كثر إستعمال العنف ضد المحتجين ، حتى أصبح هو الأصل في تعامل السلطة مع مطالب الشارع المغربي ، و لم يتدخل أحد من أطراف الحكومة للإحتجاج على الإستعمال المفرط للقوة ، إلا من الجمعيات الحقوقية والأقلام الصحفية ، إلا أن إصابة عبد الصمد الإدريسي عضو الأمانة العامة للبي جي دي ، والبرلماني والمحامي والعضو في منتدى الكرامة ، وما تعرض له مساء الخميس 27 ديسمبر 2012 ، من إهانة وضرب من قبل القوات العمومية ، التي إتهمته ببلوغ البرلمان بالرشوة ، ووصفته ب " الشفار " ، عندما تقدم للاحتجاج أمامها على تعنيفها للأطر المعطلة في الشارع العام . قد يقلب المعادلة و يولد مطالب بتحسين المعاملة ، حيث أتباع بنكيران يستعملون لغة الإحتجاج ، فهذا العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب " العدالة والتنمية " ، يطالب بفتح تحقيق ، في النازلة الفريدة مع زميلهم ، مع أنها عملية تتكرر بشكل شبه يومي مع أبناء الشعب المتعددين والمتنوعين ، الذين لا يدافع عن كرامتهم إلا من لا حول له ولا قوة .
"كما ندد فريق العدالة والتنمية بالبرلمان بالإعتداء ، و دعا " رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية إلى فتح تحقيق عاجل في النازلة ومحاسبة المتورطين فيها وتوفير الضمانات الكافية لممثلي الأمة لممارسة مهامهم ".
وقال البرلماني الإدريسي يحكي عما جرى له " كانت القوات العمومية تفرق بالقوة تظاهرة للمعطلين، وأثناء المراقبة عاينت تدخلا عنيفا واستعمالا مفرطا للقوة وجرا لأحد المعطلين من رجليه لمسافة تزيد على الثلاثين مترا، الأمر الذي لم استطع معه السكوت عنه لأنه يشكل مخالفة صريحة للقانون واعتداء غير مبرر على المعطلين لا يسمح به قانون التجمعات العمومية، وخرقا سافرا للمقتضيات الحقوقية المؤطرة للموضوع ، وبصفتي نائبا برلمانيا وعضوا بالمكتب التنفيذي لمنتدى الكرامة لحقوق الانسان ومحام – يضيف الإدريسي- ، تقدمت بلطف أمام مسؤولي القوات العمومية طالبا منهم إخلاء سبيل أحد المعطلين كان يجره عنصران من الأمن أرضا من رجليه لمسافة طويلة ويضربه آخرون، فطلب مني بعض مسؤوليهم إبداء الصفة التي تسمح لي بالحديث إليهم، فأجبتهم أنني نائب برلماني وعضو جمعية حقوقية، وطلبوا مني إثبات ذلك، وسألوني إن كنت مع التوظيف المباشر فأجبتهم إن ذلك موضوع آخر لا علاقة له بالاعتداءات، وقبل أن أعطيهم البطاقة وجواز السفر الذي كان معي سألتهم عن صفتهم فقال اثنان منهم إنهما : الباشا ومعه عميد الشرطة وبعدما أريتهم وثائق ثبوتية أمروا عناصر الأمن بجري وضربي وذلك ما وقع بالفعل وقاموا هم بسبي بشكل نابي وسافر، وبعد جري ضربا لمسافة طويلة (من أمام بريد المغرب إلى ما بعد بنك المغرب) حاولوا إصعادي إلى سيارتهم مما أدى إلى تمزيق قميصي وربطة العنق... ".
وندد كريم غلاب رئيس مجلس النواب بتعنيف الإدريسي و قال إن " رئاسة ومكتب المجلس سيتابعان ملف الاعتداء على الإدريسي إلى نهايته، وسيطلبان فتح تحقيق يفضي إلى محاسبة المسؤولين ".
