عدد من اللاجئين الليبيين كانوا ينتظرون دورهم للتزود بالمواد التموينية من مركز الخير للاستقبال والإيواء في محافظة تطاوين في الجنوب التونسيّ، الحرارة في الخارج شديدة، ورئيس "مركز الخير" يحاول تقديم المساعدة حتى لا يكون الانتظار طويلاً. توافر المواد الغذائية ولكن .. عمر عبدالله أبو زخار من مدينة يفرن الليبية في جبل نفوسة يقول ل"إيلاف": "وضعنا جيد، والإخوة التونسيون وقفوا معنا وقفة الأخ لأخيه ووفروا لنا كل ما يستطيعون طيلة أشهر، لقد بذلوا مجهودات كبيرة مادية ومعنوية وعينية إلى درجة اقتسام منازلهم معنا وتوفير مساكن مجانًا، لقد استقبلونا في بداية الحرب عندما كنا هاربين بعائلاتنا خوفا من بطش كتائب القذافي، الوضع الحالي فيه الكثير من الصعوبة بسبب نقص بعض المواد خلال شهر رمضان". منصور محمد منصور وهو عضو في المجلس الانتقالي في نالوت تحدث بكل فخر قائلا: "حضرت المعارك الأخيرة في منطقة الحوامد بصحبة أبنائي الأربعة، ولكن عندما جاء شهر رمضان لا تستطيع العائلة البقاء هناك بسبب فقدان الماء والكهرباء والاتصالات مقطوعة، لذلك فالوضع صعب جدًا وخيرت أن أبعد أفراد العائلة وأبقي أبنائي مع الثوار، وأنا دائم التنقل بين تونس وليبيا لأنني عضو في المجلس الإتقالي، ولذلك أقوم هنا بالعمل على مساعدة الليبيين اللاجئين". "وفرنا ما يلزم لشهر رمضان" رئيس "مركز الخير" للاستقبال والإيواء، البشير الحرابي أكد في إفادات ل"إيلاف" على أن هذا المركز وبالتعاون مع المنظمة العالمية للغذاء ومنظمة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين تم إعداد برنامج لمساعدات خلال شهر رمضان نظرًا إلى خصوصيته. وقال: "انطلاقا من يوم 16 يونيو الماضي، تدخلت منظمة الأممالمتحدة لمساعدتنا على تقديم المواد الغذائية للاجئين الليبيين، وقد تم تزويدنا بنحو 334 طردًا يحتوي مواد غذائية مختلفة، ويوم 29 من الشهر الماضي تدخلت منظمة الأغذية العالمية وأمدتنا بكميات طيبة من المواد الغذائية ولشهر رمضان تم إعداد طرود خاصة يتم توزيعها على الليبيين كل أسبوع وفيها كل المواد التي تستهلك في شهر رمضان". هذا المركز يوفر مساكن لأكثر من 2353 عائلة ليبية في كامل أنحاء الجمهورية حاليًا يوفر ل 730 عائلة في شهر رمضان، ويضيف الحرابي:"هذه الإعانات التي تلقاها المركز من المنظمات الأممية بقدر أهميتها فهي لا تكفي لتغطية الغذاء لهذا العدد الكبير من الليبيين الذين يزورون المركز يوميًا، وبالتالي فإن المساعدات اليومية من أهل الخير في تونس هي التي تجعلنا نواصل تقديم المساعدة، مع الإشارة إلى أننا لم نتلق أي مساعدة من أي نوع من الحكومة التونسية". المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتدخل تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمساعدة الليبيين المقيمين في مدن الجنوب التونسي، ويوضح ممثل المفوضية كمال دريش ل"إيلاف": " لقد بلغ عدد اللاجئين في بداية الثورة الليبية 55 ألف لاجئ من بينهم 22 ألفا في محافظة تطاوين، وحتى نقوم بعملنا على أحسن وجه ركزنا فريقا في المعبر الحدودي وازن- ذهيبة للتدخل المباشر وفض المشاكل التي تحصل للاجئين. أما عن المواد الغذائية وقبل شهر رمضان فقد وفرنا الغذاء لأكثر من 8 آلاف عائلة في تطاوين ودفعنا جزءًا من فواتير استهلاك الماء والكهرباء ل 800 عائلة، وفي شهر رمضان أعددنا مساعدات غذائية لأكثر من 8 آلاف عائلة وزعنا منها لأكثر من 6 آلاف عائلة بمعدل مرة في كل أسبوع، وما بقي، أي نحو مساعدات لألفي عائلة، سنوزعها على العائلات التونسية المحتاجة. كما قدمنا مساعدة لبلدية تطاوين قيمتها 150 ألف دينار (115 ألف دولار) وخصصنا مساعدات قيمتها مليون يورو لفائدة مستشفيات ولايات الجنوب التي تستقبل اللاجئين الليبيين في تطاوين ومدنين وبنقردان وجرجيس، إلى