قضية للرأي العام ولكل من يهمة الأمر (راصد) تتساءل من هو المسؤول عن معاناة هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين؟؟ وأين دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" من ذلك ؟؟ ثريا زعيتر - اللواء - صيدا الصور نقلاً عن موقع القضية: سجى وصفا ومروة: ثلاثة توائم فلسطينيين من مخيم عين الحلوة يُعانين مرض التوحُّد منذ ولادتهن، يعشن على هامش الحياة دون أحلام الطفولة، يكبرن عاماً بعد آخر وتكبر معهن معاناتهن ككرة الثلج، في ظل الفاقة والفقر المدقع الذي تعيشه عائلتهن والتي تمنعها من تأمين العلاج اللازم، إذ بالكاد تحصل على قوت يومها، فيما تغيب المؤسسات الإنسانية والإجتماعية والطبية، وقبلها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا المعنية برعاية شؤون اللاجئين عن الإهتمام بهذه الشريحة من البشر، لتتركهم يكابدن الألم وسط تساؤلات تزيد من غموض مستقبلهن إلى مرارة النكبة ولجوئهن·· التوحُّد هو إحدى حالات الإعاقة التي تحول دون إستيعاب للمعلومات وكيفية معالجتها، وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الطفل في كيفية الإتصال بمن حوله، وإضطرابات في إكتساب مهارات التعليم السلوكي والإجتماعي، ويعتبر هذا المرض من أكثر الأمراض التي تصيب الجهاز التطوري للطفل شيوعاً، ويظهر خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، ويستمر مدى الحياة، فيما يحتاج المصابون به إلى رعاية إستثنائية كي يتمكنوا جزئياً من الإندماج في العائلة والمجتمع·· لواء صيدا والجنوب إستعرض مرض التوحد الذي يُشكل معاناة للكثير من العائلات التي تترنح تحت وطأته، حيث تجسّد عائلة الفلسطيني إحسان بدر الحسن في مخيم عين الحلوة نموذجاً صارخاً لهذا المرض، لتضاعف من مصيبته بالتوائم الثلاثة·· التوحد: كابوس يومي يُشكل مرض التوحُّد كابوساً يومياً لمئات العائلات الفلسطينية في لبنان، يقض مضاجعها، ويؤرق حياتها، وقد تضافرت أسباب عديدة لتفاقمه، وأبرزها غياب المؤسسات الخاصة لرعاية هذه الشريحة من الناس، وعدم تخصيص وكالة الأونروا برنامجاً علاجياً ورعائياً، فهذا المرض يؤثر على النمو الطبيعي للمخ في مجال الحياة الإجتماعية ومهارات التواصل، وعادة ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالتوحد صعوبات في مجال التواصل غير اللفظي، والتفاعل الإجتماعي، وكذلك صعوبات في الأنشطة الترفيهية، حيث تؤدي الإصابة بالتوحد إلى صعوبة في التواصل مع الآخرين وفي الإرتباط بالعالم الخارجي، ويُمكن أن يُظهر المصابون بهذا الإضطراب سلوكاً متكرراً بصورة غير طبيعية، كأن يرفرفوا بأيديهم بشكل متكرر، أو أن يهزوا جسمهم بشكل متكرر، كما يُمكن أن يظهروا ردوداً غير معتادة عند تعاملهم مع الناس، أو أن يرتبطوا ببعض الأشياء بصورة غير طبيعية، كأن يلعب الطفل بسيارة معينة بشكل متكرر وبصورة غير طبيعية، دون محاولة التغيير إلى سيارة أو لعبة أخرى مثلاً، مع وجود مقاومة لمحاولة التغيير وفي بعض الحالات، قد يظهر الطفل سلوكاً عدوانياً تجاه الغير، أو تجاه الذات· معاناة ثلاثة توائم فداخل أحد أحياء مخيم عين الحلوة الفقيرة، التي تتلاصق منازلها بعضها بالبعض الآخر، والتي لا تدخل إليها أشعة الشمس، يعيش هذا المرض في تفاصيل حياة عائلة إحسان بدر