بينما تؤكد بعض المصادر أن الرواية الرسمية ستورد أن النائب "لم يُدلِ بما يثبت صفته البرلمانية إلا بعد أن أعطيت الأوامر بتفريق المعطلين الذين تعمد عدد منهم الاختباء بين عموم المواطنين ". الغريب أن بنكيران الذي يتبنى سياسة " العصا لمن عصا " و أصبح يفسر وجود الزرواطة التي تحفظ الأمن ، لم يصرح ببنت شفة بخصوص هذا التصرف الأرعن في حق برلماني محمي بكرامته وحقوقه قبل أن يكون محميا بحصانته . وماذا عسى بنكيران أن يقول ؟ ؟ هل تراه سيتحمل المسؤولية أم يبرر تدخل قوات الأمن كعادته ؟ أم يطالب بفتح تحقيق كما طالبت الأغلبية في حكومته ؟؟ فإن طالب تحقيقا ومقاضاة ، قد يقاضي نفسه باعتباره المسؤول الأول عن عنف الأمن ضد المعتصمين إلى جانب وزيرالداخلية .
من جانبه قال السباعي رئيس " الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب " إن بنكيران هو المسؤول عن إستعمال الأمن للعنف " ، حيث كتب على صفحته في الفيسبوك، " أقول للسيد عبد الصمد الإدريسي إذا كنت ستتوجه للقضاء لإنصافك من بطش قوات الأمن، عليك أن تقدم الشكاية ضد رئيس الحكومة وحده، فهو الذي حرضهم وجوعهم ليكونوا مسعورين وشرسين " . و انتهى إلى القول "إن من شجع قوات الأمن على تعنيف المعطلين وكل الحركات الاحتجاجية هو البرلماني عبد الإله بنكيران حينما قال بقبة البرلمان الغير بعيد عن مسرح الزرواطة مدافعا عنهم بشراسة مبررا العنف المفرط الذي يستعملونه في مواجهة الاحتجاجات، إلى العياء والجوع قائلا إنهم يفعلون ذلك مكرهين، وهذا ما يكشف أن سياسة تجويع رجال الأمن حتى يكون تدخلهم أعنف، هي سياسة تتبعها الحكومة بمباركة من رئيسها لقمع الاحتجاجات، وخاصة تلك التي تشهدها العاصمة الرباط كل يوم " . وقال عبد العالي حامي الدين القيادي بحزب العدالة والتنمية، و رئيس "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان " ، بعد أن حمل وزير الداخلية العنصر مسؤولية الحادث ، " " من الواجب على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أن يتحمل هو الآخر مسؤوليته الكاملة بإصدار تعليماته لوضع حد لاستهتار قوات الأمن بالمواطنين بشكل عام ، وخاصة بالمتظاهرين سلميا بشارع محمد الخامس ".
