مجلس الحكومة يعفي استيراد الأبقار والأغنام من الضرائب والرسوم الجمركية    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان        إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط، اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله        ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة أمغالا بركة دم أحقاد الجزائر
نشر في الوجدية يوم 03 - 12 - 2009

رقيب شارك في حروب المغرب مع الجزائر:
لو أذن لنا الحسن الثاني
لدخل الجيش المغربي إلى تندوف.
الجنرال إدريس بنعمر
أسد حرب الرمال.
الكولونيل الدليمي
مهندس وحدات تمشيط الصحراء.
شريط أزمة الجزائر والمغرب
بين 1965 و1976
في شهادة لأحمد السنوسي
سفير المغرب سابقا بالأمم المتحدة:
كان بإمكاننا إذلال الجزائر بمنطقة حاسي بيضا.
إذا كانت حرب الرمال قد أظهرت الدروس الواجب استخلاصها من عثرات النشأة، فإن حرب أمغالا قادت إلى استخلاص الدروس من عثرات الثقة المبالغ فيها نحو الجزائر، خاصة وأن أمغالا تبعد عن الحدود الجزائرية بحوالي 380 كيلومترا. «الوطن الآن» نفضت الغبار عن الأرشيف العسكري وأعادت تركيب إحدى أهم إشراقات الجندي المغربي التي مازالت شبحا أسوء يطارد الجزائر. هذه الأخيرة التي بدأت مؤخرا تقرع الطبول وتشتري بنهم مختلف الأسلحة.
إذا كانت الحرب تقود ميكانيكيا إلى الدمار والقتل، فإن من مميزات حرب الرمال التي خاضتها القوات المسلحة الملكية ضد الجيش الوطني الجزائري عام 1963 وحرب أمغالا عام 1976، أنهما سمحتا للمغرب بصورة خاصة بتقويم أداء مؤسسته العسكرية بما يتلاءم ودورها في أن يبقى المغرب متربعا على عرش القوى الإقليمية بالمنطقة، خاصة وأن هاتين المعركتين (حرب الرمال وحرب أمغالا) هما المناسبتان اللتان تواجها فيهما الجيش المغربي مع خصمه الجزائري مباشرة، وتعرضت فيها الجزائر إلى نكسة صعب على الجيش الجزائري نسيانها - حسب المراقبين - بسبب خسارته الميدانية في الحرب الأولى وفي الحرب الثانية، وهي الخسارة التي لم يشفع فيها لا الدعم القوي الممنوح للجزائر من طرف الحلف الاشتراكي ومصر الناصرية عام 1963، ولا الأموال المتدفقة من تسويق الغاز والنفط عام 1976.
الدروس
ففي حرب الرمال، ورغم أن المغرب كان حديث العهد بالاستقلال شأنه شأن الجزائر، فإن تلك الحرب جعلت المغرب يستفيد من الدروس بتركيزه على تقوية خمسة مرتكزات عسكرية.
المرتكز الأول يرتبط بوجوب تأمين سرعة التدخل لكل وحدة عسكرية مغربية، بالنظر إلى قوة هذا العامل في إنقاذ الوحدات التي تتعرض لهجوم. أما المرتكز الثاني فانصب على تعزيز قدرات الجيش في ميدان الاتصالات، علما بأن المغرب آنذاك لم تكن فيه شبكة الاتصال قوية لإبراق كل معلومة وفي الحال لمختلف الوحدات. المرتكز الثالث تمحور حول تكوين فريق المظليين، لأن إمكانات المغرب الفتي آنذاك لم تسمح له بتكوين جيش محترف مائة في المائة (لا ننسى أن المغرب لم ينشئ البحرية الملكية إلا عام 1960). وبالتالي كانت الضرورة تدعو إلى وجوب خلق فرقة المظليين لما لهذه الفرق من دور عسكري حاسم في المعارك. إلا أن هذا الأمر يتطلب استحضار مرتكز رابع، ألا وهو إنشاء تشكيلات مصفحة تتميز حسب قول المرحوم الحسن الثاني بشخصية خاصة في المناورة والعراك معا. وخامس مرتكز استلهمه المغرب من حرب الرمال، هو إحداث مجموعات من القوة المختلطة مزودة بالوسائل القوية السريعة قادرة وحدها على العمل منفردة عن المجموعات الأخرى.
