شهدت المنطقة أنشطة سياسية وأمنية مكثفة في الأيام القليلة التي سبقت وصول أسطول الحرية إلى المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط في طريقها إلى ميناء غزة، وقد شاركت الإدارة الأمريكية في هذه الأنشطة، ما يؤكد تورطها في التخطيط للمجزرة، وأن أهداف المجزرة أبعد بكثير من منع أسطول الحرية من إكمال مسيرته. اتخذت تلك الأنشطة بعداً إقليمياً، وبعداً عالمياً أيضاً، إذ لم تقتصر على اجتماعات بين مدير المخابرات العالمة لسلطة فتح ورئيس "الشاباك" "يوفال ديسكن"، وبين وزير المخابرات المصرية ووزير الحرب الصهيوني "ايهود باراك"، وبين رئيس المخابرات العامة الأردنية ورئيس "الموساد" "مئير داغان"، بل شملت أيضاً لقاءات سياسية وأمنية جمعت بين رئيس الموظفين في البيت الأبيض "رام ايمانويل"، وبين مسئولين سياسيين وأمنيين وعسكريين في الحكومة الصهيونية، ما يؤكد تورط إدارة "أوباما" في التخطيط للمجزرة الصهيونية، وأن المقصود بها يتجاوز أهدافها المعلنة. فحجم الإعداد الكبير للمجزرة الصهيونية، بتنسيق (...و...) كما أفاد موقع "فلسطين الآن"، الذي حصل على صورة لتقرير ورد عن مصدر أمني لم يذكر اسمه، وطبيعة المجزرة التي ارتكبها الجنود الصهاينة ضد المتضامنين الذين كانوا على متن سفينة مرمرة التركية، ومشاركة إدارة "أوباما" في التخطيط لها، وعلمها بنتائجها الدموية، يؤكد أن الهدف من هذه الجريمة هو إشعال انتفاضة في الداخل الفلسطيني المحتل، ما يوفر ذريعة للحكومة الصهيونية لاتخاذ إجراءات عنصرية وعدوانية واسعة ضد فلسطينيي الداخل، خاصة أن خطة الهجوم كان في مقدمة أهدافها اغتيال رئيس الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح. وقد أعلنت الحكومة الصهيونية بعد المجزية مباشرة عن إصابة الشيخ صلاح بجروح خطيرة، تمهيداً للإعلان عن استشهاده، وبدأت تهيئ الأجواء لمواجهة محتملة مع الفلسطينيين، ثم تبين بعد ذلك أن الجنود الصهاينة قتلوا شبيهاً به، ونجا الشيخ صلاح، وفشل جزء من المخطط الصهيوني. ومن أهداف المجزرة أيضاً التصعيد العسكري في المنطقة، واضطرار غزة إلى شن هجمات صاروخية انتقامية ضد المغتصبات الصهيونية، ما يوفر ذرائع للعدو الصهيوني لتوجيه ضربة عسكرية كبيرة لغزة. ولكن حجم التضامن الشعبي والرسمي العالمي مع أسطول الحرية كان كبيراً، وكانت الإدانة العالمية للكيان الصهيوني على المجزرة التي ارتكبها كبيرة، وخاصة ردة الفعل التركية، فهدأت غزة رغم عمق جراحها، وخاصة بعد التأكد من نجاة الشيخ صلاح، فمنحت غزة التفاعل الدولي مع الجريمة الصهيونية فرصة حتى يؤتي ثماره الطيبة، وحتى يُفضح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، اللتان أكدتا بعد مجزرة مرمرة دعمهما المتواصل للكيان الصهيوني. وهكذا فشل المخطط الصهيوني، ووقع الكيان الصهيوني في شر أعماله، وتلقى ضربة خطيرة من تركيا ومن الرأي العام العالمي، ما عمق أزمة العلاقات الدولية التي يعاني منها. وكما أكد البروفيسور "ميشيل شوسودوفسكي"، استاذ الاقتصاد في جامعة أتاوا بكندا، حول هذا الموضوع، فإن هذه الجريمة هي من النوع الذي تقوم به الأجهزة الأمنية الصهيونية ضد المدنيين بدعم ضمني من الإدارة الأمريكية، والتي استخدمها "أرئيل شارون" من قبل، للتصعيد في المنطقة، والانتقام من الفلسطينيين، واتخاذ إجراءات عنصرية عدوانية ضدهم. كما أن "داغان" كان يعمل جنباً إلى جنب مع "شارون" عندما ارتكب مذبحة ضد الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت عام 1982. وتجدر الإشارة إلى أن "رام ايمانويل"، الذي يحمل جنسية (إسرائيلية) وجنسية أمريكية، والذي تطلق عليه صحيفة "معاريف" العبرية "رجلنا في البيت الأبيض"، والذي خدم في الجيش الصهيوني أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991، عقد عدة اجتماعات مغلقة مع رئيس الحكومة الصهيونية "بنيامين نتنياهو"، وقام بزيارة خاصة لرئيس الكيان الصهيوني "شيمون بيريز"، وقابل رئيس الموساد "مئير داغان" وغيره من الشخصيات الأمنية والعسكرية رفيعة المستوى في الكيان الصهيوني. وأكدت الصحف العبرية أن "رام ايمانويل" التقى "إيهود باراك" قبيل المجزرة بأيام، الذي كان مسئولاً عن الإشراف على الهجوم على السفينة. أما بالنسبة لطبيعة المجزرة، فقد أكد شهود عيان، ومشاهد مصورة لأحداث المجزرة، شاهدها ملايين الناس، أن الجنود الصهاينة قتلوا المتضامنين بهدف القتل، وقتلوا حتى من استسلم لهم، وقتلوا من مسافة تقل عن نصف متر مصابين لا يقوون على الحركة. وصادروا أجهزة الصحفيين للاتصالات وتسجيل الصوت والصورة، لإخفاء الجريمة عن الرأي العام. كل ذلك يؤكد ليس فقط تورط الإدارة الأمريكية في التخطيط للمجزرة، بل أيضاً نية الكيان الصهيوني التصعيد وضرب غزة، بالتنسيق مع بعض (...)..