في تعليقه على بلاغ يؤكد عزم حزب "الاستقلال" تقديم اعتذار رسمي لأهالي الريف على ما بات يعرف ب"أحداث 58 و59"، وصف القيادي الاستقلالي عادل بنحمزة، البلاغ ب"المهم جدا لا في توقيته ولا في مضمونه". وفسر بنحمزة ذلك بالقول "التوقيت يتسم بسياق الأحكام الصادرة في حق نشطاء وقيادات حراك الريف، والتي كانت أحكاما تقيلة وقاسية، في الوقت الذي كنا ننتظر أحكاما تسير نحو مسار التهدئة والتخفيف من كل عوامل التوتر في المنطقة، لكن مع الأسف الأحكام لم تسر في هذا الاتجاه"، مردفا "مازال هناك مرحلة الاستئناف والنقض لتدارك ما فات". وأكد بنحمزة "أنه يظهر اليوم أن هناك مشكل مبادرات، ومشكل عرض.. لا عرض سياسي، ولا عرض اقتصادي، ولا عرض اجتماعي على المستوى العام.. ولكن بالنسبة للريف هناك مشكل كبير"، موضحاً أن "منطقة الريف عانت سنوات سابقة فيما يتعلق بالصراع مع الحكومة المركزية وكان سوء فهم كبير، وكان تدبير المجال يتم بطريقة غير سلمية، وهذا ما خلف إرثا تقيلا، بالنسبة لفترة نهاية الخمسينات أو بالنسبة لمنتصف الثمانينات، واستمرت هذه العلاقة المتوترة ما بين الريف وبين المركز، وفي هذا السياق تأتي مبادرة الأمين العام للحزب وزيارته للناظور والحسيمة". وقال في سياق حديثه عن الزيارة للريف "يظهر أولا من جهة أن الزيارة أوقفت حالة الجمود فيما يتعلق بالمبادرة، ثم أن منطق المصالحة ليس مرتبط فقط بالدولة مع مجال جغرافي إنساني وثقافي وتاريخي، ولكن أيضا مرتبط بفاعلين سياسيين، ولهذا أؤكد بأن هذه المبادرة مهمة، وجريئة وأتت في وقتها المناسب، لأن المصالحة مع الريف هي مصالحة شاملة، مع جميع الأطراف، سواء الدولة والفاعلين السياسيين وأهل الريف أنفسهم". وبخصوص قرار تشكيل لجنة خاصة لتحقيق المصالحة مع الريف قال الأستاذ عادل "لقد اطلعت على بلاغ اللجنة التنفيذية فيما يتعلق بتشكيل اللجنة، اعتقد بأن الأمر يتجاوز هذا الموضوع، لأن اعتذار حزب الاستقلال اليوم هو اعتذار سياسي، وليست هناك أي مسؤولية جنائية لقيادة الحزب لكي تقول أنها تتحمل المسؤولية، نحن نعرف سياق نهاية الخمسينات، لا داخل الحزب الذي كان يمور بالصراعات ما بين تيارين، لأن الانفصال الذي وقع في الحزب وقع سنة 1959، وكان هناك صراع أجنحة داخل الحزب، وكانت هناك رؤيا من طرف ذات الأجنحة للعمل السياسي. ما بعد الاستقلال، لموقع حزب الاستقلال وتضحياته في الحركة الوطنية وقيادته لمعركة الاستقلال". وتابع بنحمزة "على كل حال كان هناك نقاش طبع تلك المرحلة وأثر على الفاعلين داخل الحزب، وعلى قيادة الحزب التي كانت منقسمة، والطرفين تحملا المسؤولية في حكومة 1958 بما فيه الطرف الذي غادر الحزب ..". وركز في نفس السياق على أنه يجب "أن نستحضر اليوم الجانب السياسي، هناك إشكال فيما يتعلق بالذاكرة وهذا موضوع نتركه للأكاديميين والمؤرخين وليس شأن لجنة تستدعي أشخاصا وتستمع لهم، لأن هناك عدد من الناس غادروا الحياة... سواء كانوا مسؤولين أو ضحايا في تلك الأحداث، يجب أن نركز على الجانب السياسي وهذه هي قناعتي الشخصية كمهتم ومتتبع للشأن السياسي.". وحول "الاعتذار" قال المتحدث "أكيد أن قيادة الحزب يجب أن تقدم اعتذارا لأن هذه مسؤولية سياسية، وهذا لم يكن قرارا مركزيا للحزب، هي اجتهادات لأشخاص، وكان البعض يتحمل مسؤولية مزدوجة وهم استقلاليون خاصة على المستوى المحلي، ثم أنه في تلك المرحلة كان صراع ما بين المركز والمحيط... ونعلم بأنه في نفس الفترة كانت أحداث قصر السوق والراشيدية حاليا (عدي وبيهي)، وفي منطقة ولماس.. إذن كان هناك توترا عاما في البلاد وليس في الريف وحده، وهذه المناطق كلها مشمولة اليوم بجبر الضرر الجماعي، كان خطأ في التدبير المركزي ..". وختم بنحمزة تصريحه بالقول "اليوم حزب الاستقلال بكل شجاعة وبكل مسؤولية أمام التاريخ وبكل مسؤولية أمام المستقبل بصفة أساسية لازم أن يقدم الاعتذار لنتقدم إلى الأمام، ويجب ألا نستمر بعقلية عزل الريف وأسباب التوتر مع الريف، هذه وجهة نظري يجب تقديم الاعتذار للتاريخ وهو اعتذار سياسي وموقف سياسي يتجه إلى المستقبل بصفة أساسية، أما الحقيقة وما جرى فيجب ترك ذلك للأكاديميين والباحثين والمؤرخين ليتحملوا مسؤوليتهم التاريخية".