غبت حتى غابت الكلمات عني وخاصمتني لغة الضاد وهجت الصور المجازية عن وجداني، لكنها الحياة. الحياة التي ملكتنا حتى نسينا الأحباب و أصول العلاقات الاجتماعية وجعلتنا نتوه في متاهة مدتها وجيزة، فما بين الحياة والموت لحظة و لكننا ننسى. غبت في زحمة الزمن الذي جعلني أسيرة ساعة يدوية أواظب على مراقبتها، وكأنها بالعجلة هروب من مشوار لآخر بدايته سلام ونهايته وداع وما بينهما معاملات ورغبة جارحة في الفوز والسبق نحو أهداف تختلف في التسميات و تتحد في المعنى و المضمون. راكمت الأوراق و حاولت أن أرتبها لكن الوقت لم يساعدني لأنه ضيق وحاولت ذات مرة تجاوز الوقت الذي يخنق حياتي ويشكل هاجسا يؤرقني على امتداد الساعات القصيرة التي تمر بسرعة البرق وكان الزمن صفعة لا ترحم من ألمها ولا تمنح فرصة تفاديها. حاولت تنظيم الوقت وإحسان ضبط عقارب الساعة لكي أكون إنسانة ملتزمة، لكن سرعان ما يمر الزمن و لا تبرد لهفة الشوق للأحباب أو تقضى المآرب وسبحان من خلق الدنيا في ستة أيام و سواها في هذا الكمال و الجمال. غبت في الزحام ومرت الأيام فسرقت مني الأصدقاء واللعب في الزقاق مع بنات الجيران، وكان الذي ملأ رأسي الصغير بالأمنيات لم يترك متسعا لأي شيء آخر إلا سباق المسافات الطويلة نحو تلك الرغبة الجامحة في كسر المستحيل والتمكن من كتابة اسم بحروف من ذهب. لكن عندما جلست لأفكر مليا في حياتي، تساءلت ما جدوى النجاح بدون من نحبهم أو من ننساهم في زحمة العمل و رعونة الرغبة الصارخة في النجاح أو كسر قيود، ما الذي نجنيه من مسيرة نترك فيها خلفنا قلوبا ملهوفة علينا أو نقفل فيها هاتفنا على من يسالون عنا بدعوى أننا في اجتماع أو وسط تكوين أو في مهمة ميدانية؟؟. لا شيء يساوي من نحبهم، ولا شيء يعادل قلوبا واقفة على بابنا تنشد منا كلمة طيبة... فأقفلت هذه المرة حاسوبي وحملت مذكرة و هاتفي المحمول و قررت الاتصال بكل أحبابي و أصدقائي لأبارك لهم هذا الشهر المبارك و أصل الرحم. اللهم أدم شهر الفضل و الخير علينا واجعلنا من عواده ومتعنا بالثواب والمغفرة.