أكدت رئاسة الجمهورية في مصر على الطبيعة المؤقتة للإعلان الدستوري داعية لحوار مع القوى السياسية، في وقت جرى فيه طرح عدد من المبادرات من وزير العدل وحزب البناء والتنمية والهيئة الاستشارية للرئيس لإنهاء الأزمة التي احتدمت بعد إصدار الإعلان. في هذه الأثناء دعا مجلس القضاء الأعلى إلى قصر الإعلان الدستوري على تحصين قرارات الرئيس مرسي السيادية فحسب. كما دعا المجلس القضاة إلى استئناف عملهم وعدم الاستجابة لدعوة نادي القضاة للإضراب. فقد أعلن التلفزيون المصري أن وزير العدل المستشار أحمد مكي بدأ وساطة بين الأطراف المختلفة لإيجاد مخرج للأزمة. وعلم مدير مكتب الجزيرة في القاهرة أن الرئيس محمد مرسي يجتمع بمستشاريه الآن للمرة الثانية خلال أربع وعشرين ساعة لبحث الأزمة السياسية. وقال عبد الفتاح فايد إن الاجتماع سيناقش مقترحات تقدمت بها شخصيات سياسية وتنفيذية، تقضي بإصدار مذكرة شارحة تتضمن طمأنة بألا يتجاوز تحصين قرارات الرئيس الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور ومجلس الشورى. في غضون ذلك أطلق حزب البناء والتنمية الذارع السياسي للجماعة الإسلامية مبادرة لإنهاء الأزمة السياسية. وقال عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية صفوت عبد الغني في مؤتمر صحفي إن المبادرة تقضي باجتماع أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور بمن فيهم المنسحبون. وأضاف أن المواد الخلافية التي يستعصي التوصل لتوافق بشأنها يمكن أن يستفتى فيها الشعب لحسم الأمر بشأنها. وقال مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة إن حدة الاحتقان في الشارع خفت، مع وجود ضوء لحل الأزمة من خلال بدء طرح المبادرات لإنهاء الأزمة سواء من وزير العدل أو حزب البناء والتنمية أو الهيئة الاستشارية للرئيس. وذكر أن بيان كل من رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى الجديد يدلل على أن المبادرات السياسية بدأت تؤتي أكلها. وأضاف أن المبادرة تدور حول وضع حلول على اعتبار أن الإعلان الدستوري يهدف لمنع تفكك مؤسسات الدولة وذلك بعد أنباء عن النية لحل الجمعية التأسيسية ووجود أحكام لحل مجلس الشورى، مع تهدئة القوى المدنية من تحول الإجراءات الاستثنائية إلى إجراءات دائمة. من جهة أخرى انتظم العمل اليوم في معظم محاكم المحافظات المختلفة داخل مصر، في حين شهدت إضرابا جزئيا في محافظات أخرى. فقد أفاد مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة بأن دعوة تعليق العمل بالمحاكم، التي أطلقها نادي القضاة أمس احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، لم تلق استجابة واسعة حيث انتظم العمل في معظم محاكم المحافظات المختلفة، في حين شهدت محافظات أخرى إضرابا جزئيا. وأضاف عبد الفتاح فايد أن العمل انتظم في محكمة النقض ومحاكم جنايات القاهرةوالجيزة بدار القضاء ومحكمة جنوبالقاهرة. وقد تظاهر مئات المحامين أمام مجمع المحاكم في القاهرة احتجاجا على دعوة نادي القضاة، في حين شهدت محاكم الغربية والمنيا وأسيوط تعليقا جزئيا. وبينما شهدت مجمع المحاكم في الإسكندرية تعليقا للعمل، تظاهر مئات المحامين أمام المجمع احتجاجا على قرار نادي قضاة مصر تعليق العمل بالنيابات والمحاكم لرفض الإعلان الدستوري. وردد المتظاهرون هتافات ضد رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند وضد نقيب المحامين سامح عاشور، واتهموهما بأنهما يقفان ضد إرادة غالبية المحامين الموافقين على قرارات الرئيس الأخيرة. كما تقدم عضوان في لجنة الحريات بنقابة المحامين ببلاغ للنائب العام ضد المستشار الزند لاتهامه بالعمل على نشر الفتنة في البلاد، وإقحام القضاء في أمور سياسية. رفض الحوار من جهته أعرب رئيس حزب الدستور المصري المعارض محمد البرادعي عن ثقته في "قلق الجيش المصري" مما يجري في البلاد. ولم يستبعد البرادعي في تصريحات لوكالتي رويترز وأسوشتيد برس تدخل الجيش إذا خرج الوضع في مصر عن السيطرة. ورفض البرادعي أي حوار مع الرئيس مرسي قبل إلغائه ما دعاه إعلانه الدستوري الدكتاتوري. في أكد بيان لمجموعة من الأحزاب والحركات المدنية على مطالب المعارضة الثلاثة وهي "إسقاط الإعلان غير الدستوري والدكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي" و"إسقاط اللجنة التأسيسية لوضع الدستور" و"إقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة الداخلية". واتهم البيان الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ب"التعنت وتجاهل مطالب القوى السياسية والوطنية واستمرار استخدام العنف والقوة المفرطة من قبل وزارة الداخلية ضد المعتصمين السلميين بميدان التحرير وإلقاء القبض عليهم". وأوضحت القوى السياسية أنها ستعقد فعاليات ثورية في ميدان التحرير خلال اليومين المقبلين وقبل يوم الثلاثاء الذي دعت فيه إلى مليونية في التحرير. ومن المنتظر أن يتظاهر أنصار جماعة الإخوان المسلمين ومختلف التيارات الإسلامية في مناطق عدة من مصر اليوم تأييدا لقرارات مرسي. وقال مراسل الجزيرة إن مظاهرة جماعة الإخوان سيتم تنظيمها أمام جامعة القاهرة بمحافظة الجيزة وليس بميدان عابدين قرب ميدان التحرير من أجل الابتعاد عن أي احتكاك. من جهة أخرى تواصلت اليوم الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في شارعي قصر العيني ومحمد محمود وسط القاهرة، في حين استمر اعتصام ممثلي القوى المعارضة في ميدان التحرير لليوم الثالث. وقد اجتمع وزير الداخلية المصري أحمد جمال الدين بعدد من القوى السياسية لتهدئة الاشتباكات قرب الميدان.