نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    شرطي يطلق النار في بن سليمان    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    المؤتمر الاستثنائي "للهيئة المغربية للمقاولات الصغرى" يجدد الثقة في رشيد الورديغي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    تجار سوق بني مكادة يحتجون بعد حصر خسائرهم إثر الحريق الذي أتى على عشرات المحلات    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    انتخاب خالد الأجباري ضمن المكتب الوطني لنقابة الاتحاد المغربي للشغل    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأورو في طريقه إلى الهاوية
وزير بريطاني: «أوروبا أشبه بمبنى يحترق دون أبواب خروج»
نشر في المساء يوم 30 - 10 - 2011

لم تكن فكرة تفكك الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، تخطر ببال أحد حتى وقت قريب بسبب أزمة الديون اليونانية التي أضعفت الأورو،
وبات الإنجاز التاريخي الذي تم تحقيقه عبر توحيد القارة العجوز التي مزقتها الحروب الثنائية وحربان عالميتان في خطر شديد ما لم يتم التوصل إلى حلول عملية تنهي الأزمة. وتحدث وزير المالية البولندي روستوسكي صراحة عن إمكانية انقسام الاتحاد، ولم تتردد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في القول إن فشل اليورو يعني فشل أوروبا نفسها.
«ترك الأورو ينهار هو المجازفة بانهيار أوروبا»، هكذا وصف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي خطورة الأزمة التي وصلت إليها عملة أوروبا الموحدة فيما وصف وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ هذا الوضع الخطير بكون المنطقة أشبه بمبنى يحترق دون أبواب خروج مضيفا أن الأورو سيصبح «لحظة تاريخية للحماقة الجماعية».
بدأ كل شيء عندما أقرت اليونان، في أكتوبر 2009 في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية، بأنها تلاعبت بأرقام عجزها المالي مما أشعل شرارة أزمة الديون والتي هزت أوروبا وأدت إلى توقع انهيار الأورو.
مستوى الأورو كان في تصاعد منذ أن أطلق قبل 11 سنة، إلا أن الأزمة الأخيرة أطاحت به من عرشه، وعاد إلى مستوياته قبل 4 سنوات، وسط توقعات باستمرار الانخفاض خلال الفترة المقبلة، حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل إن الاتحاد الأوروبي يتعرض لأسوأ أزمة تعرض لها منذ 50 سنة. فيما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي: «إن السماح بتدمير الأورو يضعنا في مخاطر تدمير أوروبا.. وهؤلاء الذين يدمروا أوروبا والأورو سوف يتحملون مسؤولية تجدد الصراع والانقسام في قارتنا».
أما رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو فقال إن «الاتحاد الأوروبي يواجه أكبر تحد منذ تأسيسه قبل ستين سنة. ونحن أمام لحظة تاريخية حرجة. وإذا لم نسر قدما باتجاه مزيد من التوحد، فإننا سنعاني مزيدا من التشظي». والتحدي الماثل اليوم أمام قادة أوروبا هو كيفية إدارة عملة تغطي 17 دولة ومنطقة مفتوحة بلا حدود تضم 27 دولة، يقطنها أكثر من 500 مليون نسمة، دون وجود حكومة مركزية قوية. ووفق القواعد السارية حاليا، فإن قرارات الاتحاد تتخذ بإجماع الأعضاء، وهو ما يعني أن دولة واحدة بوسعها تعطيل أي تحرك.
اليوم، توصلت دول منطقة الأورو، بعد نحو عشر ساعات من المفاوضات الصعبة خلال قمة حاسمة عقدت في بروكسيل الأربعاء الماضي، إلى اتفاق على الخطوط العريضة لخطة من أجل معالجة أزمتها الاقتصادية تنص على تخفيض ديون اليونان بحوالي النصف ورصد ألف مليار أورو لمنع انتشار الأزمة. وجرى التوصل للاتفاق بحضور مصرفيين ورؤساء دول ومحافظي بنوك مركزية وصندوق النقد الدولي.
وبموجب هذا الاتفاق، تتخلى المصارف عن 50% من الديون المتوجبة لها، ما يوازي مائة مليار أورو من أصل إجمالي الديون العامة اليونانية البالغ 350 مليار أورو. كما ستتلقى اليونان قروضا جديدة من أوروبا وصندوق النقد الدولي بقيمة مائة مليار أورو بحلول نهاية 2014.
من جهة أخرى قررت دول منطقة الأورو رفع قدرة التدخل المنوطة بالصندوق الأوروبي للاستقرار المالي المكلف بمساعدة الدول التي تواجه صعوبات، لتصل إلى ألف مليار أورو في مرحلة أولى. ويفترض أن يسمح هذا القرار بتجنب انتشار أزمة الديون إلى ايطاليا واسبانيا.
