90% من المحلات بالقرية الصناعة مغلقة مهجورة..95 % من الجمعيات لا تتوفر على حساب بنكي " لم أتوصل براتبي الشهري منذ ثلاثة أشهر، وأنا ضمن مجموعة مكونة من 21 موظفا يعيشون نفس الإكراه..". بهذا صرح موظف فضل عدم ذكر اسمه. هو أب لثلاثة أبناء، تم تنقيله من مدينة بوعرفة إلى وجدة منذ أربعة أشهر، بكيفية يقول عنها:" قضيت 15 سنة من العمل بفرع غرفة الصناعة التقليدية ببوعرفة، كنت ضحية تعسف من شخص أصبح بقدرة قادر يسير الفرع، رغم أنه في الأصل مكلف بالحراسة!. اعتدى على زوجتي التي قدمت شكاية معززة بشهادة طبية تثبت العجز لمدة 25 يوما، وعوض تطبيق القانون، أديت الثمن تعسفا بإبعادي عن زوجتي وبناتي لنعيش ظروفا اجتماعية واقتصادية صعبة بحكم راتبي الضعيف الذي هو كما قلت موقوف لحد الآن...". أين أسباب عدم توصل الموظفين براتبهم الشهري؟. محمد العزوزي، مستشار غرفة الصناعة التقليدية بمدينة وجدة والإقليم، يقول:" في هذه الوضعية الحرجة، أتساءل عن المسؤول، هل هو الرئيس، أم المحاسب؟ توجد أطراف تتحكم في وضعيات الموظفين بأشكال لا منطقية، وغير قانونية، والمفروض على كل من وزارة المالية، ووزارة الصناعة التقليدية تحمل المسؤولية لأن الموظفين يعيشون أوضاعا اجتماعية واقتصادية محكومة بإكراهات، ولا يقوون على الرد لسبب الضغوطات التي تمارس عليهم، وبالتالي يخافون على مصيرهم كما حدث للذي تم تنقيله من بوعرفة إلى وجدة. أين المراقبة؟ لا بد من لجنة تفتيش ومحاسبة ما دام المشكل قائما بين الرئيس والمحاسب، ويؤدي ثمنه موظفون لا دخل لهم في الخلافات بين الطرفين". هذا المشكل المادي، قاد الجريدة إلى البحث في واقع غرفة الصناعة التقليدية بوجدة، وعن النظام السائد فيها، أجاب محمد العزوزي:" هو نظام ما يزال خاضعا لظهير 63، رغم بعض التعديلات التي أدخلت عليه في مراحل انتخابية، ولم تمس الجوهر، وتم الاكتفاء فيها بما أعتبره محافظة على مكاسب تهم رؤساء الجامعات ورؤساء الغرف فقط، في الوقت الذي كان يجب تطوير النظام ليساير المستوى الوطني والدولي أيضا..". وعن مكونات تنظيم القطاع المرغوب فيه، يقول المستشار:" إن النظام السائد حاليا يحارب أي مبادرة تقوم بها الدولة، وقد سبق للوزير الحليمي على عهده أن قدم مبادرة تنظيمية للقطاع، إلا أن مشروعه للأسف تم إقباره من لوبي مكون من بعض رؤساء الغرف والجامعة لسبب بسيط، هو أن الكثير من المسؤولين ليس لهم أي علاقة بقطاع الصناعة التقليدية، وبالتالي يجتهدون للمحافظة على مصالحهم بالدرجة الأولى، والأكثر من هذا أن بعضهم وصلوا إلى غرفة المستشارين ولا صفة مهنية لهم..". وعما إذا كان للمستشار دليل في هذا الاتجاه، لم يتردد محمد العزوزي في القول:" رئيس غرفة الصناعة التقليدية بوجدة هو صاحب حمام، فأي علاقة للحمام بالصناعة التقليدية؟!" ركزت الجريدة ثانية على مكونات التنظيم المطلوبة، وفي إطارها قال المستشار:" المفارقة الواضحة التي لا يقبلها أي تنظيم يراد به التقدم، هي أن ظهير 63 يشير إلى أن الغرفة جمعية، في حين أنها مؤسسة منتخبة، لا جمعية، ولهذا لابد من تغيير يمس الظهير، ويأتي بقانون يفصل بين الإدارة ومجلس التسيير. ثم أي علاقة للمدير كتسمية في إطار غرفة؟ وأي علاقة تربط بينها وبين المندوبية؟. إنه خلط يجب إعادة النظر فيه بشكل جدي. المطلوب كذلك، تدخل الدولة وهيكلة القطاع لاعتبار أن مداخيله مهمة ارتباطا بالعملة الصعبة، ثم مراعاة الجانب الاجتماعي للموظفين، مثلا: الفوكاريم لا يحل مشكل السكن لضعف المداخيل، والصناع التقليديون بسطاء، ويؤدون ضرائب الأرباح وضريبة السومة الكرائية( الباتانتا) بالشكل الذي لا يقوون عليه..". وعن طبيعة التسيير المالي بالغرفة، صرح المستشار بالقول:" لا بد للدولة أن تشدد المراقبة على الغرف، والملاحظ أنه لا يوجد افتحاص مالي ولا إداري، وعلى وزارة الصناعة التقليدية ووزارة المالية أن تحكما المراقبة وترسلا لجنا للتفتيش، كما على السلطات المحلية أن تتدخل لإيقاف النزيف المالي للغرفة..". الجريدة سألت عن الدليل، وكان الجواب:" في إطار التدرج المهني مثلا، تنفق الدولة أموالا كثيرة على الخاضعين للتكوين( تلاميذ نتاج الهدر المدرسي، تلاميذ عجزوا عن متابعة دراستهم للضعف المادي، يتامى... إلخ.)، والمسجل أنه لا الغرفة ولا المندوبية قامتا بتقييم للوضعية، بمعنى أن الميزانية على الأوراق تصرف لفائدة 300 متكون، وواقعهم لا يتجاوز 150 متكونا!، وهذا هدر للأموال العمومية، ثم يجب إثارة الانتباه إلى أن الجمعيات حاضرة بقوة بالغرفة لأجل السيطرة، علما أن 95% منها لا تتوفر على حساب بنكي، فأين تطبيق مقتضيات القانون المالي؟". المستشار أحال الجريدة أيضا على الفصل 14 من القانون الأساسي لجمعية الشؤون الاجتماعية للصناعة التقليدية لعمالة وجدة أنجاد، وسجل ملاحظة أنه قانون يحمل تعسفا على الحريات العامة في شقها المتعلق بحرية تأسيس الجمعيات لتبقى حكرا على الغرفة:" لا يمكن إحداث جمعية مماثلة من طرف أي كان من المنتمين إلى القطاع، صناعا كانوا أو موظفين بعمالة وجدة أنجاد، إلا أنه يمكن أن تنبثق عن الجمعية لجن تابعة لها على صعيد عمالة وجدة أنجاد بقرار من المكتب التنفيذي ومصادق عليه منه"!. من الأمور المثيرة في واقع الصناعة التقليدية بوجدة أن القرية الصناعية أصبحت مهجورة لأسباب متداخلة، يقول عنها مصدر الجريدة:" اكتشفنا أن بعض الحرفيين استفادوا من محلات داخل قرية الصناعة التقليدية، إلا أنهم كانوا يحاربون دور القرية بتوجيه من الغرفة، فأصبح 90% من المحلات مغلقا، و80% من أصحابها أمام القضاء لعدم أداء واجب الكراء..". ومن الأمثلة الأخرى التي يسوقها المستشار محمد العزوزي مساهمة في الفراغ الذي تعيشه الغرفة:" أنها لا تتوفر على ميزانية تستجيب لأداء وظيفتها العملية التنموية، كما أنه وقت إقامة المعارض، تستبدل المحلات الموجودة بالخيم التي تكتريها الغرفة، إلى جانب أن القرية لا تتوفر على البنية التحتية المطلوبة، مع تسجيل اختلالات ترتبط مثلا بالشراكات، ومنها الشراكة مع شامبان أردين الموقع عليها منذ 05 سنوات، والتي تبقى إلى الآن غير مفعلٌة بسبب سوء التدبير، تنضاف إليها الشراكة مع مجلس الجهة ذات المصير نفسه لعدم طرق الأبواب...". محمد العزوزي يختم بالتوقيع على أن وزارة القطاع الصناعي تتحمل مسؤوليتها لأنها لم تعط قيمة لقرية الصناع بوجدة، في الوقت الذي تدعم القطاع بمدن مغربية أخرى، وتكتفي بإحالة الصناع التقليديين والحرفيين بوجدة على الأبناك رغم ما لهذه الإحالة من مشاكل لا يقوون عليها...".