قبول الدعوة ضد إسبانيا مبدئيا من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتحاد الأوروبي، في موضوع النساء المغربيات ضحايا الاستعباد بالضيعات الفلاحية بإسبانيا لقد سبق أن تطرقت لموضوع النساء المغربيات، ضحايا خُدعة تشغيلهن موسميا بالضيعات الإسبانية، وقد عملت كل ما في جهدي لإثارة هذه الجريمة ضد الإنسانية إعلاميا، وطالبت من كل الغيورين، المساندة، ودعم ملف هؤلاء النساء، حتى يتسنى لهن استعادة حقوقهن المغتصبة من قبل سماسرة الوكالة المغربية للشغل، ومن قبل الجهلاء من الفلاحين الإسبان، ولكن، عوض دعم هذا الملف من قبل بعض المنابر الإعلامية المغربية، فإن الأمر زاغ عن حده، فوصف بعض المحسوبين على الإعلام من منابر الرصيف، هؤلاء النساء بأوصاف يندى لها الجبين، وهو ما جعلني من خلال هذا المقال، أوجه إدانتي شديدة اللهجة لكل من نعت هؤلاء النساء البريئات بنعوت الدعارة، وغير ذلك،لأن الدعارة والعهارة الحقيقية هي التي تمارسها( ...) عندما ينظمن السهرات مع السفهاء الوافدين... " و كما هو معروف، فقد ارتكبت الوكالة المغربية لإنعاش الشغل، جرما في حق أكثر من 13000 إمرأة، وذلك بعقدها اتفاقية مع الجهات الإسبانية؛ على أساس استقطاب هذا العدد من النساء اللواتي تسلمن تأشيرات المرور نحو إسبانيا، يوم 15 يناير 2008، موقعة من القنصل الاسباني المدعو:( ف. يافيي ريوصليدو هيورطا )، وقد تم تقسيمهن إلى مجموعات، متكونة بما بين 200 و 300 امرأة؛ لبعثهن نحو إسبانيا عبر دفعات متفرقة في الزمان والمكان، قصد تشغيلهن بالضيعات الفلاحية لجني توت الأرض، بالضبط بمنطقة(موغير) عمالة( هولفا) بالجنوب الاسباني، وقد اعتمد اختيارهن على شروط توحي بصلب العبودية، والرق بالقرون الوسطى، حيث تم التركيز في اختيارهن على ضرورة كون المرشحات للهجرة غير سمينات الجسد، حتى يتسنى لهن الدوام في ممارستهن الشغل لساعات طوال، منحنيات على ركبتيهن، ثم أميات لا تعرفن القراءة ولا الكتابة، على أساس ألا تفرن أفرادا، وجماعات عند وصولهن الضيعة، ثم حجز جوازات سفرهن، وعقد شغلهن، وتأميناتهن، إذ لا يعرفن شيئا عن محجوزاتهن، سوى نقلهن كالأكباش من المغرب إلى إسبانيا، وتوزيعهن بالضيعات الفلاحية المتواجدة بالمنطقة المشار إليها، وفي حراسة مشددة، من قبل سماسرة الوكالة المغربية لإنعاش الشُغل، يسودها السب والشتم، والإهانة والتوبيخ، والعقوبات التي تصل حبسهن بالمسكن بدون أكل ولا شراب، ولا شغل، ولا أجرة، كلما احتجت إحداهن، سواء على تصرف المُشغل الإسباني، أو أحد من أقربائه، أو عن ظروف العمل المزرية، بل يتم تهديدهن، وتخويفهن بعدم لجوئهن للشرطة، لأن ذلك قد لا يكون في صالحهن، وهو ما جعلهن خائفات منكمشات، حائرات، بعدما تم توقيعهن على عقود للعمل، لا تعرفن منه شيئا سوى تشغيلهن لمدة متراوحة ما بين ثلاثة أشهر، وستة أشهر، بدءا من منتصف شهر يناير، نهاية بمنتصف شهر يوليو. وقد تم جمعهن في أفرشة، واحدة فوق الأخرى، كأنهن بأكواخ الدجاج، يعشن في ظروف جد قاسية، لم يعش فيها حتى الإنسان فيما قبل بداية التاريخ المسيحي، إذ أنهن محرومات من الاستحمام، و المرحاض، وكل الشروط الصحية، حيث يدفئن الماء بتحضير الحطب كالإنسان القديم، من أجل غسل أوساخهن، والتخلص من العرق الذي تنفثه أجسادهن من جراء الشقاء والتعب طيلة اليوم، بسبب تشغيلهن منذ الساعة السادسة صباحا حتى حدود الرابعة مساء، خلال كل أيام الأسبوع، بما