ويملك صندوق الإغاثة المالية حاليا قدرة مبدئية على الإقراض بقيمة 440 مليار أورو، وهو ما اعتبرته الدول غير كاف لمواجهة أزمة بحجم الأزمة الحالية.
واتفقت دول منطقة الأورو على آلية تسمح برصد المزيد من الأموال بدون أن تضطر الدول إلى إنفاق المزيد، وذلك من خلال وسيلة «الرافعة المالية».
وتقضي هذه الآلية بتقديم نظام ضمانات للقروض لتشجيع المستثمرين على مواصلة شراء سندات هذه الدول الضعيفة وإبقاء معدلات الفوائد بمستويات منخفضة. وعمليا، يقوم صندوق الاستقرار المالي بضمان جزء من الدين في حال تعثر الدولة المقترضة عن التسديد.
وإلى زيادة الوسائل المالية لصندوق الاستقرار الأوروبي إلى حوالي ألف مليار أورو، بالإضافة إلى آلية أخرى تقضي بإنشاء صندوق خاص يستند إلى صندوق النقد الدولي، يجمع مساهمات دول ناشئة مثل الصين وروسيا. وقد أعربت الصين وروسيا عن استعدادهما للمساهمة في هذا الصندوق.
وفي آخر شق من خطة مواجهة الأزمة، تعتزم منطقة الأورو مواصلة دعمها للبنك المركزي الأوروبي الذي يعمل حاليا على مساعدة ايطاليا واسبانيا من خلال إعادة شراء ديونهما العامة في الأسواق لتفادي ارتفاع معدلات الفوائد على القروض السندية.
شبح الإفلاس واليونان
تتزايد الشائعات حول اقتراب اليونان من إشهار عجزها عن سداد ديونها، في الوقت الذي تواصل فيه إجراءات الإصلاح الاقتصادي المتأخرة كثيرا، حيث قالت إنها سوف تستغني فورا عن حوالي 20 ألف موظف حكومي، وعن 200 ألف بحلول عام 2015. ورغم مرور سنة ونصف من التقشف الاقتصادي الذي شمل زيادة الضرائب وخفض الأجور ومرتبات التقاعد والإنفاق الاجتماعي مازال الوضع المالي لليونان في حالة خطيرة، حيث تواجه اليونان احتمالات إشهار إفلاسها. وكانت المخاوف من إشهار إفلاس الدولة اليونانية قد دفع بسعر الفائدة على سندات الخزانة التي تبلغ مدتها 10 سنوات إلى أكثر من 24 في المائة. وحذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أولي رين، أمام البرلمان الأوروبي من أن عجز أو خروج اليونان من منطقة الأورو ستكون له «كلفة مأساوية» على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ليس في اليونان وحدها وإنما أيضا في كل دول منطقة الأورو والاتحاد الأوروبي وكذلك على الشركاء العالميين.
أمريكا متخوفة
حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن الاقتصاد العالمي سيظل ضعيفا إذا لم تحل أزمة الديون التي تعصف بمنطقة الأورو، مؤكدا أن بلاده تعمل مع نظيراتها الأوروبية لتحقيق الاستقرار المالي.
وقال الرئيس الأمريكي في لقاء مع مجموعة من الصحافيين: «أعتقد أننا سنظل نرى مكامن ضعف في الاقتصاد العالمي ما دامت هذه المسألة لم تحل».
وأكد الرئيس الأمريكي أن بلاده «ضالعة في العمق» في الجهود التي تبذلها الدول الأوروبية لحل أزمة الدين في منطقة الأورو، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن وضع الإستراتيجية المناسبة لمعالجة هذه الأزمة أمر يعود إلى كبرى دول القارة العجوز.
وقال أوباما إن «اليونان هي بالطبع المشكلة الأكثر إلحاحا، وهم بصدد اتخاذ إجراءات لإبطاء الأزمة ولكن ليس لوقفها». وأضاف: «هناك مشكلة أخطر بكثير هي ما سيحدث في إسبانيا وإيطاليا إذا ما واصلت الأسواق مهاجمة هذين البلدين الكبيرين جدا».
ويقول خبير الاقتصاد الأمريكي نورييل روبيني، الذي توقع انفجار الأزمة المالية العالمية: «إن أزمة اليونان قد تدق أسواق الائتمان العالمية وتؤخر التعافي الاقتصادي في العالم، وتؤدي إلى انهيار الاتحاد النقدي الأوروبي، وإن ما حدث في الأشهر القليلة السابقة هو أول اختبار للسوق الأوروبية وللعملة التي تستخدمها 16 دولة في القارة، ولم يستبعد انهيار الوحدة النقدية الأوروبية بسبب الأزمة».
