في لقاء صحفي بوجدة حول بعض القضايا الحزبية والوطنية عبد القادر كترة صرح نبيل بنعبد الله عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في اللقاء التواصلي الذي عقده مساء يوم الأحد 27 دجنبر الجاري مع بعض المنابر الصحافية؛ أنه من الصعب القيام بتحليل مستفيض على إثر المحطة الانتخابية الأخيرة وتجلياتها، حيث اتسمت برجوع قوي لعدد من الأساليب المسيئة للبناء الديمقراطي في بلادنا، تتمثل في تدخل المال، و تدخل عدد من مفسدي الإرادة الشعبية لا علاقة لهم بممارسة سياسية تنبثق من الأخلاق، وممارسات الإغراء أو تمييز بعض العناصر المنتمية للسلطة لفائدة المرشحين.، وهو الأمر الذي ساهم في تبخيس العمل السياسي في بلادنا. وتساءل إلى أين نريد أن نصل بهذه الممارسات وإن كانت هناك رغبة في صياغة رغبة سياسية جديدة بشكل غير طبيعي في مغرب اليوم ومغرب المستقبل، وأن هناك تحضير لانتخابات 2012 من أجل فرز قوى جديدة ستعمل على تسيير الشأن العام. وعبّر عن رفض حزبه أن يتم ذلك بشكل سطحي فوقي مصطنع لا يستعمل الآليات الحقيقية؛ من شانها أن تصحح اعوجاج الحقل السياسي، بل يجب تصحيح هذا الواقع من خلال قوانين انتخابية سليمة تجنب الحقل السياسي المغربي الترحال وتحالفات غير طبيعية وضغوطات مورست في عدد من المجالس، مكاتبها ورؤسائها والاتخابات الجهوية في تشكيلها وانتخاب رؤسائها، وكذا تجديد ثلث مجلس المستشارين. وأكد على أن الصف التقدمي الديمقراطي في أمسّ الحاجة، من أي وقت مضى، إلى أن يعبر في صوت موحد عن ضرورة الخوض في تعاقد سياسي جديد، مشيرا إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة يدافع عن فكرة هذا الصف الدمقراطي خرج عن التوافق التاريخية ودخل في عهد ما سماه بالنمطية السياسية،"ونحن نقول فليكن، لكن ذلك لا يمنع أن يكون هناك تعاقد حقيقي، ليس بمفهوم التعاقد بين المؤسسة الملكية وبين قوى الصف الوطني والديمقراطي والتقدمي، لكن بمفهوم أننا نعي تماما أن المؤسسة الملكية توجد فوق الجميع وعلينا أن نتفق كقوى سياسية على قواعد لعبة جديدة تتيح إمكانية الدخول في جيل جديد من الإصلاحات، وتؤمن للانتقال الديمقراطي المغربي أن يصل إلى مبتغاه، سواء تعلق الأمر بإصلاحات سياسية أو دستورية أو اقتصادية أو اجتماعية...". وذكر بأن حزب التقدم والاشتراكية مقتنع بالكتلة الديمقراطية بالرغم من الاختلافات الموجودة بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وسيواصل مساعيه من أجل تقريبهما وإعطاء نفَس جديد للكتلة، وفي ذات الوقت يسهر على توحيد الصف اليساري مع من يريد ومع من له استعداد، ووجد ذلك صدى لدى جبهة القوى الديمقراطي والحزب العمالي وهو ما يفسر تشكيل قطب حداثي تقدمي سيظل مفتوحا على باقي قوى اليسار... مشيرا إلى أن المغرب في أمسّ الحاجة إلى أن تظل قوى يسارية تقدمية ديمقراطية متشبثة بمبادئها، واقفة تعمل على تصحيح الإعوجاجات التي يمكن أن يشهدها المسلسل الديمقراطي في بلادنا وتعمل على الخروج من نوع من السبات الذي جعلها عجزت على أن تكون قوة مُقترحة لبدائل وتصورات ومقترحات ملموسة قادرة على أن يكون لها صدى لدى الجماهير. وأشار إلى أن اللجنة المركزية للحزب قررت عقد مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية أيام 23 و24 و25 أبريل المقبل، على أساس ان يكون هذا المؤتمر محطة نضالية كبيرة تسهم باستنهاض همم حزب التقدم والاشتراكية، ومناسبة لتصحيح اعوجاجته الداخلية ويوحّد أكثر صفه ويتفق على عدد من أساليب العمل التي من شأنها أن تخدم المشروع السياسي الذي يؤمن به، الذي سيعمل المؤتمر على تدقيقه إبان التحضير له؛ حيث سيفتح نقاش واسع مع المواطنين والمواطنات عبر أجهزة الحزب بمختلف المدن والقرى المغربية من أجل إشراكهم في المناقشات الداخلية والاستفادة من آرائهم وملاحظاتهم وانتقاداتهم لهذا المسلسل ، " كما سنسعى إلى جعل من هذا المؤتمر محطة لتجديد أساليبنا وقياداتنا للخروج بنتائج قادرة على خدمة الأهداف التي آمَنّا بها