إلا أن هذه المرتكزات تبقى بدون روح ما لم تكن هي الأخرى مسنودة بسقف اجتماعي، حيث أفرزت حرب الرمال معطوبين وجرحى وأرامل، مما قاد الحسن الثاني آنذاك إلى إنشاء النواة الأولى للمصلحة الاجتماعية التي كلفها بمساعدة أسر العسكريين المصابين وتصفية المشكلات الاجتماعية للأرامل واليتامى.
وإذا كانت حرب الرمال قد أظهرت الدروس الواجب استخلاصها من عثرات النشأة، فإن حرب أمغالا قادت المغرب إلى استخلاص الدروس من عثرات الثقة المبالغ فيها نحو الجزائر، خاصة وأن أمغالا تبعد عن الحدود الجزائرية بحوالي 380 كيلومترا (A vol d'oiseau). فمعظم الضباط الكبار بالقوات المسلحة الملكية حاربوا في الفيتنام والهند الصينية وحاربوا في أوربا وفي الأراضي الغابوية وفي السهول ولم يتصارعوا في الصحراء الشاسعة المنبسطة، مما جعل الجيش المغربي أمام تكتيك جديد لم يسبق أن تمرن عليه من قبل، فضلا عن سياسة الألغام التي باشرتها الجزائر والبوليزاريو المدعومتين آنذاك من طرف ليبيا، الأمر الذي أيقظ الشرارة الأولى لإيجاد تكتيك مضاد لتأمين الحدود المغربية من جهة الجزائر، ومن جهة موريتانيا في ما بعد، فكان أن أثمر هذا المخاض عن التفكير الجنيني لبناء الجدار الأمني لتأمين التجمعات الحضرية والمنشآت الاقتصادية، وهو المخاض الذي قاد المرحوم الحسن الثاني في إحدى المناسبات عام 1980 إلى القول إن المغرب أصبح سيد الميدان عسكريا بالصحراء، وهي السنة التي كانت المنطلق الرئيسي لتعزيز المكاسب التي أدت إلى تحكم عسكري مغربي بالمطلق في الصحراء، توج بأن أعلنت ليبيا عام 1984 عن تخليها عن دعم البوليزاريو والجزائر في حرب الصحراء بعدما بدأ يتبين لها أن كل الأموال التي كانت تغدقها لإنهاك المغرب عسكريا لم تؤت بأي نتيجة، وقاد الجزائر في ما بعد إلى المطالبة بوقف إطلاق النار عام 1991 بعدما أغلقت القوات المسلحة الملكية باحكام كل المنافذ التي يمكن أن تتسرب منها الوحدات المعادية للمغرب، أكانت جزائرية أو تابعة للبوليزاريو. كما كان من حسنات حرب أمغالا تفطّن المغرب لوجوب تحسين أدائه الجوي لمراقبة شساعة الصحراء عبر اقتناء طائرات عسكرية جديدة، ليس لسحق الجزائر في حالة ما إذا هجمت مرة ثانية على المغرب، بل لاقتناء طائرات الاستطلاع والنقل لتأمين تنقل الجنود بسرعة والقيام بالمسح الجوي لتأمين مرور القوات البرية أو مطاردة جنود الجزائر والبوليزاريو. موازاة مع ذلك، تم إحداث مطارات عسكرية في العيون وإنزكان (ثم بالداخلة بعد استرجاعها عام 1979)، إذ كان لهذه المطارات أدوار هامة على المستوى اللوجستيكي والحربي، خاصة بعدما اتخذ قرار بجعل أكادير مقرا للقيادة الجنوبية لإدارة العمليات العسكرية بالصحراء، علما بأن الطيران العسكري هو الذي ساعد الكولونيل بنعثمان قائد وحدة السمارة على سحق الجزائريين في أمغالا. ومن حسنات هذه الحرب أيضا أن فرق الهندسة العسكرية المغربية اكتسبت خبرة عالية في الأحزمة، وما يتطلبه الأمر من رادارات وأجهزة إلكترونية وأجهزة خاصة بالدفاع والقدرة على إدارة عشرات الآلاف من الجنود في تنسيق متناغم. بدليل أن أول حزام شرع فيه كان هو الجدار المحاذي للجزائر من جهة الزاك (طول الحزام الأول 600 كلم) الممتد نحو السمارة الذي شرع في بنائه في غشت 1980، وانتهى العمل به يوم 14 ماي 1981 (تاريخ ذكرى تأسيس الجيش الملكي). لتتوالى الأحزمة (6 أحزمة) في ما بعد طوال النصف الأول من عقد الثمانينات من القرن العشرين.
