لو يعلم العباد ما رمضان؟ هل بإمكان الأمة أن تدرك هذا العلم، أم أنه يستحيل عليها إدراكه؟ سبق التنبيه بإجمال إلى أنه بإمكان الأمة العلم الذي يجعلها تعرف ما رمضان، ويتحقق به المقصود وهو الشعور الإيماني القوي ( لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان).. لنقف عند القضية بشيء من التفصيل.. من المعلوم من الدين والواقع بالضرورة أن رمضان شهر تعبدي واحد من السنة الهجرية، ولم يكن سنة كاملة في وقت من الأوقات، ولن يكونها أبدا، شرعا وواقعا.. وإذا أدرك العباد مكانة رمضان وتعلقوا به، فليس أمامهم إلا أن يتمنوا إقامته بينهم شهرا آخر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو سنة كاملة كما في الحديث. وما هو بباق.. وإذا كان الأمر كذلك فما الحكمة مما جاء في الحديث الشريف..؟ يلاحظ أن العبارة النبوية خرجت مخرجا تربويا معجزا.. فهي تدل على أن العلم الصحيح برمضان ينتج مشاعر طامحة، بعيدة في طموحها، إلى درجة أنها تتمنى صورة مستحيلة الحصول واقعيا، وهي أن تكون السنة كلها رمضان. وإذا تمنت هذه الصورة المستحيلة وأيقنت أنها مستحيلة، فهي لا تحاول التخلص منها كما يتخلص الراشد العاقل من التعلق بالمستحيلات.. بل ليس بإمكانها ذلك، لأن العلم الصحيح برمضان الذي هيج هذه المشاعر الطامحة، واقع قائم لا ينفك.. والمشاعر المصاحبة له قائمة بقيامه، حاضرة بحضوره. قد تغيب عن سهو وغفلة، لكنها لا تغيب متلاشية ومندثرة مرة واحدة بلا عودة.. وأكثر من هذا فإن العقل الإيماني المسلم يحرص على بقاء تلك المشاعر الرمضانية الطامحة حية في قلبه متى أدركها، ويؤلمه تلاشيها أو ضعفها.. وهذا المسلك يعتبر من التقنيات الصميمة للتوجيه التربوي الإسلامي. لأن الشعائر التعبدية قائمة أساسا على علاقة العباد بسيدهم وخالقهم سبحانه وتعالى قياما بحقوقه عليهم. والعباد بعلاقتهم التعبدية هذه ينفتحون على اللامحدود. وعندها تصير معظم الأمور المستحيلة عليهم في عوالمهم الدنيوية المحدودة، ممكنة الحصول بذاتها أو من جهة مقاصدها.. فما لا يستطاع بالعمل، يدرك بصدق نية القلب وقوته الموجبة لمحبة الخير وبغض الشر. وقد يُستدل لهذا بحديث: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) ويُستأنس لبعض وجوه الاستدلال له بالدعاء النبوي الشريف: ((اللهم ما قصر عنه رأيي ولم تبلغه نيتي ولم تبلغه مسألتي من خير وعدته أحدا من خلقك أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك، فإني أرغب إليك فيه وأسألك برحمتك يا رب العالمين)).. فالعبد المحسن لعبادته المجتهد في إقامتها بعلم وخشوع وإخلاص، يصيب من فيوضاتها الربانية بقدر علمه وخشوعه وإخلاصه، فينبعث بداخله شوق عارم إلى التفرغ للشعائر التعبدية واعتزال كل ما يشغل عنها من دنيويات.. لكن العلم الصحيح ينبهه إلى ضرورات شرعية وواقعية واجب عليه النهوض إلى خدمتها، وهي في الأجر أعظم قربة من التعبد المحض. فلا يسعه عندها إلا التوجه إليها لكن بقلب مفعم بالتعلق الشديد بالشعائر التعبدية.. فإذا به وهو يخوض في ضرورات الحياة، لا تفارقه أحوال الروحيةِ الإيمانيةِ التي أدركها باجتهاده التعبدي في الصلاة أو الصيام أو الذكر أوغيرها من عبادات؛ يحسها تصاحبه وتلح عليه بالعودة إليها متى انتهى من ضروراته.. بل إن العلم الشرعي الصحيح قد يقوده ليكيف ضروراته الحياتية لتصير عنده كالعبادية فتنتج له ما كان يجده من أحوال سنية في الشعائر التعبدية. وهذا مقام شريف يصير فيه العبد ذا إيمان قوي يسلط فيه إخلاصه على العادات فتصير له عبادات. وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حق رمضان ((لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان)) ومعنى قوله في الصلاة ((ورجل قلبه معلق بالمساجد)).. ففي الأولى الأمة تتمنى أن يصير الزمن كله رمضان.. وفي الثانية يصير كل مكان مسجدا في وعي صاحب القلب المعلق بالمساجد ، فيتعاطى مع واقعه وكأنه بين يدي الله في المسجد، فيوفق إلى الصورة القرآنية القائلة: ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر)).. وبهذا التعلق الشديد والتمني الرشيد المتولدين بقلوب العباد في رحاب المساجد والأجواء الربانية الرمضانية، تكبر مطالب العباد وتمتد طموحاتهم إلى أبعد الحدود.. وتسموا هممهم عاليا لا يلحقهم إلا من كان على شاكلتهم وسار على نهجهم.. وقد يصدق فيهم ما ساقه ابن تيمية عن بعض الكتب المتقدمة: ((إني لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنما أنظر إلى همته)).. ومما قد يعلمه العباد عن مكانة رمضان، فيقوى تشبثهم به وطمعهم في دوامه السنة كلها، ما يمدهم به من معارف عن حقيقة قدراتهم الذاتية، وما يمتلكه كل عبد من إمكانات وطاقات ذاتية يستطيع بها تغيير نفسه بنفسه ولن يحتاج إلى أحد من الخلق إلا في حدود التناصح الذي لاأثر له على نفس العبد إلا بعد إذنها وقبولها ورضاها به.. وما لم تأذن له يبقى يحوم حولها بدون جدوى، وربما أغمضت عيني إصرارها أو تهاونها عنه، فيفقد التناصح قوته ويبقى يضعف ويضعف حتى ينتهي بالتلاشي في ظلام النسيان. في رمضان (شهر الصيام) يكتشف العبد الصائم ظاهرا وباطنا أنه يقوم بأمور كثيرة كان ينظر إليها في غير رمضان أنها ثقيلة جدا على كاهل نفسه وقد يظنها فوق طاقته ولا شيء عليه بعدم الانشغال بمجاهدتها لتقويمها أو التخلص منها.. وغالبا ما يكون هذا الحكم عن خبرة وتجربة ومحاولات عديدة، يحاولها الإنسان مع نفسه خلال شهور السنة عدا رمضان ليخلصها من ضعفها ويحررها من أسرها، فيجد الأمر (فوق طاقته).. في رمضان يعجب العبد الصائم من نفسه.. فما كان بالأمس مستعصيا عليه حتى توهم استحالة تحققه، يصير في رمضان داخل استطاعته، ولا يجد معه مشقة العنت المسقطة للتكليف بالترخيص.. وإنما يجد مشقة التكليف التي هي الغذاء