عام كارثي لأوروبا مع الأزمة المالية التي حلت باليونان وايرلندا واستوجبت اقرار خطتي انقاذ للبلدين تقابلهما خطتا تقشف كان العام 2010 كارثياً بالنسبة لاوروبا على الصعيد الاقتصادي مع الأزمة المالية التي حلت باليونان وايرلندا واستوجبت اقرار خطتي انقاذ للبلدين تقابلهما خطتا تقشف، ما ارغم منطقة اليورو على بدء حملة اصلاح معمقة لتخطي المحنة. واعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ملخصة الوضع ان "فشل اليورو، فان اوروبا هي التي ستفشل". والواقع ان الازمة مستمرة منذ العام 2008. وبدأت الازمة مصرفية ومالية وقد صدرتها الولاياتالمتحدة الى اوروبا اثر افلاس مصرف ليمان براذرز، ثم تحولت الى ازمة اقتصادية مع حصول اخطر انكماش اقتصادي عرفته اوروبا منذ العام 1945، واتخذت هذه السنة منحى مالياً واجتماعياً تحت تاثير تزايد العجز في الميزانيات والديون، فارضة على جميع البلدان ضبط النفقات. والتقشف على اشده في اليونان التي وصلت الى شفير الافلاس، وفي ايرلندا حيث تم الحد من المساعدات الاجتماعية وتخفيض اجور موظفي الدولة وزيادة الضرائب. وهو الثمن المتوجب تسديده للحصول على مساعدة الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين خصصا قروضاً بقيمة 110 مليارات يورو لليونان في ايار/مايو وقروضاً بقيمة 85 مليار يورو لايرلندا في تشرين الثاني/نوفمبر. وفي هذه الاثناء تراقب الاسواق الدول المرشحة لانتقال العدوى اليها وفي طليعتها البرتغال واسبانيا. وهذه الازمة جاءت بمثابة صفعة قوية لاوروبا التي تشعر بتراجعها ازاء القوى الناشئة. فصندوق النقد الدولي لم يهرع هذه المرة لمساعدة دول مثل المكسيك والارجنتين واندونيسيا، بل دول اوروبية. وفي سياق البحث في التطورات التي اوصلت الامور الى هذا الحد، يشار الى ان المساعدات العامة للمصارف التي تسببت بنشوء الازمة اساساً، تلقي اليوم بثقلها على مالية الدولة. لكن الامر لا يقتصر على ذلك. فاوروبا تدفع ثمن تزايد بطيء وثابت في دينها منذ السبعينات وانتهاء مرحلة النمو الاقتصادي القوي في الفترة ما بين 1945 و1974، وهي منذ ذلك الحين تقترض للحفاظ على مستواها المعيشي. وقال دبلوماسي اوروبي ان "الاسواق اعطت اشارة بانتهاء العطلة". وبعد الازمة الاجتماعية التي ظهرت جليا في بلدان عدة مع التظاهرات العنيفة في لندن ضد رفع الاقساط المدرسية والجامعية واحراق مصرف في ايار/مايو في اليونان ما تسبب بسقوط قتلى والاضطرابات حول اصلاح النظام التقاعدي في فرنسا، من المحتمل ان تقضي المرحلة المقبلة بقيام ازمة سياسية. وقال الرئيس السابق الفرنسي للمفوضية الاوروبية جاك دولور مبديا قلقه ان "اوروبا تتراخى وتعبرها تيارات شعبوية وقومية". وفي هذا السياق يسجل بروز اليمين المتطرف مع تحقيقه اختراقا تاريخيا في السويد عام 2010 وتقدما في دول مثل هولندا والمجر. ويبدي المسؤولون الالمان في الجلسات الخاصة مخاوف من ان يغتنم الشعبويون ازمة اليورو في بلادهم ايضا ويستفيدون من المعارضة الشعبية المتزايدة لدفع ديون دول الجوار. وسعياً منها لتجنب التفكك، باشرت منطقة اليورو التي تعتبر من ابرز مشاريع الاتحاد الاوروبي، عملية تحول من اجل اصلاح نقاط الخلل المتوارثة منذ تاسيسها، من خلال اقرار اصلاحات لم تكن لتخطر في بال احد قبل فترة قصيرة. وقام الاتحاد النقدي بازالة الحاجز الالماني الذي كان يمنع أي آلية تضامن مالي بين الدول وتم اقرار صندوق انقاذ بقيمة 750 مليار يورو بشكل عاجل في ايار/مايو في ختام سباق ضد الساعة لانقاذ اليورو. وسيتم تثبيت هذا الصندوق من خلال تغيير للمعاهدة الاوروبية يبدأ العام المقبل. كما سيتم تشديد شروط الانضباط في الميزانية.وستلزم الدول الاوروبية اعتبارا من العام 2011 بالحصول على موافقة بروكسل على مشاريع ميزانياتها الوطنية قبل طرحها على البرلمان لاقرارها، ما يعتبر بمثابة ثورة حقيقية. وسيترافق هذا الشرط مع تشديد العقوبات بحق الدول المتساهلة بهذا الصدد. وبعدما اعتبر لفترة طويلة من المحرمات، بدأت ملامح اتحاد مالي تلوح في قلب القارة العجوز. وكتب دومينيك هيرليمان الباحث في معهد بيرتلسمان في دراسة "قبل اشهر قليلة كانت قلة من انصار اوروبا المتحمسين يجازفون بالكلام عن الولاياتالمتحدة الاوروبية، غير ان الاتحاد الاوروبي بات اليوم قريبا من هذا المشروع، ليس بدافع المثالية بل بدافع الضرورة وتحت ضغط الاحداث". ميدل ايست أونلاين بروكسل من ياسين لو فورستييه