عبد الباري الزمزمي رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل وعضو مجلس النواب عن حزب النهضة والفضيلة تصدر عن بعض الأزواج خلال ساعات الصيام سلوكات تتسم بالغضب والعصبية، وتقودهم إلى الإساءة إلى زوجاتهم وإلحاق الضرر والأذى بالأشخاص المحيطين بهم. في ما يلي يتطرق الأستاذ عبد الباري الزمزمي إلى موقف الإسلام من هاته السلوكات ومدى تأثيرها على صيام هؤلاء الأزواج خلال الشهر الكريم. الانفعال الزائد والغضب وغيرهما من السلوكات السلبية التي تطغى على تعاملات بعض الأزواج والناس بشكل عام خلال شهر رمضان، ليست مرتبطة بالصيام، بل إن الحقيقة تكمن في كون هاته الفئة من الناس اعتادت أن تعلق أخطاءها على الصيام الذي يعتبر بعيدا كل البعد عن أي سلوك سلبي أو فعل غير لائق. الصيام عن الأكل والشرب لا يؤدي إلى أي تغيير في سلوك الإنسان، والدليل أن مختلف مظاهر العنف والعصبيبة وما يرافقها من إساءة وأذى للآخرين، لا تكون منتشرة فقط خلال ساعات الصيام في شهر رمضان، بل حتى في باقي الأيام وفي ظروف الحياة العادية. من هنا لا ينبغي على هؤلاء الناس أن يتخذوا من الصيام ذريعة للقيام بأفعال غير مقبولة يسيؤون من خلالها إلى الأشخاص المحيطين بهم، لأن ذلك يؤثر على كمال الصوم وصحته. ولقد تطرقت الشريعة الإسلامية في كتبها إلى هاته المسألة من خلال الحديث النبوي الشريف القائل: «ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث»، وهو ما يعني أن صيام المسلم لا يجب أن يكون عن الأكل والشرب فقط، بل عن الكلام الباطل والسب والشتم واللعن. لذلك يجب على الأشخاص الذين يتميزون بطبعهم العصبي ومزاجهم المتوتر، والذين يثورون لأتفه وأقل الأسباب أن يتجنبوا كثرة الكلام، ويتفادوا قدر الإمكان الدخول في النقاشات والصراعات، التي من شأنها جعلهم يفقدون السيطرة على أعصابهم، ويبتعدون بالتالي عن الخلق الطيب والمبادئ التي دعا إليها الإسلام. بينما في حال تعرض الصائم لشكل من أشكال الإساءة أو الاستفزاز، فعليه حينها أن يطبق الحكم النبوي القائل «وإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم»، فهذه هي وسيلة الدفاع المثالية التي يضمن الصائم من خلالها الحفاظ على صحة صيامه وسلامته من الكلام النابي، ويتفادى كذلك عن طريقها حدوث المشاكل بينه وبين الآخرين.