النعمة
ألم تقل العرب قديما، رب نقمة في طيها نعمة!؟
ذاك ما يعيه الجندي المغربي الذي أهلته حرب الرمال وأمغالا اليوم كي يكون حاضرا في كل بؤر التوتر الدولية في إطار المهام الأممية لحفظ السلام، سواء في هايتي أو الكونغو أو ساحل العاج أو البوسنة والهرسك أوكوسوفو.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
عمر مراد
رقيب شارك في حروب المغرب مع الجزائر:
لو أذن لنا الحسن الثاني
لدخل الجيش المغربي إلى تندوف
ينقل الرقيب عمر مراد الذي شارك في حرب الرمال (1963)، وفي معركة أمغالا (1976)، مادار أثناء المواجهة العسكرية بين الجيشين، المغربي والجزائري، إذ أكد أن المغاربة استطاعوا رد العدوان الجزائري في كلتا المواجهتين، ولقنوا الجيش الجزائري درسا لن ينساه، حيث ترك وراءه قتلى بالعشرات ومعدات عسكرية مهمة..
* شاركت في حرب 1963، وأيضا في معركة أمغالا عام 1976.. كيف نشبت حرب الرمال بين المغرب والجزائر وأين كان مسرحها وما هي ملابسات معركة أمغالا؟
** نشبت حرب الرمال بين المغرب والجزائر بسبب العدوان الجزائري المفاجىء ودون سابق إنذار على سرية للقوات المساعدة، والتي كان برفقتها خازن عسكري (ضابط الرواتب) فرنسي، و ذلك بمنطقة بونو التي تبعد بحوالي 45 كلمترا شرق مدينة محاميد الغزلان التي تبعد بدورها عن الحدود المغربية الجزائرية بعشرين كيلومترا. إذ قام فيلق من المشاة الجزائريين مدعومين بالمدفعية الثقيلة بإعدام أفراد السرية المغربية بعد تكبيلهم بالأسلاك الشائكة، وإضرام النار في جثثهم بعد ذلك. ولم تكتف الجزائر بذلك بل أرسلت قوات أخرى للهجوم على منطقة حاسي بيضا والتينجوب التي تبعد هي الأخرى بمسافة 60 كلمترا عن جماعة محاميد الغزلان، موازاة مع ذلك قامت قوة أخرى بالهجوم على مدينة فكيك.
* أين كنت؟ وما هي رتبتك العسكرية؟ ومن كان يرأس فرقتك؟
** إبان الهجوم الجزائري على التراب المغربي، كنت جنديا بسيطا بالفوج الثاني للمشاة تحت قيادة الرائد امبابا إدريس، وتحت إمرة قائد السرية الملازم أبا علي أبا الشيخ أحد الرموز الوطنية المخلصة من أبناء قبيلة الركيبات المجاهدة، وكنت آنذاك متواجدا بالضبط في مدينة الزاك بالمواقع الدفاعية الخلفية، وبالتحديد بمنطقة مركالة.
* كيف كانت أجواء الحرب؟ و من هم القياديون الذين أداروا حرب الرمال؟
** كانت أجواء الحرب طاحنة حيث كان الجيش الجزائري يتفوق على الجيش المغربي من حيث قوة التسليح الذي كان سلاحا روسيا مائة بالمائة، فضلا عن الدعم الذي حظي به الجيش الجزائري من طرف المستشارين والخبراء العسكريين المصريين بحكم ميول جمال عبد الناصر نحو الجزائر، في حين كان تسليح القوات المغربية خفيفا مع بعض المدرعات المتهالكة الموروثة عن الاستعمار الفرنسي، لكن نقطة قوة الجيش الملكي تكمن في خبرته التي راكمها الجنود المغاربة الذين شاركوا في حرب الهند الصينية، إضافة إلى الدور الذي لعبته العناصر الصحراوية المنخرطة لتوها في القوات المسلحة الملكية، ويتعلق الأمر بمجموعة الملازم حبوها لحبيب رحمه الله، والتي تتكون من 700 جندي من أبناء قبيلته والفارين لتوهم من بطش السلطات الجزائرية ضد أبناء قبيلة الركيبات الذين قاموا برفع
أعلام المملكة المغربية بمدينة تيندوف، ومجموعة الملازم أبا علي أبا الشيخ التي تتكون من 200 فرد، ومجموعة الملازم البطل البلال رحمه الله والد القيادي في جبهة البوليساريو سيد أحمد البطل وقوامها 200 فرد، و فصيلة يقودها الملازم علي بويا ولد ميارة رحمه الله.
