كيف يرى المغاربة حاليا علاقة الحب و كيف يصنفونها؟ بعد أن عرف المغرب انفتاحا واسعا و تطورا كبيرا على مستوى العلاقات الشخصية بين الأفراد، وخصوصا بعد أن عملت أياد خفية على كسر الطابوهات في بلادنا وكأننا كنا نعيش في ظلام مبين قبل أن يشرق علينا عصر الأنوار بكسر الطابوهات، وهو ما كسر فينا الحياء والخجل بعد أن صارت الأسرة الواحدة تجلس لمشاهدة أفلام شبه إباحية على قنوات لا تملك من الحس الفني و السينمائي و لا من ثقافة الفرجة إلا الاسم. تغيرات جوهرية في بنية المجتمع المغربي المحافظ كسرت حضارة آلاف السنين من الاحتراز والتحفظ وفتحت الباب على مصراعيه لظواهر شاذة وغريبة وليس لها من التحضر علاقة لا من بعيد ولا من قريب، وأتساءل أحيانا هل كنا متخلفين أو في عتمة الجاهلية والرجعية و سندخل مضمار الحضارة و التقدم برقصات تشبع الصعق الكهربائي أو ملابس كاسية عارية أو أجهزة تكنولوجية نستعملها في غير محلها و في غير وقتها. اليوم من بين مظاهر الانفتاح العلاقات المفتوحة أو الغرامية أو علاقات الحب أو كما شئتم تسميتها، نوع جديد من العلاقات حمل إلينا مع هذا الوعي الكبير الذي كسبناه من أجهزة التلفاز و أجهزة البت الرقمية وعالم الشبكة العنكبوتية، حيث أصبحت حرية أكبر و أريحية أكبر في ربط العلاقات سواء بين الكبار أو الصغار و كذا في استعمال مصطلحات أحيانا لا نستوعب مضمونها ولا نعي حدود توظيفها لغويا، ولكن نقحمها في قاموسنا اللغوي وفي حديثنا اليومي حتى صارت بلاء على البلاد والعباد. صرنا نجد قصص حب كثيرة وبصور مختلفة تدور في فلك واحد “حرية غير مسؤولة “ تفاجأت مرة بقصة طفلة في 15 ربيعا بعد أن لجأت لإحدى جمعيات مساعدة الأمهات العازبات تحمل رضيعا بين ذراعيها وتبحث عن عمل ومأوى، وأنها تبرر مشكلتها بالحب وتقول “أحببت محمد ابن الجيران و عشنا أجمل أيامنا بين الحقول و البساتين نلتحف السماء و نفترش التراب وبان قصة حبنا الكبرى كان يجب أن تتوج بالزواج لكن الظروف المادية كانت قاهرة و بعد سفر محمد للعمل بالمدينة اكتشفت الحمل ولأن الاتصال بيننا انقطع نهائيا بعد سفره جئت إلى هنا بحثا عن يد العون و هربا من الفضيحة“. وفي حالة أخرى تعرفت على فتاة جامعية أحبت مدرسها الوقور و المحترم و بعد أن سلمتها نفسها وأمضيا وقتا جميلا معا انتقل إلى مدينة أخرى ليلتحق بزوجته و أولاده، و تركها تمتهن الدعارة و تتيه بين جدران الحانات بعد أن فشلت في استكمال مشوارها التعليمي بعد تلك التجربة التي كانت تسميها الحب الكبير. وهنا لا تقتصر العلاقات في تجارب العنصر النسائي بل حتى الرجال الذين يحكون قصصا غريبة أحيانا كسعيد، الذي يتحدث عن محبوبته السابقة ويقول “كانت أجمل النساء وأذكى امرأة عرفتها في حياتي، كانت إنسانة متميزة، علمتني كل شيء الأناقة و الحياة و حتى الجنس، لقد كانت تسرني لدرجة أنني كنت أفضل الموت على أن ابتعد عنها أو أتركها لكن القدر شاء أن نفترق بعد أن قررت الزواج برجل له سلطة و مال و تتركني للضياع”. ثم قصة أخرى لفتاة تدعى ليلى تقول ” تعرفت عليه في صيف حار و كان رجلا متزوجا أخبرني بالحقيقة منذ بداية العلاقة وقبلت لأنني كنت أعاني الوحدة و بعد مدة تشبت به وأحببته، وهو كان يقول أنه يحبني، وبعد سنة أخبرني بأنه يريد الزواج مني و بعد أن ضحيت بعائلتي لأجله واعتبرته أغلى الناس، لكنه للأسف كنت فقط لعبته المسلية و رماني في أول الطريق لأنه يحب زوجته وعائلته أكثر من نزوة عابرة” . مشاعر الحب أو فلسفة الحب التي غزتنا و استهتارنا في استعمال هذا المفهوم كان له الأثر السلبي علينا فأتعسنا أكثر مما أفرح قلوبنا المحرومة، ومعظم قصص الحب أو الغراميات المبطنة بتسمية الحب كان لها إما مفهوم اللذة أو المادة وفي الغالب الأعم كان الاستغلال سيد الموقف سواء للذكر أو الأنثى. وفي كل مرة يفتح هذا النقاش يثير صخبا و لغطا كبيرين حول اعتبار الحب حرام إذا مورس في غير إطاره الشرعي أو مدى تجريم الحب الذي تحت لوائه ترتكب الأخطاء القاتلة والتي غالبا ما تخلف ضحايا أبرياء كالأطفال الغير الشرعيين أو المومسات أو حوادث الانتحار. وفي النهاية يبقى الحل هو الاعتدال و الرجوع للقيم الإنسانية و الدين الإسلامي الحنيف لأنه أجاز الحب و الحياة السعيدة و الجنس ولكن في إطار من الشرعية التي تعطي لكل ذي حق حقه و تصون الأعراض و المجتمع.