في ذلك يوما عطل السبت والأحد ، باستثناء يوم الاثنين، وبأجرة يومية هزيلة جدا، محددة في 30 أورو، لأكثر من 8 ساعات، ومما يزيد الطين بلة، كون المشغل الإسباني يطالبهن بدفعهن ثمن الكراء له، رغم أنهن لا يقطن سوى بالإسطبل بالضيعة، إذ لا فرق بينهن وبين باقي الحيوانات من الأبقار والماشية، كما يقتتن بما جلبناه من المغرب، حيث تمت مطالبتهن وإرشادهن قبل سفرهن بجلب المواد الضرورية للعيش كالعدس، وما جاوره من القطنيات لحبسهن بالضيعة، وتشغيلهن في ظروف جد قاسية، لا يمكن القول عنها سوى كونها عبودية القرن الواحد والعشرين، في قارة اسمها أوروبا الحضارية بين قوسين... فلو لم يكن هناك عبيد بالمغرب خاصة، وبإفريقيا عامة، لوجد الأوروبيون طريقة لشرائهم، واستورادهم بثمن بخس، وتظل الفضيحة الكبرى، كون هؤلاء النساء لا يعرفن حتى كيف يتصرفن مع الأورو في شراء عيشهن، كالخبز أو غيره، مع أنهن لا يتوفرن على الهاتف النقال للاتصال بذويهن، وحتى إن وجد هذا الهاتف بالصدفة عند إحداهن، فهن لا يحسن استعماله، كما أن الهاتف لا يلتقط الاتصال لكونه بعيدا عن القمر الاصطناعي المخصص للاتصالات الهاتفية، ناهيك على أنهن مجبرات لقطع مسافة تسعة كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول لمنطقة( موغير) حيث يتواجد محل الهاتف، وعندها يطالبن متسولات لصاحب الدكان بكونه مغربيا لترتيب الأرقام التي هن في حاجة للاتصال بها.. هذا على مستوى وضعهن الذي يرثى له، ويظل الأمر الخطير، هو أن مشغلهن استعبدهن حين فرض عليهن أن يشتغلن عاريات الأكتاف، وبلباس رقيق شفاف، ثم أمرهن بالجري من خلفه لشاسعة الضيعة، وملاحقته وهو يسوق سيارته حتى يتسنى له وضع كل امرأة ببداية الخط الذي يتوجب عليها أن تنطلق منه في قطف التوت الأرضي، والسبب في فرضه لهذا النظام الهتليري المحض، إدعاؤه عدم توفره على الوقت الكافي كي تصل كل امرأة إلى إحدى النقط؛ التي يتوجب عليها أن تنطلق منها في الصباح الباكر ببطء ، لأن الوقت حسب إدعائه يحصى بالذهب، كما أنه يمنحهم قطع من الورق المقوى، يحمل رقم العاملة؛ حتى يتسنى له أن يعرف في المساء من خلال إحصائه الصناديق، كم من صندوق تم ملأه من قبل كل عاملة على حده ، حيث إن الطرد هو مآل كل واحدة ممن لم تستطع ملأ أربعين صندوقا كحد أدنى في كل يوم.. ويبقى السؤال المطروح: من يحمي هؤلاء النساء، ومن يريهن قانون الشغل الإسباني؟ وهل تنص عقد الشغل على تشغيلهن وفق الأجرة على كل ساعة، أم على كل يوم، أو على كل صندوق ؟ كلها أسئلة ظلت عالقة بدون جواب، مادامت هؤلاء النساء شبيهة بعبيد مستورد من المغرب.. وتبقى الجريمة الكبرى هو تهرب المشغل الإسباني من أداءه الضرائب، والتأمين، ومن كل المتابعات التي قد تطاله قانونيا، حيث لا يوقع للعاملات سوى على مدد زمنية، لا تتجاوز خمسة عشر يوما، حتى وإن اشتغلن أكثر من شهر، وهو المنفذ الذي يتهرب منه قانونيا، حيث إنه عقد مع الجهات المغربية عقدا، يسمح له بموجبه طرد أي عاملة لم تعجبه طريقة شغلها، داخل مدة زمنية، لا تتجاوز خمسة عشر يوما، وهو ما جعله لا يدلي بأن المطرودة قد تجاوزت تلك المدة( 15 يوما) التي يعتبرها مدة تجريبية، لأنه في حالة تصريحه بالحقيقة، يكون مجبرا على تسديد المدة المتفق عليها كلها في العقد في حالة طرده لأي عاملة تجاوزت مدة خمسة عشر يوما في العمل، ولهذا السبب، اعتمد على تزوير الحقائق، مستغلا أمية هؤلاء النساء، حيث يطردهن