عاش ولازال يعيش بينا أناس قدموا أروحاهم فداء للوطن وضحوا بالغالي والنفيس من أجل جلاء المستعمر الغاشم عن أرض المغرب ، لكن هذا البذل وهذه التضحية لم يقابلها مع الأسف سوى الجحود والنكران والتهميش من طرف الدولة . قصة "مي لالة" واحدة من عشرات القصص التي تميط اللثام عن من معاناة كثير من المقاومين والمقاومات الذين تملكتهم الصدمة والشعور بالإحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لانعتاقه من اضطهاد الاستعمار وظلمه. يحكي باعلي المختار وهو ابن المرأة المقاومة "بناء لالة" عن نضالات والدته التي قاربت على التسعين عاما في مقاومة الاستعمار وأذنابه في منطقة محاميد الغزلان بالقول "كان حب والدتي للوطن لاحدود له كان تعلقها بالمغرب دافعا لها لتشجيع والدي على استضافة المقاومين في بيتنا وإطعامهم ، كانت الوالدة تحرص على راحة المقاومين وتمدهم بالزاد والمتاع الضروريين أثناء مواجهاتهم ضد المستعمر الفرنسي والإسباني . وبصوت ملؤه الإحباط والحسرة يتابع باعلي حديثه لنا عن معاناته رفقة أسرته المقاومة قائلا " إن والدته المقاومة لم تشتكي يوما ما وضعها الاجتماعي المزري لأي مخلوق، كونها فخورتا بما أنجزته وحققته للوطن لكنها تطالب فقط بإنصافها من جور وظلم مصحة خاصة في أكادير تتهمها السيدة الطاعنة في السن بابتزازها" . وحول تفاصيل الواقعة يحكي باعلي المختار كيف أنه وقبل أشهر انتقل بوالدته المريضة من طانطان نحو مصحة خاصة بمدينة أكادير من أجل اجراء عملية جراحية مستعجلة لوالدته لإزالة "المرارة " حينها اشترطت المصحة على باعلي أداء مبلغ 10.000 الاف درهم لإجراء العملية الجراحية قبل أن يتم الاتفاق في النهاية على أداء مبلغ 8400 درهم . وبعد أسبوع من اجراء العملية التي كللت بالنجاح لوالدته عاد المختار لاستلام ملف التغطية الصحية الذي كان قد أودعه لدى إدارة المصحة من أجل ملئه ليتفاجأ بالمشرفين على المصحة وهم يخبرونه بضرورة أداء مبلغ إضافي قدره 2000درهم إن هو أراد استلام الملف . ورغم محاولاته العديدة من أجل إقناع ادارة المصحة بضرورة تسليمه الملف الخاص بوالدته الا أن المسؤولين داخل المصحة رفضوا بشكل مطلق تسليمه الملف إلا بعد أدائه للمبلغ المالي السالف ذكره . وينتاب المقاومة مي لالة شعور بالغبن والظلم بعد هذه الواقعة خاصة بعد ما مورس ضدها من طرف المصحة وهو ما دفعها لمناشد وزارة الصحة والمسؤولين داخل المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، للتدخل لإرجاع حقوقها المهضومة لاسيما وأنها لم تجد من يقف بجانبها ويساندها في محنتها رغم كل ما قدمته للوطن على مدى سنوات خلت . ويضيف ابن المقاومة أن والداته لا تريد إحسانا من أحد وإنما تريد حقها فقط في الوطن الذي ناضلت من أجل تحريريه ولا تريد أن تكون فريسة للظلم والنصب والاحتيال .