ومن بين القيادات الأخرى التي ساهمت في دحر العدوان الجزائري على التراب المغربي، قائد قطاع أكادير العسكري الرائد بوكرين الذي ثبت تورطه في ما بعد في انقلاب الصخيرات وتم إعدامه. كما شارك في دحر العدوان قائد الفوج الثاني عشر للمشاة النقيب التيالي البوزيدي.
كما يعود الفضل في الانتصار المغربي على القوات الجزائرية إلى أحد أبناء المغرب البررة الذي كان ضابطا محترما من لدن الجميع، لكونه كان يجسد كل القيم النبيلة في مهنة الجندية، وعلى رأسها الوفاء المطلق لوطنه والاستعداد للموت من أجله، وأقصد بذلك المرحوم الجنيرال إدريس بن عمر، قائد العمليات العسكرية آنذاك، وهو الوحيد الذي تجرأ على معارضة قرار الحسن الثاني القاضي بإنهاء الحرب، وذلك من خلال خلع بزته العسكرية، إذ لم يستسغ أن تتم مطالبة القوات المسلحة الملكية بالتراجع بعدما سحقت الجيش الجزائري سحقا في هذا الحرب.
* ماهي الخسائر المادية والبشرية لدى الطرفين؟
** في ما يخص الخسائر المادية والبشرية فقد كانت في صفوف الجيش الجزائري لا تعد ولا تحصى، حيث لم يعد أي شخص من الفيلق الجزائري الذي هاجم منطقة مركالة وأم لعشار وقوامه ألف جندي من مختلف الرتب والذي كان تحت قيادة رائد مصري (تم قتله في المعركة)، فضلا عن قوة من المظليين، وقوامها 600 مظلي يقودها رائد من الجيش المصري تم قتله أيضا، كما تم أسر حوالي 500 جندي جزائري ، فضلا عن أسر 14 جندي جزائري يقودهم ملازم كانوا يقومون بزرع الألغام بالمنطقة المحاذية لمدينة الزاك، وذلك من طرف الملازم علي بويا ميارة رحمه الله.
أما في ما يخص الخسائر المغربية في هذه العمليات العسكرية، فإنها لم تتجاوز 12 قتيلا، ولم يتم أسر أي جندي مغربي، أما الخسائر المادية فتكاد تكون معدومة.
* نوهت بدور جيش الكولونيل حبوها، أي دور قامت به الوحدات التابعة له؟
** المرحوم حبوها لحبيب عاد، آنذاك، لتوه من تندوف، وكان محكوما عليه غيابيا من طرف الجزائر بالإعدام. أما الوحدات التابعة له فكان قوامها 700 فرد غالبيتهم من أبناء قبيلة الركيبات الذين استباح الجزائريون حرماتهم وأعراضهم بسبب رفعهم للأعلام المغربية بمدينة تيندوف التي طالما اعتبرها الصحراويون مدينة مغربية تم التفريط فيها. وقد لعبت هذه الوحدة دورا كبيرا في دحر الهجوم الجزائري على الأراضي المغربية، حيث قام بتطويق القوات الجزائرية الغازية وقطع خطوط الإمداد عنها، بعد أن قام الطيران المغربي بتدمير الحافلات الصهريجية للماء التابعة للجيش الجزائري.
* لماذا تم إيقاف الحرب علما بأن القوات الملكية كانت قاب قوسين أو أدنى من تيندوف؟
** تم إيقاف الحرب بين المغرب والجزائر بموجب قرار من طرف القيادة السياسية العليا للبلاد ، وما زالت لحد الساعة أسبابه مجهولة، وهو القرار الذي أثار حفيظة الجنرال إدريس بن عمر الذي قام، كما قلت سابقا، بخلع سترته العسكرية أمام الملك الراحل الحسن الثاني، احتجاجا على هذا القرار، إذ طلب من الملك أن يأذن لقواته بالدخول إلى تندوف لإعطاء درس للجزائر لكن الحسن الثاني طلب منه التوقف.
وقد تم تبليغنا بهذا القرار في الساعة الخامسة صباحا حيث لم تكن تفصلنا عن مدينة تيندوف سوى 25 كلمترا، في الوقت الذي جاءنا بعض سكان مدينة تيندوف مهللين وفرحين بقدوم القوات المغربية من أجل ضم المدينة إلى التراب المغربي.