متى شاء مجموعة تلو الأخرى، دون أن يبالي بمقتضيات العقد، ولهذا طرد عددا كبيرا منهن ممن اشتغلن ستة أيام فقط ، أو ممن تجاوزن شهرا، ضاربا بذلك كل شروط العقد عرض الحائط، فمنهن من عاد للمغرب عبر الحافلة التي يقلها لهن هذا الأخير، مقتطعا ثمن السفر من أجرهن لإرسالهن إلى حيث جئن، دون احترامه القانون المنصوص عليه في العقد المبرم بينه كمشغل، وبين النساء اللواتي يتعرضن لأبشع ضغط نفسي من جراء الخوف، والرعب الذي يحدثه لصوص المنطقة، ومعترضو الطريق من الأصول المغاربة، من منعدمي الضمير، ممن يتجرأ لنهبهن أو تهديدهن بالاغتصاب، بالرغم من كونهن مجرد نساء بريئات، دفع بهن الفقر والعوز، واليتم، والحرمان، والتهميش، إلى ترك أبنائهن، وأزواجهن، رغبة في جلب لقمة العيش بعرق جبينهن، وقوة أكتافهن، بعيدا عن الممارسات الأخرى كالفساد، والحرام الذي يذر المال بسرعة على غيرهن من النساء المغربيات، ممن فضلن البقاء في المغرب وممارسة البغاء مع خنازير( ... الوافدين)، الذين لا يخشون أحدا، ماداموا يحتمون وحاشيته من الفاسدين و بمفسدين كانوا سببا في تشرد مثل هؤلاء النساء خاصة... .. ثم تعرضهن لضغط مادي بمنحهن مبلغ ثلاثين أورو في اليوم، لا يستطعن من خلاله حتى تسديد الديون التي هي في ذمتهن، قبل سفرهن إلى اسبانيا، اعتقادا منهن أن تلك الرحلة باب من أبواب الأرزاق، كما أنهن عانين من ضغط معنوي بحجز جوازاتهن. وتظل الجريمة الشنعاء في هذه النازلة كون البعض من هؤلاء النساء، قد ظل تائها بالمنطقة، لا يعرف عونا ولا رحيما، بعدما تم طردهن في زمن قصير، قد لا يستطعن إرجاع ما في ذمتهن من ديون، رغم أنهن ممن لا يستطعن الاعتماد في وضع أسئلتهن في الشارع سوى على المغاربة، لكونهن لا يتكلمن أي لغة أخرى، سوى الأمازيغية و الدارج المغربي المتقطع، الممزوج بين خليط من الأمازيغية والعربية.. وهذا ما جعلني أتحرك فورا بما يمليه على ضميري في الدفاع عن حقوق الإنسان، وحسب قدراتي المادية واللغوية، حيث ربطت الاتصال من بلجيكا متحدثا باللغة الفرنسية مع مشغلهن بدون جدوى، عندها ربطت الاتصال بكل من شرطة المنطقة تحت الرقم التالي :0034959370010 ، ثم بوزارة الشغل تحت الرقم :0034913630000، ثم بمركز حماية النساء برقم :0034917001910 ، ثم بجهات أخرى 0034942235664 و 00342235758 لتحميلهم المسؤولية المباشرة في ما يقع، وكي أطلب منهم حماية هؤلاء النساء، لكن عنصريتهم قد جعلتهم يرفضون التحدث معي بالفرنسية، وهو ما عرقل تدخلي، وجعلني أبعث برسالة استعجاليه عبر البريد الاليكتروني إلى مكتب المحامين المتخصصين في مجال الشغل و التشغيل، وما لذلك من حقوق، رقم الهاتف 003491363000، وحتى حدود الآن لم أتوصل بأي جواب من هذه الجهات، وهو ما جعلني أسافر على التو إلى عين المكان يوم 23 مايو 2008... وقد عدت بعد قضائي أسبوعا هناك أحمل جرحا، وحزنا، لما شاهدته عيناي من تشرد تلك النساء باسبانيا، وغصة في قلبي لأن الإعلام المغربي عاجز عن فضح هذه الجريمة ضد الإنسانية، إما لكونه إعلاما متحزبا، فرضت عليه قيود الصمت، وإما كونه إعلاما مرتشى باستفادته من تقسيم كعكة الخمس مليارات الوزعة من أموال الشعب على المنابر الإعلامية، بمبرر دعمها ظاهريا، لكن الأمر هو إسكاتها وتكسير أقلامها الحرة باطنيا، وبالتالي فلا أحد يهمه الأمر سوى جلب العملة بأي طريقة، وعلى حساب أي مبادئ... وهذا الجرح هو الذي جعلني أفكر بكل صدق في صياغة