في لهجة قيامية النبرة حذر رئيس الوزراء الاسباني السابق خوسيه ماريا اثنارالذي يعتبر احد أعمدة الحرب على العراق عام 2003، ومن عتاة اليمين المتطرف، في مقال نشرته صحيفة 'التايمز' اللندنية الغرب إن انهيار دولة إسرائيل يعني انهياره وحمل المقال عنوان 'ادعموا إسرائيل: إذ انهارت انهار الغرب'. محللا الأمر في ضوء الأزمة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة التي يراها ضجة تهدف إلى تحويل الأنظار. ويعترف الكاتب في بداية مقاله بأنه يدافع عن بلد أو قضية ليست شعبية في العالم، ولهذا فهو يعي صعوبة الوقوف الى جانب اسرائيل في ضوء عملية الهجوم على قوافل الحرية في نهاية شهر ايار (مايو) الماضي وقتل الجنود الإسرائيليين 9 من الناشطين على متن السفن. وفي هذا السياق كتب معلقا انه في وضع طبيعي لم يكن الهجوم الإسرائيلي على السفن لينتهي بقتلى وكان من الأولى في وضع عادي الترحيب بالجنود على متن السفن ولم تكن تركيا وهي بلد حليف لإسرائيل بحاجة إلى تسيير القوافل في المقام الأول. ويعتقد أن هدف القوافل كان تعقيد وضع إسرائيل ووضعها أمام خيارين: إما التنازل عن سياستها الأمنية لحماية مياهها البحرية أو مواجهة غضب العالم بضرب القافلة. ودعا في نفس السياق انه عندما يتم التعامل مع إسرائيل يجب التخلي عن المشاعر الغاضبة التي تشكل غمامة على طريقة حكمنا على تصرفاتها، وبدلا من الغضب يجب أن يتم التعامل مع إسرائيل من خلال مدخل عقلاني ومتوازن لماذا؟ لأننا مطالبون حسب اثنار بتذكر مجموعة من الحقائق أولها أن دولة إسرائيل أنشئت بقرار من الأممالمتحدة مما يعني أن شرعية وجودها تظل بعيدة عن الشك، وردد الكاتب اللازمة المعروفة في الصحافة الغربية أن إسرائيل لديها مؤسسات ديمقراطية راسخة مشيرا إلى أن مجتمعها منفتح ومتفوق في الكثير من المجالات الثقافية والعلمية والتكنولوجية. أما الحقيقة الثانية التي ذكر اثنار قراءه بها وهي ثقل التاريخ وارتباط إسرائيل بالغرب مؤكدا أن 'إسرائيل دولة غربية كاملة' وأكد الكاتب أن قيم وجذور دولة إسرائيل مرتبطة ومتجذرة في القيم الغربية. ولأنها كذلك فهي من دون دول الغرب تواجه تشكيكا بهويتها الغربية وتواجه كما يقول وضعا غير عادي من ناحية أثارة أسئلة حول شرعية وجودها ومنذ قيامها. ولا يبخل اثنار بالتعاطف وبإفراط مع إسرائيل وهذا الإفراط يصل إلى حد الاستماتة في الدفاع عنها والحديث عن التهديدات التي تعرضت لها فهذه الدولة كما يقول كانت عرضة للعدد من الحروب التي شنها جيران إسرائيل واستخدموا فيها الأسلحة التقليدية وبعد الحروب جاءت ما قال عنها اثنار الأعمال الإرهابية والتي تمظهرت عبر سلسلة من العمليات الانتحارية. وألان وبدعم من الإسلام الراديكالي والجماعات المتعاطفة معها تتعرض إسرائيل لحرب من نوع جديد وهي محاولة نزع الشرعية عنها في المحافل الدولية والأوساط الدبلوماسية. وفي هذا الإطار يقول اثنار انه على الرغم من مرور ستين عاما على إقامة دولة إسرائيل فإنها ما زالت تخوض الحرب دفاعا عن وجودها في وجه الصواريخ التي تطلق عليها من الشمال والجنوب والتهديدات بالإزالة من الوجود من قبل إيران التي تسعى للحصول على السلاح النووي. ويشير إلى انه وعلى الرغم من كل الأخطار التي تحيق بإسرائيل فقد تركز جهد الدول الغربية ولعدد من السنوات على تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولكن وفي حالة تعرض إسرائيل للخطر الدائم وانزلاق المنطقة كلها نحو مستقبل غير آمن، فالمشكلة لا تتعلق بغياب التفاهم بين طرفي النزاع ولا في كيفية حله، فطرق حل النزاع ومؤشراته واضحة على الرغم من وجود صعوبات لتقديم تنازلات من كل جانب ومن اجل التوصل لحل دائم. المشكلة الإسلام وإيران وليس العملية السلمية لكن المشكلة بحسب اثنار لا علاقة لها بمعايير تحقيق السلام ولكنها تكمن في مكان اخر، لان التهديد الحقيقي على السلام في المنطقة