ولا تقتصر المخاوف الأمريكية على الموقف الحكومي، بل شملت أيضا كبار المستثمرين في أقوى اقتصاد في العالم، حيث أكد المستثمر والملياردير الأمريكي جورج سوروس أن مستقبل منطقة الأورو سيظل محل شكوك حتى لو حصلت الدول الأعضاء، التي تعاني أزمات مالية وفي مقدمتها اليونان، على مساعدات، حيث إنه في غياب المؤسسات اللازمة تطرح تساؤلات مهمة عن كيفية التعامل مع الأزمات القادمة.
وفي مقال نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أشار سوروس إلى اختلالات في بناء منطقة الأورو، ورأى أن عملة موحدة تامة الشروط تتطلب بنكا مركزيا وسلطة مالية مشتركة، تتولى استقطاع ضريبة الأفراد في دول المنطقة، ورأى أن نجاة اليونان، التي تجاوزت ديونها أربعمائة مليار دولار ويبلغ العجز في موازنتها حاليا 12.7%، من الأزمة الراهنة سيترك مستقبل المنطقة محل تساؤل.
أزمة اليونان الخانقة
مجموع ديون اليونان للمؤسسات المالية العالمية تجاوزت عتبة 300 مليار أورو، وهذه الديون هي أعلى بكثير من قيمة الإنتاج القومي لليونان، فنسبة هذه الديون تعادل 120 % من دخلها القومي، وهذا يعني أن اليونان دولة مفلسة اقتصاديا. وهي ملزمة أيضا بدفع ما يفوق 50 مليار أورو من هذه الديون في هذه السنة فقط، منها 8 مليارات أورو هي ديون مستحقة للشهر ال 4 من هذه السنة، وكل هذا في ظل تقييم سلبي للاقتصاد اليوناني ما يعقد من وضع اليونان الاقتصادي ويصعب من قدرتها على الحصول على قروض جديدة لتسديد ديونها السابقة. فوق ذلك أن اليونان تعاني عجزا ماليا وصل إلى 7 و12 % وهذا يفوق كثيرا ما يحدده الاتحاد الأوروبي وهو المقرر 3 % وهذا يعني أن على اليونان أن تفعل كثيرا من الإجراءات الاقتصادية للتقليل من عجزها حتى سنة 2012. كما أن اليونان أخفت التقارير المالية التي تكشف عن حجم ديونها الحقيقية، وبالتالي فاليونان مطالبة أيضا باستعادة مصداقيتها عند الدول والمؤسسات المالية العالمية حتى يتسنى لها الحصول على الدعم المالي من هذه الدول والمؤسسات.
وشهدت اليونان زيادة معدلات البطالة بسبب ثلاث سنوات من الكساد والإجراءات التقشفية التي حلت بالخراب على حياة الكثيرين، خاصة الطبقة المتوسطة التي كانت تنعم بالرخاء إلى حد ما.
وأصبحت أحياء عدة تشبه مدن الأشباح، حيث أفلس ما يقارب ربع الشركات. وأصبح بإمكان المتجول في أسواق الشوارع -التي تقام بشكل أسبوعي لبيع الخضروات والفواكه- أن يرى أرباب المعاشات الذين يعانون من ضائقات مالية وهم يشترون المنتجات الرديئة، بينما تبحث أسر بأكملها عن الطعام في صناديق القمامة في أوقات متأخرة من الليل. وبعد أن كان مجتمع المشردين مرتعا للسكارى ومتعاطي المخدرات، باتت الشوارع اليوم أقرب إلى كونها مكانا للطبقة المتوسطة، ومن بينها شباب وأناس فقراء وأسر. ومقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، فإن اليونان لا تملك أماكن إيواء للمشردين تدعمها الحكومة، كما أنه ليست هناك سياسة رسمية لمساعدة المشردين على العودة إلى العمل وإلى المجتمع.
ويقول مدير قسم الاقتصاد في جامعة أثينا، باناجيوتيس بيتراكيس، إن اليونان ظلت تعيش على ما يتجاوز مواردها المالية منذ عقود، بينما تقوم الحكومة اليونانية باقتراض مبالغ كبيرة وتنفق بشكل كبير. وأضاف أنه بينما تتدفق الأموال من خزائن الحكومة، تأثر دخل الضرائب بسبب انتشار التهرب الضريبي.
وقال فان رومبوي، رئيس المجلس الأوروبي إن «الذين يشتركون في العملة الموحدة يجب أن يتخذوا بعض القرارات المشتركة المتعلقة بهذه العملة. أحد أسباب الأزمة هو أن العديدين أساؤوا تقدير مدى ارتباط الإقتصادات ببعضها». وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية في بروكسيل إنه يتعين على اليونان وإيطاليا أن تعتادا على قيام الاتحاد الأوروبي بالتدقيق في أوضاعهما المالية. وقال أمادو التافاج، المتحدث باسم المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين، إنه «ليس هناك خزي من أي نوع في ذلك.. إن الأمر رقابة تمثل أمرا عاديا تماما في اتحاد اقتصادي ونقدي. يجب أن نحمي استقرار منطقة الأورو».