الحسن، الذي ارتبط بإبنة عمته فاطمة عدنان الحسن منذ 19 عاماً، فأنجبا 7 بنات، الأربع الأوائل، هن: مريم، نور، زهراء وكوثر، يعشن حياة طبيعية، فيما التوائم الثلاثة الأخريات: سجى، صفا ومروة، اللواتي أبصرن النور قبل 9 سنوات يعانين من مرض التوحد· وتروي فاطمة بتأثر وحسرة بداية الحكاية مع الولادة وكيف تحوّلت من نعمة إلى نقمة، فتقول: حملت بالتوائم الثلاثة، ولكن المخاض جاءني قبل الموعد المحدد، فأنجبتهم في العام 2002 قبل أوانهم في إحدى مستشفيات صيدا، وكان يتوجب أن يأخذوا حقنة معينة كي يكون النمّو طبيعياً، ولكن التقصير والإهمال حوّل حياتهن إلى عذاب، قبل أن اكتشف بعد 3 سنوات مرضهم، وأدخل في دوامة المعاناة والعذاب معهن· الفقر والحقيقة المرّة وقد تفاقمت معاناة فاطمة بسبب الفقر وعدم وجود ما يكفي من مال لعلاجهن ورعايتهن، إذ يبيع الوالد بدر في كشك صغير داخل إحدى مدارس الأونروا في المخيم، بعدما حملته النكبة شاباً إلى إحدى الدول العربية للعمل فيها قبل أن يعود أدراجه خالي الوفاض، فإشترى حافلة للعمل عليها بالأجرة كي يستطيع أن يُعيل أسرته ويؤمن جانباً من نفقات العلاج في ظل الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الصعبة، والغلاء وإرتفاع الأسعار، ولكن الرزقة قليلة والعمل غير دائم· وتقول الوالدة فاطمة، وهي دامعة العين: المال أساس العلاج، ونحن لا نملك منه شيئاً، لقد إنقلبت حياتي رأساً على عقب وأنا أرى المشكلة تكبر كل يوم دون أن أتمكن من فعل شيء، كنّ لا يهدأن في النهار، ولا ينمن في الليل، وإستيعابهن بطيء جداً، ويفضلن الإنزواء والبقاء وحدهن، على عكس شقيقاتهن، فقررت أن أعرضهن على أحد الأطباء، الذي صارحني بالحقيقة المرّة، قائلاً: الله يعينك· ومن هنا انقلبت حياتي ولم أعد أعرف طعم الراحة والنوم· رحلة العلاج·· وثورة ومع إكتشاف المرض وتقبّل الصدمة تسليماً بقضاء الله وقدره، بدأت فاطمة رحلتها مع العلاج وكانت صدمتها بغياب المؤسسات ذات الإختصاص أكبر فاجعة، حيث تؤكد: لقد طرقت أبواب المؤسسات الفلسطينية، والجواب كان يأتي دائماً لا مجال لرعاية مثل هذه الحالات، فهي تحتاج إلى إخصائيين وإمكانيات لا طاقة لنا بها·· فقررت الثورة على الواقع والإعتماد على نفسي، إطلعت من التلفاز والإنترنت على تفاصيل هذا المرض، وكيفية الإهتمام بالمصابين به، قرأت عنه في الصحف والمجلات، وشاركت في ندوات للتوعية، إلى أن كوّنت فكرة متكاملة وبدأت رحلة العلاج· داخل المنزل تتحول فاطمة إلى والدة ومعلمة ومربية في آن، وهي تعلم بناتها ما سيساعدهن على مواجهة ظروف الحياة، تقول بثقة: تمكنت من السير خطوة في مسيرة ألف ميل في رحلة العلاج، ولكنها غير كافية بالتأكيد، بدأت أهتم بهن شخصياً وأعلمهن التواصل وأسماء الأشياء، كنت عندما أطبخ أو أحمل أي غرض في المنزل أذكر إسمه أمامهن كي يحفظنه، قررت أن لا يغبن عن ناظري كي لا يؤذين أنفسهن على حين غرّة، وأصبحت ألازمهن كظلهن الدائم، إلى أن توجهت بهم إلى مؤسسة غسان كنفاني، حيث تلقين جانباً من الإهتمام والرعاية، ومن ثم توجهت بهن إلى إحدى المؤسسات التي تهتم بهذه الشريحة في وادي الزينة وقد إستفدن منها، الآن هن هادئات أكثر، ينمن في الليل ويقتربن من شقيقاتهن ويلعبن ولكنهن ما زلن دائمات الحركة لا يستكن، لقد وضعت نصب عيني