فرنسا تؤكد دعم المغرب في التحديث الاقتصادي: علاقة باريس بالرباط والجزائر. شعبية هولاند في الحضيض. ذ.بوعلام غبشي بدعوة من الملك محمد السادس، يحل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يومي 3 و4 أبريل الجاري ضيفا على المغرب، في إطار زيارة دولة، الأولى من نوعها، يقوم بها إلى الرباط، منذ وصوله إلى الإليزيه. وسيكون برنامج الزيارة، بالإضافة إلى اللقاء الثنائي الذي سيجمعه مع الملك حافلا باللقاءات. سيستأثر التعاون الاقتصادي بين المغرب وفرنسا بحصة الأسد خلال هذه الزيارة، سيما أن باريس تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للرباط بنحو 8 مليارات أورو، وإن كان حجم هذا التعاون بين البلدين تم تجاوزه بنسبة طفيفة خلال 2012 من قبل نظيره المغربي- الإسباني، إلا أن ذلك، برأي الخبراء الاقتصاديين، لا يغير شيئا، متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وسيحل الرئيس الفرنسي بالعاصمة الاقتصادية، حيث سيجتمع مع الملك محمد السادس، قبل أن ينتقلا معا إلى مديونة لتدشين محطة لمعالجة المياه المستعملة من إنجاز شركة فرنسية، كما أنه يرتقب، أن توقع اتفاقيات بين البلدين، سيما بشأن تجديد الطاقة، وهو قطاع أصبحت توليه الرباط اهتماما خاصا، ولا ترغب باريس في أن تبقى على هامش هذه الدينامية المغربية بخصوص هذا القطاع. وسيتناول الرئيس الفرنسي مع الملك عددا من القضايا المرتبطة بالشأن الدولي بما فيها الوضع السوري، والحرب في مالي، والقضية الفلسطينية، إلا أن أبرز قضية ستحتل المحادثات الثنائية بين الجانبين هي قضية الصحراء، والتي ظل الموقف الفرنسي بشأنها واضحا رغم تغير الحكومات والرؤساء الفرنسيين، والداعم للطرح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي لمنطقة الصحراء. وسيتوجه فرانسوا هولاند بحضور محمد موساوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو من أصل مغربي، إلى مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، بغرض تأكيده على أهمية هذه الديانة في المجتمع الفرنسي، ولفتة منه نحو ما يعبر عنه البعض "بالإسلام المغربي" السني الوسطي والمعتدل. وسيقدم الرئيس الفرنسي كلمة بالبرلمان أمام ممثلي الشعب، من المرتقب أن يتطرق فيها إلى التعاطي المغربي مع "الربيع العربي" ونجاح الرباط في تخطي رجاته، كما سيؤكد على مصاحبة باريس لجهود المغرب في التحديث وبناء دولة الحق والقانون، وستكون مناسبة ليقدم فيها موقف بلاده من ما يجري في العالم العربي على خلفية انتفاضات الشارع. علاقة باريس بالرباط والجزائر يتجنب مقربون من الحكومة الفرنسية الحديث عن أن زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر قبل المغرب أنها كانت في إطار خلق نوع من التوازن في علاقة باريس بالبلدين. ويؤكد هؤلاء أن زيارة هولاند للجزائر لم يكن ممكنا أن تنتظر كل هذا الوقت، لأنها كانت في أدنى مستوياتها عندما تسلم هولاند السلطة، وكان الأمر يستدعي التحرك بشكل عاجل لترميم ما يمكن ترميمه في العلاقات بين البلدين. وكان الرئيس الفرنسي، استقبل الملك محمد السادس في قصر الإليزيه مباشرة، بعد فوزه في الرئاسيات، في لقاء الأول من نوعه بين قائدي البلدين، جدد فيه هولاند "تمسكه بالصداقة بين فرنسا والمغرب"، مشيرا في الوقت نفسه "إلى طابعها الاستثنائي بفضل الروابط العديدة بين البلدين والمجتمعين والإرادة المشتركة في إقامة فضاء أوربي متوسطي". وأشاد الرئيس الفرنسي، حينها في بيان ب"مسيرة الإصلاح الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي الجارية في المملكة"، كما أكد أن "فرنسا تقف إلى جانب المغرب في درب التحديث الاقتصادي وتعميق دولة القانون الذي اختاره". وعلق مراقبون على استقبال الإليزيه للملك محمد السادس في ذلك التوقيت بأنه إشارة واضحة إلى الدور الذي سيحظى به المغرب مستقبلا في علاقات الحكم الجديد في باريس بدول الجنوب، وبالتالي التعويل عليه، ليس فقط لأجل المزيد من تنمية أشكال الشراكة التجارية و الاقتصادية بين الجانبين، وإنما تطوير هذه الشراكة إلى مستويات أخرى تهم الشأن الديمقراطي والحقوقي ومحاربة الجريمة بجميع أصنافها. شعبية هولاند في الحضيض تشهد شعبية فرانسوا هولاندا تدهورا كبيرا، حيث أظهر استطلاع للرأي أن 51 بالمائة من الفرنسيين يرون أن هولاند "رئيس سيء للجمهورية"، مقابل 22 بالمائة فقط يعتبرونه "رئيسا جيدا للجمهورية"، فيما امتنع 27 بالمائة من المستطلعين عن إبداء رأيهم. وأجاب هولاند على أسئلة الصحافي، دافيد بوجاداس، في القناة الثانية الفرنسية أول أمس (الخميس)، في لقاء اعتبره المتتبعون للساحة الفرنسية محاولة من الرئيس الفرنسي إنعاش شعبيته، واختلفت الأغلبية اليسارية والمعارضة اليمينية في تقييم حصيلته، إذ رأى قياديون في اليمين أن الرئيس لم يجب على تخوفات الفرنسيين المتعلقة أساسا بالوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، إلا أن قياديي اليسار كان لهم رأي آخر بأن الرئيس وضح رؤيته إلى إصلاح البلاد، وأكد من جديد أنه لا يمكن محاسبته إلا عند نهاية ولايته. وحصل نوع من الإجماع بين المعسكرين السياسيين حول تعاطي هولاند مع الأزمة السورية، وما قام به كذلك في مالي ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة لضمان أمن واستقرار هذا البلد، وإن كان اليمين المعارض يتحدث عن هذا النجاح بصيغة غير مباشرة تفاديا منه، لأن يستثمر الرئيس الحالي ذلك في رفع شعبيته. وأوضح هولاند بخصوص مستقبل مالي أنه يرفض التدخل في اختيار الرئيس المقبل لهذا البلد، وأن "زمن اختيار فرنسا للرؤساء الأفارقة انتهى"، إلا أنه ألح على احترام الأجندة الانتخابية.