سيدتي الفاضلة كريمة بمحمدية بريس ، إخواني القراء، تحية حب وشكر واحترام للمشرفين علىهذه الصفحة المميزة فعلاً بكل ما تقدمه من نصائح وإرشادات ومساعدات هامة عبر محطات ووقفات مميزة جدّا على صفحات الجريد، أثلجت صدورنا أكثر من مرة. سيدتي، يوما بعد آخر تزداد ثقتي فيك وفي القراء الأوفياء لهذا الركن، فشكراً لكم جميعا، ولهذا أنا أريد أن تنصتوا لحكايتي التي أريدها أن تكون عبرة للناس جميعا، خاصة للذين يعتقدون أن الشباب دائم، وأنهم في غنى عن استخدام العقل والقيّم و المبادىء.. لا.. أنتم مُخطئون مثلما كنت مخطئا حينما كنت في ال 21 ربيعا، حينها كنت بالفعل طائشا، لعب الشيطان برأسي حتى تحولت إلى أسير بين نارين، نار المخدرات والخمر والمحرمات ونار حب جمع المال. كنت أحب المال كثيراً إلى درجة أنني كنت أفعل المستحيل للحصول عليه، وبقيت بلا رادع، أعيش حياة الترف واللهو والمجون وأنا غارق في بحر بلا حدود ولا شواطىء، حتى مرت سنوات عمري وتركني الأصدقاء المقربون، تاب من تاب، وانقطع من انقطع، ومرض آخر، وكلهم تزوجوا ورُزقوا بأطفال إلا أنا. أصبحت أجالس من هم أصغر مني سناً، لم أتغير أبداً حتى بلغت سن الأربعين وقررت الزواج،لأنني بدأت أتعب، ووالدتي التي كانت ترعى شؤوني لم تعد تقدرعلى ذلك . تزوجت من فتاة جميلة محترمة، وما إن مرّت سنة حتى رُزقنا بفتاة، لكن القدر شاء أن تكون معاقة، فأفرغت جام غضبي على زوجتي التي لا ذنب لها وعدت إلى حياة اللهو والسهر، إلى أن تعرفت على فتاة شارع، أصبحنا نقيم معا في بيت استأجرته، وذات يوم اتصلت بي لتقول لي بأنها حامل، فقررت إتمام الزواج وتزوجتها. وبعد أشهر رُزقت بطفلة ثانية، كان كل شيء على ما يرام، وكنت سأكون سعيداً لولا أن البنت في سن الثانية أصابها الشلل، عرضتها على الكثير من الأطباء، لكن لا أمل، وساءت علاقتي بزوجتي لأنها أصبحت نزيلة الملاهي مثلي ولا تهتم أبداً بابنتها المعاقة التي هي في حاجة ماسة لها. ومع كثرة المشاكل انفصلنا وذهب كل واحد في طريقه، وكان الطلاق هو الحل. ورفضت الزوجة أخذ ابنتها معها، فاضطررت للعودة إلى زوجتي الأولى، التي أقنعتها بأنني ندمت شرّ ندم، وأنني أبحث عن طريقة لإصلاح ما انكسر. فقبلت بالعودة إليّ، وكانت الأم الحنون لابنتيّ اللتين. شاء القدر أن تكونا بلا نعمة السير على الأقدام، ومع ذلك غيّرتا حياتي، فكانت المحطة الحاسمة في دنياي. تغيرتُ كثيرا، تبت إلى الله تعالى وعدت إلى الطريق المستقيم، وكلي أمل في أن يغفر لي ربي ذنوبي كلها. وحاولت أن أعوّض زوجتي عن الأيام الصعبة التي عاشتها معي. والحمد لله زرنا البقاع المقدسة لأداء العمرة، وكانت فرحتي كبيرة. والآن رُزقت بمولود ثالث شاء القدر أن يكون ولداً، هو الآخر يعاني من عاهة مثل أختيه. لست نادما ولا قانطاً مما أصابني، لكني فرح جداً بما أعطاني الله تعالى، لأن أطفالي هم سبب توبتي. والابتلاء الإلهي كان سببا في عودة البصر والبصيرة. فسبحان الله العظيم الذي جعل لكل أمر مخرجا! لهذا أنصح كل من أغوته الدنيا وأغرته بملذاتها أن ينصرف عنها لذكر الله وعبادته، ويهتم أكثر بماهو دائم، لأن الحياة متاع الغرور. التائب إلى ربه هذه قصة من الواقع؛ الواقع المر الذي يعيشه البعض، فيستمتعون وهم في عمق المحيط يغرقون، معتقدين بأنه الانتعاش. وما قصة هذا الرجل إلا عبرة لمن يريد أن يعتبر، للشباب خاصة الذين يبحثون فقط عن المتعة تحت إمارة الشيطان، الذي يُزيّن لهم المنكرات، فتحصّنوا بكلام الله، لأن فيه الشفاء والوقاية من كل داء، ولتكن هذه الكلمات محطة لتغيير المسارات الخاطئة لمن يعيش الندم، ومن هو بين نيران الخطأ .