اعلنت الأممالمتحدة أمس أن أكثر من 920 ألف شخص نزحوا في سورية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2018، وهو ما يشكل رقما قياسيا منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات. وصرح منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سورية بانوس مومتزيس خلال مؤتمر صحفي في جنيف "نشهد نزوحا داخليا كثيفا في سورية (...) من كانون الثاني/يناير إلى نيسان/أبريل كان هناك 920 ألف نازح جديد". وأضاف "هذا أكبر عدد من النازحين خلال فترة قصيرة منذ بدء النزاع". ويرتفع بذلك عدد الأشخاص الذين نزحوا في الداخل الى 6,2 مليون، في حين يعيش حوالي 5,6 مليون لاجئ سوري في الدول المجاورة، بحسب أرقام الأممالمتحدة. وأشار مومتزيس إلى أن معظم النازحين الجدد أجبروا مؤخرا على مغادرة منازلهم بسبب تصعيد المعارك في الغوطة الشرقية التي شكلت منذ العام 2012 أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق قبل أن تستعيد قوات النظام السيطرة عليها في نيسان (ابريل)، ومحافظة إدلب (شمال غرب) التي تسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر منها مع تواجد محدود لفصائل إسلامية أخرى. وأدت ضربات جوية مكثفة على إدلب مؤخرا إلى مقتل عشرات الأشخاص بينهم أطفال. وحذر مومتزيس من التداعيات الخطيرة لاندلاع نزاع في المحافظة حيث يعيش 2,5 مليون شخص والمشمولة في اتفاق "خفض التصعيد" الذي توصلت إليه تركيا وروسيا وايران في سورية. وقتل أكثر من 350 ألف شخص منذ اندلاع الحرب في سورية في 2011 مع قمع النظام الدموي تظاهرات مناهضة للحكومة. لكن مومتزيس قال "ربما لم نرَ بعد الجزء الأسوأ من الأزمة في سورية". وأضاف أن على العالم "أن يضمن ألا نرى مشهدا مشابها لذلك الذي شهدناه في الغوطة الشرقية". وأفاد "نحن قلقون لرؤية 2,5 مليون شخص يتحولون إلى نازحين"، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة ترسم حاليا سلسلة خطط طوارئ في حال تصاعد الوضع. وقال "نحن في حالة تأهب قصوى". وعقب عملية الغوطة الشرقية والعملية السابقة لاستعادة مدينة حلب السورية، تم اجلاء المتمردين والمدنيين بالقوة إلى ادلب. لكن بالنسبة لأهالي إدلب، "ليس هناك إدلب أخرى لإرسالهم إليها هذا هو الموقع الأخير ولا يوجد مكان آخر ليتم نقلهم إليه"، بحسب المسؤول لأممي. وفي الوقت ذاته، تزداد وتيرة القتال بين المجموعات المسلحة المتداخلة في المحافظة. وحذر مومتزيس من أن "التركيبة الحالية تجعل (الوضع) قابلا للانفجار". وأفاد أن عدد الأشخاص العالقين في مناطق محاصرة أو غيرها في أنحاء سورية حيث لا يمكن لعمال الإغاثة دخولها بسهولة انخفض بكثير منذ العام الماضي فبلغ أكثر من مليونين بقليل. لكنه قال إن عددا صغيرا للغاية من قوافل الإغاثة يصل إلى مناطق من هذا النوع مع نجاح تسع فقط منذ كانون الثاني/يناير. ولدى الأممالمتحدة القدرة على إرسال ثلاث قوافل على الأقل كل أسبوع. وقد قامت فقط ب11 بالمائة من عمليات التوصيل المحتملة هذا العام وهي النسبة "الأقل على الإطلاق" منذ بدء النزاع، بحسب مومتزيس. ووصلت قافلة تحمل مساعدات غذائية ل60 ألف شخص إلى دوما في الغوطة الشرقية في أول عملية ايصال للإغاثة تنفذها الأممالمتحدة هناك منذ 14 آذار/مارس. وفي مناطق أخرى، يعد توصيل مواد الإغاثة أسهل في وقت تقدم الأممالمتحدة مساعدات لنحو 5,5 مليون شخص في انحاء البلاد كل شهر. لكن مومتزيس أعرب عن قلقه العميق جراء نقص التمويل لعملية الإغاثة الضخمة مع جمع الهيئة الدولية 26 بالمئة فقط من 3,5 مليار دولار تحتاجها في سورية هذا العام. وقال إن "الاستجابة الإنسانية على الأرض بلغت نقطة مفصلية. نستخدم (مواردنا) لأقصى حد. باتت مخازننا فارغة". ميدانيا، تمكنت قوات النظام السوري وحلفاؤها امس من طرد تنظيم "داعش" من مدينة البوكمال في شرق سورية، بعدما تمكن من السيطرة على أجزاء منها قبل ثلاثة أيام، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان. وبدأ التنظيم فجر الجمعة هجومه بتنفيذ عشر هجمات انتحارية، ليتمكن لاحقاً من دخول المدينة والسيطرة على أجزاء منها قبل أن يتراجع السبت الى الاطراف الشمالية والشمالية الغربية، بحسب المرصد. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "استعادت قوات النظام وحلفاؤها الاثنين السيطرة على كامل مدينة البوكمال بعد طرد تنظيم داعش من الأجزاء الشمالية والشمالية الغربية". وانسحب التنظيم وفق المرصد، باتجاه بادية البوكمال بعدما حاولت قوات النظام وحلفاؤها حصاره داخل المدينة. وشهدت البوكمال منذ الجمعة معارك عنيفة بين الطرفين، تسببت بمقتل 48 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها مقابل 32 جهادياً على الأقل من التنظيم بينهم الانتحاريون العشرة. وضاعف التنظيم المتطرف هجماته ضد قوات النظام خلال الاسابيع الماضية بعد طرده من أحياء في جنوبدمشق الشهر الماضي بموجب اتفاق إجلاء جرى خلاله نقل مقاتليه إلى مناطق محدودة تحت سيطرتهم في البادية السورية. ويتوارى مقاتلو التنظيم في البادية السورية الممتدة بين مدينة تدمر الأثرية (وسط) وجنوب البوكمال على الحدود العراقية. كما يخوض التنظيم معارك ضد قوات سوريا الديموقراطية (فصائل كردية وعربية) في جيب صغير على الضفة الشرقية المقابلة للبوكمال. وبعد خسارته الجزء الأكبر من مناطق سيطرته في سورية، لم يعد تنظيم "داعش" يتواجد الا في جيوب محدودة موزعة ما بين البادية السورية ومحافظة دير الزور وجنوب البلاد.