أرسم معالم بقايا إنسان من كثرة الحزن والهوان، لم يعد منه إلى ذكرى إنسان، وأرسم ابتسامة مخنوقة بدموع يأس و حسرة و ألم، وأعيش حياة أموات يتشبثون بالدنيا وأرواحهم بالآخرة. كل ما أفعله هو استماتة محارب في أنفاسه الأخيرة يتمنى فقط أن ينال شرف المعركة، لقد بكيت فرحة ما تمت وكأنها لعنة الأيام تضرب، تخسف بي الأرض و تقبرني مع كل جزء من الثانية. إنه الضياع الحقيقي الذي ينسيك النوم والأكل و كل شيء إلا العذاب، حتى صارت الأيام تتشابه و الوجوه كلها واحد، شماتة قوية أراها في عيون الجميع، فلتنضروا إلى الذكية كيف سقطت في شر أعمالها. لا يمكنكم أن تفهموا أنني عشت حلما وسقطت كالجرذ في فخ غبي اسمه الثقة، الثقة في من نضنهم أحبائنا، من نكتب بالدم أسماءهم في مشوار عمرنا، عندما نثق نضع أسلحة الحياة لتخلد للراحة في أرض السلام، لكن الخيانة تكون الهدية المفاجأة، وبدل العطر نجد البنزين و بدل الزهور نجد الأشواك، وبدل أغاني الفرح نجد الحداد والسواد. أتدركون ما هو الحزن، إنه الألم الذي يشل تفكيرك ويحد من بصرك وبصيرتك، الألم هو أن يخونك أقرب وأحب الناس لقلبك. الألم أن تفتح عينيك ذات صباح على وهم كبير لم يبقى منه سوى الأطلال وعمر ضاع منك سدا. إن الحزن ليس إحساسا فقط بل هو النهاية، نهاية الأمل الذي يمنحنا الرغبة في الاستمرار، نهاية مشوار نكون فيه اثنين فنصير واحدا، إن الكذب والخيانة وجهان لشيء واحد النذالة والانحطاط. عندما يفقد الإنسان الكرامة و الشهامة فانتظروا منه أي شيء، انتظروا أن يبيعكم بأبخس الأثمنة لمن يدفع أكثر، يقولون إن الوحدة لقاتلة، فأقول إن الثقة في من يعاشروننا لمهلكة. أستيقظ كل يوم على صورة تذكرني بالعذاب و تزيد من رغبتي الكبيرة في الانصهار مع عناصر الطبيعة وكأنني لم أكن يوما. أستيقظ لأتمنى لو بقيت نائمة مع أحلامي الزهرية، مع كل من أحبهم لأن حدود حبي لهم فقط هنا في خيالي، أجول كل الأماكن التي شاهدت وشهدت أحلامي، وأعود بالمساء مطأطئة الرأس من خيبة أجر أذيالها. وأقول يا ليتني ما خرجت يومئذ لتناول الغذاء في الماكدونالد، و يا ليت صديقتي ما أصرت علي أن أتمشى تحت أشعة الشمس الذهبية في يوم من أيام شهر مايو الحارة، لأنني ربما حينها تفاديت ضربة الشمس التي أردتني قتيلة.