السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدتي الكريمة بارك الله فيك على هذه الصفحة القيّمة التي -والله وبلا مبالغة- لهي متنفّس لكل مهموم ضائع، ضاقت به الدنيا وأدخلته في دوامة التيه والحيرة، الأمر الذي دفع بي لمراسلتك ومشاركتك ما ينغّص حياتي، علّني أجد من خلال ردّك النور الذي أنتهجه لراحة بالي، التي افتقدتها، والتي لن تصدّقي إن قلت لك أن أمي من تسبّب فيها. سيدتي، أنا فتاة متزوجة منذ عامين، عشت قصة حب غاية في الروعة والصدق وصفاء المشاعر، مع رجل أحبني وأغدق عليّ بكل مل هو جميل ونبيل، والحمد لله كلّلت علاقتنا بالزواج، وما زاد من حبنا لبعضنا ذاك الصبي الذي أضفى على حياتنا البهجة والسرور، لا أنكر أنني وزوجي سعيدان كما أن التفاهم يسود علاقتنا، لكن المنغّص الوحيد الذي جعل التعاسة تتغلغل إلى حياتي هو تدخل والدتي المتواصل في خصوصياتي مع زوجي، ومحاولتها التحكم في كل صغيرة وكبيرة بيننا، بحكم أنني مازلت صغيرة السن، وأنّ سعادتي أول ما يهمها، للعلم سيدتي فأنا وحيدة أمي، لكن هذا لا يعني أن تلغي شخصيتي وتخطط لكل مشاريعي.هذا الوضع سيدتي يضغط علينا كثيرًا، ويتسبّب أحيانا في خلافات بيننا، فزوجي يكنّ لها احترام كبير، واللوم والعتاب يعود عليّ أنا فقط، لأنها أمي وأنا من يجب عليّ التصرف، سيدتي لقد عقّدت حياتي حقًا، وبما أن زياراتي لها قلّت، فقد أصبحت هي من تقوم بذلك.سيدتي أنا حقيقة بين نارين، بين أمي التي أحبها وهدفي المنشود رضاها، وبين زوجي تاج رأسي والذي سعادته من سعادتي، فما هو الخلاص من فضلك سيدتي حتى لا أخسر الإثنين؟ "ن" من الغرب الرد: بنيّتي، أشكرك جزيل الشكر على ثقتك، وعلى صراحتك في طرح انشغالك، وأشكرك كذلك على تعقّلك في مراعاة شعور الطرفين، وأكثر ما أعجبني فيك هي حكمتك وحرصك على كسب أمك، التي رضاها من رضا الله، وزوجك الذي طاعته واجب مفروض عليك.عزيزتي، اعلمي أنه لا يوجد بيت خالٍ من المشاكل، والمنغصات، والخلافات بين الزوجين مهما بلغ بهما الحب ذروته، ولكن ولتعلمي أنه بالصبر والتعقل يتم التواؤم بين الزوجين فتدوم المحبة.عزيزتي، إن أول ما يجب أن تدركيه أنت وزوجك هو أن الوالدين هما صاحبا الفضل في سعادتكما وارتباطكما، وكلاكما مطالب باحترامهما سواء إذا تعلق الأمر بوالديك، أم والديه.أما فيما يخصّ تدخل أمك الدائم في حياتك الشخصية، فعليك أن تفسريه بأنه من باب حبها لك وحرصها على سعادتك، فهي على الرغم من أنك كبرت وتزوجتي تبقين دائمًا في نظرها تلك الفتاة المدللة، والصغيرة التي لا تقوى على إدارة حياتها بمفردها، ولعل هذه الصورة التي يجب أن توضحينها لزوجك، والتي يجب أن تتعاونا على قبولها وتقبلها. وحتى لا تدخلي في خلافات مع زوجك حاولي أن تحافظي على أسرار بيتك، وإن أردت أن تفضفضي مع أمك انقلي الأمور على أساس الإخبار وليس المشاورة، وأن ذاك الأمر قد تم الفصل فيه مع زوجك، ولتحرصي عزيزتي على ألاّ تبوحي لها بما يزعجك منها حتى لا تجرحي مشاعرها، وتحسّسيها بأنك قد استغنيت عنها كأم بزواجك، وهي التي تطمح دائما لترى سعادتك حتى بتصرفها ذاك الذي لم تتقبليه منها.وهذا أيضًا لا يعني أن لا تستفيدي من نصائحها، وخبرتها الكبيرة في الحياة، فلا تعتبري تدخلها تطفّلا، بل على العكس حسّسيها بمدى حاجتك لها، وكم أن لوجودها أثر إيجابي في حياتك.أما من جهة زوجك، حاولي أن تلفي ما يدور بينك وبين أمك بنوع من السرية، ولا تكوني كتابًا مفتوحًا يقرأ من خلاله تدخلها، ولتحاولي أن تتحلي بنوع من الذكاء، والمراوغة في تسيير أمورك، فتكسبين بذلك رضا كل الأطراف وتنعمين بسعادتك التي ترجينها.