"وبالنظر لكونها وسيلة لتعلُم المشاركة المواطنة وممارستها،وورشاً محورياً لالتقاء السياسات والبرامج العمومية وتناسقها،فإن المبادرة قد شكَّلت في حد ذاتها قَطيعة،مع أنماط التفكير والطرق التقليدية لتدبير الشأن العام" مقتطف من الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة ترؤس جلالته افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة يوم 13 أكتوبر 2006. مرتكزات وحصيلة ومكتسبات المرحلة الأولى 2005-2010 وتقديم أرضية المرحلة الثانية 2011-2015 في إطار تفعيل إجراءات المواكبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الصعيد المحلي من خلال التواصل والتتبع والتقييم التشاركي،في اطار التهيئ للمرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتتنمية البشرية،ترأس والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنكاد محمد مهيدية بفضاء تكوين وتنشيط النسيج الجمعوي بوجدة،لقاء تشاوريا تضمن ورشات حول تحسين وتقوية برامج المبادرة وتعزيز حكامتها.لقاء تشاوري أكد الوالي مهيدية على أنه ينظم من أجل أن وقفة تأمل،والاستقصاء الجماعي للحالة الراهنة لمختلف الدعامات الأساسية للمبادرة كي يتم الوقوف على نقط القوة والمكتسبات المحققة من جهة،إضافة إلى المحاور التي ينبغي تقويمها وتقويتها من جهة أخرى حتى يتم الرقي بمستوى أداء برامج المبادرة والتحسين من وقعها على الفئات المستهدفة.فغير خاف مدى أهمية مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تطوير التصورات المتعلقة بمحاربة الفقر والإقصاء والتهميش ودعم مسلسل الحكامة المحلية.إلا أن تفعيل برامجها لازال يعتَريه بعض المعوِّقات التي ينبغي أن التصدي الجماعي لها من خلال العمليات التصحيحية وتعميق النقاش والحوار حول كيفيات تحسين برامج المبادرة وتيسير الولوج إلى الكفاءات الاجتماعية. الأسس والمرتكزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتمحور حول أربعة عناصر هي قيم ومبادئ ومنهجية وعمليات وكيفيات. قيم ومبادئ (الكرامة؛الثقة؛المشاركة؛الاستمرارية؛الحكامة الجيدة) في صميم العملية ومبادئ (القرب؛ التشاور؛الشراكة؛التعاقد؛الشفافية)،وهي كذلك منهجية تتوخى القرب والفعالية والتخطيط المندمج مستهدفة التدبيراللامتمركز،ومقاربتها تشاركية لتحقيق الالتقائية والتناغم. وعمليات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أكثر ارتباطا بالإنسان،فهي تمنح قدرات مالية إضافية من أجل دعم أربعة أنواع من العمليات التي تهم التنمية البشرية (الولوج إلى التجهيزات والخدمات الاجتماعية الأساسية،دعم الأنشطة المدرة للدخل،التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي والديني،تعزيز الحكامة وتقوية القدرات المحلية). المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كيفيات خلاقة للعمل الترابي وميكانيزمات تستشرف إدارة الغد،من دور محوري لأجهزة الحكامة على الصعيد الترابي،وتدبير تعاقدي موجه نحو النتائج،وآليات مرنة وسلسة،والتتبع والتقييم،والمراقبة والإفتحاص. مرتكزات المرحلة الأولى 2005-2010 ضمت المرحلة الأولى للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المرحلة الأولى أربعة برامج أولية (برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي،برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري،برنامج محاربة الهشاشة،البرنامج الأفقي،برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي)،واستهدفت المرحلة الأولى على الصعيد الوطني 403 جماعة قروية من ضمن الجماعات الأكثر فقراً. وعلى الصعيد الإقليميلوجدة أنجاد عرفت المرحلة الأولى استهداف جماعتي مستفركي وسيدي بولنوار باعتماد معدل الفقر 30 بالمائة.وأهداف المرحلة الأولى تلخصت في تحسين مؤشر التنمية البشرية بالوسط القروي،ةتقليص نسبة الفقر داخل الجماعات الأكثر فقرا. أما برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري،والهادف لتحقيق الإدماج السوسيواقتصادي وتقوية التلاحم والتضامن الاجتماعي وتحسين ظروف عيش الساكنة،استهدف على الصعيد الوطني في مرحلته الأولى 264 حي ضمن الأحياء الأقل حظوة بالمدن الكبرى. وعلى الصعيد الإقليمي عرفت استهداف عشرة أحياء مدارية بالجماعة الحضرية لوجدة (النور-النهضة-امباصو-الزغاميم-سيدي يحيى-سيدي امعافة-السمارة-الأمل-الجرف الأخضر-الدرافيف).