هزيمة الجيش الجزائري استغرقت 6 ساعات
* وماهي ملابسات معركة أمغالا؟
** وقعت معركة أمغالا الأولى في أواخر يناير 1976 بين القوات المسلحة الملكية من جهة وثلاثة ألوية من الجيش الجزائري وعناصر من البوليساريو على ثلاث جبهات (أمغالا، المحبس والتفاريتي)..
* ما هي رتبتك العسكرية حينها؟
** كنت رقيبا بالجيش الملكي في الوحدة (مجموعة أ) تحت قيادة النقيب المرحوم حبوها لحبيب (مات برتبة كولونيل ماجور).
* أين كنت عند اندلاع المواجهات؟
** في منطقة الحكونية، حيث صدرت الأوامر لننتقل بعدها إلى قطاع السمارة بعد أن توصلنا بأمر عسكري يدعونا إلى الالتحاق بهذا القطاع.
* كيف تم الهجوم الجزائري على منطقة أمغالا؟
** قام اللواء الأول للمشاة بالجيش الجزائري بالهجوم على بلدة أمغالا، في حين قام لواء آخر بالهجوم على منطقة التفاريتي، وتمركز لواء آخر للمدرعات بالمحبس.
وبعد ورود هذه المعلومات، توجهنا لصد هذا الهجوم في قوة تضم وحدة لجبهة التحرير والوحدة تحت قيادة النقيب حبوها لحبيب، وفيلقين للمشاة يقودهما الكولونيل بن عثمان مدعومين بقوة للمدرعات تتكون من 36 دبابة.
* هل تتذكر وقائع هذه المعركة؟
** وصلنا إلى أمغالا في الساعة التاسعة صباحا، حيث وجدنا أن الجيش الجزائري قام بمركزة مدفعيته الثقيلة على الأراضي الموريتانية وبالتحديد بمنطقة: «كارة فوق كارة »، والتي تبعد مسافة 6 كلمترات عن أمغالا.
ابتدأت المعركة من الساعة التاسعة صباحا، ولم تخمد نيرانها إلا في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال.
* كم كانت خسائر الجيش الجزائري؟
** تم قتل 70 جنديا جزائريا من طرف الوحدات المغربية كما تم أسر 102جندي جزائري ضمنهم ضابط برتبة ملازم. ومات اثنان من الفارين من اللفيف الأجنبي الإسباني (الترسيو)، فضلا عن وفاة خمسة أفراد من قوات البوليساريو.
* وماذا كانت الخسائر المغربية؟
** الموتى 11 جنديا مغربيا. أما الجرحى، فواحد هو النقيب حبوها الذي أصيب على مستوى الساق.
و للإشارة فقد قام الطيران المغربي بدور كبير في هذه المعركة، إذ قام بقصف مواقع المدفعية الجزائري وقتل الضابط المسؤول عنها. بعدها سيتراجع الجيش الجزائري فارا من ساحة المعركة تاركا وراءه الكثير من السيارات والمعدات.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الجنرال إدريس بنعمر
أسد حرب الرمال
على مضض، رضي الجنرال إدريس بن عمر بالعودة بالجيش المغربي إلى مواقعه بعد توغل ناري (حرب الرمال1963) في الصحراء استغرق ثلاثة أيام، وأرغم القوات الجزائرية، التي شنت هجومات مباغتة على مركزي «حسي بيضا» وتينجوب»، ثم على مركز «إيش» (شرق فكيك) على التقهقر، حتى أصبح على بعد 26 كيلومترا من مدينة تيندوف.
لم يستسخ الجنرال الأمر الملكي بالعودة؛ وهذا ما عبر عنه حين خلع بزته العسكرية التي كانت تحمل نياشينه ليلقيها أمام الملك قائلا: «مولاي لا يُقبل في المنطق الحربي والتقاليد العسكرية أن يعود جيش منتصر إلى منطلقاته الأولى كجيش منهزم». غير أن الملك صاح في وجهه بقوة أن يمتثل لأمر القائد الأعلى للجيش، خاصة وأن وساطات عربية نجحت في إقناع الملك بالتراجع حتى لا تصل العلاقة بين البلدين إلى الباب المسدود..
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح لقب «بطل حرب لرمال» أو «أسد حرب الرمال» لصيقا به؛ ويشهد التاريخ أنه العكسري الوحيد الذي تجرأ على الاحتجاج وتقديم استقالته بتلك الطريقة التي تنم عن «الروح الوطنية العالية» و«رفض الحكرة».. وكان القائد الأعلى يعرف منه ذلك، إذ كان- رفقة الكتاني وأمزيان- من أنجب ضباط تأسيس الجيش المغربي، خاصة أنه كان لا يخفي إيمانه بوجوب بناء جيش احترافي على أسس دولية.
