يعمل القادة الأوروبيون ساعات عمل إضافية من أجل التوصل إلى اتفاق مبدئي يعنى بإنقاذ اليورو، ويأملون أن يكملوه خلال القمة الحاسمة التي ينتظر أن يعقدوها هذا الأسبوع، لكن يتوقع أن يحظى هذا الاتفاق بعدة أجزاء متحركة هدفها إظهار العزيمة على حماية إيطاليا وإسبانيا، وإعادة النظر في الإدارة الاقتصادية لمنطقة اليورو، ومنع حدوث مزيد من أزمات الديون، وفقاً لمسؤولين على دراية بالمحادثات المتعلقة بهذا الأمر. وتجرى الآن مفاوضات بشأن الحل المنتظر لتلك الأزمة في ظل ضغوطات كبيرة من جانب الأسواق والمصارف والناخبين وإدارة أوباما، التي ترغب في إنهاء حالة الغموض التي تكتنف مستقبل اليورو، بعدما أدى إلى حدوث هبوط في الاقتصاد العالمي. وسوف يبدأ القادة الأوروبيون في غضون ذلك بتغيير البنية الأساسية للاتحاد، حيث سيقومون بتكوين شكل من أشكال الإشراف المركزي على الميزانيات الوطنية، مع فرض عقوبات على الدول المبذرة، لإعادة طمأنة المستثمرين إلى أن هذا النوع من أزمات الديون السيادية قد بات تحت السيطرة في الأخير ولا يجب أن يتكرر. وقالت في هذا الصدد اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إن القلق منصب حالياً على إيطاليا وإسبانيا، اللتين صُدِمتا نتيجة تكهنات السوق، حتى في الوقت الذي بدأتا تتحركان فيه صوب إصلاح كياناتهما الاقتصادية. وهي العملية التي أخذت منحى هاماً يوم الأحد، مع موافقة مجلس الوزراء الإيطالي على حزمة من تدابير التقشف لوضع البلاد على طريق المساعدات التي من شأنها تحسين استقرارها المالي. ولفتت الصحيفة إلى أن حزمة اليورو الجديدة، كما يصفها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون، يتم التفاوض عليها الآن جنباً إلى جنب مع أربعة خطوط رئيسة. فهي تشتمل على وعود جديدة بإحداث انضباط مالي سيتم طمره بداخل تعديلات على المعاهدات الأوروبية؛ واستفادة من صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، ربما ضعفي أو حتى ثلاثة أضعاف ميزانه الحالي؛ وجزء من المال من صندوق النقد الدولي لزيادة صندوق الإنقاذ؛ وغطاء سياسي إلى حد كبير للبنك المركزي الأوروبي للإبقاء على شراء السندات الإيطالية والاسبانية بقوة في الفترة الانتقالية، وذلك لضمان عدم تعثر إيطاليا وإسبانيا بفرض أسعار فائدة مدمرة على ديونهما. ومع هذا، نوهت الصحيفة باستمرار وجود بعض الخلافات الهامة، وأنه من المنتظر أن يجتمع اليوم في باريس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في محاولة من جانبهما للتوصل إلى اقتراح مشترك لاجتماع القمة. ورأت النيويورك تايمز أن تلك القمة، التي ستبدأ مساء الخميس، تعتبر فرصة أخيرة هذا العام لتصحيح مسار اليورو، حتى في الوقت الذي بدأ يتكهن فيه بعض المستثمرين والمحللين بانهياره. وقال هنا مسؤول أوروبي بارز: "محاولات الإبقاء على منطقة اليورو مستمرة. لكنها ما زالت محدودة ومتأخرة للغاية حتى الآن". ومن أبرز النقاط مثار الخلاف في الوقت الراهن هي أن الألمان، جنباً إلى جنب مع الهولنديين والفنلنديين، مازالوا يعترضون بشدة على ما يعتبره البعض الحل الأبسط الذي يتمثل في السماح للمركزي الأوروبي بأن يصبح مقرض الملاذ الأخير لمنطقة اليورو وأن يشتري سندات سيادية في السوق الأولية، بكميات غير محدودة. وفي وقت يعمل ساركوزي وغيره من القادة الأوروبيين على طريقة أقل أناقة لإنشاء صندوق لأموال الإنقاذ، تؤكد ميركل أن الوقت قد حان لوضع أساسيات اليورو على مسارها الصحيح. وشددت هنا على ضرورة إجراء تغييرات من شأنها تعزيز مزيد من الانضباط المالي وفرض عقوبات واضحة على الدول غير الملتزمة بالقواعد الصارمة. وترغب أن يوافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تلك التغييرات، وإن لم يتحقق ذلك، فلابد وأن تُقبَل تلك التغييرات من جانب دول منطقة اليورو. --------------- ** المصدر: إيلاف