والمستهدفون من البرنامج الذي يرمي إلى تقديم الدعم لفائدة السكان في وضعية هشاشة،والتكفل بالشرائح ال المستهدفة في مراكز متخصصة،والسعي الى الادماج الاجتماعي والاقتصادي للفئات المستهدفة،هم الأشخاص الذين يعانون من الهشاشة القصوى،بالإضافة إلى الأشخاص المتكفل بهم على صعيد البنيات العمومية والجمعوية المنتمين إلى الفئات ذات الأسبقية،كالشباب دون مأوى وأطفال الشوارع،والسجناء السابقون بدون مورد،والأطفال المتخلى عنهم،والمتخلفون عقليا بدون مآوى،والنساء في وضعية هشاشة،والمعاقون بدون مورد،والمتسولون والمشردون،والأشخاص المسنون المحتاجون. البرنامج الأفقي برنامج وطني للعمليات ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية على صعيد كافة الجماعت القروية والحضرية غير المستهدفة،وذلك من خلال اقتراح مشاريع تعزيز الهندسة الاجتماعية كإحداث مرصد للتنمية البشرية والخبرة وتعميم التجربة ونظام للمعلومات والاتصال.ودعم أربعة أنواع من العمليات،كدعم الولوج إلى التجهيزات والخدمات الاجتماعية الأساسية،والأنشطة المدرة للدخل،والتنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي والديني،وتعزيز الحكامة وتقوية القدرات المحلية. حصيلة ومكتسبات المبادرة 2005-2010 تم استهداف أزيد من 70 ألف مستفيدا،وإنجاز 262 مشروعاً،وخلق 50 نشاط مدر للدخل،وتعبئة 97 جمعية وتعاونية،واستثمار يقدر ب 303,9 مليون درهم،مساهمة المبادرة وصلت ل 172 مليون درهم،ومعدل الرافعة 43 بالمائة،وبلغت نسبة إنجازها مائة بالمائة. كما تم خلق دينامية متجددة لدى الفاعلين العموميين والهيئات المنتخبة والنسيج الجمعوي والتعاوني،وترسيخ التخطيط الترابي،وتعزيز وضعية المرأة والشباب وترسيخ مقاربة إدماج النوع في التنمية،وتعزيز الثقة والكرامة لدى الفئات المستهدفة،والتزام وانخراط الإدارة في ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية،والتعبئة المباشرة للفاعلين المحليين داخل أجهزة الحكامة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية،وإشراك قوي وفعال لفعاليات المجتمع المدني،وتملك المشاريع المنجزة من طرف المستفيدين،وترسيخ ثقافة الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة،والمساهمة في تقليص معدلات الفقر والإقصاء الاجتماعي،وانخراط فعال وجاد للهيئات المنتخبة. تقديم أرضية المرحلة الثانية 2011-2015 محاور التقوية في أرضية المرحلة الثانية 2011-2015 هي مواصلة تعزيز المراقبة وتقييم وقع المشاريع،وخلق انسجام شامل بين مختلف البرامج القطاعية ومخططات التنمية الجماعية مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية،والتركيز على المشاريع الصغرى المدرة للدخل والمتيحة للشغل،والسهر على استمرارية المشاريع،وتقوية التعبئة الاجتماعية،تقوية مشاركة النساء والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة في أجهزة الحكامة،خلق آلية جديدة لتسريع التنمية في بعض المناطق الجبلية و صعبة الولوج. والخطوط العريضة للأرضية هي أن البرنامج الطموح للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يرمي لمرحلة 2011-2015 إلى تقوية وترسيخ فلسفة المبادرة،وتوسيع قاعدة المستفيدين،والحفاظ على البرامج الأربعة المعتمدة في المرحلة الأولى،إضافة برنامج خامس يتعلق ب"التأهيل الترابي" يعتمد المقاربة التشاركية في برمجة وإنجاز المشاريع. وبرنامج محاربة الفقر بالوسط القروي الهادف للحفاظ على استمرارية الدينامية الاجتماعية للمبادرة،وعدم ولوج الساكنة القروية للخدمات والتجهيزات الأساسية وتحسين مستوى عيشها،غلافه لمالي الإجمالي يقدر ب 13 مليون درهم لفائدة ثلاث جماعات قروية مستهدفة بعمالة إقليموجدة أنجاد،حيث سيتم استهداف الجماعة القروية لعين الصفا باعتماد معدل الفقر يفوق أو يساوي 14 بالمائة وتمويل إجمالي يقدر ب 6 ملايين درهم.ومواكبة الجماعات القروية المستهدفة خلال المرحلة الأولى بتمويل تناسبي،كالجماعة القروية لمستفركي (4 ملايين درهم) اعتماد معدل الفقر يفوق أو يساوي 20 بالمائة.