ولد الجنرال إدريس بنعمرو بمدينة مولاي ادريس زرهون سنة 1917، وتابع دراسته الابتدائية ثم الثانوية في مدينة مكناس قبل أن يلتحق عام 1935 بالمدرسة العسكرية في مكناس، حيث تخرج منها برتبة ملازم أول.
وحين حصل المغرب على استقلاله، عينه الملك محمد الخامس سنة 1956 حاكما مدنيا وعسكريا لاقليم مكناس، حيث ظل في هذا المنصب لمدة سنتين، قبل أن تتم ترقيته سنة 1959 إلى رتبة مقدم، إذ أسندت إليه قيادة الدرك الملكي في شهر نوفمبر.1960 وفي يونيو 1961 عينه الملك الراحل الحسن الثاني عاملا على الدار البيضاء ثم رقي إلى رتبة جنرال فيلق في السادس من شتنبر 1963، وعين في نفس السنة مراقبا عاما للقوات المسلحة الملكية، وهي السنة نفسها التي أثبت فيها جدارته في القيادة التي أذهلت الجيش الجزائري وأرغمته على الانكماش في مخابئه.
وفي عام 1970 عينه الملك الراحل الحسن الثاني وزيرا للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، ثم مديرا عاما للخطوط الجوية الملكية المغربية.
وكان بطل حرب الرمال قد تقاعد من الجيش في العام 1991، عن عمر يناهز 74 سنة، وظل يصارع المرض لمدة سنوات، قبل أن توافيه المنية في أبريل 2008 بمدينة الدار البيضاء، ووري جثمانه في مقبرة الشهداء في الرباط.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الكولونيل الدليمي
مهندس وحدات تمشيط الصحراء
للكولونيل أحمد الدليمي وجوه متعددة، إذ لم يكن مجرد ضابط تدرج في الجيش ليصل إلى الحلقة الضيقة التي كانت تحيط بالملك الراحل الحسن الثاني وتحظى بثقته؛ فقد كان أيضا قائدا من أنجب قادة الجيش، حيث أوكل إليه الملك، في أواسط السبعينيات، قيادة 20 ألف جندي (ثلث القوات المسلحة وقتئذ) مقسمين إلى 4 وحدات، للتوجه نحو طرفاية كمقدمة لتنظيم المسيرة الخضراء. وقد واكب الدليمي حرب الصحراء، وأبلى فيها البلاء الحسن، مما أدى إلى سطوع نجمه وتقوية نفوذه بين أوساط كبار ضباط الجيش، حيث كان له الفضل في تأسيس وحدتي «أحد» و«الزلاقة» العسكريتين المكلفتين بالتمشيط في الصحراء. كما كان قائدا للمنطقة الجنوبية، وهي المنطقة الملتهبة التي كانت محور اهتمام قادة الجيش المغربي.
إضافة إلى كل ذلك، فقد سمح له دهاؤه وفطنته وشدة تكتمه بأن يعينه الملك مديرا للمخابرات العسكرية.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
شريط أزمة الجزائر والمغرب
بين 1965 و1976
طيلة الفترة الفاصلة بين 1965 و1976، لم تهدأ آلة الحرب بين المغرب والجزائر، حرب وظفت فيها الجزائر جميع الأوراق وخرقت معاهدات الصلح التي وقعتها مع المغرب، لتمحو عار هزيمتها في معركة أمغالا في يناير.
في ما يلي تسرد «الوطن الآن» شريط الأزمة بين البلدين خلال الحربين1965:
16 دجنبر: الأمم المتحدة تطلب من إسبانيا الانسحاب من الصحراء الإسبانية وسيدي إفني.
1967دجنبر: الأمم المتحدة تطلب من إسبانيا تنظيم استفتاء تحت إشراف أممي
1972. 14شتنبر: اجتماع مغربي موريتاني جزائري بنواكشوط، تم فيه الإعلان عن الرغبة الملحة في تحرير الصحراء وفق توصيات الأمم المتحدة.
1973يوليوز: لقاء الرؤساء بأكادير جمع موريتانيا والجزائر والمغرب تم فيه التأكيد بتشبتهم بحق تقرير المصير.
1974 20غشت: الملك الحسن الثاني يعلن اعتراض المغرب على الاستفتاء، مما يؤدي إلى استقلال الصحراء.