الباني للذات الإنسانية من مقام الطاعة والعبودية.. في رمضان يكتشف العبد الصائم أنه كان يطلب معالجة نفسه على غير منهج وأنه بناها خلال السنة بناء عشوائيا، لم يرجع فيه إلى تصميم هندسي وضعه خبير عليم.. وطبعا لكي يصحح أخطاء بنائه النفسي العشوائي، سيجد نفسه مطالبا إما بهدم كل الأبنية أو جلها أو بعضها. وما لم يفعل لن يستقيم له أمر نفسه وإصلاح أحوالها.. وكلما حاول عملية الهدم وإعادة البناء هاله حجم العملية وصعوبة تحققها، فينقلب يائسا من أي عملية إصلاح حقيقية وخصوصا إذا طال عليه الأمد وكبر سنه فتجده يردد مع المتخاذلين المثل المغربي: ((القرد الشارف ما تيتعلم)).. غير أنه يفاجأ في شهر رمضان أن الصيام يمده بخطط وبرامج ووسائل وتقنيات، تُسَّهل عليه عملية الهدم للأبنية العشوائية وتطهير النفس من ركامات خرائبها.. ثم البناء عليها وفق تصميم الهندسة النفسية الربانية. ويسأل نفسه متعجبا: كيف استطعت كل هذا في هذا شهر الصيام وهو شهر واحد وقد عجزت عنه في الشهور الأخرى وهي أحد عشر شهرا..؟ الإجابة ستأتي بتفصيل في الحلقات القادمة إن شاء الله . ولكن لا يفوتنا أن نؤكد ضرورة طرح سؤال آخر له منحى إيجابي وهو: كيف السبيل إلى الامتداد بهذه الاستطاعة النوعية خارج رمضان، ونعيش بها أو بقريب منها في باقي الشهور..؟ ********************************************** فرائض الصيام لا يصح الصيام، ولا تترتب عليه آثاره، ولا تبرأ به ذمة الصائم، إلا إذا توافرت فيه الأمور الآتية: 1 النية: وهي عزم الصائم على الصوم امتثالا لأمر الله تعالى وتقربا إليه ويشترط تبييتها من الليل لقوله صلى الله عليه وسلم: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له، وقال ابن تيمية في منتقى الأخبار: رواه الخمسة. وقال الشوكاني: أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان، وصححاه مرفوعا. 2 الكف عن الأكل والشراب والجماع بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لقوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتموا الصيام إلى الليل). 3 عدم إيصال شيء للمعدة عن طريق الفم والأنف والأذن والعين وغيرها. 4 عدم إخراج القيء عمدا. ********************************************* سنن الصيام 1 السحور: أي تناول الأكل والشراب في السحر وهو آخر الليل بنية الصوم، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر، وقوله صلى الله عليه وسلم: تسحروا فإن السحور بركة. ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله ولو بجرعة ماء، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: السحور بركة فلا تدعوه، ولو يجرع أحدكم جرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين. تأخيره: وهو تناوله في الجزء الأخير من الليل، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر، وأخروا السحور، وقوله صلى الله عليه وسلم: إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا ، وتأخير سحورنا، وأن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة. 2 تعجيل الفطر: أي الإفطار عقب تحقق غروب الشمس، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولقول أنس رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليصلي المغرب حتى يفطر، ولو على شربة ماء. 3 الفطر على رطب أو تمر أو ماء، لقول أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء. 4 الدعاء عند الإفطار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد. وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول عند فطره: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ذنوبي، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ذهب الضمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله، وروي مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت. ********************************************* نيات ينبغي استصحابها قبل دخول رمضان في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي ( إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا اكتبها له حسنة ) ومن النيات المطلوبة في هذا الشهر : .1 نية ختم القرآن مع التدبر. .2 نية التوبة الصادقة من جميع الذنوب السالفة. .3 نية أن يكون هذا الشهر بداية انطلاقة للخير والعمل الصالح وإلى الأبد بإذن الله. .4 نية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات في هذا الشهر ففيه تضاعف الأجور والثواب. .5 نية تصحيح السلوك والخلق والمعاملة الحسنة لجميع الناس. .6 نية العمل لهذا الدين ونشره بين الناس مستغلاً روحانية هذا الشهر. .7 نية وضع برنامج ملئ بالعبادة والطاعة والجدية بالالتزام به. ******************************************* مبطلات الصوم تتنوع مبطلات الصوم إلى نوعين: أ ما يبطل الصوم ويوجب القضاء بلا كفارة 1 وصول مائع إلى الجوف عن طريق الفم، أو الأنف، أو العين، أو الأذن، أو غيرها. 2 إخراج القيء عمدا، ولو لم يرجع منه شيء إلى الجوف، لقوله صلى الله عليه وسلم: من استقاء عمدا فليقض. 3 الأكل أو الشرب أو الجماع في حال الإكراه. 4 الأكل والشرب نسيانا. ذهب سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق إلى أن من أكل أو شرب ناسيا لا قضاء عليه ، لحديث : من نسي وهو صائم- فأكل أو شرب، فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه (رواه الجماعة)، وخصه الإمام مالك بصوم التطوع. 5 الأكل أو الشرب بعد الفجر جهلا. 6 الأكل أو الشرب قبل غروب الشمس جهلا. 7 خروج المذي بسبب النظر أو الفكر أو ما أشبههما. 8 رفض نية الصوم، ولو لم يأكل ولم يشرب. 9 الردة عن الإسلام إن تاب ورجع إليه في النهار نفسه. ب ما يبطل الصوم ويوجب القضاء والكفارة 1 الجماع عمدا من غير إكراه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت، فقال: وما ذاك؟ قال: وقعت بأهلي في رمضان. قال: أتجد رقبة؟ قال: لا، قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فتستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. فجاء رجل من الأنصار بعَرَق والعرق: المِكْتَلُ فيه تمر، فقال: اذهب بهذا فتصدق به، قال: على أحوجَ منا يا رسول الله؟ والذي بعثك بالحق، ما بين لاَبَتَيْها أهل بيت أحوج منا. قال: اذهب فأطعمه أهلك. وفي رواية لأبي داود وابن ماجة: كله أنت وأهل بيتك وصم يوما ، واستغفر الله. 2 الأكل والشرب بلا عذر شرعي، وهذا عند الإمام مالك وأبي حنيفة ودليلهما حديث أبي هريرة: أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا. والكفارة بمقتضى الحديثين السابقين وغيرهما إنما تتكون من أمور ثلاثة على التخيير هي: 1 عتق رقبة مؤمنة سالمة من العيوب. 2 صيام شهرين متتابعين. 3 إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون الإطعام من غالب قوت أهل البلد، ولا يجزئ إطعام ثلاثين لكل واحد مدان، ولا إطعام مائة وعشرين لكل واحد نصف مد. والمكفر مخير بين هذه الأمور، فأيا منها فعل أجزأه، والأفضل في المذهب المالكي الإطعام، ثم العتق، ثم الصيام . ***************************************** مبيحات الإفطار 1 المرض، لقوله تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، فإن كان المريض لا يقدر على الصوم، أو يخاف الهلاك على نفسه إن صام، وجب عليه الفطر. وإن قدر على الصوم بمشقة جاز له الفطر، فإن كان يرجى برؤه فإنه ينتظر حتى يبرأ ويقضي، وإن لم يرج برؤه فإنه يفطر ولا قضاء عليه. 2 السفر: ويشترط فيه أن يكون مباحا وطويلا (تقصر فيه الصلاة). ونية إقامة أربعة أيام في مكان تقطع حكم السفر، فإن كان المسافر لا يشق عليه الصوم فالصوم أحسن، لقوله تعالى: (وأن تصوموا خير لكم)، وإن كان يشق عليه فالإفطار أحسن، لقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمنا الصائم ومنا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، ثم يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسن. 3 الحمل: قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: وإذا خافت الحامل على ما في بطنها أفطرت، والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك الكعبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحبلى والمرضع الصوم. واختلف في إطعامها، فقيل: لا تطعم، وقيل: تطعم، وهذا القول الأخير رواه ابن وهب فقال: وقد كان مالك يقول في الحامل: تفطر وتطعم، ويذكر أن ابن عمر قاله. قال أشهب : وهو أحب إلي، ولا أدري ذلك واجبا عليها لأنه مرض من الأمراض. 4 الرضاع: قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: وللمرضع إن خافت على ولدها، ولم تجد من تستأجر له، أو لم يقبل غيرها أن تفطر وتطعم، لقوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين). قال ابن عباس: أثبتت للحبلى والمرضع. 5 الهرم: إذا بلغت الشيخوخة بالمسلم أو المسلمة حدا لا يقويان معه على الصيام، أفطرا، واستحب لهما أن يتصدقا عن كل يوم بفطرانه بمد من القمح، لقول ابن عباس في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين): كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا نفسه، ولما رواه البيهقي عن أبي هريرة قال: من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان، فعليه لكل يوم مد من قمح. وفي الموطأ بلاغا وصله البيهقي عن طريق قتادة: أن أنس بن مالك كبر حتى كان لا يقدر على الصيام، فكان يفتدي. قال مالك: ولا أرى ذلك واجبا عليه، وأحب إلي أن يفعله، إن كان قويا عليه، فمن فدى فإنما يطعم مكان كل يوم مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم. شدة الجوع والعطش: من اشتد به الجوع أو العطش، وأحس بالخطر يهدد حياته، أباح له الشارع الحكيم أن يفطر إنقاذا لحياته، بل يحرم عليه الصوم إن خاف الهلاك على نفسه، لقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). 6 وعليه قضاء ما أفطره. 7 الإكراه: من أكره على الإفطار أباح له الشارع كذلك أن يفطر ويقضي ما أفطره، ولا إثم عليه في ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا: الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهون عليه. ******************************************** صحتك في رمضان كثيرا ما يضطر المريض إلى استعمال الدواء أثناء نهار رمضان، فيتحرج من ذلك مخافة الإفطار، خصوصا إذا كانت طريقة تناول ذلك الدواء مثل قطرات العين والأنف أوالأذن، أورشاش الحلق، فينتج عنها تسرب جزء من الدواء في حلق المريض، فيحتار هل يؤخر تناول الدواء إلى الليل، ويخالف بذلك تعليمات الطبيب، بل ربما تتفاقم حالته من جراء هذا التأخير (كما هو الحال بالنسبة لأزة الربو التي تتطلب علاجا فوريا)، أم يفطر وهو الذي يقوى على الصيام ولا يشق عليه، ناهيك عن بعض التقنيات الجديدة التي تستعمل في علاج المرضى وإجراء التحاليل والكشوفات لهم، وهذه مجموعة من الفتاوى التي تجلي حقيقة الشرع في مثل هذه النوازل: * الإبر هل جميع أنواع الإبر التي قد يضطر المريض إلى أخذها نهار رمضان مفطرة؟ الإبر التي تؤخذ كدواء وعلاج؛ سواء كان الأخذ في الوريد، أو في العضل، أو تحت الجلد فلا تصل إلى المعدة، ولا تغذي، لا تفطر الصائم، إنما هناك نوع من الإبر يصل بالغذاء مصفى إلى الجسم، كإبر الجلوكوز، فهي تصل بالغذاء إلى الدم مباشرة، فهذه قد اختلف فيها علماء العصر. حيث إن السلف لم يعرفوا هذه الأنواع من العلاجات والأدوية، ولم يرد عنهم شيء في هذا الأمر، فهذا أمر مستحدث، لكن الأحوط على كل حال أن يمتنع المسلم عن هذه الإبر في نهار رمضان، فعنده متسع لأخذها بعد الغروب. وإن كان مريضًا فقد أباح الله له الفطر، فإن هذه الإبر وإن لم تكن تغذي بالفعل، تغذية الطعام والشراب، وإن لم يشعر الإنسان بعدها بزوال الجوع والعطش كالأكل والشرب المباشرين، فهو على الأقل يشعر بنوع من الانتعاش، بزوال التعب الذي يزاوله ويعانيه الصائم عادة، وقد أراد الله من الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع والعطش، ليعرف مقدار نعمة الله عليه، وليحس بآلام المتألمين وبجوع الجائعين وبؤس البائسين .. فيخشى إذا فتح الباب لهذه الإبر أن يذهب بعض القادرين الأثرياء فيتناول هذه الإبر بالنهار لتعطيهم نوعًا من القوة وقدرًا من الانتعاش؛ لكي لا يحسوا كثيرًا بألم الجوع وبألم الصيام في نهار رمضان، فالأولى أن يؤجلها الصائم إلى ما بعد الإفطار. * الحقنة الشرجية ما حكم الحقنة الشرجية التي يحقن بها المريض وهو صائم؟ الحقنة الشرجية التي يحتقن بها المريض ضد الإمساك اختلف فيها أهل العلم، فذهب بعضهم إلى أنها مفطرة بناء على كل ما يصل إلى الجوف فهو مفطر، وقال بعضهم إنها ليست مفطرة، والأفضل أن ينظر إلى رأي الأطباء في ذلك، فإذا قالوا إن هذه كالأكل والشرب وجب إلحاقه به وصار مفطرا، وإذا قالوا إنه لا يعطي الجسم ما يعطي الأكل والشرب فإنه لا يكون مفطرا. * قطرة الأذن في رمضان، قد يضطر المريض إلى استعمال القطرة في الأذن، فهل تعتبر مفطرة؟ وضع الدواء في الأذن في نهار رمضان ومثلها استعمال الكحل، ربما يصل بعضها إلى الجوف، ولكنها لا تصل إلى الجوف من منفذ طبيعي، وليس من شأنها أن تغذي ولا أن يشعر الإنسان بعدها بانتعاش أونحو ذلك، وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في شأنها ما بين متشدد وما بين مترخص. فمن العلماء من حكم بأن هذه الأشياء مفطرة. ومن العلماء من قال بأن هذه الأشياء ليست منفذًا طبيعيًا إلى الجوف، فهي لذلك لا تفطر، والحقيقة أن هذه الأشياء أي استعمال الكحل ومثله القطرة في العين، ومثل ذلك التقطير في الأذن، وكذلك وضع المراهم ونحوها في الدبر لمن عنده مرض البواسير وما شابه ذلك… كل هذه الأمور لا تفطر، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في (في فتاويه)، فقد ذكر تنازع العلماء في هذه الأشياء ثم قال: والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمه الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها؛ لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلاً، علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك، قال: والحديث الذي يروى في الكحل ضعيف، وقال يحيى بن معي : هذا حديث منكر. * بخاخ الربو هل استعمال بخاخ ضيق النفس (الربو) يفطر الصائم؟ هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة، فحينئذ لا بأس أن يستعمل هذا البخاخ والمريض صائم، ولا يفطر بذلك، ولا يبطل الصوم به. * التحاميل ما حكم استعمال التحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً؟ لا بأس بها، ولا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضاً، لأن هذا ليس أكلاً أو شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، والشارع إنما حرّم علينا الأكل والشرب. فما قام مقام الأكل والشرب أُعطي حكم الأكل والشرب، وما ليس كذلك، فإنه لا يدخل فيه لفظاً ولا معنى، ولا يثبت له حكم الأكل ولا الشرب. *معجون الأسنان هل استعمال معجون الأسنان في رمضان يفطر؟ إن أمكن استعمال المعجون قبل الإمساك فأحسن، لأنه يجد طعمه في حلقه. لكن إن استعمل الصائم المعجون مع تحرزه من أن ينزل إلى جوفه شيء منه؛ فلا بأس به. * إدخال المنظار إلى معدة المريض مريض بالمعدة، لا يعرف هل إدخال المنظار المضيء إلى المعدة يفطر أم لا؟ فحص المريض الصائم بإدخال المنظار إلى المعدة لتشخيص الداء جائز وليس مفطرا، لأنه لا ينافي الصوم ولا هو أكل ولا شرب ولا دواء. *تحاليل الدم والصوم هل أخذ عينة دم يؤثر على الصيام؟ لا يفطر الصائم بإخراج الدم من أجل التحليل، فإن الطبيب قد يحتاج إلى الأخذ من دم المريض ليختبره، فهذا لا يفطر لأنه دم يسير لا يؤثر على البدن تأثير الحجامة، فلا يكون مفطرا، والأصل بقاء الصيام، ولا يمكن أن نفسده إلا بدليل شرعي، وهنا لا دليل على أن الصائم يفطر بمثل هذا الدم اليسير. * قطرة العين قطرة العين إذا دخل طعم مرارتها إلى الحلق هل تفطر؟ إن ما يمكن أن يصل إلى الحلق ثم إلى المعدة من قطرة العين، هو يسير معفو عنه، وهو داخل تحت ما تجاوز الله عنه مما يبقى بعد المضمضة، ولهذا فالصحيح أن قطرة العين لا يحصل بها الفطر. * حقنة الأنسولين مريض بالسكري، ويحتاج إلى أخذ إبرة الأنسولين بشكل يومي، فهل هذه الأبرة مما يقع به الإفطار؟ لا حرج من أخذ إبرة الأنسولين، نهارا للعلاج، ولا قضاء على لسائل، ولكن إن تيسر عليك أخذ الحقنة ليلا بدون مضاعفات صحية فهو أولى. * المرأة الحامل والمرضع هل كل الحوامل والمرضعات يتوجب عليهن الإفطار، مع شعور بعضهن بقدرتهم على تحمل الصوم؟ إذا استثنينا الحالات المرضية للحمل (كتسمم الحمل، والسكري، أو حالات القيء الشديد، أو مرضا مزمنا آخر كالسل أو فقر الدم؛ فإن صيام الحامل السليمة لا يحمل أي خطورة عليها، ولا على جنينها، مع مراعاة بعض الشروط الصحية كتأخير السحور، والإكثار من مشتقات الحليب، والسوائل، وعدم السهر، وتجنب الإرهاق الشديد. أما بالنسبة للمرضع؛ فإن الفترة الحاسمة لإدرار الحليب، وهي الفترة التي تعقب الولادة مباشرة، تكون المرأة ممنوعة فيها من الصيام، بحكم نزول دم النفاس، وهي الفترة التي قد تمتد إلى أربعين يوما، أما بعد هذه الفترة؛ فللمرضع أن تصوم مع مراعاة تغذية غنية بالبروتينات ومشتقات الحليب والسوائل، وتجنب الانفعالات التي تؤدي إلى نقص إدرار الحليب، وتجنب المنبهات (الشاي القهوة)، أوالمأكولات التي تغير من طعم الحليب كالثوم، والقرنبيط (الشيفلور)، وإذا ما لاحظت المرضع نقص الحليب فعليها أن تفطر وتقضي ما فاتها بعد فطام الطفل. *الأمراض المبيحة للإفطار ما هي الأمراض المبيحة للإفطار في رمضان؟ يمكن تقسيم الأمراض المبيحة للإفطار إلى خمسة أقسام: أمراض تشتد الحاجة فيها إلى الغذاء مثل العلل الحاصلة بنقص التغذية. أمراض تشتد فيها الحاجة إلى الماء مثل التجفف. أمراض توجب تقسيم القوام الغذائي إلى وجبات عديدة مثل داء السكري والقرحة الهضمية. أمراض يصعب معها تحمل الجسد للصيام مثل (حالات الإسهال الشديد، حالات الحمية الشديدة، التهاب الصدر والسل الرئوي، قرحة المعدة، تليف الكبد ومرض الاستسقاء، فقر الدم، بعض أمراض الكلي الحادة والمزمنة، حالات انخفاض السكر في الدم، بعض حالة انخفاض ضغط الدم الشديد، حالات البول السكري الشديد، وحالات خاصة بالنسبة للحامل والمرضع..) **************************************** سنن مهملة في رمضان شهر رمضان من الأشهر التي يتفضل الله فيها على عباده بمضاعفة الحسنات ورفع الدرجات، لدرجة أن من تقرَّب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، أي أنه ينال أجراً مضاعفاً وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. ولذلك فهو فرصة عظيمة للتزود بالروحانيات التي يحتاج إليها المسلم في هذه الحياة ليصل إلى نهاية الأمر: جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، وهذا هو المقصود الأسمى من الصيام (لعلكم تتقون) البقرة:،183 وهذه الفرصة لا تُتاح إلا إذا كان الصائم مقتدياً في صيامه بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا أن بعض المسلمين نسوا أو تناسوا أو أهملوا أو غُيَّبوا عن بعض السنن التي أرشد إليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومن أهم هذه السنن: * السحور وتأخيره وهذان أمران تركهما فيه تشبه بأهل الكتاب: أما ترك السحور كلية فقد حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا الترك فيه تشبُّه بمن كان قبلنا فقال: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر. فبعض الناس يترك السحور اعتماداً على أنه يصوم من دونه، أو أنه يسبب له ألماً إذا أكل ثم نام، ولكننا نقول السحور سنة مهملة لأن بعض الناس يتركونه، ويتحقق العمل بهذه السنة ولو بجرعة ماء بنية السحور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: تسحَّروا فإن في السحور بركة. وأما تأخيره فهو أيضاً من السنن المهملة، فإن من المستحب أن يؤخر إلى ما قبل الفجر، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت كم كان قدر ما بينهما؟ قال خمسين آية * تعجيل الفطر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب ظهور الدين تعجيل الفطر مخالفة لأهل الكتاب فقال: لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون، قال ابن تيمية: وهذا نص في ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر لأجل مخالفة اليهود والنصارى، وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر الدين كله، فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة، ولذلك يستحب للصائم أن يعجل الفطر متى تحقق غروب الشمس. * السهر في طاعة الله ومن السنن المهملة إهمال طاعة الله بعد الإفطار، فبعضهم ما أن ينتهي من إفطاره حتى يجلس يفكر فيما يقضي فيه ليله من التسلية وتضييع الوقت في غير طاعة الله، وما ذاك إلا لانحصار مفهوم الصيام في أذهانهم في الامتناع عن الأكل والشرب في وقت الصيام، وما بعد ذلك فلا حرج عندهم فمن الممكن أن يصوموا ثم يشاهدوا بعد الصيام ما نهوا عنه، فإنما العبادة عندهم قد انتهى وقتها بانتهاء الصيام في العشي، وإنما الصيام المقبول هو الذي يؤثر في صاحبه ويغير من سلوكه ويهذب من أخلاقه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر، وأما السنَّة فإنها في القيام بطاعة الله لينال هذا القائم غفران الذنوب من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، وعلى ذلك فالسهر في طاعة الله مستحب ومرغوب فيه. * التراويح والقيام ما حكم صلاة التراويح والقيام في ليالي رمضان؟ أولا: صلاة التراويح سنة مستحبة باتفاق العلماء، وهي من قيام الليل، فتشملها أدلة الكتاب والسنة التي وردت بالترغيب في قيام الليل وبيان فضله. ثانيا: قيام رمضان من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في هذا الشهر، قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب). وقد وردت بعض الأحاديث الخاصة بالترغيب في قيام رمضان وبيان فضله منها: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ثالثا: ينبغي أن يكون المؤمن حريصا على الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان أكثر من غيرها، ففي هذه العشر ليلة القدرالتي قال الله تعالى فيها: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. *صلاة النساء في التراويح جماعة ما حكم صلاة المرأة للتراويح في المسجد؟ وهل عليهن حرج إذا اجتمعن في منزل لوحدهن وأدين الصلاة جماعة؟ صلاة التراويح ليست واجبة على النساء ولا على الرجال، وإنما هي سنة لها منزلتها وثوابها العظيم عند الله. وهذا يشمل الرجال والنساء جميعا. إلا أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها بالمسجد، ما لم يكن وراء ذهابها إلى المسجد فائدة أخرى غير مجرد الصلاة، مثل سماع موعظة دينية، أو درس من دروس العلم، أو سماع القرآن من قارئ خاشع مجيد. فيكون الذهاب إلى المسجد لهذه الغاية أفضل وأولى. وبخاصة أن معظم الرجال في عصرنا لا يفقهون نساءهم في الدين، ولعلهم لو أرادوا لم يجدوا عندهم القدرة على الموعظة والتثقيف، فلم يبق إلا المسجد مصدرا لذلك، فينبغي أن تتاح لها هذه الفرصة، ولا يحال بينها وبين بيوت الله. ولاسيما أن كثيرا من المسلمات إذا بقين في بيوتهن لا يجدن الرغبة أو العزيمة التي تعينهن على أداء صلاة التراويح منفردات بخلاف ذلك في المسجد والجماعة. على أن خروج المرأة من بيتها – ولو إلى المسجد – يجب أن يكون بإذن الزوج، وليس من حق الرجل أن يمنع زوجته من الذهاب إلى المسجد إذا رغبت في ذلك إلا لمانع معتبر. كما يجوز للنساء أن يجتمعن لأداء صلاة التراويح في بيت إحداهن بشرط عدم التبرج والزينة في الخروج. * القراءة من المصحف في قيام الليل هل تجوز القراءة من المصحف في صلاة التراويح؟ لا حرج في القراءة من المصحف في قيام رمضان، لما في ذلك من إسماع المأمومين جميع القرآن، ولأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على شرعية قراءة القرآن في الصلاة، وهي تعم قراءته من المصحف، وعن ظهر قلب، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان، وكان يقرأ من المصحف، ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه معلقاً مجزوماً به. ****************************************** برنامج عملي لرمضان يحتاج شهر رمضان إلى تنظيم الوقت تنظيما محكما، ليتمكن المسلم من اغتنام أي لحظة من لحظاته في طاعة الله، لذلك فإنه من الضروري لكل من يتطلع إلى إلا تفوته لحظات رمضان الغالية؛ أن يعد لنفسه برنامجا عمليا لتنفيذه خلال شهر هذا الشهر، وهذا نموذج لبرنامج عملي: - من بعد صلاة الفجر وحتى الشروق: المكوث في المسجد – إن تيسر أوفي البيت – لقراءة أذكار الصباح، وما تيسر من القرآن، ثم صلاة الضحى ركعتين أو أربع. - العودة إلى البيت والاستعداد للذهاب إلى العمل، أوالنوم حتى موعد العمل، كل حسب مواعيد عمله. - أذكار الخروج من المنزل، وتلاوة ما تيسر من القرآن في الطريق إلى العمل أو السماع أن كنت تقودين سيارة. - المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والاستعداد قبلها بالوضوء، وترديد الأذان، وصلاة السنن القبلية والبعدية بما لا يؤثر على مصلحة العمل. - استثمار أوقات الفراغ البينية في تلاوة القرآن أو قراءة أي كتاب نافع أو الاستغفار والذكر. - تلاوة أذكار المساء في طريق الرجوع إلى المنزل. - إن كنت متزوجة تقومين بإعداد طعام الإفطار لأسرتك أو تساعدين والدتك في إعداده، مع تجنب الإسراف في الطعام، فرمضان شهر عبادة وزهد، وليس شهر طعام، ويمكنك استثمار وقتك في المطبخ بسماع أحد الشرائط الدينية أو الذكر. - صلاة المغرب ثم الإفطار مع الدعاء المأثور: اللهم إني لك صمت…، والحذر من الإكثار من الطعام حتى لا يثقل البدن على العبادة. - أخذ قسط من الراحة حتى أذان العشاء، والنزول إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح. - يمكن أن نخصص يومين في الأسبوع أو ثلاثة، بعد صلاة التراويح، للتزوار وصلة الرحم. - النوم حتى قبيل الفجر بوقت معقول، والاستيقاظ لصلاة التهجد والوتر، ثم السحور قبل الفجر بنصف ساعة مثلا، فمن السنة تأخير السحور. - الاستغفار حتى أذان الفجر. والاعتكاف في العشر الأواخر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه فضل كبير لمن استطاعه. هذا وينصح بمقاطعة التلفزيون في هذا الشهر الكريم، لتجنب ما أعده شياطين الإنس ليفسدوا على المسلمين عبادتهم، إلا للضرورة كالاطلاع على الأخبار مثلا ومتابعتها، وكذا متابعة البرامج الهادفة، مع الحذر من أن يستدرجنا هذا للجلوس مدة طويلة. كما ينصح أيضا بشراء مستلزمات العيد من ملابس وغيره قبل رمضان، وكذلك تنظيف المنزل وغيره من الأعمال التي اعتاد الناس القيام بها قبل الأعياد، حتى لا تستنفد هذه الأشياء أوقاتنا في العشر الأواخر من رمضان، والتي ينبغي أن نجتهد فيها أكثر في العبادة. كما يجب التحذير من أن نضيع أوقاتا كثيرة في الولائم والحفلات، ومما اعتاد الناس القيام به في رمضان، وننصح غيرنا بذلك. ومن الأعمال الصالحة في رمضان الإكثار من الصدقة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان. ومن الجميل في رمضان أن نصل ما انقطع من أرحامنا وأقاربنا وأصدقائنا، ونصلح ذات بيننا، وننقي النفوس والقلوب لتتهيأ لتذوق حلاوة العبادة في هذا الشهر. **************************************** رمضان للعبادة والطاعة لا للإسراف والسهر يتغير نمط الحياة في شهر رمضان المبارك، ليس من حيث الصيام عن الشهوات فحسب، بل أيضا من ناحية السلوك الغذائي، وتغيير برنامج النوم والعمل والراحة وحركة الناس بشكل عام، وبالرغم من الجو الروحاني الذي يطبع هذا الشهر الفضيل الذي يعتبر شهرا للألفة والمحبة والالتقاء، تطغى بالمقابل عادات سيئة تبعد البعض عن مقاصد هذا الشهر. متابعة الفضائيات مع اقتراب الشهر الفضيل، يمضي البعض ليلهم في السهر غير المرشد سواء أمام التلفاز، أوخارج البيت للهو والمرح، فقد صارت الفضائيات ساحة للتنافس بين المسلسلات والأفلام والبرامج الفكاهية، فما يكاد ينتهي مسلسل حتى يسلم المشاهد نفسه إلى مسلسل آخر؛ من الظهيرة، وحتى وقت متأخر في الليل، تحاصر المشاهدين الصائمين، وتلهيهم عن أداء فرائضهم الدينية في وقتها. وحسب رأي الاقتصاديين؛ فإن رمضان هو شهر الذروة للشركات التجارية للإعلانات، لأن عددا كبيرا من المواطنين يصيرون زبائن أوفياء للشاشة الصغيرة؛ سواء بالليل أوخلال النهار، في حين يجب استثمار هذا الشهر الفضيل للطاعة والتقرب إلى الله تعالى، لأنه ليس شهرا للتسلية؛ بل هو شهر للعبادة والتقوى، يعلم المسلم الصبر على العطش والجوع، وتحمل المصاعب في سبيل الله تعالى، وينمي عنده الانضباط ومحاسبة الذات، فيلتزم الصائم الأخلاق الحميدة. النوم طوال النهار تمنح الأجواء الرمضانية للفرد فرصة للعبادة ليلا ونهارا؛ أما بالليل فبالقيام بصلاة التراويح وقراءة القرآن الكريم، وأما