلاع على كيفية صرف الأموال العمومية من خلال تقارير عامة حتى يمتلك هذا المواطن الحق في معرفة كيف تصرف أمواله. 11) حسابات الإدارات العامة دورية وتتمتع بالمصداقية وتعطي صورة ذات مصداقية عن نتائج تسييرها إن حماية المال العام تقتضي إلزام الإدارة العامة دستوريا حتى تتضمن قوانين أو مراسيم إنشائها هذا المبدأ و تحترمه من خلال التنصيص على ضرورة القيام دوريا وبشكل صحيح وصدقي بإعطاء النتائج التي تثبت كيفية ونوعية التسيير للأملاك و الأموال العامة. 12) التأكيد والتجسيد العملي للمشروعية المنبثقة من صناديق الاقتراع إن حماية المال العام الذي هو في حقيقة الأمر مال دافعي الضرائب يتطلب أن يكون البرلمان هو المسؤول الأول والوحيد عن شرعنة تدبير وصرف الأموال العمومية باعتباره يمثل دافعي الضرائب برغبتهم وإرادتهم المتجددة عبر صناديق الاقتراع، مما يعني أنه لحماية المال العام، يجب حتميا تجسيد المشروعية الديمقراطية الشعبية التي تبقى صاحبة الولاية المطلقة على المال العام حتى يتمكن دافعو الضرائب من محاسبته على كيفية صرف المال العام، وبالتالي طريقة الحكم و الإدارة من خلال صناديق الاقتراع، مما يتطلب حذف كل المقتضيات المخالفة الموجودة في الدستور الحالي. إن مسألة حماية المال العام الذي هو شرايين الحكم والإدارة، وسبب الانتفاضات والاحتجاجات لا يمكن أن يتحقق دون القيام بإصلاح دستوري حقيقي وفعلي، يجسد مبدأ المشروعية الديمقراطية المنبثقة من صناديق الاقتراع بالنسبة للحاكمين، لأن المال العام هو مال لا يستعمل إلا بعد الترخيص البرلماني وبالتالي موافقة نواب الأمة وممثلي دافعي الضرائب، كما أن المال العام لا يمكن أن يستعمل بشكل جيد إذا لم يكن هناك مساواة أمام المنصب العمومي ومساواة أمام الطلبية العمومية، والمال العام كذلك لا يمكن أن يرخص في استعماله و بالتالي منح قوة للمتصرفين في المال العام دون أن يتم خلق كذلك قوة مضادة متمثلة في أجهزة الرقابة المنصوص عليها قانونيا تراقب قبليا أو أثناء أو بعديا، كما تراقب عن طريق الوثائق وفي عين المكان، وبطرق حديثة وعلمية حتى يتأكد دافعو الضرائب أن موالهم في أياد أمينة. كما أن استعمال المال العام لا يمكن أن يتم دون أن يتم التنصيص على حق دافعي الضرائب ومن يمثلونهم في تلقي المعلومات الكاملة والواضحة والمدققة والصحيحة، وبشكل دوري عن كيفية صرف المال العام من خلال التنصيص على دورية إعطاء الحساب من طرف المال العام لكل متصرف في المال العام « الإدارات العمومية- المؤسسات العمومية-الجماعات المحلية»، حتى تتجسد فعليا الشفافية وحق الاطلاع على كيفية صرف المال العام. هذه الشروط لا يمكن تجسيدها في النصوص القانونية إذا لم تكن مجسدة كقواعد دستورية في الدستور القادم حتى يتم إلزام المشرع التنظيمي والمشرع العادي بهذه القواعد، احتراما لمبدأ المشروعية. باحث في المالية العامة