وقف أحمد وهو رجل في الخمسين أمام المقهى الذي يشتغل فيه إبراهيم، وكان أحمد يضع بعض الصناديق أمام المقهى، عاد أحمد إلى بيته ينما انشغل إبراهيم بتنظيف المقهى حوالي العصر، ولكي ينظف أمام المقهى كله كان يجب إزالة الصناديق الفارغة ثم إرجاعها، بينما إبراهيم يزيل الصناديق وقف عليه أحمد أو حميدة كما يناديه أهل الحارة، مانعا إياه من ذلك، قال له إبراهيم سأنظف المكان وأرجعها لمكانها، لكن “حميدة” أصر أن تبقى الصناديق الفارغة في مكانها، كلمة من هذا وأخرى من الآخر ابتدأ السب والشتم، أمسك حسن بتلابيب حفيظ ليتدخل بعد دقائق من الكلام النابي المسموع بعض الجيران لتهدئة الوضع. لكن مكث الناس غير بعيد حتى تدخل سفيان ابن حميدة الأكبر، ممسكا بدوره ابراهيم من تلابيبه متبادلين مختلف أبشع الكلمات النابية، هنا كان الكل يسب: الأب وابنه البكر من جهة وعامل المقهى من جهة أخرى، استمر العراك حوالي نصف ساعة لتتدخل النسوة بدورهن فبدأ الصراخ يعلو والبشر يحج إلى المكان ليشاهد فحسب ما الذي يجري بين شخصين مسلمين على أمر أتفه من تافه، وبسيط جدا، في غمرة الصراخ والصراخ المضاد سيأتي الدور على نجيب الابن الصغير لحميدة، نجيب مراهق في الثامنة عشر من عمره، يشعر بطاقة فعالة وقوة لا مثيل لها يعتقد أنه الرجل الخارق في الحي، تدخل بعض ذوي النوايا الحسنة لإيقافه في الباب قبل أن يخرج من البيت ومنه عن طوع أبيه، طيش واضح يزكيه طريقة شعره ولبسه، وكلامه والسب الذي يخرج من فيه في يوم الصيام على مرأى من أهله وأهل الحارة،لا تخرج يا ولد لقد انتهت المبارزة وانتهت معها قيم حق الجوار لكنه أصر على الخروج، خرج نجيب منطلقا بسرعة لا يوقفه أحد لكن إبراهيم أوقفه بلكمة على وجهه أعادت إليه بعض صوابه بشكل مؤقت، في اللحظة التي كان فيها ساقطا على الأرض نجيب كانت أمه وزوجة إبراهيم تشنفان مسامع الصائمين بكل أنواع السب المستورد ،! عندما قام نجيب انطلق مسرعا ليكسر بزعمه زجاج المقهى حيث إبراهيم بلكمة خارقة من يمناه لكنه تسمر في مكانه بعدما قطع زجاج النافذة أحد أوردته، ليسقط على الأرض نازفا دما غزيرا ، تحول مدخل المقهى الذي لم يكمل بعد حفيظ تنظيفه إلى بركة دم، تلا ذلك صمت قليل قطعه أحد الجيران محذرا الأب من خطورة الأمر ليحمل ابنه مسرعا إلى أقرب مصحة، من أجل إنقاذ حياته وترميم يده إن كان هناك أمل في ترميمها، كل هذا الشغب كان يمكن تفاديه بقليل من التفاهم والهدوء الذي يصاحب الصيام والصبر المطلوب. لكن إصرار نجيب وغباءه حال دون ذلك. في القصة التالية: امرأة حامل كادت تفقد وليدها بسبب الإهمال