فهل يقاضي بنكيران المسؤول عن إستعمال العنف و البذاءة في التعامل مع أخيه و صاحبه و بنيه عبد الصمد الإدريسي ، أم سيعامله مثل باقي المعطلين و الأطر والدكاترة والنقابيين المغاربة الذين أكلوا العصا أمام البرلمان ، وغير البرلمان...؟؟ هذا سؤال وجيه يطرحه المشاهدون ، الذين أصبحوا لا يفهمون و لا يتفهمون إلى ماذا يرمي المخرج من كل هذا السيناريو الدونكيشوتي ، حتى أن أحدهم من قراء المواقع الإلكترونية ، إحتار كيف يضرب الإدريسي و "يمرمد " كلما كانت هناك إنتخابات ، حيث احتج و ناصر السلفيين والسجناء و انتقد تخاذل القضاء أمام سجن تولال قبل الإنتخابات البرلمانية التي فاز فيها ، و هو يعيد نفس الإرتماءة بين أحضان العصي المتراكمة أمام البرلمان قبل يوم واحد من إنتخابات المجلس الوطني لحزبه ؟؟ وربما تكرر مايشبه هذا الفصل المسرحي أيضا مع الرميد قبل نجاحه في البرلمان وتغيرخطابه عن منتدى الكرامة وحقوق الإنسان فيما بعد . السؤال الأهم في كل هذا هو من سيقاضي بنكيران كمسؤول عن تعنيف البرلماني في رأي السباعي و حامي الدين على الأقل ؟ لا بد و أن المسؤول أكبر من وزير الداخلية ، و الذي لن يكون إلا رئيس الوزراء نفسه ، فهل سيقاضي بنكيران نفسه ؟؟ أتصور أن أي حلقة من " ليغينيول دي مغريب" بقناة نسمة التونسية و فيديوهات التواصل الإجتماعي ، ستحقق آلاف و ربما ملايين المشاهدات ، إذا و فقط إذا حاكمت دمية بنكيران رئيس حزب العدالة والتنمية ودافعت عن الإدريسي ضد دمية رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ، فلن يحتاج مخرج " ليغينيول " سوى دمية أخرى أمام دمية رئيس الوزراء المشهورة حاليا ، ليجري مونولوجا دونكيشوتيا ناجحا جدا ، يظهر تناقض و تداخل الوجوه و الكواكب في برج بنكيران و حزبه . خاصة إذا إتهمت دمية بنكيران - رئيس الحكومة - التماسيح و العفاريت ، و قد تجيبها دمية بنكيران – الأمين العام للعدالة والتنمية – بالإرتياب أو باتهام رئاسة الحكومة بأنها هي من تمثل التماسيح و العفاريت لأن " الذيب ما يعاود غيرعلى فعايلو " . وقد يكون المشهد المسرحي الكوميدي كاملا إذا ألبست دمية بنكيران الرئيس لباس القاضي المغربي ، وألبست الأخرى الجلباب الأبيض يلونه الطربوش الأحمر بلون الدم . بنكيران الذي قال عنه الصحفي أبو بكر الجامعي منذ أيام خلت في جريدة مغربية ، إنه " أضعف حركة 20 فبراير دون أن يدرك بذلك أنه فقد أهم ورقة ضغط كانت بين يديه من أجل التفاوض مع المخزن ". و قال أيضا "إن المخزن سيتخلص من بنكيران قريبا بعد أن تهدأ الأوضاع "، ثم أضاف : " آنذاك ستبدأ الانفجارات الداخلية وسط الحزب الذي يبدو متماسكا حاليا أمام الرأي العام ، وأضاف أن المخزن بدأ في مسلسل القضاء على الإسلاميين في السلطة بدعم من إدريس لشكر وحميد شباط ، كما عبر عن وجود دعم معنوي من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية ".
هو إذن مسلسل متعدد السيناريوهات باعتبار تعدد المخرجين وطول حلقات المسلسل السياسي المغربي ، الذي فاق كل مسلسلات المكسيك وتركيا ، إلا أن الغائب عن هذا العرض هو الجمهور ، الذي لايجد أية متعة في متابعة الإنتاجات المغربية المبتذلة ، ويبحث عن الخلاص في إنتاجات أخرى ، ما ينذر بتحولات عميقة على المستوى الفكري و السياسي للمواطن المغربي ، قد تجعل المغاربة المحكورين ، الذين يؤدون ثمن مسرحية لا يشاهدونها برغبة منهم ، يولدون نماذج كثيرة من نماذج مدن مغربية فقيرة ومنسية ، كمدينة فكيك و سيدي علي بن يوسف اللتين تحتجان إجتماعيا وضد فحش فواتير الكهرباء و غلاء الأسعار ، و مدينة أحفير التي تحتج منذ ثلاث سنوات خلت من أجل الحق في مستشفى ، وغيرها . فهل يتعظ بنكيران ، و يكشف عن التماسيح و ثرواتهم بلغة مغربية مفهومة ، أم أنه لن يغير لغته ، وبالتالي لن تتغيرسياسته التي توصف بالشعبوية و غير الشعبية و الفاشلة .