دائما، وفي هذا الاتجاه سنشتغل بصعوبات في جو سياسي يتسم بعزوف كبير من قبل جزء كبير من الساكنة المغربية عن العمل السياسي...". وذكر نبيل بنعبالله عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بما وصفه بالجوّ الذي يتسم بتساؤلات عريضة عند المواطنين تتعلق بتبخيس عمل الأحزاب كيفما كانت، معتبرا أن الخطورة الكبيرة تكمن في وقوف هذه الأحزاب للتفرج على ذلك الواقع، مشيرا إلى أنه لا يمكن بناء أي ديمقراطية متقدمة دون الاعتماد على فاعلين سياسيين يتمتعون بقدرة كبيرة وتأطيرية واسعة. ونفى بنعبد الله أي فكرة انسحاب من الحكومة، لأن ذلك في غير صالح الأحزاب المتكتلة التي تشكل الأغلبية، متسائلا " لمن سيترك المجال مفتوحا، ومن بإمكانه أن يعوض ذلك". وأشار أن أي انسحاب بقرار انفرادي، مع العلم أن هناك اتفاق بين عناصر الكتلة لتدخل فصائلها موحدة، لحكومة ما بعد 2007، وتخرج منها موحدة، ستكون عواقبه وخيمة في تكسير التحالفات وإحداث نوع علاقة التوتر أطراف أخرى نافذة في القرار السياسي المغربي. وعن سؤال حول اعتبار حكومة الفاسي أضعف حكومة عرفها المغرب، صرح بنعبد الله أنه حُكم يدخل في خانة ميولات الإعلام المغربي في إطلاق ألقاب بشكل متسرع، وتساءل" هل حكومة الفاسي هي أضعف من الحكومات التي نتذكرها، حكومة كريم العمراني، حكومة السيد عصمان، الحكومات المتتالية التي كان لها إسهام كبير في نهب المال العام، والتي كانت في إبانها الرشوة ضاربة أطنابها، والتي لم تقدم أي إسهام للمغرب في بعده الاجتماعي؟". وشكك في صحة الرتب الممنوحة للمغرب في جميع المجالات من طرف المنظمات والهيئات الدولية، وهي التصنيفات التي تعتمد إحصائيات تنشرها صحف مغربية، ومن عدد من المنظمات غير الحكومية، حسب تصريح بنعبدالله، في الوقت الذي لا يمكن لتلك المنظمات الدولية أن تتسلم تلك الاحصائيات بدول مجاورة إلا من حكوماتها، كما أشار إلى أنه يجب مقارنة واقع المغرب سابقا بواقعه حاليا. وحول ما يتم الحديث عنه من تراجع في حرية الصحافة، نفى الوزير والمسؤول السابق عن الحقل الإعلامي بالمغرب ذلك؛ مشيرا إلى أن له مقاربته الخاصة والشخصية لبعض الحالات، وتساءل إن كان هناك مراقب عام يزور مقرات الجرائد ومطابعها والأكشاك ويراقب الكتابات كما كان ذلك في الثمانينات وقبلها. وتساءل إن بقيت هناك طابوهات وخطوط حمراء،" يتحدثون عن الملك باستمرار وحتى عن حياته الشخصية... وبخصوص الوحدة الترابية هناك من يكتب بصريح العبارة افتتاحيات انفصالية في جرائد مغربية، هل هذا تراجع؟ هناك من يكتب عن الشواذ وعن الجنس... هذا كله موجود في المغرب ويمكن قراءته، حول شطاحات الليل والدعارة والصور... هل هذا تراجع في حرية الصحافة؟". وأشار إلى أن هناك نوع من التشنج جعل بعض أطرف من الدولة تسأم وتتعب من تجاوزات الصحافة كما أن جزء منها يمارس الاستفزاز اليومي في طرق معالجة عدد من القضايا، مذكرا بما تم ترويجه من تأويلات حول صحة الملك بعد بلاغ وزارة القصور والتشريفات الملكية. وأشار إلى أن الحلّ المهم اليوم هو الرجوع إلى طاولة الحوار، والخروج مجددا بمشروع قانون الصحافة المتفق عليه من طرف منظمات مهنية والموافقة عليه من طرف الحكومة والبرلمان، وتأسيس مجلس وطني للصحافة يجعل الصحافيين يتكفلون بالتنظيم الذاتي، وتقنين هذا الحقل، وأن تكون لهم الشجاعة بمعاقبة أنفسهم بأنفسهم دون تدخل الدولة، وأن للدولة سياسة لدعم الصحافة الوطنية أكثر مما هو عليه، مع العلم أن 50 مليون درهم مخصصة لدعم الصحافة المغربية على مختلف منابرها ومختلف توجهاتها دون أن يناقشهم احد حول ما يكتبون... واعتبر المرحلة تمر بصعوبات، رافضا في ذات الوقت أن تقوم السلطات باقتحام جريدة وحجز أعدادها وتشميع مقرها، " إذ ليس هناك أي نص قانوني يخول للدولة القيام بذلك، لكن في ذات الوقت لا يمكن أن نقول إن الصحافة توجد فوق القانون، والصحافي فوق القانون يكتب ما يشاء، ويسبّ من يشاء، وأنه مواطن معفى من تطبيق القانون.. ليست هذه هي الديمقراطية...".