في رمضان يشيع العفو والتسامح، وينتشر الخير، ويسعى الصائم المؤمن إلى تكريس كل ما من شأنه أن يقوي التلاحم الاجتماعي، ويبادر إلى الصلح بين الناس، غير أن شهر رمضان أيضاً لا يخلو يومياً من مشاهد الخصام والنزاعات بين الصائمين بسبب خلافات بسيطة، فكيف يمكن للصائم تجنب الوقوع في خصام قد يفسد صومه؟ يرى الدكتور عبدالباري الزمزمي، أن أول شيء هو أن كل صائم مسلم، يعرف مبدئياً أنه خلال هذا الشهر الكريم قد يكون متوتراً، ينبغي عليه تجنب الاحتكاك مع الآخرين، وتفادي الاختلاط مع الناس خلال الصيام، مادام يدرك أنه متوتر وسريع الغضب؛ لأنه في رمضان تصفد الشياطين، ويتسابق الناس للقيام والذكر والدعاء لتهدأ النفوس، فبدلاً من أن يظل هذا النوع من الصائمين في احتكاك مع الآخرين؛ فإنه من الواجب عليهم البحث عن كل الفضاءات، بما فيها المساجد طبعاً التي يقام فيها الذكر وتنظم دروس العلم، والتي من شأنها أن تشغلهم عن الخصام. فالصوم نوعان كما يقول الدكتور الزمزمي في حديثه ل«سيدتي»: صنف من الناس يصوم تقرباً لله، وصنف آخر يصوم تكلفاً ورياءً، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الصدد: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يصخب، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم». وحول الطريقة التي يمكن أن يتفادى بها الإنسان خصامات رمضان؛ يؤكد الزمزمي: «إن الأصل في الموضوع تجنب الاحتكاك المبالغ فيه مع الناس، كأن يبادر بالتالي إلى القيام بأعمال الخير، كإطعام الطعام، التصدق، زيارة ذوي الأرحام والأهل، والسعي في هذا الشهر المبارك إلى القيام بكل خطوة يرى أنها ستطفئ غضبه». وحول موقف الشرع الإسلامي ممن يتلذذون بالتفرج على الخصامات والنزاعات بين الناس في رمضان؛ يؤكد الدكتور الزمزمي أن المطلوب من الصائم المسلم أن يحرص في هذا الشهر الكريم على تجنب الذنوب والسعي للمغفرة، والحصول على الأجر، فالمطلوب من المسلم أن يصلح ذات البين، ويصد كل من يرغب في إشعال فتيل التفرقة والنزاع بين الناس، بدلاً من إخماده، بدليل قوله تعالى في سورة الحجرات: «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون». «فعلى الصائم في هذا الشهر الكريم ألا يكون مشاحناً لأخيه المسلم، ولا أن يقف موقف المتفرج؛ لأننا نعيش في مجتمع إسلامي قوامه الهدوء، والسلم، والتعايش، والعفو والتسامح».