13 دجنبر: الجمعية العامة الأممية تطلب من محكمة لاهاي رأيا استشاريا حول الصحراء.
1975 23ماي: إسبانيا تعلن استعدادها للتخلي عن الصحراء.
4 يوليوز: بوتفليقة الذي كان في زيارة للرباط يعلن أن الجزائر «لا مطالب لها إطلاقا في الصحراء».
14 أكتوبر: لجنة بحث أممية توصي بتقرير المصير.
16 أكتوبر: محكمة لاهاي تصدر حكمها القاضي بوجود روابط بين الصحراء والمغرب أثناء استعمارها من طرف الإسبان.
الحسن الثاني يعلن عن المسيرة الخضراء بمشاركة 350 ألف متطوع.
24 أكتوبر: وصول وزير خارجية المغرب إلى مدريد لمباشرة مفاوضات مع الإسبان.
29 أكتوبر: وصول وفد جزائري إلى مدريد حيث تجري المفاوضات الإسبانية والمغربية والموريتانية.
30 أكتوبر: تأجيل المفاوضات.
2 نونبر: الأمير خوان كارلوس يتوجه نحو العيون، وإسبانيا تعلن أنها ستواجه بالقوة المسيرة الخضراء.
3 نونبر: استئناف المفاوضات المغربية الإسبانية ليتم تعليقها يوم 5 نونبر.
6 نونبر: المتطوعون في المسيرة الخضراء يجتازون الحدود الوهمية بالصحراء ويتوغلون داخل ترابها.
9 نونبر: الحسن الثاني يأمر بعودة المتطوعين بحكم أن المسيرة الخضراء أتت أكلها.
1976
9-7 يناير: زيارة الوزير الأول أحمد عصمان لباريز.
11 يناير: القوات الموريتانية تدخل إلى الداخلة.
13 يناير: القذافي يعلن أن ليبيا لن تبقى مكتوفة الأيادي وهي ترى الصحراء توزع بين دول المنطقة، والشعب الصحراوي لن يتمتع بأرضه.
21 يناير: إسقاط طائرة عسكرية مغربية من نوع F5 بواسطة سام 6 فوق سماء موريتانيا من طرف البوليزاريو.
27 يناير: هجوم الجيش الجزائري على أمغالا بالتراب المغربي ونشوب معركة أمغالا.
29 يناير: القوات المسلحة الملكية تقوم بتطهير أمغالا نهائيا من الجنود الجزائريين وتقوم بأسر 101 جزائري فيما أقرت الجزائر بأن وحداتها تعرضت للهزيمة وأقفلت عائدة إلى الجزائر.
ليلة 15-14 فبراير: هجوم غادر للجيش الجزائري على أمغالا، بعد أن غادرتها وحدات القوات المسلحة الملكية عقب تعهد الرئيس الجزائري أمام رؤساء الدول العربية بأن لا يكرر غاراته على المغرب، خاصة وأن أمغالا تراب مغربي يبعد عن الحدود الجزائرية ب 300 كلم، فتم قتل 120 مغربي وأسر 25 جنديا آخر، وذلك لأن الجزائر لم تستسغ أن تتعرض لهزيمة نكراء في معركة أمغالا في يناير.
- الحسن الثاني يستعمل عبارة الغدر «Traitreusement» لأن المغرب سحب وحداته من أمغالا بعد تعهد الجزائر أمام الملوك والرؤساء العرب، ولم تكن الوحدات المغربية في أمغالا في حالة تأهل.
صبيحة 15 فبراير 1975
- وصول الدعم العسكري المغربي إلى أمغالا وسحق الجنود الجزائريين وفرار وحداتهم إلى التراب الموريتاني المجاور.
- الجزائر تدعي آنذاك أن البوليزاريو هي التي هجمت على أمغالا.
- المغرب يستدعي الصحافة الدولية وينظم زيارة لممثلي الصحف الأجنبية لتفنيذ ادعاءات الجزائر، حيث وقف الوفد الصحفي على حقائق دامغة بخصوص تورط الجيش الجزائري (ملابس الجنود الجزائريين، علب الفورماج، والأكل التابعة للجيش الجزائري، الدخيرة المتبقية التي تحمل علامة الجيش الجزائري...).
- الكومندار بلخادم من الدرك الملكي هو الذي رافق الوفد الصحفي الأجنبي إلى أمغالا.
27 فبراير: إسبانيا تغادر نهائيا الصحراء وتخبر كورت فالدهايم الأمين العام الأممي رسميا بالقرار.