تكمن في تصاعد مظاهر التطرف الإسلامي الذي يرى أن إزالة إسرائيل من الوجود تحقيقا لواجباته الدينية والشرعية ومعها تحقيقا لأهداف إيران التي تطمح بفرض سيطرتها على المنطقة وهذان الأمران لا يهددان إسرائيل فحسب بل الغرب والعالم برمته. ومن هنا يزعم اثنار أن أصل المشكل وجذره موجود في مدخل الغرب المشوش ونظرته غير الصحيحة فيما يتعلق بالأوضاع في الشرق الأوسط وهو ما يتسم به أيضا رد فعل عدد من الدول الغربية تجاهها. ويقول انه من السهل تحميل وإلقاء لوم كل الشرور في المنطقة على إسرائيل، بل هناك من يعتقد أن تحقيق تفاهم بين الغرب والعالم الإسلامي لا يتم بدون التضحية باليهود وتقديمهم كقربان للمذبح. وهذا تفكير اخرق كما يقول اثنار لان إسرائيل تظل أول خطوط الدفاع في هذه المنطقة المضطربة والتي تواجه دائما خطر الانحدار نحو الفوضى معها إنها منطقة مهمة لأمن الغرب القومي، خاصة أن الغرب يعتمد وبشكل مفرط على نفط الشرق الأوسط، ومنطقة تمثل خط المواجهة الأول ضد الأصولية الإسلامية ومن هنا فإذا انهارت إسرائيل فسننهار معها. وعليه يقول اثنار انه من اجل الدفاع عن وجود إسرائيل كدولة تعيش ضمن حدود آمنة أمر يحتاج إلى درجة من الوضوح الأخلاقي والاستراتيجي الذي عادة ما يختفي من الرؤية الأوروبية. وعبر الكاتب عن مخاوفه من أن عدوى سوء النظرة بدأت بالانتقال إلى أمريكا. ويقول أن الغرب يعيش مرحلة من التشوش تجاه المشاكل التي ستشكل العالم القادم، ومصدر هذا التشوش كما يقول عائد للهوية والنظرة المازوشية وعدم الثقة بالنفس. ويتهم التعددية الثقافية التي أجبرت أوروبا على الركوع والعلمانية التي تعمي أنظار الغرب عندما يواجه الجهاديين الذين يحاولون إحياء العناصر الأكثر تطرفا في دينهم. ويكتب اثنار بلغة قروسطية تقوم على نمطية غربية عن الشرق حيث يحذر الغرب قائلا إن التخلي عن إسرائيل في لحظة اللحظات الحرجة يشير إلى الحالة التي هبط فيها الغرب وتراجع. مبادرة أصدقاء إسرائيل الجديدة ومن اجل منع حدوث هذا ولإعادة بناء القيم الغربية الحقيقية وبناء على القلق الذي يرى في ضعف إسرائيل ضعفا للغرب وقوتها قوة له قرر اثنار الإعلان عن مبادرة جديدة هي 'مبادرة أصدقاء إسرائيل الجديدة'. ومن بين اعضاء المبادرة الذين ساعدوا في المبادرة، ديفيد ترمبل (سياسي من شمال ايرلندا)، الذي اختارته إسرائيل للمساعدة في التحقيق في الهجوم على قوافل الحرية، اندرو روبرتس (مؤرخ متطرف)، وجون بولتون (سفير جورج بوش السابق في الأممالمتحدة) واليخاندرو توليدو (رئيس بيرو السابق - زوجته اسرائيلية) ورئيس مجلس الشيوخ الايطالي السابق مارسيلو بيرا والمؤلف الايطالي فياما نيرشتين والثري روبرت اغوستنلي والمثقف الكاثوليكي جورج ويغل (وكلهم من عتاة المحافظين الجدد واثنار احدهم). ويزعم بعد كل هذه القائمة أن المبادرة لا تنوي بالضرورة لدعم كل قرار تتخذه 'القدس' ولكن داعمي هذه المبادرة سيختلفون مع سياسات إسرائيل كلما رأوا ذلك فهم كما يصفهم ديمقراطيون ويؤمنون بالتنوع (مع ان اثنار هاجم التعددية الثقافية لأنها تحمي هوية المسلمين في الغرب). وما يعترف فيه في النهاية هو أن ما يجمعهم هو فكرة الدعم المطلق لإسرائيل وحقها في الوجود والدفاع. ويرى إن وقوف الدول الغربية إلى جانب من يشككون بشرعية إسرائيل ومنحهم فرصة للتلاعب بمصالح إسرائيل الحيوية على المسرح الدولي وعندما تقوم الدول الغربية بإرضاء من يرفضون القيم الغربية بدلا من انتقادهم ورفضهم فالدول الغربية ترتكب خطأ أخلاقيا فادحا وعلى قاعدة كبيرة. وينهي قائلا إن إسرائيل تمثل جزءا أساسيا وأصيلا من الغرب، مشيرا إلى أن الغرب قائم على القيم اليهودية المسيحية، وفي حالة اختفاء العنصر اليهودي من هذا الأصل واختفت إسرائيل فإننا سنختفي، وسواء أحببنا أم كرهنا فقدرنا واحد ومتداخل كما يقول اثنار الذي كان رئيسا للوزراء الإسباني ما بين عام 1994-2004.