حكومة اقتصادية لمنطقة الأورو
أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون أن أوروبا تتجه «حتما نحو تشكيل حكومة اقتصادية لمنطقة الأورو» بعد أزمة الديون التي كشفت عن «ثغرات في اتحادنا النقدي». واعتبر فيون في كلمة أمام غرفة التجارة الفرنسية-الكورية أن «منطقة الأورو تمر بأسوأ أزمة في تاريخها. لقد كشفت الأزمة عن ثغرات في اتحادنا النقدي». وتابع أن أوروبا التي «تواجه تحديا جديدا» تتجه «حتما نحو تشكيل حكومة اقتصادية لمنطقة اليورو». وتدرس الدول الأوروبية خطة على ثلاث مراحل: الأولى إعادة هيكلة ديون اليونان والثانية إعادة رسملة المصارف الأوروبية لمواجهة ذلك الوضع والثالثة تعزيز صندوق الإنقاذ الأوروبي. إلا أن المفاوضات تتعثر حول خلافات بين باريس وبرلين بشأن تركيبة صندوق الإنقاذ، وذلك على الرغم من تطمينات وزير المالية الألماني ولفجانج شويبله بأن البلدين «على اتفاق تام».
ثلاثة مؤشرات
كتب المستشار الاقتصادي للحكومة الفرنسية، جان بيسانس فيري، قائلا إن أزمة الديون اليونانية تعمق القلق من تفكك منطقة الأورو، وأشار إلى أن هناك ثلاثة مؤشرات تدعم هذه المخاوف. وأوضح فيري أن أول المؤشرات هو أن المؤسسات المالية الأوروبية التي تتمتع بوضع مالي جيد أصبحت تفضل إيداع أموالها في البنك المركزي الأوروبي بدلا من إقراضها للمصارف التجارية، وهو وضع شبيه بما حدث في أزمة 2007-2008. وأكد أن ثمة أسبابا وجيهة للقلق رغم أن المصارف في الولايات المتحدة وأوروبا ما زال بعضها يقرض بعضا.
وثاني المؤشرات يتمثل في كون معدلات الفائدة التي تتقاضاها المصارف على الأموال التي تقدمها للمقترضين في دول جنوب أوروبا أعلى منها في نظيراتها في شمال القارة، وهو ما يعمق ويعقد أزمة الاقتصاديات المتأزمة ويزيد في انقسام السوق الأوروبية التي يفترض أنها موحدة. وبدلا من محاربة هذا التوجه، فإن سلطات الرقابة المالية والمصرفية في شمال أوروبا تعزز هذه الظاهرة من خلال سعيها إلى الحد من انكشاف مؤسساتها المالية للمصارف في جنوب القارة. أما المؤشر الثالث فيبرز أن المستثمرين الدوليين لم يعودوا ينظرون إلى السندات الحكومية في دول جنوب أوروبا بنفس الثقة التي يتعاملون بها مع السندات الحكومية في شمال القارة. هذا التوجه يعكس حجم الخطورة التي ينطوي عليها الاستثمار في السندات الأوروبية الجنوبية، ويمثل تحولا جوهريا في مزاج المستثمر. وإذا ما استمر هذا النمط الإقراضي تجاه دول جنوب أوروبا، القدرة المالية المالية لاقتصادات هذه الأقطار وقدرتها على التعافي ستعاني. واعتبر المستشار الاقتصادي قرار مسؤولي منطقة الأورو لإصلاح الرقابة على الحكومات والمصارف وزيادة رأسمال صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، تحركا هاما، لكنه نصف خطوة. فإذا كان هذا القرار مهما بوصفه يحاصر نيران الأزمة، فإن القضية المركزية تكمن في الحاجة إلى بناء اتحاد نقدي أكثر صرامة ومتانة. وأشار إلى أن الانقسام المتنامي في جسد منطقة الأورو سببه الأساسي الاعتمادية المتبادلة بين المصارف والحكومات. فالمصارف واقعة تحت تهديد أزمات الديون السيادية، لأنها تملك كما كبيرا من سندات حكومات بلدانها، والحكومات عرضة لمخاطر الأزمات المصرفية لأن هذه الحكومات مسؤولة عن إنقاذ مؤسساتها المالية الوطنية. وكل فصل من فصول الأزمة الراهنة يجسد المأزق الناجم عن هذا الاعتماد المتبادل.


إعداد: سهام إحولين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.