26 فبراير: الجماعة الصحراوية برئاسة المرحوم خطري ولد سيدي سعيد الجماني تجتمع بالعيون بناء على الاتفاق الثلاثي الموقع بمدريد، وتعلن بالإجماع على مصادقتها على هذا الاتفاق.
27 فبراير: الإعلان عن ميلاد الجمهورية الصحراوية من طرف محمد الوالي تحت مظلة الجزائر.
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
في شهادة لأحمد السنوسي
سفير المغرب سابقا بالأمم المتحدة:
كان بإمكاننا إذلال الجزائر بمنطقة حاسي بيضا
عد وقوع معركة أمغالا عام 1976 وإلحاق هزيمة نكراء بالجيش الجزائري من طرف القوات المسلحة الملكية، تم أسر أزيد من 100 جندي جزائري.
وكنت آنذاك من المرافقين الخاصين لصاحب الجلالة المرحوم الحسن الثاني، ولما تناهى إلى علمه خبر الهجوم الجزائري على أمغالا غضب كثيرا وانزعج بقوة. وبعد توالي الأخبار حول انتصارات الجيش الملكي وتحكمه في الميدان، توصل الحسن الثاني بمكالمة هاتفية من كل من الملك خالد عاهل السعودية ومن الرئيس أنور السادات رئيس مصر، يشفعان عنده ليفك الأسر عن الجزائريين ويعجل بطي الملف مخافة الفضيحة بالجزائر. وأوفد الملك خالد ولي العهد فهد، في حين أرسل أنور السادات نائبه حسني مبارك. وإذ ركزت على هذين القائدين، فلأني كنت مكلفا من طرف المرحوم الحسن الثاني باستقبال مبعوثيهما بمطار فاس صحبة الجنيرال مولاي حفيظ. وبالفعل استقبل صاحب الجلالة كلا من فهد وحسني مبارك وأخبرهما الحسن الثاني بحيثيات الاعتداء وكيف تنكرت الجزائر لتعهداتها وتصريحاتها في القمة العربية حينما قال بومدين في المؤتمر إنه لن يتدخل في قضية الصحراء. بعد ذلك توجها إلى الجزائر لملاقاة الرئيس بومدين، وعادا في نفس اليوم إلى فاس ليخبرا الملك الحسن الثاني بأن الرئيس الجزائري يتعهد بألا يتدخل إطلاقا في الصحراء، وبأنه يطلب الإفراج عن الجنود الجزائريين الذين أسرتهم وحدات الجيش الملكي.
ونظرا لبعد نظر الحسن الثاني ووساطة رئيسي دولتين كبيرتين وهما السعودية ومصر، استجاب الملك لطلبهما وتم إيقاف الحرب وأفرج المغرب في ما بعد عن الأسرى. لكن الغدر الكبير الذي قامت به الجزائر بعد هزيمتها في أمغالا الأولى هو تنكرها لما التزمت به أمام شهود مصر والسعودية، فتم التخطيط لهجوم غادر من طرف الجيش الجزائري من جديد على أمغالا بعد مرور شهر تقريبا، في الوقت الذي لم تكن الوحدات العسكرية المغربية بأمغالا في حالة تأهب واستنفار كبير، بحكم أن الجزائر طلبت وساطة دول أجنبية وتعهدت أمامها بألا تتدخل من جديد، فقتلت جزءا وأسرت جزءا آخر من المغاربة ظلوا في معتقلات الجزائر طوال 25 سنة، وهو ما يبين أن العلاقة مع الجزائر تهيمن عليها روح الكراهية والحقد من طرف مسؤوليها تجاه المغرب. خاصة وأن هناك طبعا غريبا لدى الحكام الجزائريين، وهو الطبع الذي يتحكم في مواقفهم وسياساتهم، قد أسميه الكبرياء المتعجرف أو عدم القبول بالهزيمة والفشل، بدليل أنهم لم ينسوا هزيمة أخرى ألحقتها بهم القوات المسلحة الملكية عام 1963 المعروفة بحرب الرمال. إذ في هذه الحرب كان بإمكان المغرب إذلال الجزائر بمنطقة حاسي بيضا، واتصل الجنيرال إدريس بنعمر بالحسن الثاني ليقول له: «la route est libre vers alger» (أي الطريق سالكة نحو الجزائر العاصمة)، ومع ذلك لم يختر المرحوم الحسن الثاني هذا الاختيار، لأن فلسفته كانت ترتكز على الحكمة والتبصر.
إعداد:عبد الرحيم أريري"الوطن الآن"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.