مما لاشك فيه، أن الاعلام يلعب دورا أساسيا في تعبئة الرأي العام نحو قضايا أوطانهم وتحفيزهم، ونحن نسعى جميعا للمساهمة في تنمية بلدنا. فحال الاعلام المغربي لا يخفى على أحد.. فقليلا ما نجد برنامجا مثيرا للجدل لدينا.. لا تجد سوى الطرب الأندلسي، أو الأغاني الشرقية أو الأفلام، فحالها «فلان قام بكذا، فلانة قامت بكذا»... وفنانة اتهمت بكذا... وما الى ذلك، ولا أدري هل سيأتي يوم نطور أجهزة الاعلام المطروحة، أم أن الأمر لا يستحق مناقشتهما؟؟؟ فالسؤال المطروح لدينا، هو، هل الاعلام المغربي يستجيب فعلا لأفق انتظار الشباب أم لا؟ للإعلام مكانة مهمة في جهاز أي دولة أرادت أن تكون قوية سياسيا فهو بمثابة الرصاصة التي تطلق على العدو في بداية الحرب، والاعلام هو من يسوق لفكرة النصر في حرب، حتى وان كانت مغلوبة. لهذا يجب أن توجد صحافة شبابية متخصصة، واعلام موجه نحو فئة الشباب لتبني قضايا الفئات المهمشة والفقيرة منهم والعمل على تعميق الولاء الوطني لأنهم هم عماد الأمة وأملها. العزوف عن الاعلام المغربي: بإلقاء نظرة خاطفة نجد أن قنواتنا المغربية تبث الوصلات الاشهارية والأفلام الغربية والهندية والتركية والمكسيكية، وكليبات فاخرة، التي تستحي العين أن تشاهدها، وتحتضن مسابقات كلها تهتك وانحلال (كاستوديو 2M). يقول زكرياء (21 سنة) مستواه الدراسي الثانية ثانوي أنه لا يشاهد القنوات المغربية بتاتا، لأنه لا يجدها في المستوى المطلوب، ويضيف: «واخا يعياو ما يدير وما يوصلوش» لمستوى القنوات الأخرى مثل: الجزيرة العربية.. وهذا ما يؤكده سمحمد (20 سنة) طالب بالسنة الأولى بالمعهد العالي للاعلام والاتصال، إنه لا يحس بالارتياح أثناء مشاهدته للقنوات المغربية في حين تنفي فتيحة (30 سنة) عاطلة عن الدراسة ذلك وتؤكد لنا أنها تحب القناة الثانية (2M) لأنها تذيع أفلاماَ مغربية يتجسد من خلالها التراث المغربي وتضيف غزلان (24 سنة) حاصلة على الاجازة لن نقول أن القنوات المغربية «ما عندهاش ما تقول ،، ولكن المشكل المطروح لديها أنها تذيع البرامج المهمة في أوقات متأخرة من الليل، مثل: برنامج مشارف. فرغم أن القائمين على الاعلام يعرفون الأسباب التي ذكرت وأكثر، لا يريدون التصحيح والاصلاح وقد صدق قول القائل: «ان كنت لا تعلم فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم». أتذكر جامع كلحسن في ندوة أجريت بكلية الآداب والعلوم الانسانية بفاس طرحت عليه جميع هذه المشاكل، فأجاب بكل برودة على أنهم يتبعون منهجية «الجمهور عايز كدة» كما يقول المصريون، فمادام الجمهور «اللي عايز كدة» فلماذا ينفر منها؟ القنوات المغربية والفتاة: يمطرنا إعلامنا السمعي البصري كل يوم بصور مخلة بالحياء والمخالفة للدين والقانون والعقل والفطرة. يسوق نموذج اللباس الغربي المخالف لديننا وهو يتنا وثقافتنا وخصوصيتنا. وتتحول الفتاة في يد هذا النوع من الاعلام الى معول هدمء، زينوا لها كل رذيلة، وأباحوا لها أن تفعل ما تشاء باسم الحرية الشخصية، حتى أصبحنا نسمع من الرجال من يشتكي من ارهاب عري الفتيات والنساء في الشارع لأن الفتيات أصبحن يقلدنهن خصوصا وأنهن في سن المراهقة مهيآت أكثر من غيرهن لتقمص الشخصيات، فالتلفاز كما يوصف هو مصدر الخطر إذا استعمل سلبا، أما إذا استعمل ايجابا فهو سيساهم في تنمية البلاد واظهار مشاكل المواطنين الى المسؤولين، فمن نتائج هذا كثرة الانحراف والعري الفاضح والعنف داخل مجتمعنا. وانتشرت الزنا وكثر الاغتصاب، واشتدت أزمة الزواج وأصبح الحرام أيسر حصولا من الحلال. ولا ننسى ما يسبب ذلك من اثارة للشهوة في النفوس وتحريك للعواطف وتهييج للغريزة. لأن المتلقي يتأثر بمحتوى الرسالة مهما كانت قوتها. فلماذا لا يتم تقديم برامج تخاطبهم بطرق جذابة مراعية احتياجاتهم وتوجهاتهم بحيث تنصب جهود الدارسين على تحليل كلام الشباب وطريقة تقديمهم ومكانة هذه الشريحة الكبيرة في التلفزيون والنظرة التي تعكسها هذه الوسيلة عن واقع الشباب، وذلك بدلا من نشر الصورة السلبية للشباب في المجتمع واصفا إياهم بصفات معينة، أثرت الى حد كبير على الصورة المرسومة لدى المجتمع حول هذا الجيل. فإذا أراد المغرب أن يكون دولة نامية حقيقية تتبوأ مكانة هامة بين الدول المتقدمة والمتحضرة، لابد أن يشعر المواطن في بلده بالمواطنة الحقة في جو ديموقراطي عادل، وأن يكون هناك هدف قومي يسعى اليه كالدفاع عن العقيدة والوطن والأمة، ولن يتحقق هذا الا بشباب متنور ومتعلم يستطيع أن يسخر كل قدراته الذاتية والمعنوية وامكانيته الذهنية والوجدانية والحركية من أجل تطوير قدرات بلده وتنميته علميا وتقنيا قصد اللحاق بالدولة المتقدمة. ولن يتم هذا الا باعلام مباشر هادف ذي رسالة أخلاقية نبيلة يعمل على تحصين الهوية المغربية ويحافظ على اللغة العربية وكل اللغات الأخرى التي تعبر عن التراث المغربي، وتكون وجوده وكينونته وهويته الحضارية والتاريخية. لذا على القنوات المغربية، لكي تجذب المشاهدين خصوصا الشباب، أن تطور نوعية البرامج الاعلامية بما يخدم الشباب لتنميتهم في كافة المجالات وتحسين الصورة النمطية للشباب في الاعلام المرئي، لأن الشريحة الشبابية في مجتمعنا تحتل مكانة مميزة، فهي محور اهتمام وانشغال كل الأنظمة والحكومات المتعاقبة. وأن تقيه مزالق الانحلال، والتردي في مدارك الرذيلة والاباحية الممقوتة، والتفريط في أعز ما يملكه وهو الدين، الهوية، الكينونة والمصير المستقبلي. فاتن قشور