جانب توفير الأدوية للصيدليات خلال ثلاثة أشهر". موائد رمضان.. بلا "بازين" و"معسلة" و"بسبوسة" تتعدد الطلبات وتكثر الشهوات في شهر رمضان، عادات وتقاليد من مأكولات وحلويات تحتل مكانا في موائد الإفطار، لكن عددًا قليلا من اللاجئين الليبيين يتمكنون من توفير ما تشتهي العين، فشكري الشتيوي (موظف في شركة الكهرباء في نالوت) يؤكد أنه يحس بشيء من المرارة نظرًا إلى قلة المال فهو لم يتحصل على معاشه منذ شهر فبراير الماضي. وإن كانت الشهوات عديدة في هذا الشهر الكريم، فهو لا يقدر على تحقيقها كلها، فمائدة الإفطار تشهد نقصًا واضحًا في الفواكه والخبز المحشي و"الشراريح". أما علي أحمد رحومة فيقول "مائدة الليبي في رمضان لا يمكن أن يغيب عنها البازين والبوريك والبراك، وهذا لا يمكن توفيره كله، ورغم ذلك نحمد الله". في حين يوضح علي أحمد بديدي متحسرا: "رمضان هذا العام يختلف كثيرًا عن رمضان، وأنت في بيتك، ولكن نحن أفضل بكثير من الإخوة الثوار في مناطق النزاع لدحر الطاغية وتخليصنا من جبروته وأبنائه، والواقع أن المائدة الرمضانية الليبية تزخر بأصناف وأطباق كثيرة، وتختلف الوجبة الرئيسة من أسرة إلى أخرى، وتعد أكلة (البازين) أكلة شعبية ليبية من الأطباق الخاصة التي يقبل عليها الليبيون في رمضان، وهناك أكلات أخرى، ومنها الكسكسي والأرز بلحم الخروف ومعكرونة المبكبكة والبوريك". عادوا .. ثم عادوا قبل دخول شهر رمضان، ومع ورود أخبار جيدة بتغلب الثوار على كتائب القذافي وسيطرتهم على كل مدن الجبل الغربي، توسم آلاف من الليبيين الخير، وخيروا العودة إلى بيوتهم في ليبيا، لكن ذلك لم يدم طويلاًَ. فشكري الشتيوي يقول: "الوضع متردّ في نالوت، فعودتي إلى بيتي لم تدم أكثر من ليلة واحدة، عدت بعدها من جديد إلى تونس، فهناك الكهرباء مقطوعة، والمتساكنون يعيشون في ظلام دامس، والوضع لا يزال غير آمن، لذلك فالخوف من عودة الكتائب لايزال يؤرقنا". "اللّمّة" وصلاة التراويح العائلات الليبية تعتبر شهر رمضان شهر التلاقي والتسامح والبركة والإيمان، فهم يجتمعون يومياً فيما يعرف ب(اللمة) باللهجة المحليّة في منزل الوالد لتناول طعام الإفطار سوياً طوال الشهر الفضيل ويحرص الجميع على زيارة الأهل والأقارب والأصدقاء". هذا ما عبّر عنه فرحات سالم محفوظ، بينما أضاف مفتاح علي أحمد: "عند وقت الإفطار يجتمع أفراد العائلة على المائدة، وبعد الانتهاء يذهب الرجال والنساء إلى المساجد لصلاة التراويح، وفي هدا الشهر تتبادل الأسر الليبية الزيارات، وفيه يقوم كل شخص في الأسر الليبية بمحاولة ختم القرآن". أيام العيد ستكون صعبة علي أحمد رحومة، الذي يتداين ألف دينار شهريًا من بعض الأقارب الليبيين في مدينة زليتن، يؤكد حيرته قائلاً: "بالرغم من أنني قادر على توفير ما يلزم لاعتمادي على التداين فإني أفكر جيدًا عند حلول العيد وضرورة توفير رغبات وطلبات الأطفال في عيدهم من ملابس جديدة وألعاب". شعر "بوشفشوفة" عضو المجلس المحلي الانتقالي في الحوام (نالوت) قال شعرًا قد لا يفهم بعض عباراته الكثير: "كش ملك يا متبّع طريق عونجي ** في الموت ما هو يرنجي بوشفشوفة ** لمدّ جيوشه واحتشد في صفوفه يحساب رقي الكاف زي حشروفه ** خذي كف خلاه الحنك معونجي روّح يمرّد طايبات كفوفه ** حنّوه بالقبار والعرفنجي". نداء إلى المجلس الوطني الانتقالي الليبي يتوجه محمد يوسف (من مدينة نالوت) بنداء إلى المجلس الانتقالي الوطني في بنغازي عبر (إيلاف)، يقول فيه: " أطلب من المجلس الإنتقالي أن يدعمنا ويصرف لنا مرتباتنا التي لم نتحصل عليها منذ ستة أشهر، وهو ما يجعلنا في وضعية صعبة، خاصة إذا تواصلت الأمور أشهرًا أخرى، ومن ناحيتنا لقد قمنا بواجبنا، ونحن هنا في تونس التي فتحت لنا مدارسها لنواصل تدريس أطفالنا، ونجري لهم امتحانات آخر السنة".