تكشف الحكومة الايرلندية عن خطة تقشف بالغة الصرامة تهدف إلى خفض العجز الهائل في الميزانية إلى عشر ما هو عليه بحلول 2014, وتقدم على أنها شر مسبق لخطة دولية ضخمة لإنقاذ البلد تثير مخاوف الايرلنديين. وترمي إجراءات التقشف التي يتوقع إعلانها بعد ظهر اليوم إلى توفير 15 مليار يورو, أي حوالي 10% من إجمالي الناتج الداخلي مع حلول 2014. والهدف من ذلك هو رد العجز العام الايرلندي إلى نسبة 3% من إجمالي الناتج الداخلي كما يطلب الاتحاد الأوروبي. وكانت النسبة ايرلندية بلغت 32% هذا العام بسبب اضطرار ايرلندا إلى ضخ 50 مليار يورو في مصارفها لإنقاذها من الإفلاس. وتشكل خطة التقشف شرطا إلزاميا للحصول على مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي التي يتم بلورتها حاليا. وأعلن وزير الموازنة والمتحدث باسم الحكومة الفرنسية فرانسوا باروان للصحافيين إن المساعدة لايرلندا «لم تستقر (على رقم) بعد لكنها ستكون بحدود 85 مليار يورو». وكانت وسائل الإعلام الايرلندية ذكرت أن المساعدة ستصل قيمتها إلى 85 مليار يورو يخصص حيز منها مباشرة إلى إعادة رسملة المصارف الايرلندية. وأفادت صحيفة ايرش صن أن المبلغ يوازي «20 ألف يورو» لكل ايرلندي. في المقابل على ايرلندا أن تثبت قدرتها على وقف تدهور ماليتها. وانذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين بان تبني خطة التقشف وموازنة 2011 المندرجة فيه أمر «ضروري». وقال «كل يوم يمر يضاعف المخاطر» في إشارة إلى التدهور المستمر في الأسواق. وخفضت مؤسسة التصنيف المالي ستاندرد اند بورز الثلاثاء تصنيف مؤشر دين ايرلندا على المدى الطويل بمرتبتين. وأشارت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الأربعاء إلى أن المساعدة إلى ايرلندا مشروطة «بإجراءات ينبغي اتخاذها كي تعود البلاد إلى طريق الاستقرار». لكن سكان البلاد البالغ عددهم 3,4 ملايين نسمة يخشون صرامة التقشف المطلوب بعد أن خضعوا لثلاث خطط تقشف منذ بدء الانكماش الحاد الذي طال «النمر الكلتي» السابق عام 2008. وتقضي سلسلة الإجراءات الجديدة بتوفير عشرة مليارات نتيجة إجراءات التقشف وخمسة مليارات من الاقتطاع الضريبي. وأفادت وسائل الإعلام أن مخصصات البطالة والعائلات ستقلص بنسبة 5%. وستلغى حوالي 25 ألف وظيفة رسمية فيما سيقتطع 12% من الحد الأدنى للأجور. بموازاة ذلك تنص الخطة على رفع ضريبة الدخل وعلى إنشاء ضرائب إضافية. واعتبر ايمن ديفوي ان «الحياة ستصبح لا تطاق». وأكد المسؤول في واحدة من النقابات الكبرى في البلاد التي تدعو إلى تظاهرات ضخمة السبت «يجب أن نتوقع اضطرابات اجتماعية». ويضاف إلى الامتعاض الناجم عن التقشف «الاهانة» التي يشعر بها السكان بعد طلب مساعدة خارجية لإنقاذ الجزيرة. صباح الأربعاء عثر وزير النقل نويل ديمسي على عبارة «خونة» ضخمة بالأحمر على واجهة مكتبه. كما يثير حجم إجراءات التقشف القلق حيال الاقتصاد الايرلندي. واعتبر الخبير الاقتصادي ديفيد مكوليامز في مقالة في ايرش اندبندنت أن «الخطة ستقضي على الفرصة الضئيلة المتبقية للانتعاش في ايرلندا». وتأتي الأزمة المالية مصحوبة بأزمة سياسية. ويتمتع رئيس الوزراء براين كوين بأكثرية مبدئية من ثلاثة أصوات في البرلمان أن استثنينا احتمالات الانشقاق في معسكره. وبمواجهة خطر تفكك الائتلاف الذي يقوده اضطر كوين يوم الاثنين الماضي إلى الإعلان عن انتخابات مبكر للعام المقبل. وهو يأمل بالتالي الاستفادة من التأخير الضروري لإتاحة التصويت على الموازنة التقشفية التي ستعلن في 7 ديسمبر وستطرح لتصويت النواب في مطلع 2011. وتواصل المعارضة من جهتها دعوته إلى الاستقالة.