والجماعة القروية لسيدي بولنوار (ملايين درهم) باعتماد معدل الفقر يتراوح بين 14 و 20 بالمائة. أما برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري والمقدر غلافه المالي ب90 مليون درهم لفائدة 15 حيا،فيستهدف توسيع الاستهداف الترابي لفائدة خمسة أحياء مدارية جديدة بالجماعة الحضرية لوجدة والتي يتراوح تعداد ساكنتها بين 20 ألف و مائة ألف نسمة بتمويل يقدر بثمانية ملايين درهم للحي،ومواكبة دعم الأحياء المستهدفة خلال المرحلة الأولى 2015 – 2011 بتمويل يقدر بخمسة ملايين درهم للحي.بهدف الحفاظ على استمرارية الدينامية الاجتماعية للمبادرة بالأحياء المستهدفة،ودعم ولوج الساكنة المستهدفة للخدمات والتجهيزات الأساسية،وتحسين مستوى عيش الفئات المستهدفة. مهيدية ومحاور التقوية من خلال تحليل التَّقْيِيمات التي شهدتها مختلف العمليات والمشاريع المنجزة في إطار المبادرة استخلص والي الجهة بعض محاور التقوية. أولا،الاستهداف،حيث ينبغي ملاءمة مختلف المشاريع والمبادرات المحلية مع متطلبات الاستهداف بهدف إعادة توجيهه الوجهة الصحيحة وتقويم مراميه من أجل ضمان فعالية أمثل في محاربة الفقر والإقصاء والهشاشة. ثانيا،الحكامة،يجب تعزيز مشاركة النساء والشباب داخل أجهزة الحكامة وخصوصاً بالوسط القروي،وتقوية دور اللجان المحلية وفرق التنشيط من حيث الانخراط الفعلي لمكوناتها وتملكها لمنهجية المبادرة بهدف ضمان جودة المبادرات المحلية المندمجة والتخطيط لها على مدى سنوات. ثالثا،الالتقائية،يشكل ضعف الالتقائية القطاعية عائقاً كبيراً بالنسبة لجميع الفاعلين المعنيين بالمبادرة الوطنية الشيء الذي يعيق جلب اعتمادات إضافية للمناطق المستهدفة ويجعل المبادرة تتحمل عبء التنمية لوحدها،وينبغي تحقيق انسجام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مع باقي البرامج القطاعية والبرامج الوطنية ومخططات التنمية الجماعية التي تستهدف الساكنة المعوزة،والسهر على حسن تنفيذ اتفاقيات الشراكة،فبعض الاتفاقيات التي تم إبرامها بهذا الصدد لم تكلّل بالنجاح،لأن الالتزامات لا يتم دائما احترامها ولا تطبيقها داخل الآجال المحددة. رابعا،الأنشطة المدرة للدخل،تعد من المحاور التي أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في غير ما مرة على ضرورة إعطائها الأولوية وتشجيعها والنهوض بها؛حيث تعاني العمليات المتعلقة بالأنشطة المدرة للدخل من العديد من الاختلالات أهمها أنها غير متنوعة وغير مبتكرة وغير مستدامة اقتصاديا،وغياب منطق المسالك والمسارات التجارية وعدم استغلال المؤهلات المجالية للجهة كالسياحة القروية وتثمين المنتوجات الطبيعية المحلية،وضعف قدرات التدبير لدى بعض التعاونيات والجمعيات وصعوبة تسويق المنتوجات الشيء الذي يهدد استمرارية المشاريع. خامسا،الاستمرارية والاستدامة،فتعتبر استدامة العديد من المشاريع هشة،وذلك لأسباب عديدة ومننوعة كعدم احترام الشركاء لإتفاقيات الشراك،وضعف انخراط الجماعات المحلية في تدبير بنيات الاستقبال،وغياب مساعدات التسيير،وضعف التأطير الملائم ومواكبة الجمعيات التي تشرف على تسيير بعض المراكز. سادسا،المجتمع المدني،هذا الأخير الذي يعد خزان مهم للمبادرات وذو قوة اقتراحية في دعم مسلسل التنمية المحلية،ينبغي الرفع من مستوى العمل الجمعوي وذلك بتشكيل أقطاب وشبكات جمعوية متخصصة في أفق خلق دينامية متجددة وتوحيد الجهود ودعم المشاركة الفعالة والناجعة. هذه بعض الملاحظات التي تمت مناقشتها في إطار الورشات التي شاركت في إغنائها بالمقترحات.ورشات ساهم كل من حضر اللقاء التشاوري الناجح في إثراء أشغالها التي تلت الجلسة العامة وبلورة مقترحات حول تفعيل برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي مافتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله يوليها عناية فائقة من خلال توجيهاته النيرة،حيث أكد جلالته في خطاب العرش الذي ألقاه على الأمة في 30 يوليوز 2013 على ضرورة [...اعتبار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ورشاً متطوراً باستمرار. إنه خارطة طريق، لرؤية تنموية، شاملة ومقدامة، لا تقتصر فقط، على الفئات الفقيرة والأسر المعوزة، وإنما تنفتح على كل الأوراش التنموية، الهادفة إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.] مؤكداً جلالته على [...ضرورة تقوية وتوسيع البرامج الحالية لهذه المبادرة، بآليات أخرى، تعطي الأولوية للمشاريع المدرة للدخل.].