أن أدمجهن في العائلة أولاً ثم مع الأطفال من جيلهن، ثم المجتمع إذا كبرن· عتب ومصير مهدد! ووصفت فاطمة المرض بأنه مشكلة إنسانية وإجتماعية معقدة، تُضاف إلى معاناة اللجوء جراء النكبة، لا يُمكن التخلص منها في الوقت القريب، وباتت تؤرق المجتمع الفلسطيني بسبب غياب المؤسسات الرعائية التي تولي مثل هذه الحالات الإهتمام، حيث يجب على مؤسسات المجتمع الفلسطيني أن تضع في سلم أولوياتها هذا المطلب المحق لمرض يهدد مصير الأطفال· ولم تخفِ فاطمة عتبها أيضاً على وكالة الأونروا المعنية برعاية شؤون اللاجئين في المخيمات، فتؤكد أن خدماتها لا تلحظ هذه الشريحة بشكل أساسي، علماً أن هناك المئات من الأطفال الذين يحتاجون إلى الحضن الدافىء والرعاية والإهتمام، ورغم ذلك نقول الحمد لله نحن راضون بقضاء الله وقدره، ولكن ما يحزننا أن مصير هذه الحالات يكون عادة الضياع في ظل عدم الإهتمام الكافي، بيد أنني قررت الإنقلاب على الواقع الصعب وتحديه، فسعيت إلى الإعتماد على نفسي لاعادة تدريبهن ودمجهن، ولكن يداً واحدة لا تصفق، أشعر باليأس والإحباط حيناً وبالتعب حيناً آخر، ولكن إرادتي قوية، وأتمنى أن أواصل هذا العمل الجبار كي أرى فلذات كبدي من جديد يعشن حياتهن وسط شقيقاتهن وأترابهن· إحصائية وأرقام أظهر المسح الميداني الذي أجرته الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع وكالة الأونروا، أن الوضع الصحي للاجئين مزر، إذ ان هناك ما نسبة 72% من العائلات تُعاني من إصابة أحد أفرادها بمرض مزمن أو أكثر، ونسبة 15% منها إعاقة واحدة على الأقل، ونسبة 41% نوع من الكآبة المزمنة· وتبلغ نسبة المصابين بمرض مزمن من اللاجئين 31% - أي حوالى ضعف الرقم اللبناني الذي يبلغ 17%·· وإلى ضغط الدم، سجّلت الدراسة إنتشار أمراض مزمنة كالكولستيرول، وآلام الصدر، وأمراض القلب، والجلطات، وفقر الدم، والبروستات، والسرطان، وترقق العظام، وأمراض الكلى، والتلاسيميا، والتوحد، إلى أمراض عصبية أخرى وتعاني نسبة 4% من الفلسطينيين المقيمين في لبنان من إعاقات، مقابل نسبة 2% في الحالة اللبنانية، وتبّين أن ما نسبته 19% من الإعاقات سببها الحرب، و20% سببها حوادث، و30% إعاقات منذ الولادة· السؤال من الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد)...... بعد ما ورد أعلاه من تقرير أعد بتقنية رائدة وموضوعية من الزملاء ثريا زعيتر"جريدة اللواء اللبنانية - صيدا" ووثق بصور محمد دهشة "موقع القضية الإلكتروني" الذين نظروا لمعاناة هؤلاء اللاجئين بعين الحقيقة لنشر معاناتهم وإيصال صوتهم بقوة ترن لها الأذان الإنسانية في ظل النوم والسبات العميق الذي أصاب المسؤولين السياسيين الفلسطينيين في لبنان والمسؤولين المعنيين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين"الأنروا" . ومن هنا. إن الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) تتساءل من هو المسؤول عن معاناة هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين؟؟ ... وأين دور وواجب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" من ذلك ؟؟ . وقد صدق القول إن لم تستحي فإفعل ما شئت وكل التحية والتقدير للواء والقضية وكل من يساهم في تسليط الضوء عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.