استجاب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مساء أول أمس الأحد لطلب الدعم المالي المقدم من ايرلندا والذي يصل قيمته إلى 90 مليار يورو, ليصبح هذا البلد الثاني في منطقة اليورو الذي يستفيد هذا العام من دعم مالي بعد اليونان. وأفاد بيان لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي الأحد بعد اجتماع عاجل تزامن مع طلب دبلن رسميا الدعم المالي الأوروبي أن المساعدة الكبيرة التي ستقدم إلى ايرلندا لإنقاذ قطاعها المصرفي «مبررة وترمي إلى ضمان استقرار منطقة اليورو». وأشاد المصرف المركزي الأوروبي برد السلطات الأوروبية, تماما كما فعل صندوق النقد الدولي الذي أبدى استعداده لتقديم مساهمته عن طريق قرض يمتد على أعوام عدة. وفي بيان وزعه مكتبه الإعلامي في واشنطن, أشاد المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس-كان «برد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في منطقة اليورو على طلب المساعدة المالية الذي تقدمت به الحكومة الايرلندية بهدف ضمان الاستقرار المالي». وأضاف «بناء على طلب السلطات الايرلندية, فإن صندوق النقد الدولي مستعد للمشاركة في هذا الجهد, بما يشمل منح قرض يمتد على سنوات عدة». وأوضح ستروس-كان أن «فريق صندوق النقد الدولي الموجود حاليا في ايرلندا لإجراء مقابلات تقنية سيباشر في الحال بالقيام بمحادثات سريعة حول برنامج اقتصادي مع السلطات الايرلندية والمفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي». وكان رئيس الوزراء الايرلندي براين كوين أعلن الأحد أن ايرلندا تقدمت إلى الاتحاد الاوروبي بخطة مساعدة دولية سيتم تحديد قيمتها البالغة اقل من 100 مليار يورو «خلال أسابيع قليلة», وهو ما وافق عليه الاتحاد. وأشار كوين كذلك إلى أن خطة التقشف التي تعد لها دبلن منذ أسابيع طويلة والتي تسبق تقديم المساعدة الدولية سيتم الإعلان عنها الثلاثاء. ولم يتم تحديد المبلغ على الفور, إلا أن مصدرين دبلوماسيين أفادا مساء الأحد وكالة فرانس برس إن المساعدة لايرلندا تبلغ قيمتها بين 80 و90 مليار يورو. وبحسب المصدرين الدبلوماسيين, فإن المساعدة التي ستحصل عليها دبلن ستقارب تلك التي استفادت منها اليونان الربيع الماضي. وحصلت أثينا حينذاك على تعهد بالحصول على قرض بقيمة 110 مليار يورو على ثلاث سنوات لمساعدتها على مواجهة استحقاقاتها المالية. والهدف مشابه تقريبا في حالة ايرلندا. إلا أن المساعدة ترمي بشكل أساسي إلى مساعدة القطاع المصرفي الايرلندي الذي يتكبد خسائر ضخمة بسبب انفجار فقاعة عقارية. وقامت ايرلندا في وقت سابق بضخ 50 مليار يورو إلى مصارفها, ما أدى إلى ارتفاع العجز العام إلى مستوى قياسي في منطقة اليورو بلغ 32% من إجمالي الناتج المحلي لهذا العام. كما أن الهدف من هذه المساعدة يكمن في منع انتقال العدوى الايرلندية إلى دول أخرى ذات اقتصادات هشة في منطقة اليورو, من بينها البرتغال واسبانيا من خلال رفع معدلات الفوائد على السندات الإلزامية. ومن هنا يمكن قراءة الرسالة الأوروبية مساء الأحد الرامية إلى طمأنة الأسواق قبل افتتاحها صباح الاثنين. وفي دليل على البعد الدولي الذي اتخذته الأزمة الايرلندية, فإن مشاورات دارت حول هذه المسألة مساء الأحد بين دول مجموعة السبع (الولاياتالمتحدة واليابان وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا). وفي التفاصيل, فإن ايرلندا ستستفيد من خطة مساعدة للدول التي تواجه صعوبات في منطقة اليورو تم وضعها في الربيع الماضي بعد أزمة المديونية في اليونان, والتي حصل الصندوق المخصص لها على مبلغ 750 مليار يورو, تتوزع على ثلاثة مستويات: قروض مقدمة من الاتحاد الأوروبي ومن منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي. كما تلحظ المساعدة أن تقدم بريطانيا والسويد - وهما بلدان لا ينتميان إلى منطقة اليورو - قروضا ثنائية لايرلندا. والهدف يتمثل بشكل رئيسي بتخصيص صندوق مالي للمساعدة على إعادة رسملة المصارف الايرلندية التي ستكون بحاجة إلى سيولة بحسب بيان الاتحاد الأوروبي. وتضررت هذه المصارف بفعل تفجر فقاعة عقارية نجمت عن الأزمة المالية العالمية. وشهدت دبلن ارتفاعا كبيرا في عجزها العام بسبب عمليات ضخ للسيولة اضطرت للقيام بها لإنقاذ هذه المصارف. ويجب أن يعود هذا العجز إلى السقف المحدد من جانب الاتحاد الأوروبي والبالغ 4% من إجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2014. وفي المقابل, حذر الاتحاد الأوروبي مساء الأحد من أن القطاع المصرفي المدعوم كذلك من المصرف المركزي الأوروبي, يجب «إعادة هيكليته» كما يتوجب تقليص حجمه. وكذلك سيتم الطلب إلى ايرلندا بذل جهود في مجال ميزانيتها العامة, ما يثير منذ الآن غضب الرأي العام في الجزيرة. وتهدف التدابير التقشفية هذه إلى تحقيق وفرة بقيمة 15 مليار يورو على أربع سنوات, أي ما يقارب 10% من إجمالي الناتج المحلي الايرلندي. واستبعدت ايرلندا أي زيادة للضرائب التي تشكل معدلاتها عاملا مساعدا جدا بالنسبة للشركات, وهو ما طالبت بلدان عدة من بينها فرنسا. وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس, اعتبرت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد الأحد أن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وجها «رسالة قوية جدا» إلى الأسواق, ما وفر «الضمانة» اللازمة «لاستبعاد» خطر انهيار المصارف الايرلندية. وقالت إن «الرسالة الأولى هي انه على مستوى الميزانية, تقر ايرلندا بضرورة القيام بالجهود اللازمة». وأضافت أن الرسالة الثانية «القوية للغاية», مفادها بان «برنامج المساعدة يجب أن يقود إلى وضع صندوق لإعادة الرسملة لتوفير السيولة والملاء للقطاع المصرفي الايرلندي». وأشارت إلى إن فرنسا ستظهر تضامنا كاملا مع ايرلندا إذ أشاد رئيس الجمهورية (نيكولا ساركوزي) السبت بالجهود غير المسبوقة المبذولة على صعيد الميزانية».