بتنظيم من المديرية الجهوية لوزارة الثقافة بوجدة, افتتح يومه الثلاثاء 15 /06/2010 المبدع والفنان الشاب «محمد ربيع قدوري» معرضه الفني الأول وذلك برواق الفنون الكائن بشارع المغربي ويستمر العرض إلى غاية 22/06/.2010 . وتجدر الإشارة إلى هذا الفن الذي يقدمه الشاب «محمد ربيع قدوري» يطلق عليه اسم «الانطارسا intarsia » ويكمن ترجمته -إلى حد بعيد- إلى مصطلح «الفسيفساء الخشبية» لاعتماده الأساسي -في مستوى الاشتغال- على مادة الخشب وذلك بتقطيعها إلى أجزاء صغيرة ودقيقة على حسب تصور الفنان للوحته, وهو عمل تتداخل فيه الدقة والمهارة والفنية خاصة عند مرحلة تجميع القطع الصغيرة والتي غالبا ما تكون من خامات مختلفة الشكل واللون وحتى النوع في أحيان أخرى, ثم إلصاقها على سطح خشبي مع اضهار »أبعادها الثلاثية «3D -تمييزا لهذا الفن عن فنون أخرى مشابهة خاصة فن المركتريmarqueterie -, لتأتي بعدها مرحلة غاية في الجمالية والتي يتقنها الفنان نفسه وهي مرحلة تلوين هذه القطع .فخلافا لفناني التشكيل الذين يعتمدون على الصباغة بمختلف ألوانها, فان هذا الفنان يعتمد على صباغة واحدة تستعمل للخشب أو ما يصطلح عليه بالفرنسية ب Teinte a bois . الملاحظة الأساسية هي : رغم أن مادة الصباغة واحدة إلا أنها تعطي ألوانا متعددة على حسب درجة تركيزها وخلطها فتتراوح بين اللون الغامق إلى الأقل غمقا إلى اللون الفاتح ويكتمل هذا الرونق عند التحامها بالقطع الخشبية خاصة حين تبرز خطوطها وتمايلاتها الفنية التي هي من صميم وجوهر مادة الخشب . فالانطارسيا إذن هي فن قديم متجدد :قديم من ناحية ظهوره في الحضارات الإنسانية القديمة كالحضارة الرومانية والحضارة المصرية القديمة, ومتجدد من حيث استحضاره من طرف هذا الفنان واتخاذه كطريقة تعبيرية جديدة تلخص أحلامه وأفكاره وطموحاته.. وذلك بإخراج هذا الفن من مجرد شكل تزييني إلى شكل تعبيري عبر لوحات مستقلة تحمل كل لوحة عنوانا خاصا بها, ولاشك أن السيد "محمد ربيع قدوري" قد تفوق في هذا الأمر بشكل كبير إذ استطاع أن يلخص بعضا من أحلامه الطفولية وولعه الشديد بجمالية الطبيعة وكل زائر للمعرض لا شك انه سيقف على هذا التنوع التشكيلي الطبيعي " ورود ..طيور.. وخيول.. أطفال..".ولا يقتصر الأمر عند هذا الجانب فقط بل يمتد إلى ما هو رمزي فكري بطولي تلخصه تلك البورتريهات لشخصيات طبعت التاريخ المغربي والعربي وحتى العالمي : لوحات لرموز من أمثال تشي غيفارا ,محمد بن عبد الكريم الخطابي, ياسر عرفات ,محمد الخامس.. هذا دون أن ننسى اللوحة /الموقف للشهيد محمد الدرة وبجانبها رسم للقدس الشريف التي يرفع من خلالها الفنان شعار التضامن مع القضية الفلسيطينة , وعلى سبيل الختم,يمكن القول انه إذا كان المبدع محمد ربيع قدوري لم يحدد له مدرسة تشكيلية معينة إلا انه قد حدد لنفسه مسارا فنيا معينا يضع عليه خطوته الأولى ثابتة انطلاقا من عاملين اثنين :أولاهما احتكاكه بالرسم منذ طفولته وولعه بكل ما هو جمالي طبيعي أصيل ثانيهما هي معرفته الدقيقة بمادة الخشب والتي استطاع أن يوظفها بالشكل الذي يعبر به عن تصوراته ويعرف به عن نفسه وقدومه إلى مجال التشكيل كاسم سيكون له شأن كبير مع تراكم التجارب والبحث والاطلاع ...