مضمون هذه الدعوة الاستعجالية، موجها إياها أولا لكل المغاربة الحقوقيين من المناضلين الأحرار المتواجدين باسبانية خاصة، وبأوروبا عامة، قصد التحرك بكل الوسائل لإبراز هذه الجريمة في حق المرأة خاصة والإنسان عامة، لحماية هؤلاء النساء من اللواتي زاولن عمل العبودية والاستعباد، والاحتقار، والرق، ثم الضغط على إسبانيا لتتحمل مسؤوليتها في تسديد مبالغ مالية لكل العاملات من المطرودات، احتراما وتنفيذا لشروط العقد الذي ربط بينهن وبين مشغلهن، ثم فتح تحقيق نزيه في هذه النازلة، ومنح أوراق الإقامة لكل هؤلاء العاملات وفقا للقانون الأوروبي الذي ينص على أنه: يحق لكل من كان ضحية العبودية، والرق، والاستعباد، الحصول و التمتع بأوراق الإقامة بالدولة التي كان فيها ضحية لذلك. وفي هذا الإطار، تم رفع دعوة استعجالية يوم 23 يوليوز 2008، لكل من رئاسة الاتحاد الأوروبي، وقسم شكاوي المواطنين بنفس الاتحاد، ومحكمة العدل الدولية بلاهاي، وللمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بستراسبورغ، قصد إجراء بحث نزيه، ومحايد، ومعاقبة كل من شارك من قريب أو من بعيد في هذا الجرم، وتحميل إسبانيا المسؤولية الكاملة في ما جرى لهؤلاء النساء، مع اعتبار هذه الدعوة بمثابة الميزان الذي يجب أن توضع فيه هذه الجهات حتى يتم التأكد من وزنها الحقيقي، فيما تتحدث عنه من حقوق الإنسان، وهل هي حقوق بالمعنى الشامل للإنسان على هذا الكون، أم أن تلك الحقوق لا تعني سوى مواطني تلك الجهات من الدرجة الأولى؟ أي الأوروبيين فقط، دون الشعوب الأخرى المضطهدة تحت الراية الأوروبية، و داخل الجغرافية والتاريخ الأوروبي نفسه، لأن الضحايا هذه المرة من غير الشعوب الأوروبية.. فماذا يمكن القيام به لأعادة الاعتبار لهؤلاء النساء المستعبدات... بإقصائهن من كل شيء كالتعليم، والصحة، والسكن، والتشغيل، ثم استعبادهن من قبل إسبانيا كعضو بالاتحاد الأوروبي؟ فأين تكمن حدود الإنسانية حقا حتى يتم الدفاع عنها بكل حزم؟ وفي هذا الصدد، توصلت يوم 5 غشت 2008 برد من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مراسلة رقم 08-37091 قصد مدها بمعلونات دقيقة في أجل لا يتعدى ستة أشهر، قصد تمكينها من فتح تحقيق في الموضوع، كما توصلت بجواب يوم 14 غشت 2008 من مكتب شكاوي الموطنين بالاتحاد الأوروبي، مراسلة رقم 116011 يشرح فيه أن أمر التشغيل الموسمي بأسبانيا، هوعقد بين الجهات المغربية، والجهات الإسبانية، والوزير الأسباني للشغل هو المسؤول عن كل هؤلاء العمال الموسميين، وبالتالي يُرجى توجيه شكاية في الأمر إلى وزير التشغيل الأسباني مباشرة، وهو ما قمت به يوم 19 غشت 2008 عبر البريد المضمون، وحتى حدود الساعة، لم أتوصل منه بأي جواب، كما توصلت بمراسلة رقم 116555 ، يوم 29 غشت 2008 من الكاتب العام للاتحاد الأوروبي؛ الذي عبر عن قبوله لهذه الشكاية التي منحها رقم08-1160 متعهدا أن يعمل على ترجمتها لكل لغات الدول المكونة لجسم الاتحاد الأوروبي، وعرضها عليهم، مطالبا منهم رأيهم في النازلة، حتى يقع إجماع في التعامل مع هذه الدعوة، وقد يراسلني في كل الحالات لشرح كل التفاصيل، بل قد يتم استدعاء نساء ضحايا تلك العبودية والاستعباد للإدلاء بشهادتهن أمام باقي أعضاء الإتحاد الأوروبي إذا لزم الأمر ذلك، وفي هذا الصدد، أعد العدة لإيجاد محام ببلجيكا للدفاع عن هذه القضية التي لا تخرج عن عبودية القرن الواحد والعشرين.