تريد الجزائر عرقلة ديموقراطية المغرب الكبير، وتخاف من الاصلاحات في المغرب, لهذا تسعى الى استمرار النزاع في ليبيا، وتعتبر بقاء نظامها ونظام الاسد آخر اوراقها في الحفاظ على نظام الحكم العسكري الذي يشبه نظامي دمشق وطرابلس تجاوزت الجزائر الحليفين «التقليديين» لمعمر القذافي، سوريا واليمن في دعمها للزعيم الليبي المطاح به. ولم تتردد الكثير من الجهات والتحليلات في اعتبار ذلك من باب قصر النظر، العماء المطلق أو العماء بفعل انتحاري. لقد سمى المجلس الوطني الليبي موقف الجزائر باسمه الحقيقي عندما تكلم عن تواطؤ الجزائر مع النظام الليبي. لماذا واصلت الجزائر انكارها لواقع يتحرك واشتركت مع الزعيم المطرود في اعتبار ألا شيء يقع وأن المعركة ما زالت متواصلة, وأن النظام يملك ما يكفي من الشرعية للاستمرار؟ ولماذا تواصل الجزائر حربها ضد المجلس الانتقالي وضد السعي المتوافق عليه دوليا في بناء ليبيا بدون القذافي؟ لماذا تواصل الدعم التام واللامشروط لنظام فقد شرعيته بالتقتيل الجماعي والمقابر الجماعية والابادة المبرمجة للمعارضين ولجزء من الشعب المنتفض ؟ كل هذه الاسئلة لم تجد بعد الجواب الكامل. لكن الذي تتفق عليه العديد من التحليلات هو أن اعلان الجزائر رسميا عن استقبال العائلة الهاربة للنظام ولأبنائه، قد يشكل في ، مكتمل التحليل مقدمة لا بد منها للإعلان الأكثر إثارة، وهو متعلق بمعمر القذافي وابنه سيف الاسلام، اللذين ما زالا يواصلان حرب الطواحين الاعلامية من مكان ما من الحدود مع الجزائر! وبذلك يكون الاعلان عن استقبال عائشة وأخواتها وإخوانها، كما هو في الواقع اعلان عن اخفاء الخبر الاساسي، وهو خبر استقبال القذافي الذي يكون قد تم في وقت سابق أو في وقت متزامن مع لحظة دخول عائشة القذافي. لا يمكن أن تفسر الجزائر موقفها بما ادعته، من حياد تام في ما يتعلق بشؤون الدول التي تعرف الثورات والانتفاضات. فالجزائر لم يسبق لها أن أقامت الدليل بأنها دولة لا تتدخل في شؤون جيرانها، كما يبين الصراع المفتعل في قضية الصحراء المغربية، وهي جزء كبير من المشكلة إن لم نقل أنها المشكلة نفسها. والجزائر ايضا، حاولت الايحاء بأنها لا تتدخل في قضايا تونس قبل ليبيا، والحال أن الحسابات ؛كانت دوما في الجزائر حسابات تتم بناء على الموقف.. من المغرب والتدخل في قضاياه . «لعن الله الديموقراطية» 1 - لا أحد يمكن أن يبلع أطروحة الجزائر حول حيادها من نظام القذافي . فما زالت الوكالات والجرائد، الليبية منها والإفريقية والدولية, تحتفظ في أرشيفها بتدخل عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير وأحد نواب الجزائر المسمى الصادق بوقطاية في اجتماع مساندة القذافي من طرف ما سمي بشيوخ القبائل الداعمة للقذافي والموالية له. كيف حضر؟ هذا سؤال لا جواب عنه سوى أن الجزائر اعتبرت نفسها جزءا من الفسيفساء القبائلي لليبيا. كانت مشاركته تاريخية بكل معنى الكلمة, حيث انهال بالسب والقذف على انصار الثورة ودعا على الثوار وختم كلمته بالقول« لعن الله الديموقراطية»!! كما أن المصورين والكاميرات التقطت ، في المظاهرات المساندة للزعيم الاوحد ، أعلام الجزائر وهي ترفرف كما كانت اصوات المذيعات والمذيعين تدعو بالخيرات للزعيم بوتفليقة ولمن يسايره في خطواته. مع العلم أن الجزائر لم تر مانعا من استعمال علمها الوطني في ذلك. 2- السوق المالية السوداء اصبحت مجالا ومرتعا لأصحاب القذافي. حيث قالت الصحافة المختصة أن رجال القذافي جالوا البلاد طولا وعرضا بحثا عن اليورو، في محاولة للتعويض عن تجميد الارصدة الليبية وقد جمعوا السيولة النقدية لليورو ، بحرمان حتى تجار السوق السوداء الجزائريين من هذا الريع الذي يجعل الاقتصاد غير المهيكل مسيطرا. -3 الاعلام الجزائري في اغلبه، ولاسيما الصحف التي تحسب على القطاع الخاص ، كان يقدم الأشياء بطريقة تبين بأن الثورة اكثر دموية من القذافي ، كما هو حال يومية وهران التي اعتبرت أن مرحلة ما بعد القذافي مرحلة الدم والألم وأكثر وحشية مما كانت الثورة تحاربه!! مع مهاجمة المجلس الوطني، باعتباره عشا للقاعدة ومهاجمة التدخل الأجنبي باعتباره استعمارا جديدا. ومن المثير أن اليومية، التي اوردتها يومية ليبراسيون الفرنسية كمرجع في مجال تفسير الموقف الجزائري, كتبت أن ما تقوم به قطر من دعم للثوار وتقديم الاموال لهم وبتقديم طائراتها لقصف قوات القذافي ونقل الأسلحة الى الثوار الامازيغيين في جبل نفوسة هو سبب للعداء. وقالت « لأقل من هذا ، خاضت الجزائر الحرب في المغرب وضده»!! كل هذا يضاف الى ما قدمته الجزائر من دعم بشري ومادي منذ قيام الثورة ، حيث تم نقل صور لقوافل بشرية وآليات عسكرية قادمة من الجزائر لدعم العقيد المطاح به. وقد سبق أن تم الاعلان عن مقتل مرتزقة جزائريين ومن الانفصاليين واعتقال 500 آخرين ، اثناء معركة اجدابيا وبعدها. الدعم مقابل .. الخوف؟ لقد ساءلت كل من فرنسا وامريكا المسؤولين الجزائريين حول الدعم المقدم، واوردت الصحافة الفرنسية تصريحا لألان جوبي يقول فيه إنه حدث نظيره الجزائري حول الموضوع، كما سربت وزارة الخارجية الامريكية مذكرتين تتحدث فيهما عن «تحقيق حول تسليم اسلحة للقذافي تم نقلها عبر ميناء جينجين ونقلها عبر الطريق البري الى ليبيا». وعن سؤال لماذا الجزائر تساعد القذافي ؟ لاتستبعد التحليلات ما يلي: الثورات والمحاكمات التي تتم للطغاة العرب تثير المخاوف لدى الحكام الجزائريين وهم يرون في الثورات التي قامت في تونس ومصر ، وفي ليبيا وسوريا حتى الألة العسكرية والمخابراتية المسلحة هي المتحكمة في الواقع السياسي والسلطة، مقدمة غير سارة، لأن الحكم في الجزائر يشترك مع الحكم في ليبيا في الطبيعة والدرجة ونفس الشيء في سوريا. وهي مقدمات لا تقل تهديدا عن ... الاصلاحات التي اعلنها ملك المغرب، على حد ما كتبته ليبراسيون الفرنسية. وعليه فإن الجزائر تعتبر أن بقاء نظام القذافي ونظام سوريا هو آخر«قفل استراتيجي لتأمين بقاء حكامها». كان من مصلحة الجزائر أن تدوم الحرب في ليبيا( كما يدوم مشكل الصحراء)، لكي تلعب على الشعور الوطني الداخلي ضد التدخل الاجنبي، والتلويح بخطر القاعدة ، كملازم موضوعي للتغيير والديموقراطية والثورات الربيعية! ان الجزائر تريد أيضا أن تبقي على بؤر التوتر لأنها تريد أن تعرقل الدمقرطة في المغرب الكبير ، وهي مستعدة، كما فعلت مع المغرب أن تعمل على زعزعة استقرار ليبيا وحدودها..