أكد المفكر واللساني والناقد السياسي الأمريكي نعوم تشومسكي أن ما تقوم به إدارة ترامب بحق اللاجئين وأبنائهم مثل فضيحة كبرى قوبلت باستهجان عالمي، ففصل الأبناء عن والديهم وإرسالهم إلى مناطق بعيدة، مع تغييب أثرهم، سياسة سادية وحشية لا يمكن تصورها. وقال تشومسكي، في حوار أجرته معه المذيعة إيمي غودمان، إن هؤلاء المهاجرين يفرون مما خلفه فشل سياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية من دمار. فعلى سبيل المثال شهدت غواتيمالا سنة 1954 تدخل الولاياتالمتحدة ودعمها للانقلاب العسكري هناك، حيث أطاحت بحكومة إصلاحية منتخبة، لتدخل البلاد في دوامة من الدمار والخراب، ويقتل الآلاف، إلى جانب ممارسة جميع الأعمال الوحشية وكل أصناف التعذيب. وذكر تشومسكي أن تلك الممارسات بلغت ذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، خلال فترة حكم ريغان. وقد مورست في بعض المناطق التي فر منها اللاجئون، التي تعود إلى شعوب المايا، عمليات إبادة جماعية نفذها الرجل الذي وصفه ريغان بالنجم الممتاز للديمقراطية. وفي الوقت الذي أراد فيه الكونغرس فرض بعض القيود على المساعدة العسكرية المباشرة للجنرال إفراين ريوس مونت، الذي دبّر لهجمات الإبادة الجماعية، أنشأ ريغان شبكة إرهابية دولية. وأوضح تشومسكي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تنتدب إرهابيين وإنما تستأجر ما أسماه دول الإرهاب، على غرار تايوان وإسرائيل والأرجنتين، لأن هذا الأسلوب أكثر نجاعة ما دامت تلك الدول تحت قيادة جنرالات النازية الجديدة. ولسوء الحظ لم يتم الإطاحة بهم إلا في الأرجنتين، بينما مازال الناس هناك يفرون من الدمار ومسلسل الرعب لم ينته منذ ذلك الوقت. وأورد تشومسكي أن السلفادور مرت بمرحلة مماثلة، حيث قتل 70 ألف شخص خلال الثمانينيات، ناهيك عن أن غالبية قوات الأمن قد تدربت وتسلحت على يد الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل مباشر، ومازال مسلسل الرعب مستمرا منذ ذلك الوقت، على حد تعبير تشومسكي. كما سلط تشومسكي الضوء على الوضع المزري الذي تعيشه هندوراس، التي لم يكن لديها تقاليد عريقة في هجرة اللاجئين، إلا أن تدفق هؤلاء قد بلغ ذروته بعد أن أطاح انقلاب عسكري بحكومة زيلايا المنتخبة، وهو ما أدانه العالم باستثناء الرئيس أوباما. فقد رفضت هيلاري كلينتون وصفه بالانقلاب العسكري، لأن ذلك كان يعني إنهاء المساعدات العسكرية للفئة الحاكمة. وأفاد تشومسكي بأن الولاياتالمتحدة استمرت في تقديم الدعم العسكري، في الوقت الذي كان يمارس فيه النظام عمليات قمع دموية ووحشية. وقال تشومسكي إن هندوراس أصبحت بفضل التدخل الأمريكي عاصمة القتل في العالم، وبدأ سكانها يفرون منها. وأكد تشومسكي أنه لا يوجد في المنطقة سوى دولتين فقط لم تتدخل فيهما الولاياتالمتحدةالأمريكية بشكل مباشر ولم تشهد تدفقا للاجئين. أولا كوستاريكا، البلد الوحيد الذي لم تتدخل فيه الولاياتالمتحدة عسكريا من أجل الإطاحة بالحكومة وفرض نظام عسكري. أما البلد الثاني فهو نيكاراغوا، على الرغم من أنها لم تكن في منأى عن هجمات ريغان خلال الثمانينيات. وخلافا للبلدان الأخرى التي تكونت فيها جيوش إرهابية، تمتلك نيكاراغوا جيشا يدافع عنها الذي تمكن من الدفاع عن السكان ضد قوات ريغان الإرهابية إلى حد ما. وعلى الرغم من وجود الكثير من المشاكل في نيكاراغوا، إلا أنها لم تكن مصدر تدفق اللاجئين.