بالنهار فبالصيام وإطفاء نار الشهوة وقهر الطبع، وكذا تجنب المعاصي وتهذيب النفس من تبعية الهوى، وفي حديث واحد جمع ثواب الصيام والقرآن، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: يا رب منعته الطعام والشهوة بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان رواه أحمد والطبراني والحاكم وصححه، إلا أن بعض الصائمين يجعلون من نهارهم ليلا، حيث يقضونه نوما بدعوى أنهم لا يستطيعون مقاومة الصوم، والصبر على فراغ المعدة، الشيء الذي يضيع عليهم فرصة حضور الصلاة في المسجد، ومجالس العلم والوعظ التي تكثر خلال هذا الشهر الكريم. أما في أماكن العمل؛ فيبدو الكسل خلال ساعات العمل ظاهرة قد التصقت بالشهر الكريم، وصار معتادا أن ينفعل بعض الموظفين في وجه المواطنين، أو في وجه زملائهم في العمل، كما يصبح من الطبيعي أن يلتمس الناس الأعذار له، ليس عملاً بروح رمضان التي تحثنا على العفو والتسامح، إنما فقط بسبب الصيام الذي صار عذرا في حد ذاته. الإسراف والتبذير ما أن تبدأ تباشير الشهر الكريم حتى تتجه الأسر العربية بمختلف عاداتها الغذائية بالتوجه إلى الأسواق لشراء الأطعمة والمأكولات المختلفة، حيث يتخذ العديد من الصائمين من شهر رمضان شهرا للاستهلاك والإسراف؛ متناسين أن هذا الشهر هو شهر عبادة وتقرب إلى الله عز وجل، وليس شهر الموائد والإسراف في تناول الطعام، يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: كلوا وشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. ومن الناحية الصحية؛ جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم (صوموا تصحوا)، فقد بينت الدراسات العلمية أن الأفراد الذين يتناولون طعامهم في شهر رمضان باعتدال، وحسن اختيار تنخفض عندهم نسبة الكوليسترول، والدهون، والسكر في الدم. والإسراف في الطعام والشراب فيه مفاسد كثيرة منها: أن الإنسان كلما تنعم بالطيبات في الدنيا قَلَّ نصيبه في الآخرة. فقد روى الحاكم عن أبي جحيفة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أَكثر الناس شبعا في الدنيا أَكثرهم جوعا يوم القيامة). الخصام والشجار كثيرا ما يقع الناس في خصامات وشجارات بسبب وبغير سبب خلال شهر رمضان، لاسيما خلال النهار، معللين ذلك بكونهم صائمين، وكأن الصيام مبرر لكي يتقاذف البعض السباب والشتم أمام الملأ، بل أحيانا يصل الأمر إلى ذكر ألفاظ نابية لا تليق وإلى الضرب، بينما كان الأولى هو اغتنام هذه الأيام من أجل فتح صفحة جديدة في حياتنا، وفي علاقاتنا مع الآخرين، فليست العبادة أن نركع ونسجد ونقيم الليل ونصوم النهار…، بل العبرة منه أن نطهر أنفسنا، ونساعد بعضنا البعض، فالابتسامة على سبيل المثال في وجه أحد الأشخاص صدقة، فما بالك بزيارته أومساعدته أوتقديم الدعم له، أوتفريج كربته. أليس رمضان عودة صادقة لذواتنا، ودرسا لتقوية إرادتنا وإيماننا، والقضاء على ضعفنا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب. فإن سابه أحد، أوقاتله، فليقل إني صائم).وماكشفه العلم الحديث من أضرارصحية للغضب يبين لنا بعض الحكم في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم، وتشديده على اجتناب الغضب وأسباب الشجار أثناء الصوم، وتعليله النهي الشديد عن الغضب بحالة الصيام. السهر خارج البيت من العادات القبيحة التي تصاحب شهر رمضان ، هي السهر خارج البيت، في المقاهي التي صارت هي الأخرى طقسا رمضانيا، تعمل على تقديم برامج غنائية طول الليل، وتقديم أنواع الشيشا لزبنائها من الشباب والشابات، في حين يختار البعض أن يجتمع بجنبات الأحياء، للعب الورق الكارطا أوالضاما، في انتظار وجبة السحور. وكان الأولى أن يغتنم الناس شهر رمضان لتعديل السلوك، وتقويم الأخلاق، والتخلي عن جميع العادات السيئة، والتقرب إلى الله بالصيام، والقيام والدعاء والاستغفار، وصدق التوبة. فقد ميز الله تعالى شهر رمضان عن غيره من الشهور؛ بأن فرض عز وجل فيه الصيام على كل مكلف، يقول تعالى: يَا أَيها اللذِين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. وشهر رمضان هو شهر الله؛ ولذلك فهو أفضل الشهور، وهو شهر الرحمة والمغفرة والتوبة، يقول الرسول(ص): يا أيها الناس إنه قد أقبل الرسول إليكم، شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، و نومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب. ولذلك ينبغي لكل واحد منا أن يستثمر هذا الشهر الفضيل في طاعة الله عز وجل والتقرب إليه، وأن يحييه بالعبادة والعمل الصالح. سناء كريم ******************************************* أحكام صيام الطفل * هل يؤمر الأطفال الذين لم يَبْلغوا الخامسة عشرة بالصيام كما في الصلاة؟ ** نعم يُشجع الأطفال الذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون بأطفالهم.. وقد نص أهل العلم على أن يقوم الوليَّ بتشجيع وترغيب من له ولاية عليه من الصغار بالصوم من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه، وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكون كالغريزة لهم. ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم؛ فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع أطفالهم من الصيام؛ على خلاف ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون، ويدعون أنهم يمنعون هؤلاء الأطفال رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الأطفال: أمرهم بشرائع الإسلام وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حسن التربية وتمام الرعاية. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: إن الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيَّته، والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام. * ما حكم صيام الطفل الذي لم يبلغ؟ ** صيام الطفل ليس بواجب عليه، ولكن على ولي أمره أن يدربه به ليعتاده، وهو أي الصيام في حق الطفل الذي لم يبلغ سنَّة. له أجر في الصوم، وليس عليه وزر إذا تركه. طفلي الصغير يصر على صيام رمضان؛ رغم أن الصيام يضره لصغر سنه واعتلال صحته، فهل أستخدم معه القسوة ليفطر؟ إذا كان صغيراً لم يبلغ فإنه لا يلزمه الصوم، ولكن إذا كان يستطيعه دون مشقة فإنه يؤمر به، وكان الصحابة – رضي الله عنهم – يصومون أولادهم، حتى إن الصغير منهم ليبكي فيعطونه اللعب يتلهى بها، ولكن إذا ثبت أن هذا يضره فإنه يمنع منه، وإذا كان الله – سبحانه وتعالى – منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفاً من الإفساد بها؛ فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن يمنعهم منه، ولكن المنع يكون عن طريق القسوة، فإنها لا تنبغي في معاملة الأولاد عن تربيتهم. * متى يجب الصيام على الفتاة؟ ** يجب الصيام على الفتاة متى بلغت سن التكليف، ويحصل البلوغ بتمام خمسة عشرة سنة، أو بإنبات الشعر حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أوالحيض، أوالحمل، فمتى حصلت بعض هذه الأشياء لزمها الصيام، فكثير من الإناث تحيض في سن مبكرة فيتساهل أهلها ويظنونها صغيرة فلا يلزمونها بالصيام، وهذا خطأ، فإن الفتاة إذا حاضت فقد بلغت مبلغ النساء وجرى عليها قلم التكليف. ****************************************** الرياضة في رمضان مزاولة الرياضة هي من الأشياء المهمة والأساسية، لأنها تعني الصحة والفائدة والتكوين الصحيح للإنسان، ومن مختلف الأعمار. فالرياضة تحصن الجسم من الآفات والأمراض، وتقضى على الخمول والشيخوخة المبكرة. وبالتالى تزداد فائدة ممارسة الرياضة خلال أيام شهر رمضان المبارك، فيظل الإنسان نشيطاً وغير كسول بفضل مواظبته على الرياضة بكافة أنشطتها وألعابها المختلفة. فالصيام والرياضة فيهما فائدة كبيرة للصحة وجسم الإنسان، والمشي رياضة لها آثار ايجابية على كل أعضاء الجسم خاصة الدورة الدموية، ويتحول عند البعض من عادة محمودة إلى ضرورة تقترن بأهمية حرق الدهون الزائدة في بعض الأكلات الرمضانية. إن إنتهاز شهر رمضان والإنسان صائم لحرق الدهون وما تم تخزينه خلال 11 شهراً أمر جيد، لأن أداء الرياضة والنشاط البدني المعتدل والمناسب لكل شخص وغير العنيف قد يكون أكثر فائدة لحرق الدهون، وخاصة لمن يرغب في حرق الزائد من الدهون والشحوم والمحافظة على العضلات والأنسجة والخلايا الجيدة، ويعتقد أن المشي مثلاً قبل الإفطار بساعة أوساعة ونصف وقت جيد ومناسب. ولإنجاح هذا البرنامج يجب الحرص على استهلاك كمية جيدة من الماء والسوائل مثل الشاي الأخضر والعصير والحليب، لأنها تعوض ما يفقد خلال المشي في نهار رمضان، لذلك يجب عدم تجاهل شرب السوائل في الليل بكميات كبيرة لإنجاح البرنامج الخاص بإنقاص الوزن في رمضان، والحرص على إجراء بعض التمارين بعد وجبة الإفطار بأكثر من ثلاث ساعات، حيث إن الرياضة بعد الوجبة غير مرغوبة؛ لأن عملية الهضم والامتصاص تحتاج إلى تركيز يقل بعد تناول الوجبة بثلاث ساعات. يجب الحرص أن تكون مزاولة رياضة المشي أو غيرها في أماكن ذات تهوية جيدة وبعيدة عن الشوارع الرئيسية، والتي يكون فيها التلوث مثل أول أكسيد الكربون والنترات والكبريت الناتجة من عوادم السيارات، لأن هذه المركبات تسهم في زيادة إرهاق الجسم، وخاصة عند الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والحوامل. ********************************************* غذاء كبار السن في رمضان للصيام دور مهم في حياة المسنين بالنسبة للقادرين منهم على الصيام، فهو يعيد التوازن إلى حياتهم، بشرط اتباع قواعد التغذية السليمة في طريقة إعداد الطعام ونوعيته وكميته لضمان حصول المسن على احتياجاته الضرورية في وجبتي الإفطار والسحور، مع عدم الإسراف في تناول الأطعمة الدسمة الغنية بالسعرات الحرارية. وينصح المختصون بضرورة احتواء هذه الوجبات على الحليب والبوغورت خالي الدسم، والخضراوات المطهية، والخضراوات الطازجة، ومنها الطماطم والخيار والخص والجزر، وكذلك القطاني والفاكهة، كما ينصح بالتقليل من المنتجات الحيوانية والدهون. وتناول كميات كافية من المياه يتراوح ما بين 8 إلى 10 كؤوس يوميا، بالإضافة إلى السوائل الأخرى تجنبا للإصابة بالجفاف. كما ينصح المختصون بتقسيم وجبة الإفطار إلى ثلاث وجبات كالآتي: الأولى: عند بدء الإفطار وتحتوي على طبق الشوربة بدون دهون، ليعطي فرصة للجهاز الهضمي للعمل وإفراز العصارات الهاضمة، أو قليل من الحليب مع حبة أو اثنتين من التمر أو كأس عصير فاكهة طبيعية طازجة بدون سكر. الثانية: بعد صلاة المغرب، وتتكون من قطعة من اللحم أوالسمك أو الدجاج منزوعة الدهون، ويفضل أن تكون مسلوقة مع طبق من الخضر المطهية قليلا، أو مسلوقة، وتقدم مع قليل من السلطة الخضراء الطازجة، مع مراعاة إضافة الليمون بدلا من الملح الذي يفضل الاستغناء عنه قدر الإمكان، مع الامتناع تماما عن المخللات. ثالثا: وجبة خفيفة من فاكهة طازجة أوكأس من الحليب أواليوغورت لرفع السعرات الحرارية، حتى لايشعر بالإجهاد والتعب نتيجة ساعات الصيام، وذلك في الحادية عشرة مساء مثلا. أما وجبة السحور فيفضل تأخيرها للصائم المسن برصيد من السعرات الحرارية تكفيه طوال فترة اليوم، وتكون وجبة خفيفة سهلة الهضم خالية من الدهون. وينصح بأن يحتوي طعام كبار السن على كميات كبيرة من الألياف التي تقي من سرطان القولون، وتمنع الإمساك الذي يعاني منه المسنون، كذلك تقليل كميات الملح، فالإسراف فيها يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وهبوط في القلب وتليف الكبد واحتجاز السوائل في الجسم، كما أن الإفراط في السكر المكرر يؤدي إلى تسوس الأسنان والإصابة بمرض السكر.